النظام البيئي.. من المفهوم التقليدي الضيق إلى النموذج البحريني (3-3)
تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT
عبيدلي العبيدلي **
في الحلقتين الأولى والثانية من هذا المقال، استعرضنا بصورة شاملة المفهوم العام لـ"النظام البيئي"، وفي هذه الحلقة الأخيرة، ننتقل إلى حالة نوعية محددة ناجحة انطلقت، بمبادرة جريئة، من رحم أروقة منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "اليونيدو"- مكتب البحرين، بأفق كوني، تقوم على نظام بيئي ديناميكي، يحمل في أحشائه مقومات النجاح، بغض النظر عن التحديات التي تواجهه.
بشكل ملخص، وكما يقول "النموذج البحريني لتنمية رواد الأعمال وتحفيز الاستثمار" عن نفسه، إنه "إطار عمل تنموي شامل، تم تطويره من قبل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)- مكتب البحرين، ويهدف إلى تعزيز ريادة الأعمال عبر تمكين الأفراد من تأسيس مشاريعهم الخاصة وتطويرها وفقًا لمنهجية متكاملة ومستدامة". وفق هذا التعريف، يعتمد النموذج على نهج منظم يجمع بين التدريب، والإرشاد، والتمويل، والاحتضان، ودعم النمو. مما يعزز بيئة الأعمال ويحفز الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
المرتكزات الأساسية للنموذج
ويكمن سر النجاحات التي حققها هذا النموذج البحريني، ليس على النطاق المحلي فحسب، ولكن على الصعيد الدولي أيضا، كونه يقوم على مجموعة من المرتكزات يمكن تلخيص الأساسي منها على النحو التالي:
التكاملية والاستدامة: وهي نظام منهجي متكامل يشمل جميع مراحل دورة حياة المشروع، من لحظة تبلور الفكرة حتى مرحلة التفكير في التوسع والانتشار. التنمية الاقتصادية والاجتماعية: يسهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال العمل المستمر على تحفيز ريادة الأعمال، وعن طريق خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الابتكار. الشراكة بين القطاعات: يعتمد على التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص في المؤسسات المالية، والمنظمات الدولية لضمان بيئة داعمة لريادة الأعمال. التكيّف مع المتغيرات العالمية: يواكب التطورات التكنولوجية والاقتصادية، مما يسمح بتطبيقه في أكثر من 52 دولة حول العالم.مراحل للنموذج البحريني
تعزز هذه المرتكزات، من صلابة هياكل "النموذج البحريني"، وتغذي احتياجاتها، عناصر النظام البيئي لـ"النموذج البحريني"، المرتكز على مرحلتين:
مرحلة ما قبل الاستثمار، وتشمل: الإعداد والتمكين: وتغطي هذه المرحلة التدريب والتأهيل لتنمية المهارات الريادية. تقديم المشورة والربط التكنولوجي: ويتطلب ذلك توفير مواد الإرشاد وربط المشاريع بالحلول التقنية. الربط المالي: ويهدف ذلك إلى تذليل مصاعب الوصول إلى مصادر التمويل والاستثمار، وعلى وجه الخصوص تلك التي تعنى بريادة الأعمال. مرحلة ما بعد الاستثمار: وتركز على: الاحتضان: دعم المشاريع الناشئة في مراحلها الأولى من خلال مراكز وحاضنات الأعمال. برامج النمو: تمكين المشاريع من التوسع ورفع مستويات تنافسيتها في الأسواق.النتائج والإنجازات
شأنه شأن أي نظام بيئي ناجح، تمكن النموذج البحريني، رغم الصعاب التي واجهته، وعلى وجه الخصوص في المراحل المبكرة من انطلاقته، من تحقيق مجموعة ملحوظة من النجاحات الأبرز بينها:
تمكين أكثر من 8000 رائد أعمال منذ العام 2000. إنشاء 2000 مشروع جديد في مختلف القطاعات. جذب استثمارات 2 مليار دولار. خلق أكثر من 17500 فرصة عمل في البحرين. اعتماده كاستراتيجية ناجحة في 53 دولة حول العال، من بينها العديد من البلدان العربية، وبلدان العالم الثالث.ويلقي رئيس المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "اليونيدو" للاستثمار والتكنولوجيا في البحرين، الدكتور هاشم حسين، عند حديثه عن النموذج البحريني المزيد من الأضواء على إنجازات النموذج البحرين ونجاحاته حين يقول: "إن تعزيز ثقافة الابتكار وريادة الأعمال عبر التعليم يعتبر من أهم أولويات الدول، وهذا ما حرصت مملكة البحرين على تنفيذه، مشيراً إلى سعي منظمة الـ (يونيدو) لتوثيق هذه التجربة المتميزة بالاشتراك مع منظمة الأمم المتحدة، مضيفاً إن النموذج البحريني لريادة الأعمال وبرنامج الاستثمار وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يتم تطبيقه في (53) دولة عبر العالم نظراً لتميزه في هذا الجانب".
