عربي21:
2025-05-30@20:00:12 GMT

من وعد بلفور إلى وعد ترامب

تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT

"خطة ترامب لتحويل قطاع غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط فضيحة ومصطلح فظيع للغاية، وتهجير سكان غزة غير مقبول " (المستشار الألماني أولاف شولتس تعليقا على مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الخامس من شباط/ فبراير 2025).

في الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر 1917 قدم أرثر بلفور، وزير خارجية بريطانيا العظمى (الذي كان معجبا بالصهيوني حاييم وايزمان) وعده لليهود بإقامة دولة على أرض فلسطين.

وجاء في الرسالة التي أرسلها بلفور إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد، أبرز قيادات المجتمع اليهودي البريطاني: "تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".

بعد مرور 108 أعوام على وعد بلفور اللعين، وأثناء المؤتمر الصحفي المشترك بينه وبين رئيس وزراء الكيان المطلوب من قبل محكمة الجنايات الدولية بنيامين نتنياهو، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن وعده بتحويل قطاع غزة إلى مدينة تشبه موناكو والريفييرا، شريطة أن يتم إخلاء جميع سكانه إلى الدول المجاورة، وتحدث صراحة عن مصر والأردن. قامت الدنيا ولم تقعد، وبدا في الأفق بعض تراجع عن أفكاره المدمرة خصوصا وأن أسئلة كثيرة لا تزال بلا أجوبة، ومن المستحيل الإجابة عليها من دون تدخل عسكري أضخم من الحرب التي شنتها دولة الكيان على القطاع على مدار خمسة عشر شهرا وتوقفت قبل أسابيع قليلة؛ ولم تفلح لا في إنهاء قوة حماس على الأرض ولا في إزاحتها عن إدارة القطاع ولا في تحرير كامل الأسرى الصهاينة لدى المقاومة.

انتفض العالم الحر في وجه ترامب ومقترحه الذي ظهر على العلن بعد أن شاهد حماس وهي تقوم بتسليم أسرى الكيان في مشهد عز، بينما العدو يبدو ضعيفا منهزما منكسرا. وكما صرح نوعام أمير، محلل الشئون العسكرية في قناة 14 العبرية المقربة من نتنياهو، فإن "انسحاب الجيش من محور نتساريم يعني خسارة تل أبيب إنجازات الحرب بشكل نهائي، وسيطرة حماس مجددا على شمالي قطاع غزة".

مشاهد الخزي والعار التي لحقت بالجيش الصهيوني بعد الخروج من محور نتساريم إضافة إلى مشاهد تسليم الأسرى على المنصات وتصويرهم لحظة خروجهم من بين ركام البيوت المحطمة أو في ممرات الأنفاق المظلمة، جعلت الوزير المستقيل من حكومة الحرب الصهيونية إيتمار بن غفير يصرخ: "لقد أصبحت إسرائيل أضحوكة". تلك المشاهد التي أخرجت بعناية ودقة فائقة تمنح النصر للمقاومة والهزيمة للعدو قد ملأت قلوب الصهاينة ليس في تل أبيب فقط بل وفي البيت الأبيض؛ حقدا وغلا، فكيف لمجموعة مقاومين ليس لديهم سوى البنادق والمفرقعات أن يهينوا جيش الكيان الصهيوني الذي يقاتل بأسلحة أمريكية وغربية حديثة لخمسة عشر شهرا دون توقف؟

لم يستطع الصهاينة في الكيان أو خارجه بلع مرارة المشاهد وهي حقا مؤلمة، وقد عبر عنها رئيس مجلس الأمن القومي السابق في دولة الكيان غيورا آيلاند بالقول: "حماس ستجعلنا نزحف لإعادة الأسرى ووقفها لإعادتهم يعكس موازين القوى الحقيقية، لقد فشلت إسرائيل في الحرب".

في تصوري وتفسيري أن نتنياهو أدرك أنه قد هُزم شر هزيمة، لذا لجأ إلى صديقه في البيت الأبيض وبكى بين يديه وقال له: أنقذ اليهود من بـأس حماس فلا قِبل لنا بهم، وإن إكمال اتفاقية الهدنة يعني نهاية المشروع الصهيوني الذي أنفقت عليه أمريكا تريليونات الدولارات على مدار عقود، لذا فوجئنا بكلام ترامب في المؤتمر الصحفي المشترك عن فظائع وهمية ارتكبتها المقاومة وعن أطفال ذُبحوا ونساء اغتصبت ونساء أجهضن. وكل ذلك عار من الصحة، ولكن ترامب أراد أن يظهر تعاطفه مع الكيان الصهيوني الذي يعيش أزمة وهزيمة لا ينكرها إلا أعمى البصيرة أو صهيوني الهوى.

من وجهة نظر ترامب كان الحديث عن تسليم القطاع لأمريكا هو الحل العبقري الذي يتم من خلاله إنهاء كل شيء، المقاومة والسكان والقضية، ولكنه ولأنه رئيس بلا خلفية أو عقلية سياسية لم يضع في حسبانه تاريخ الشعب الفلسطيني بالتمسك بأرضه والدفاع عنها عبر عقود من إنشاء دولة الكيان، لم يخطر ببال ترامب مجرد خاطر عن سبب هذه الأزمة المتجذرة، وأن هذه بلاد محتلة وأن القضية هي الاحتلال وليست إعادة العمران.

