الجزيرة:
2025-06-13@15:42:20 GMT

مسلسل مو.. الصمود الفلسطيني على طريقة أبناء الشتات

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

مسلسل مو.. الصمود الفلسطيني على طريقة أبناء الشتات

قد يعتقد المشاهد أنه يعرف تماما، التغريبة الفلسطينية بصمودها الأسطوري واحتفاظها بالحلم باعتبارها سر الحياة ومبتغاها، لكن السردية الفلسطينية تحتاج لملايين الساعات الدرامية والصفحات لرصد تلك التفاصيل المذهلة لبشر أكثر شبها بالأساطير الحية في قدرتهم على الاحتمال، وعشقهم للحياة رغم مرارتها.

وتعد تجربة الفنان الفلسطيني محمد عامر واحدة من تلك التجارب التي سرد خلالها تفاصيل من حكاية النضال والصمود والشتات الفلسطيني في إطار يراوح مكانه بين الضحك والدموع، لكنه يقبض على جمر الحلم ويرفض التنازل عنه حتى لو كان المقابل حياة سهلة.

عرض الجزء الأول من مسلسل "مو" (Mo) في 2022، فيما يُعرض الجزء الثاني حاليًا على منصة "نتفليكس"، ليواصل سرد السيرة الذاتية لبطل القصة.

يبدأ المسلسل برواية قصة لاجئ فلسطيني يصل إلى هيوستن، تكساس، بعدما اضطرت عائلته إلى الفرار من حرب الخليج. يجد "مو" نفسه مضطرا للتوفيق بين العمل، والإيمان، والحياة الأسرية، بينما يواجه تحديات وضعه كلاجئ الذي يؤثر على مختلف جوانب حياته.

رغم أنه يعمل ويعيش مثل أي شخص آخر، لكنه -بسبب ظروف خارجة عن إرادته- لا يملك جواز سفر، ولا يمكنه مغادرة الولايات المتحدة. يتخلى عنه صاحب العمل، مما يجعله عاطلا ويضطر لبيع بضائع مقلدة من سيارته. يوفر زيت الزيتون الذي تصنعه والدته يسرا (فرح بسيسو) في المنزل شريان الحياة للعائلة، ولكن -مثل معظم الأشياء في عالم مو- يصطدم بواقع فوضوي.

إعلان

تنتهي إحدى مغامرات "مو" في المكسيك أثناء محاولته الفرار من عصابة تهريب البشر. وينطلق الموسم الثاني من المسلسل هناك، حيث يجد محمد النجار نفسه عالقًا في المكسيك، يعمل كمصارع ويعزف مع فرقة موسيقية محلية.

ورغم محاولاته للتأقلم، تظل الأيام ثقيلة عليه، إذ يعيش في المنفى دون وثائق قانونية تمكنه من العودة إلى الولايات المتحدة لحضور جلسة الاستماع الخاصة بلجوئه، بينما يواجه انفصاله عن حبيبته الأميركية المكسيكية، ماريا.

يسلط المسلسل الضوء على الواقع المرعب لعبور الحدود بطريقة غير شرعية والأشخاص اليائسين الذين يحاولون عبورها، ويكثف تصويره للملل والمضايقات التافهة التي تميز "النظام". ويقدمها بشكل ساخر، يخفف من قتامتها، ويثير ضحك المشاهد لكنه لا يخلو من مرارة.

مسلسل "مو" يسلط الضوء على الواقع المرعب لعبور الحدود بطريقة غير شرعية (مواقع التواصل الاجتماعي) مقهى الإخوة الأعداء

جمع العمل متناقضات شتى، أولها البطل "مو" الذي حكم القضاء الأميركي بترحيله، مع السماح له بالبقاء لأنه لا يحمل جواز سفر دولة أخرى، وليس آخرها منضدة في مقهى يرتاده عرب ويهود أميركيون، يدافع كل منهم عما يخصه، ويتبنى قضايا بلاده.

جمع العمل بين اللغتين العربية والإنجليزية، و3 ثقافات هي الغربية والعربية واللاتينية، وتم تمثيل كل منهم بأبطال أبرزهم أفراد الأسرة الفلسطينية التي تنتمي إلى الراحل مصطفى النجار الذي خطفه الشتات منذ النكبة، ثم فرّ من الكويت بأطفاله بعد حرب الخليج، إلى هيوستن، ليغير مهنته من مهندس إلكترونيات، إلى بائع في محل، ثم يموت تاركا 3 أطفال وأُما.

