وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن، في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، إدراج الجماعة -المسيطرة على مساحات واسعة من اليمن- ضمن قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية". وقال إن قراره جاء "بسبب أنشطة الحوثيين التي تهدد أمن المدنيين والموظفين الأميركيين في الشرق الأوسط، وأقرب الشركاء الإقليميين، واستقرار التجارة العالمية".

 

ويشير ترامب بذلك إلى هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، التي نُفذت بين نوفمبر/تشرين الثاني 2023 ويناير/كانون الثاني 2025، والتي قالت الجماعة إنها عمليات عسكرية داعمة لغزة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

 

خارطة طريق

 

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ أعلن، في ديسمبر/كانون الأول 2023، أن الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي "التزمتا باتخاذ خطوات نحو وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، والانخراط في الاستعدادات لاستئناف عملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة".

 

وهذه بمثابة خارطة طريق تشمل دفع رواتب موظفي القطاع العام المتوقفة منذ عام 2016، واستئناف صادرات النفط التي توقفت عام 2022، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة الخاضعين لسيطرة الحوثيين.

 

ورغم مرور نحو 14 شهرا، إلا أن تطبيق هذه الخارطة لم يتم على أرض الواقع، وسط اتهامات متبادلة ومتكررة بين الحكومة والحوثيين بشأن عرقلة التقدم في هذا المسار رغم موافقتهما عليها.

 

وفي أحدث إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، أمس الخميس، قال المبعوث الأممي إلى اليمن غروندبرغ إنه ينتظر المزيد من الوضوح بشأن تصنيف واشنطن المرتقب لجماعة أنصار الله منظمة إرهابية أجنبية، مشددا -في الوقت ذاته- على أهمية حماية الجهود الرامية إلى دفع عملية السلام إلى الأمام.

 

وأضاف "لا أزال ملتزما بالعمل بموجب التفويض الذي منحه لي هذا المجلس لإنهاء النزاع في اليمن، ولا يمكن تحقيق تطلعات الشعب اليمني إلى سلام دائم إلا من خلال تسوية سياسية للنزاع". وأكد أن هذا الهدف ليس بعيد المنال، بل هو ممكن وواقعي وقابل للتنفيذ، معتبرا أن عناصر خارطة الطريق ركيزة أساسية لهذا المسار.

 

وقبل نحو أسبوعين، قال وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني -في تصريحات صحفية- إن "خارطة الطريق كانت تمهد لحل مجموعة من القضايا المتعلقة بالجوانب الاقتصادية والإنسانية، والانتقال بعدها إلى الحل السياسي". وأضاف أن "جماعة الحوثي صعدت من أعمالها وهجماتها التي تهدد الملاحة في البحر الأحمر، ما أدى إلى تجميد العمل بهذه الخارطة نتيجة خرق بعض بنودها".

 

سيناريوهات

 

في المقابل، أكدت مليشيا الحوثي، في يناير/كانون الثاني الماضي، استعدادها للتوقيع على هذه الخارطة، متهمة الولايات المتحدة بمنع الحكومة اليمنية من توقيع الاتفاق.

 

وفي ظل استمرار حالة التباين بين الحكومة والحوثيين، من المرجح أن يؤثر تصنيف الجماعة منظمة إرهابية سلبا على مسار السلام.

 

في السياق، يرى ماجد المذحجي رئيس مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية (مؤسسة بحثية غير حكومية)، أن هذا التصنيف "يُعد واحدا من أهم القرارات المتعلقة بمستقبل اليمن، حيث يُغلق باب العملية السياسية في البلاد، ونعني بذلك خارطة الطريق التي تقودها الأمم المتحدة ورعتها السعودية".

 

واعتبر -في حديث للجزيرة نت- أن القرار الأميركي "يعزل الحوثيين تماما، ويصعّب على أي طرف أن يبادر بإدارة علاقة معهم، سواء بالنقاش السياسي أو حتى التعامل معهم".

 

من جانبه، استعرض الخبير الإستراتيجي علي الذهب -في تصريح للجزيرة نت- عددا من سيناريوهات تأثير تصنيف الحوثيين على مسار السلام ومستقبل اليمن.

 

ويعتقد أن التصنيف الأميركي قد يبطئ عملية السلام حتى يكون هناك بحث عن مخارج أو مقاربات جديدة قد تُفرض على الحوثيين، أو تأجيل جهود السلام بشكل يضع اليمن "في حال تمزق أكثر" خصوصا على مستوى المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليا.

 

آثار التصنيف

 

وحتى تتضح الصورة أكثر حول آثار هذا التصنيف، يشدد الخبير الذهب على أهمية أخذ مدى زمني من 6 أشهر إلى عام، إذ قد تظهر خلال هذه الفترة الخيارات المتاحة التي ستفرض للتعامل مع الحوثيين. وأشار إلى أن أحد الخيارات هو العسكري لمواجهة الحوثيين، والذي قد يأخذ شكلين بما يناسب الظروف والمواقف الناشئة وهما:

 

الشكل الأول: إشعال مناطق التماس بشكل كامل.

 

الشكل الثاني: التركيز على النقاط الهشة التي من شأنها إحراز تقدم كبير بحيث يجري إسقاط الحوثيين إذا كان هناك قرار حاسم بذلك، أو إخضاعهم ووضعهم بشكل أضعف على نحو ما حصل لما يسمى "محور المقاومة" في سوريا (نظام الأسد) أو لبنان (حزب الله).

