الجزيرة:
2025-07-30@01:49:06 GMT

مسلسل مو.. الصمود الفلسطيني على طريقة أبناء الشتات

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

مسلسل مو.. الصمود الفلسطيني على طريقة أبناء الشتات

قد يعتقد المشاهد أنه يعرف تماما، التغريبة الفلسطينية بصمودها الأسطوري واحتفاظها بالحلم باعتبارها سر الحياة ومبتغاها، لكن السردية الفلسطينية تحتاج لملايين الساعات الدرامية والصفحات لرصد تلك التفاصيل المذهلة لبشر أكثر شبها بالأساطير الحية في قدرتهم على الاحتمال، وعشقهم للحياة رغم مرارتها.

وتعد تجربة الفنان الفلسطيني محمد عامر واحدة من تلك التجارب التي سرد خلالها تفاصيل من حكاية النضال والصمود والشتات الفلسطيني في إطار يراوح مكانه بين الضحك والدموع، لكنه يقبض على جمر الحلم ويرفض التنازل عنه حتى لو كان المقابل حياة سهلة.

عرض الجزء الأول من مسلسل "مو" (Mo) في 2022، فيما يُعرض الجزء الثاني حاليًا على منصة "نتفليكس"، ليواصل سرد السيرة الذاتية لبطل القصة.

يبدأ المسلسل برواية قصة لاجئ فلسطيني يصل إلى هيوستن، تكساس، بعدما اضطرت عائلته إلى الفرار من حرب الخليج. يجد "مو" نفسه مضطرا للتوفيق بين العمل، والإيمان، والحياة الأسرية، بينما يواجه تحديات وضعه كلاجئ الذي يؤثر على مختلف جوانب حياته.

رغم أنه يعمل ويعيش مثل أي شخص آخر، لكنه -بسبب ظروف خارجة عن إرادته- لا يملك جواز سفر، ولا يمكنه مغادرة الولايات المتحدة. يتخلى عنه صاحب العمل، مما يجعله عاطلا ويضطر لبيع بضائع مقلدة من سيارته. يوفر زيت الزيتون الذي تصنعه والدته يسرا (فرح بسيسو) في المنزل شريان الحياة للعائلة، ولكن -مثل معظم الأشياء في عالم مو- يصطدم بواقع فوضوي.

إعلان

تنتهي إحدى مغامرات "مو" في المكسيك أثناء محاولته الفرار من عصابة تهريب البشر. وينطلق الموسم الثاني من المسلسل هناك، حيث يجد محمد النجار نفسه عالقًا في المكسيك، يعمل كمصارع ويعزف مع فرقة موسيقية محلية.

ورغم محاولاته للتأقلم، تظل الأيام ثقيلة عليه، إذ يعيش في المنفى دون وثائق قانونية تمكنه من العودة إلى الولايات المتحدة لحضور جلسة الاستماع الخاصة بلجوئه، بينما يواجه انفصاله عن حبيبته الأميركية المكسيكية، ماريا.

يسلط المسلسل الضوء على الواقع المرعب لعبور الحدود بطريقة غير شرعية والأشخاص اليائسين الذين يحاولون عبورها، ويكثف تصويره للملل والمضايقات التافهة التي تميز "النظام". ويقدمها بشكل ساخر، يخفف من قتامتها، ويثير ضحك المشاهد لكنه لا يخلو من مرارة.

مسلسل "مو" يسلط الضوء على الواقع المرعب لعبور الحدود بطريقة غير شرعية (مواقع التواصل الاجتماعي) مقهى الإخوة الأعداء

جمع العمل متناقضات شتى، أولها البطل "مو" الذي حكم القضاء الأميركي بترحيله، مع السماح له بالبقاء لأنه لا يحمل جواز سفر دولة أخرى، وليس آخرها منضدة في مقهى يرتاده عرب ويهود أميركيون، يدافع كل منهم عما يخصه، ويتبنى قضايا بلاده.

جمع العمل بين اللغتين العربية والإنجليزية، و3 ثقافات هي الغربية والعربية واللاتينية، وتم تمثيل كل منهم بأبطال أبرزهم أفراد الأسرة الفلسطينية التي تنتمي إلى الراحل مصطفى النجار الذي خطفه الشتات منذ النكبة، ثم فرّ من الكويت بأطفاله بعد حرب الخليج، إلى هيوستن، ليغير مهنته من مهندس إلكترونيات، إلى بائع في محل، ثم يموت تاركا 3 أطفال وأُما.

قدم محمد عامر دوره بتلقائية آسرة، وخفة روح واضحة، مع كثير من الدموع التي أخفاها عن كل الممثلين وكشفها على جمهوره من خلال الشاشة، ولعل ذلك الصدق الذي يميز أداء محمد عامر ينبع بالأساس من كونها قصته الخاصة فردا وشعبا، لكن الصدق الذي صاحب الرواية كان كفيلا بدفع كل مشاهد إلى التوحد معه والوقوع في حالة حيرة بين الضحك والبكاء.

إعلان

ولم يشفق صناع العمل على "مو" لكثرة العثرات التي صادفها بسبب الاحتلال الإسرائيلي لوطنه، فدفعوا إليه في دراما العمل بشخص إسرائيلي مدع خطف حبيبته، لتصبح هموم "مو" أكثر تعقيدا وبؤسا.

وجسدت الممثلة فرح بسيسو دور الأم الفلسطينية "يسرا نجار" ببراعة وبساطة، وطرافة أيضا، خاصة في مشهد اللقاء بعد نجاح الأسرة في السفر إلى مسقط رأس الأب والأم ولقاء قريباتها في فلسطين.

واستطاع الممثل عمر إلبا الذي جسد دور الأخ الأكبر المصاب بالتوحد أن ينقل المشاهد إلى مساحة أخرى أضافت بعدا مأساويا للعمل رغم المفارقات المضحكة، وقد أسهم ممثلو الأدوار المساعدة في تشكيل ملامح حالة من الدفء أحاطت بالعمل إجمالا.

المشاهدة المتأنية تظهر مرونة الجيل الجديد من الفلسطينيين من خلال حياة أسرة "محمد النجار" (مواقع التواصل الاجتماعي) لغة بصرية صريحة

يقول الشاعر أبو الطيب المتنبئ "لا تشكُ للناس جرحا أنت صاحبه … لا يؤلم الجرح إلا من به ألمُ"، وهذا البيت ينطبق حرفيا على ما قدمه كل من المنتج المصري الأميركي رامي يوسف مع الفلسطيني صاحب الجرح محمد عامر، إذ قدما في مسلسل "مو" لغة البصرية استطاعت أن تأسر المشاهد وتخطفه إلى عالم "مو" الخاص جدا في مجتمع غربي قد يجاوره مكانا لكنه لا يراه أو يشعر به، حيث عكست تفاصيل المكان والأحداث تراثه الثقافي وتجاربه الشخصية.

إنها تلك الخبرة الحياتية، والتعبير المباشر عنها، بدلا من ترك "الآخر" ليعبر عنها بالنيابة، فتخرج مشوهة أو ملوثة بإدراك مغاير أو هوى ممن ينتمون إلى ثقافات أخرى ولا يستطيعون النفاذ إلى عمق التجربة الفلسطينية بخصوصيتها، وبالتالي يصورونها بشكل يختلف عن واقعها.

ويستخدم المصور تيموثي بيرتون الكاميرا المحمولة باليد لخلق إحساس بالواقعية والحميمية، وهو ما ينتج عملا يسمح بتواصل عميق بين الجمهور ومو في رحلته كلاجئ فلسطيني يخوض غمار الحياة في هيوستن.

إعلان

يلتقط صناع العمل الجمال والدفء اللذين يحيطان باللحظات اليومية من خلال لقطات تفصيلية تعكس الممارسات الثقافية. ويتجلى ذلك في مشاهد والدته، يسرا، وهي تعصر زيت الزيتون يدويا بحنان وعناية، مما يعكس أهمية هذه التقاليد في حياة الأسرة.

كما تسهم الموسيقى في تعزيز هذه الرؤية، حيث دمج المخرج بين أنماط موسيقية متنوعة، تشمل الهيب هوب الأميركي والراب العربي، ليضفي على العمل طابعا مميزا يجمع بين الثقافات المختلفة.

أبناء الشتات ولغة جديدة للصمود

تظهر المشاهدة المتأنية للعمل مرونة الجيل الجديد من الفلسطينيين من خلال حياة أسرة "محمد النجار"، ذلك اللاجئ الفلسطيني الذي كُتب عليه أن يتنقل بين تحديات العيش في هيوستن بولاية تكساس الأميركية.

وتجسد شخصية "مو" المرونة من خلال التكيف المستمر مع ظروفه، ورغم انتظاره للحصول على وضع اللجوء القانوني وافتقاره إلى الوثائق القانونية، فإنه لا يتأخر عن دعم أسرته بالانخراط في أي عمل شريف يدر مالا، مثل بيع البضائع من سيارته وإصلاح المحمول، والعمل بائع فلافل، إنها تلك الإرادة الصلبة الهادئة للتغلب على عثرات الحياة في "اللاوطن".

يرصد المسلسل أيضًا هوة بين الأجيال صنعتها الغربة والنزوح، ويعكس تاريخ العائلة عمليات نزوح متعددة من فلسطين إلى الكويت، ثم إلى الولايات المتحدة وسعي مو وعائلته للحفاظ على هويتهم الثقافية وتقاليدهم، مثل أهمية زيت الزيتون في تراثهم وواقعهم رغم الاندماج في الاندماج بالمجتمع الأميركي.

ويتناول صناع العمل أزمات الفلسطينيين الأصغر سنا وتفاعلاتهم وعلاقاتهم ونضالهم الشخصي لصنع التوازن بين الحفاظ على الجذور الثقافية والتكيف مع البيئات الجديدة. وذلك عبر تصوير دقيق للتجربة، مع التركيز على موضوعات المثابرة والفخر الثقافي وتكريس الشعور بالانتماء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات محمد عامر من خلال

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء الفلسطيني: ندعم جهود الوساطة التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة بغزة

كشف محمد مصطفى، رئيس الوزراء الفلسطيني، عن دعم بلاده لجهود الوساطة التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة بقطاع غزة.

وقال خلال كلمته بمؤتمر حل الدولتين وتسوية القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة: "هذا المؤتمر يحل وعدا بإنهاء الظلم التاريخي ضد الفلسطينيين، ويجب ألا يُحكم على الشعب الفلسطيني بالتشريد والتهجير".

وأضاف رئيس الوزراء الفلسطيني، أنه يجب أن نعمل على تنفيذ حل الدولتين، مؤكدا ضرورة وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

بدوره، قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إن الكارثة الإنسانية في غزة يجب أن تتوقف فورًا، مضيفًا: «نؤكد على تلبية تطلعات الشعب الفلسطيني».

وثمن بن فرحان عزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين، معتبرًا أن المؤتمر «يمثل محطة مفصلية نحو تفعيل حل الدولتين وإنهاء الاحتلال».

اقرأ أيضاًجوتيريش: النزاع الفلسطيني الإسرائيلي يحصد الأرواح وحل الدولتين بات أبعد من أي وقت مضى

صرخة الخبز في غزة: الأسواق تحوّلت إلى ساحات تجويع وعقاب جماعي

مقالات مشابهة

  • الصمود السيبراني .. درع المؤسسات في مواجهة الهجمات الرقمية
  • محمد معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة
  • ضياء رشوان يدعو لعدم الانسياق وراء الحملات التي تستهدف دور مصر المحوري في دعم الشعب الفلسطيني
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: مؤتمر "حل الدولتين" يجب أن ينهي الظلم الذي لحق بالفلسطينيين
  • مراسل سانا: بدء المؤتمر الصحفي الخاص بإطلاق فعاليات الدورة الـ 62 من معرض دمشق الدولي، التي تقام خلال الفترة من الـ 27 من شهر آب المقبل حتى الـ 5 من أيلول
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: ندعم جهود الوساطة التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة بغزة
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • أهم الأدوات التي استخدمها مسلسل مستر روبوت في الاختراقات
  • وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى: نأمل بكل صدق ألا تُعرقل هذه القوافل من الجهة الخارجة عن القانون التي تسعى لتوظيف معاناة أهلنا لأهدافها الانعزالية
  • «اليوم».. طرح الأغنية الدعائية لـ فيلم روكي الغلابة لـ دنيا سمير غانم