قدم محمد عامر دوره بتلقائية آسرة، وخفة روح واضحة، مع كثير من الدموع التي أخفاها عن كل الممثلين وكشفها على جمهوره من خلال الشاشة، ولعل ذلك الصدق الذي يميز أداء محمد عامر ينبع بالأساس من كونها قصته الخاصة فردا وشعبا، لكن الصدق الذي صاحب الرواية كان كفيلا بدفع كل مشاهد إلى التوحد معه والوقوع في حالة حيرة بين الضحك والبكاء.

إعلان

ولم يشفق صناع العمل على "مو" لكثرة العثرات التي صادفها بسبب الاحتلال الإسرائيلي لوطنه، فدفعوا إليه في دراما العمل بشخص إسرائيلي مدع خطف حبيبته، لتصبح هموم "مو" أكثر تعقيدا وبؤسا.

وجسدت الممثلة فرح بسيسو دور الأم الفلسطينية "يسرا نجار" ببراعة وبساطة، وطرافة أيضا، خاصة في مشهد اللقاء بعد نجاح الأسرة في السفر إلى مسقط رأس الأب والأم ولقاء قريباتها في فلسطين.

واستطاع الممثل عمر إلبا الذي جسد دور الأخ الأكبر المصاب بالتوحد أن ينقل المشاهد إلى مساحة أخرى أضافت بعدا مأساويا للعمل رغم المفارقات المضحكة، وقد أسهم ممثلو الأدوار المساعدة في تشكيل ملامح حالة من الدفء أحاطت بالعمل إجمالا.

المشاهدة المتأنية تظهر مرونة الجيل الجديد من الفلسطينيين من خلال حياة أسرة "محمد النجار" (مواقع التواصل الاجتماعي) لغة بصرية صريحة

يقول الشاعر أبو الطيب المتنبئ "لا تشكُ للناس جرحا أنت صاحبه … لا يؤلم الجرح إلا من به ألمُ"، وهذا البيت ينطبق حرفيا على ما قدمه كل من المنتج المصري الأميركي رامي يوسف مع الفلسطيني صاحب الجرح محمد عامر، إذ قدما في مسلسل "مو" لغة البصرية استطاعت أن تأسر المشاهد وتخطفه إلى عالم "مو" الخاص جدا في مجتمع غربي قد يجاوره مكانا لكنه لا يراه أو يشعر به، حيث عكست تفاصيل المكان والأحداث تراثه الثقافي وتجاربه الشخصية.

إنها تلك الخبرة الحياتية، والتعبير المباشر عنها، بدلا من ترك "الآخر" ليعبر عنها بالنيابة، فتخرج مشوهة أو ملوثة بإدراك مغاير أو هوى ممن ينتمون إلى ثقافات أخرى ولا يستطيعون النفاذ إلى عمق التجربة الفلسطينية بخصوصيتها، وبالتالي يصورونها بشكل يختلف عن واقعها.

ويستخدم المصور تيموثي بيرتون الكاميرا المحمولة باليد لخلق إحساس بالواقعية والحميمية، وهو ما ينتج عملا يسمح بتواصل عميق بين الجمهور ومو في رحلته كلاجئ فلسطيني يخوض غمار الحياة في هيوستن.

إعلان

يلتقط صناع العمل الجمال والدفء اللذين يحيطان باللحظات اليومية من خلال لقطات تفصيلية تعكس الممارسات الثقافية. ويتجلى ذلك في مشاهد والدته، يسرا، وهي تعصر زيت الزيتون يدويا بحنان وعناية، مما يعكس أهمية هذه التقاليد في حياة الأسرة.

كما تسهم الموسيقى في تعزيز هذه الرؤية، حيث دمج المخرج بين أنماط موسيقية متنوعة، تشمل الهيب هوب الأميركي والراب العربي، ليضفي على العمل طابعا مميزا يجمع بين الثقافات المختلفة.

أبناء الشتات ولغة جديدة للصمود

تظهر المشاهدة المتأنية للعمل مرونة الجيل الجديد من الفلسطينيين من خلال حياة أسرة "محمد النجار"، ذلك اللاجئ الفلسطيني الذي كُتب عليه أن يتنقل بين تحديات العيش في هيوستن بولاية تكساس الأميركية.