الفرص والتحديات
أولًا: الفرص:
ومن الطبيعي أن ينعم "النموذج البحريني" بمجموعة من الفرص التي عززت مسيرته، وثبتت أركان مكوناته، يمكن إيجازها في النقاط التالية:
الابتكار: يمكن للنظم البيئية أن تعزز الابتكار من خلال الجمع بين الجهات الفاعلة المتنوعة ذات وجهات النظر والخبرات المختلفة. الكفاءة: يمكن أن يؤدي التعاون ومشاركة الموارد داخل النظام البيئي، إلى زيادة الكفاءة، وخفض التكاليف. خلق القيمة: يمكن للنظم البيئية إنشاء عروض قيمة جديدة من خلال دمج المنتجات والخدمات المختلفة. تأثيرات الشبكة: مع نمو النظام البيئي، تزداد قيمته لجميع المشاركين.وعلى نحو مواز، لم تخل مسيرة نجاح " النموذج البحرين" من مواجهته لمجموعة من التحديات التي يمكن تلخيص الأهم بينها في النقاط التالية:
ثانيًا: التحديات:
التنسيق: يمكن أن تكون إدارة التفاعلات المعقدة بين أصحاب المصلحة المتعددين أمرا صعبًا. المنافسة: يمكن أن تنشأ المنافسة داخل أي نظام بيئي لرواد الأعمال، حتى بين الشركاء. الحوكمة: يتطلب وضع قواعد وآليات حوكمة واضحة، وهي عمليات صعبة ومعقدة، أمرًا ضروريًا لحسن سير النظام البيئي. الاضطراب: يمكن للقوى الخارجية، مثل التقدم التكنولوجي أو التغيرات في ظروف السوق، أن تعطل النظام البيئي.لكن رغم كل تلك التحديات، يأتي اعتماد جمهورية الصين الشعبية النموذج البحريني لتنمية رواد الأعمال وتحفيز الاستثمار تطبيق التجربة البحرينية لريادة الاعمال التي ابتكرتها منظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) تحت مصطلح «النموذج البحريني –العربي» لتدريب الموارد البشرية وتأهيلها لكي تنتسب إلى فئة رواد الأعمال؛ بما في ذلك تدريب بعض الكوادر البشرية لتمكينهم من القيام بمهام تدريب فئات رواد الاعمال، يأتي ذلك كدليل لا يقبل الشك على أن النموذج البحريني نموذج ناجح يستحق أن يكون قدوة لأي مشروع لريادة الأعمال، قرر أن يخوض غمار المخاطرة المدروسة والمسؤولة في آنٍ، ويصمد في وجه التحديات التي تواجه بعقلانية رشد متكاملين.
** خبير إعلام
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محافظ أسيوط: فرص واعدة للشباب ورواد الأعمال في صعيد مصر
قام اللواء دكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، بجولة ميدانية داخل مجمع الصناعات الصغيرة والمتوسطة بعرب العوامر مركز أبنوب، أحد أهم المشروعات التنموية الصناعية بالمحافظة، والمقام على مساحة 71 فدانًا ويضم 272 وحدة صناعية بتكلفة استثمارية تقدر بـ900 مليون جنيه، في إطار استراتيجية الدولة لدعم قطاع الصناعة وتعزيز التنمية الاقتصادية المتكاملة، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية ورؤية مصر 2030.
رافق المحافظ خلال الجولة عدد من القيادات التنفيذية والجهات المعنية بدعم الاستثمار والمشروعات الصغيرة، من بينهم إيهاب عبد الحميد، رئيس فرع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بأسيوط، وداليا تادرس، مدير فرع هيئة تنمية الصعيد بالمحافظة، وسوزان محمد راضي، رئيس مركز ومدينة أبنوب، و أمل جميل مدير العلاقات العامة والمتابعة بشركة مياه الشرب والصرف الصحي، والمهندسة وفاء محروس مدير إدارة الاستثمار بالمحافظة وشيماء مجدي مدير فرع هيئة التنمية الصناعية بأسيوط وإسماعيل أبو الليل مدير المجمع ونفسية عبدالسلام مدير المشاركة المجتمعية بالمحافظة إلى جانب عدد من مديري الإدارات الفنية المعنية بالاستثمار والصناعة داخل المحافظة.
محافظ أسيوط يتفقد مجمع الصناعات الصغيرةوشملت الجولة التفقدية زيارة عدد من الوحدات الصناعية التي بدأت الإنتاج بالفعل، حيث تابع المحافظ سير العمل داخل مصانع متخصصة في إنتاج الورقيات، وخراطيم الري بالتنقيط، واللوحات الكهربائية، إلى جانب مصانع للجوانتيات الطبية ومنتجات الصابون واطلع على مراحل التصنيع المختلفة، واستمع لشرح مفصل من القائمين على خطوط الإنتاج حول آليات التشغيل ومعايير الجودة المتبعة.
تحفيز الاستثمار وخلق فرص عملوأكد محافظ أسيوط أن الدولة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، تولي اهتمامًا كبيرًا بتنمية القطاع الصناعي، لا سيما في محافظات الصعيد التي تحظى بفرص واعدة في هذا المجال، مشيرًا إلى أن إقامة مجمعات صناعية متكاملة المرافق يمثل نقلة نوعية نحو تحقيق تنمية مستدامة قائمة على تحفيز الاستثمار وخلق فرص عمل حقيقية.
وأضاف المحافظ أن مجمع الصناعات بأبنوب يعد نموذجًا حيًا لهذا التوجه، حيث يشهد إقبالًا متزايدًا من المستثمرين نظرًا للتيسيرات غير المسبوقة التي تقدمها الدولة، ومنها طرح 38 وحدة صناعية جديدة بنظام التمليك، بمساحات مناسبة تبدأ من 450 مترًا وحتى 540 مترًا، في مجالات متنوعة تشمل الصناعات الغذائية، والدوائية، والهندسية، والكيماوية، وصناعات الجلود.
ودعا المحافظ شباب المحافظة ورواد الأعمال إلى الاستفادة من هذه الفرصة الذهبية، مؤكدًا أن الدولة لا تكتفي بتوفير البنية التحتية المتطورة، بل تقدم كذلك دعمًا شاملًا يشمل الإرشاد الفني، والتدريب، والتمويل، والتيسير في الإجراءات الإدارية، حتى يتمكن المستثمر من بدء مشروعه بثقة واستقرار.
واختتم اللواء هشام أبو النصر حديثه بأن الاستثمار الصناعي في صعيد مصر أصبح واقعًا ملموسًا، بفضل الرؤية الاستراتيجية للدولة، وعلينا جميعًا أن نعمل معًا لتهيئة المناخ الداعم للمستثمرين، وتقديم كل أوجه المساندة لشبابنا الطموح الذي يبحث عن فرصة حقيقية لبناء مستقبل مستقر ومنتج.