اشتباكات الخرطوم تقترب من القصر الرئاسي وأوضاع مأساوية بمخيمات النازحين
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
اقتربت الاشتباكات في العاصمة السودانية الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من القصر الرئاسي مع سماع انفجارات في قاعة الصداقة القريبة من القصر واحتدام المعارك قرب جسر سوبا شرق الخرطوم، وفي حين يعاني النازحون في المخيمات ظروفا معيشية قاسية، سقط عشرات القتلى والجرحى في هجوم لقوات الدعم السريع على مخيم زمزم بولاية شمال دارفور.
وقال مصدر عسكري للجزيرة إن قاعة الصداقة التي تبعد أقل من كيلومترين غرب القصر الرئاسي وسط الخرطوم شهدت انفجارات ضخمة نتيجة اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وبحسب المصدر فإن الجيش يعمل من أجل السيطرة على القاعة الخاضعة لسيطرة الدعم السريع إلى جانب بعض الأبنية والتقدم نحو القصر الرئاسي وسط الخرطوم، وقد شوهدت أعمدة دخان تتصاعد من القاعة.
كما أفاد مراسل الجزيرة بارتفاع وتيرة المعارك وسط الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع، بعد أيام من الهدوء الحذر، وكان الجيش خلالها يعمل على التقدم نحو العاصمة من الجنوب والشرق، عبر محور جياد وصولا إلى الباقير والمدخل الغربي لجسر سوبا ومحور شرق النيل وصولا إلى المدخل الشرقي للجسر.
من جهتها، قالت قوات الدعم السريع إن عناصرها يخوضون معارك ضد ما سمته "جيش الفلول"، في إشارة للجيش السوداني، في منطقة "عد بابكر"، أقصى شرق محلية شرق النيل بولاية الخرطوم.
إعلان استهداف النازحينعلى صعيد آخر، قالت المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين بالسودان إن مخيم زمزم للنازحين جنوبي مدينة الفَاشِر عاصمة ولاية شمال دارفور تعرض لهجوم من قبل قوات الدعم السريع بدأ منذ يوم الاثنين، وما زال مستمرا.
وأضافت المنسقية، في بيان، أن الهجوم على المخيم أدى لسقوط العشرات بين قتيل وجريح. ودانت المنسقية بأشد العبارات ما سمتها الجريمة البشعة في مخيم زمزم، والانتهاك الصارخ لكل القوانين والأعراف الدولية.
من جهته قال الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام خالد الإعيسر إن قوات الدعم السريع صعدت من هجماتها ضد معسكرات النازحين في دارفور، بما في ذلك معسكر زمزم للنازحين، وأكد أن الحكومة تدين بشدة "الحوادث المأساوية المتكررة" التي يتعرض لها النازحون في معسكر زمزم وغيره من المواقع "من حرق وتدمير للممتلكات".
وطالب الإعيسر بتصنيف قوات الدعم السريع "كتنظيم إرهابي وفقا للقانون الدولي الإنساني الذي يجرم مثل هذه الأفعال التي تهدد سلامة النازحين وكرامتهم الإنسانية"، وحث المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية "على تحمل مسؤولياتهم في التصدي لهذه الانتهاكات الخطيرة".
I am shocked by the attacks on Zamzam IDP camp and the blockages of escape routes, endangering the lives of civilians amid lack of treatment for the injured. IDPs are reportedly fleeing from Zamzam to other parts of Al Fasher, sheltering in open spaces & abandoned houses.
— Clementine Nkweta-Salami (@CNkwetaSalami) February 13, 2025
وفي الإطار ذاته عبرت المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية بالسودان، كليمنتين نكويتا سلامي، في تصريح على منصة إكس اليوم، عن صدمتها من "الهجمات على مخيم زمزم للنازحين وإغلاق طرق الهروب، مما يعرض حياة المدنيين للخطر في ظل عدم توفر العلاج للمصابين".
إعلانوقالت إن التقارير تشير إلى أن النازحين يفرون من مخيم زمزم إلى أجزاء أخرى من الفاشر، ويلجؤون إلى الأماكن المفتوحة والمنازل المهجورة.
ويواجه أكثر من 100 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، فروا من جحيم الحرب في السودان ظروفا معيشية قاسية في مخيمات النازحين بولاية الدمازين، ويعاني هؤلاء نقصا حادا في المأوى والغذاء رغم مساعدات المنظمات والجهات الحكومية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع القصر الرئاسی مخیم زمزم
إقرأ أيضاً:
ماذا تعني تلميحات مناوي بإمكانية تواصله مع الدعم السريع؟
الخرطوم- أثارت تصريحات حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي التي ألمح فيها إلى إمكانية التواصل مع قوات الدعم السريع تساؤلات على المستوى السياسي والشعبي.
وقال مناوي في ختام اجتماع اللجنة السياسية للكتلة الديمقراطية "سنظل في تواصل مع المجتمع الدولي، والقوى السياسية، حتى الدعم السريع إذا وجدنا له رؤية معقولة".
ودفع هذا الموقف المراقبين والمحللين إلى البحث عن خلفياته وتداعياته، وتحدثت الجزيرة نت إلى عدد من المحللين لتستطلع آراءهم بشأن تصريحات مناوي الجديدة.
يشغل مناوي منصب حاكم إقليم دارفور المكون من 5 ولايات منذ العام 2021 بعد توقيع اتفاق سلام جوبا، وهو قائد حركة جيش تحرير السودان، التي تقاتل بجانب القوات المسلحة السودانية في حربه الحالية، وهو رئيس اللجنة السياسية بتحالف الكتلة الديقراطية.
ويرى المحلل السياسي أحمد موسى عمر أن تصريحات مناوي لا تبتعد كثيرا عن رؤية الحكومة في التزامها بترك باب الحلول مفتوحا، في حال التزامه بمخرجات اتفاق جدة لإحلال السلام في السودان، الذي وقّعت عليه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية والسودان في 20 مايو/أيار 2023، مع ممثلين للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
وقال في تصريحات للجزيرة نت إن السياق الذي خرج فيه تصريح مناوي هو رؤية للقطاع السياسي للكتلة الديمقراطية وليس رؤية فردية للقائد أو رؤية جماعية لحركته ولا تمثل الدولة.
وأكد أن الحوار مع الدعم السريع لن يكون مُلزما للحكومة السودانية "فهو وإن تم؛ قبل مرحلة الحوار الحكومي، يُهيَأ له باتفاق حول رؤية مقبولة ومعقولة يمكن أن تلعب فيها الكتلة دور الوسيط بين الجيش والدعم السريع؛ بمعنى أن يكون حوارا إجرائيا أكثر من أن يكون حوارا يؤدي لحلول".
إعلانويوضح موسى أن الحوار مع الدعم السريع مربوط بتقديمه "رؤية معقولة" لوقف الحرب، وهي دعوة للحوار تنتظر مبادرة الدعم السريع بتقديم ما يمكن أن يكون معقولا، ويشير إلى أن قبول الدعم السريع هذه الدعوة يعتبر فتح باب حوار يؤسس لتسوية سياسية.
وقال إن مناوي ربط جدية الحوار بأن يناقش موقف الحرب؛ "وفي هذا الأمر الكلمة الأخيرة للجيش السوداني، الأمر الذي يضع الكتلة الديمقراطية في موضع الوسيط".
ويوضح أن الكتلة الديمقراطية لديها التزام بتهدئة الأوضاع وفتح المسارات الإنسانية في دارفور، ولتحقيق هذا الأمر تُقدم "دعوة مشروطة للدعم السريع لتقديم رؤية معقولة تصلح لعرضها على الأجهزة الرسمية، "كما أن الأمر لا يخلو من حسابات إقليمية ودولية خاصة حسب قوله".
فواعل دولية
وتشكل مدينة الفاشر أهمية إستراتيجية بالغة الأهمية للجيش السوداني؛ إذ فيها آخر معاقل الجيش في دارفور، كما أنها تشكل مقر قيادة القوات المشتركة، وتمثل خط الدفاع الأول عن مدينة الأبيض، كما يعني سقوطها سيطرة الدعم السريع على كامل ولايات دارفور.
من جهته، يقرأ مدير مركز العاصمة للدراسات السياسية والإستراتيجية، المحلل السياسي حسن شايب تصريح مناوي بأنه ليس موضوعيا ولا منهجيا في طرح قضية لم يناقشها هو في مجلسي السيادة والوزراء "بصفته أحد شركاء الحكم الآن".
ويرى شايب في تصريح خاص للجزيرة نت أن مناوي لم يفصح عن الكثير فيما يتعلق بمثل هذه التصريحات، وتساءل عن سبب عدم طرح هذا الأمر أمام مجلس السيادة ومجلس الوزراء، وطرحه للشارع السوداني.
وقال إن مثل هذه التصريحات تمثل نوعا من الممارسة السياسية غير الراشدة، وإن أية تسوية سياسية شاملة داخل السودان لا بد أن يكون فيها مركز صنع القرار، ولا يمكن لمناوي أن يقوم بها وحده.
وأضاف أن أي تسوية سياسية "لا تؤدي إلى خروج هذه المليشيا من المشهد السياسي والعسكري لا يمكن تسميتها تسوية، لأن ما أحدثه الدعم السريع لم يترك خط رجعة للخلف، ولم يترك مساحة لقبوله في المشهد السياسي من قبل الشعب السوداني"، ويرى أن الحديث عن أي تسوية سياسية في الوقت الراهن ربما يكون نتيجة ضغوط خارجية كبيرة، مشيرا إلى إلغاء اجتماع الرباعية.
وتابع أن الفواعل الدولية والإقليمية موجودة في السودان ولديها تأثير كبير في هذا الملف، كما أن صراع المحاور، يمكن أن يشكل ضغطا مع استخدام سياسة العصا والجزرة، مؤكدا أن مسار الحرب في دارفور والتعامل مع الأوضاع الإنسانية هناك يحتاج إلى رؤية ثاقبة، وأنه يجب أن يكون لدى الدولة السودانية رؤية واضحة لفك الحصار عن الفاشر سواء كان ذلك من خلال الرؤية العسكرية أو السياسية.
مرونة أم انعدام تأثير؟ويصف المحلل السياسي وليد النور، مناوي بأنه "أكثر شخصية سياسية مثيرة للجدل" وأنه "أكثر شخصية تجيد التصريح والتصريح المناقض له في الموقف وفي الاتجاه".
وقال إن تصريحاته الأخير تُعد كسابقاتها؛ وهي لن تؤثر ولن تفتح بابا أمام التسوية السياسية في السودان، لأن التسوية السياسية تحتاج إلى إرادة حقيقية "وليست مزايدات"، ولن تحدث الكثير من الإيجابية.
ولا يتوقع النور أن تتأثر مجريات الحرب بمثل تلك التصريحات؛ فهي تتأثر فقط بمجريات الطبيعة والإرادة السياسية الحقيقية وبالضغط الدولي على الأطراف المتحاربة.
إعلانأما رئيس تحرير موقع "قلب أفريقيا" الإخباري لؤي عبد الرحمن، فيقول إن في تصريحات مناوي الأخيرة "مرونة سياسية" لا توجد في غالبية السياسيين السودانيين؛ كونهم يتمسكون بمواقفهم، وإن مناوي حاول من خلال تصريحاته أن يرسل رسالة بأنه مرن، وأنه حمل البندقية ليس غاية وإنما وسيلة لواقع أفضل سواء كان لدارفور أو للسودان.
واستبعد أن تمثل هذه التصريحات تغييرا في مواقفه السابقة، ووصف تلك التصريحات بأنها "بادرة طيبة باتجاه السلام، وضوء أخضر للحكومة السودانية للمضي قدما في التفاوض مع مليشيا الدعم السريع".
ورجح لؤي في تصريح خاص للجزيرة نت، أن تزيل مثل هذه الخطوة الحرج عن كثير ممّن كانوا يترددون في طرح مثل هذه المواقف التي تدعو للسلام والحوار، والتفاوض بين السودانيين.
وقال إن هذه التصريحات تعكس جدية مناوي باتجاه السلام، وهي محاولة لمحو الانطباع المشوه عنه الذي كان في السابق في نظام الإنقاذ وما بعد ذلك.
واستبعد أن يكون لمثل تلك التصريحات تأثير على الواقع الميداني للعمليات، وتوقع أنها ربما تساعد في دفع الحكومة باتجاه المفاوضات والعملية السلمية، وتسهم في تهدئة الأوضاع في دارفور وربما تقود إلى سلام شامل.