وتجسد شخصية "مو" المرونة من خلال التكيف المستمر مع ظروفه، ورغم انتظاره للحصول على وضع اللجوء القانوني وافتقاره إلى الوثائق القانونية، فإنه لا يتأخر عن دعم أسرته بالانخراط في أي عمل شريف يدر مالا، مثل بيع البضائع من سيارته وإصلاح المحمول، والعمل بائع فلافل، إنها تلك الإرادة الصلبة الهادئة للتغلب على عثرات الحياة في "اللاوطن".

يرصد المسلسل أيضًا هوة بين الأجيال صنعتها الغربة والنزوح، ويعكس تاريخ العائلة عمليات نزوح متعددة من فلسطين إلى الكويت، ثم إلى الولايات المتحدة وسعي مو وعائلته للحفاظ على هويتهم الثقافية وتقاليدهم، مثل أهمية زيت الزيتون في تراثهم وواقعهم رغم الاندماج في الاندماج بالمجتمع الأميركي.

ويتناول صناع العمل أزمات الفلسطينيين الأصغر سنا وتفاعلاتهم وعلاقاتهم ونضالهم الشخصي لصنع التوازن بين الحفاظ على الجذور الثقافية والتكيف مع البيئات الجديدة. وذلك عبر تصوير دقيق للتجربة، مع التركيز على موضوعات المثابرة والفخر الثقافي وتكريس الشعور بالانتماء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات محمد عامر من خلال

إقرأ أيضاً:

قافلة "الصمود".. اختبار للمواقف الإقليمية وتحرك شعبي يعيد الزخم للقضية الفلسطينية(تقرير)

 

 

في مشهد يعكس عمق الارتباط الشعبي العربي بالقضية الفلسطينية، انطلقت قافلة "الصمود" من الأراضي التونسية، في تحرك رمزي وإنساني يهدف إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وإعادة تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني داخل القطاع.

 

 القافلة التي تضم أكثر من ألف متضامن من مختلف الدول العربية والأوروبية، تقترب من محطتها الفاصلة عند البوابة المصرية، وسط ترقب وتباين في المواقف الرسمية، وضغط حقوقي وشعبي متصاعد.

 


تحرك رمزي بمضامين إنسانية عميقة

منذ انطلاقها من تونس، جسّدت قافلة "الصمود" نموذجًا للتضامن العابر للحدود، حيث التحق بها نشطاء ووفود شعبية من الجزائر وليبيا وموريتانيا، إلى جانب عدد من أبناء الجاليات العربية في أوروبا. القافلة تحمل مساعدات طبية وغذائية، لكنها قبل كل شيء، تحمل رسالة أخلاقية وإنسانية موجهة إلى العالم، مفادها أن الحصار على غزة لم يعد مقبولًا لا إنسانيًا ولا قانونيًا.

ويؤكد منظمو القافلة أن الهدف لا يقتصر على الجانب الإغاثي، بل يشمل بعث رسالة سياسية واضحة بأن الشعوب العربية، على اختلاف جغرافياتها، لا تزال متمسكة بحق الفلسطينيين في الحياة والكرامة، وترفض واقع الحصار والتجويع الذي بات سلاحًا بيد الاحتلال الإسرائيلي.

 


محطات القافلة وتحركها الحالي

حسب ما نقله مراسل قناة RT، فقد دخلت القافلة الأراضي الليبية خلال الأيام الماضية، ومرت عبر مدن الزاوية وطرابلس، متجهة نحو معبر أمساعد الحدودي مع مصر. وتفيد مصادر مطلعة بأن القافلة تخطط لعبور الحدود المصرية في الأيام القليلة المقبلة، على أمل أن تصل إلى معبر رفح قبل الخامس عشر من يونيو الجاري.

هذا المسار الذي اتخذته القافلة يعكس تنسيقًا عربيًا وشعبيًا واسعًا، لكنه يضع في المقابل السلطات المصرية أمام معادلة حساسة، تجمع بين البعد الأمني والاعتبارات الإنسانية والدبلوماسية.