 

ولا يعني أن تصنيف الحوثيين يضعهم في هذا الموقف، ولكن يأتي كأحد أهم العوامل التكتيكية التي قد تأخذهم إلى مرحلة التسليم أو الضعف، وفق الذهب الذي استدرك بأن هذا الخيار يتطلب أمورا أخرى تتعلق بالممولين وبمن سيتبنى الخيار العسكري على مستوى الداخل والخارج، وحسابات اليوم التالي وقضايا أخرى.

 

وينبه الخبير اليمني إلى سيناريو آخر متوقع خلال الأشهر الستة المقبلة إلى غاية عام، يتمثل في اجتياح جزئي لمنطقة التهديدات البحرية و"هذا ما يهم الغرب". وهو يعني انتزاع مناطق الساحل الغربي التي تصدر تهديدا للتجارة الدولية، وتأمين مساحة آمنة في العمق تحرم الحوثيين من إحداث تهديد مباشر، أو عن قرب لمنطقة تدفق النفط وسلاسل الإمداد في البحر الأحمر.

 

وبعد تصنيف الحوثيين، يثار تساؤل بشأن مسار التهدئة العسكرية في جبهات اليمن المستمرة منذ أبريل/نيسان 2022. ومنذ مطلع العام الجاري، شهد عدد من الجبهات اشتباكات متكررة بين القوات الحكومية والحوثيين من دون تقدم ميداني لأي طرف، وسط مخاوف من اشتعال الصراع من جديد.

 

في السياق، يقول الكاتب السياسي يعقوب العتواني إن هناك عدم وضوح -بشكل عام- بشأن المدى الذي سيأخذه تأثير التصنيف الأميركي للحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، "لكن يمكن توقع أن الأمور ذاهبة باتجاه التصعيد في اليمن".

 

وأضاف للجزيرة نت: "الحوثيون أكدوا منذ بداية الحرب بكل الطرق الممكنة أنهم غير معنيين بتقديم التنازلات اللازمة لتحقيق السلام، وطوال الوقت كانوا يثقلون المفاوضات باشتراطات صعبة بغرض إفشالها، حتى عندما كان المعسكر الآخر (الطرف الحكومي) يلوح بالتنازل عن المرجعيات الثلاث في سبيل الوصول إلى صفقة".

 

وتابع العتواني: "حتى لو افترضنا أن خارطة الطريق الأممية جرى توقيعها من الأطراف، فليس هناك أي ضمان أنه لن يتم نقضها في غضون سنوات قليلة وربما شهور، كما كان الحال مع أكثر من اتفاق سابق".

  

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

أوروبا:لا يمكن تحديد مسار السلام في أوكرانيا بدون حضورها

آخر تحديث: 10 غشت 2025 - 1:16 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكدت عواصم أوروبية رئيسية قبيل القمة المرتقبة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، أنه لا يمكن تحديد مسار السلام في أوكرانيا بدون حضورها، في وقت تدرس فيه واشنطن دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمشاركة في المحادثات.وشدد قادة المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وفنلندا والمفوضية الأوروبية، في بيان مشترك، على أن أي مفاوضات هادفة لا يمكن أن تتم إلا بوجود أوكرانيا ومشاركتها، معتبرين أن خط التماس الحالي ليس سوى نقطة بداية للمفاوضات.وبينما رحب القادة بمساعي ترامب “لوقف القتل”، أكدوا التزامهم بمبدأ عدم تغيير الحدود الدولية بالقوة، ودعمهم الثابت لكييف عسكريا وماليا.وفي واشنطن، نقلت شبكة “إن بي سي نيوز” عن مصادر مطلعة أن دعوة الرئيس زيلينسكي إلى ألاسكا لا تزال قيد النقاش، رغم أن البيت الأبيض يركز حاليا على التخطيط للاجتماع الثنائي الذي طلبه بوتين.يأتي هذا الحراك الدبلوماسي المكثف في وقت يشهد فيه الميدان تصعيدا كبيرا، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم، أنها اعترضت ودمرت 121 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل في هجوم هو الأوسع من نوعه، استهدف مناطق متفرقة شملت مقاطعات كراسنودار وبريانسك وبيلغورود وجمهورية القرم وغيرها.

مقالات مشابهة

  • نشاط عملاء المشروع الصهيوأمريكي .. ’’السلام المزعوم’’ حصان طروادة لاختراق اليمن
  • واشنطن تصنف الانفصاليين البلوش كجماعة إرهابية والجيش الباكستاني يعلن مقتل 50 مسلحاً
  • مساء اليوم.. مجلس الأمن يعقد جلسة جديدة بشأن اليمن
  • تهديدات إرهابية تستهدف الإمارات.. وواشنطن ولندن تحذران أبوظبي .. إيران وحفائها في اليمن في قائمة المرشحين
  • طفل ينقذ أخته من محاولة اختطاف في وضح النهار باليمن.. فيديو
  • العليمي يدعو المجتمع الدولي لممارسة الضغوط على الحوثيين وتصنيفهم "منظمة إرهابية"
  • السلام بين أرمينيا وأذربيجان.. غوتيريش يصف الاتفاق بـ«اللحظة التاريخية»
  • أوروبا:لا يمكن تحديد مسار السلام في أوكرانيا بدون حضورها
  • مندوب فلسطين بالجامعة العربية: إسرائيل تسلط 60 منظمة إرهابية ضد شعبنا
  • ترحيب عربي بإعلان السلام بين أذربيجان وأرمينيا برعاية واشنطن