في اليوم العاشر من شباط/ فبراير الجاري وإزاء تعنت الكيان الصهيوني وإخلاله ببنود اتفاقية الهدنة ومنعه دخول المساعدات كما نصت الاتفاقية، وخصوصا المساكن سابقة التجهيز أو الكرافانات إضافة إلى منع المواد الطبية وأسطوانات الغاز اللازمة للمستشفيات، أعلنت حماس صباحا عن أنها سوف تؤجل الإفراج عن الأسرى المتفق عليهم يوم السبت المقبل. لم يمض وقت طويل حتى انتفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وخلال لقائه مع الصحفيين مساء نفس اليوم ألقى ترامب بقنبلته في وجه الصحافة، إذ أعلن عن منح حماس مهلة حتى الساعة الثانية عشرة ظهر السبت المقبل لكي تفرج حماس عن كافة الأسرى لديها، لم يراع رئيس أكبر دولة في العالم أن ثمة اتفاقية للهدنة وجدولا زمنيا، وأن دولة أمريكا أحد الرعاة والضامنين لإجبار الأطراف على التنفيذ. وبدا ترامب وهو يتحدث للصحافة أنه يقود المعركة ضد حماس بنفسه وأنه يتصدر المشهد وكأنه يقود حكومة الحرب في فلسطين، دون أن يشغل باله بردة الفعل التي يمكن أن تنتج عن مثل هذا الإنذار من دولة عظمى ليست في حالة حرب مع الفلسطينيين أو هكذا توهمنا، لكن واقع الحال أثبت أن المقاومة الفلسطينية تواجه حربا عالمية بامتياز.

أطلق ترامب وعده في الخامس من شباط/  فبراير بالاستيلاء على قطاع غزة، وبعد خمسة أيام أطلق إنذاره وتهديده لحماس بالإفراج عن كافة الأسرى وإلا ستواجه أبواب الجحيم، ولا أعرف عن أي جحيم يتحدث ترامب! هل يعني أنه سيلقي بقنبلة نووية على القطاع؟ أم أنه سيقوم باستخدام السلاح الكيماوي لإبادة السكان الذين عجزت آلة الحرب عن تهجيرهم على مدار عقود؟

في تقديري أن حربا جديدة جاري التخطيط لها ستشمل العالم العربي كله، فترامب المحاط بالقساوسة والحاخامات قد يظن نفسه إلها جديدا أو مسيحا مخلصا أو حتى قديسا أو بابا السياسة الذي يدعو لشن حرب صليبية جديدة على العرب والمسلمين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب غزة فلسطين نتنياهو المقاومة فلسطين مقاومة غزة نتنياهو تهجير مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

حماس تعلن موافقتها على مقترح ويتكوف

صراحة نيوز ـ أعلنت حركة حماس، التوصل إلى اتفاق مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف “على إطار عام يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وتدفق المساعدات، وتولي لجنة مهنية إدارة شؤون القطاع فور الإعلان عن الاتفاق”.

وقالت في بيان، اليوم الأربعاء، إن “الاتفاق يتضمن إطلاق سراح 10 من الأسرى الإسرائيليين وعدد من الجثث، مقابل إطلاق سراح عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، وذلك بضمان الوسطاء”.

فيما أكدت أنها تنتظر “الرد النهائي على هذا الإطار”.

في المقابل، رفضت إسرائيل المقترح الذي أعلنت حماس موافقتها عليه، وفق ما نقلت هيئة البث الإسرائيلية.

نفي إسرائيلي وأميركي

والأسبوع الماضي، سحب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وفد التفاوض من الدوحة معلقاً محادثات وقف النار وتبادل الأسرى، رغم انتقادات آلاف الإسرائيليين في طليعتهم منتدى عائلات الرهائن المحتجزين في غزة.

علماً أن مصدراً في حماس كان أعلن، يوم 26 مايو، أن الحركة وافقت على مقترح قدمه ويتكوف لوقف النار، نص على تسليم 10 أسرى إسرائيليين مقابل هدنة لمدة تتراوح بين 60 و70 يوماً، مع ضمانات أميركية ببحث وقف النار بشكل دائم، والانسحاب الإسرائيلي من كامل القطاع.

إلا أن مسؤولاً إسرائيلياً نفى موافقة إسرائيل على مثل هذا المقترح، مكتفياً بالقول إن تل أبيب وافقت على إطلاق 10 أسرى مقابل هدنة مؤقتة.

بدوره، نفى ويتكوف موافقة حماس على هذا المقترح، غير أنه أعرب في الوقت عينه عن أمله بالتوصل إلى نتيجة قريباً.

ولا يزال ما يقارب 20 أسيراً إسرائيلياً على قيد الحياة في غزة، بينما لقي 28 حتفهم، حسب ما كشف نتنياهو بوقت سابق اليوم

مقالات مشابهة

  • حماس: المقترح الأميركي الذي وافق عليه الاحتلال لا يستجيب لمطالبنا
  • إعلام عبري: نتنياهو يعلن موافقته على مقترح ويتكوف الجديد لوقف الحرب في غزة
  • ‏موقع "واللا" الإسرائيلي: الجيش يستعد لتوسيع نطاق الحرب لتشمل المدن الكبرى في قطاع غزة
  • استطلاع: أغلبية إسرائيلية تشكك في تحقيق النصر وتؤيد صفقة لإنهاء الحرب
  • تفاؤل أمريكي بقرب إنهاء الحرب في غزة.. مبادرة ويتكوف تدخل مرحلة الحسم
  • مظاهرات حاشدة لمرور 600 يوم على أسر الرهائن لدى حركة حماس
  • أولمرت: غزة أرض فلسطينية وأغلبية الإسرائيليين يرفضون تهجير سكانها
  • إشارات خاطفة رأيتها للتو في إسرائيل
  • نتنياهو يعدد إنجازاته بجلسة برلمانية صاخبة وأولمرت: ما يحدث بغزة جرائم حرب
  • حماس تعلن موافقتها على مقترح ويتكوف