 


مصر: ترحيب بالمواقف المؤيدة واشتراطات تنظيمية


من جانبها، شددت السلطات المصرية على ترحيبها بكل المبادرات الدولية والإقليمية الداعمة للحقوق الفلسطينية، مؤكدة استمرارها في العمل لوقف العدوان الإسرائيلي ورفع الحصار عن غزة. غير أن القاهرة لم تُخفِ حذرها من مثل هذه التحركات غير المنسقة رسميًا، وأكدت ضرورة الالتزام بالإجراءات التنظيمية المعمول بها منذ اندلاع الحرب.

وتضمنت هذه الضوابط ضرورة تقديم طلبات الدخول إلى المناطق الحدودية من خلال السفارات المصرية بالخارج أو عبر ممثلي المنظمات الدولية لدى وزارة الخارجية المصرية، إلى جانب الحصول على التأشيرات والتصاريح الأمنية اللازمة. وأكدت مصر أنها لن تنظر في أي طلبات لا تتقيد بهذه الآليات، وذلك حفاظًا على سلامة المشاركين وحسن تنظيم الحركة داخل مناطق ذات حساسية ميدانية بالغة.

في الوقت ذاته، جددت القاهرة موقفها الداعم لصمود الفلسطينيين، ودعت المجتمع الدولي لتحمّل مسؤوليته والضغط على إسرائيل لفتح المعابر والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط.

 


اختبار للمواقف الإقليمية والنبض الشعبي

تضع قافلة "الصمود" العواصم العربية أمام اختبار حقيقي، بين الشعارات الرسمية المعلنة والوقائع الميدانية، التي تتطلب مواقف جريئة وواضحة. فبينما تصطف الشعوب بقوة إلى جانب الحق الفلسطيني، يظل الموقف الرسمي في عدد من الدول العربية محكومًا باعتبارات أمنية وتحالفات إقليمية ودولية معقدة.

ويرى مراقبون أن تحرك القافلة لا يهدف إلى كسر الحصار فعليًا فحسب، بل يسعى أيضًا إلى كسر حاجز الصمت وإعادة الروح إلى العمل التضامني الشعبي، الذي ما دام كان رافدًا مهمًا للمقاومة السياسية والمعنوية للشعب الفلسطيني.

 

 

قافلة واحدة.. لكنها تمثل الملايين

مهما كانت نتائج هذا التحرك، فإن قافلة "الصمود" ترمز لإرادة شعوب لم تستسلم بعد، وتصرّ على مواصلة دعمها لفلسطين، رغم كل التحديات. هي قافلة واحدة، نعم، لكنها تمثل وجدان ملايين العرب والمسلمين والحقوقيين حول العالم، وتُعيد إلى المشهد الإقليمي مشهدًا طال انتظاره: مشهد التضامن الحي، البعيد عن البيانات، والمُتجسّد في الأفعال.

ومع اقتراب الخامس عشر من يونيو، ستتوجه الأنظار إلى معبر رفح، بانتظار قرار قد يُحدث فرقًا، ليس فقط في حياة المحاصرين في غزة، بل في مستقبل العلاقات بين الشعوب وحكوماتها، في سياق لم يعد يحتمل التردد أو الغموض.

مقالات مشابهة

  • تدعم نتنياهو.. أحمد موسى: قافلة الصمود المزعومة لا تدعم الشعب الفلسطيني
  • ضياء الدين داوود: البعض يحاول المزايدة على دور مصر تجاه القضية الفلسطينية
  • مصطفى بكري: ترحيب دولي وشعبي بالموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية
  • توقف قطارات النقل في تونس عن العمل.. ما الذي حصل؟
  • وكيل دفاع النواب: لا يمكن المزايدة على دور مصر في القضية الفلسطينية
  • صبري فواز يعلق على قافلة الصمود: طب ما كل بلد تعمل عندها
  • قافلة "الصمود".. اختبار للمواقف الإقليمية وتحرك شعبي يعيد الزخم للقضية الفلسطينية(تقرير)
  • «ابن النادي».. أحمد عبد الحميد يتعاقد على عمل درامي جديد
  • الدبيبة: «قافلة الصمود» رمز للعطاء والتضامن الليبي مع القضية الفلسطينية
  • خلال لقائه رئيس مجلس الشورى في دولة قطر: رئيس البرلمان العربي يشيد بالجهود التي يقوم بها أمير دولة قطر لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني