الأسبوع:
2025-05-29@05:04:03 GMT

نجوم الفوضى.. من مقاهي الفشل إلى منصات التحريض

تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT

نجوم الفوضى.. من مقاهي الفشل إلى منصات التحريض

قبل أحداث يناير 2011، لم يكن أكثر من شخص هامشي، بالكاد يُسمع له رأي أو يُرى له موقف. عاش في الظل طوال حياته، يتجنب الصراعات والمناقشات، بل كان معروفًا بين أهالي حارته بتهربه من المشاركة في أي مناسبات عامة، سواء كانت أفراحًا أو أتراحًا، وكان حضوره في الجنازات مجرد استثناء نادر، وإن حدث، كان يظهر للحظات قليلة، ثم ينسحب بهدوء إلى أقرب مقهى، حيث يجد راحته بين أصدقاء السوء.

. كيف تحول مثل هذا الشخص إلى مُحرِّض سليط اللسان على منصات التواصل الاجتماعي؟

كان يحمل مؤهلًا متوسطًا، حصل عليه بشق الأنفس بعد رسوب متكرر، ولم يسعَ يومًا لتطوير نفسه أو البحث الجاد عن عمل مستقر. كان يرى أن الظروف هي التي ظلمته، وأن الحظ لم يكن يومًا في صفه. وبينما كان أقرانه يشقون طريقهم في الحياة، كان هو يتنقل من مقهى إلى آخر، يراقبهم من بعيد، يواسي نفسه بأنهم مجرد محظوظين، وليسوا أذكى منه أو أقدر على النجاح.

بعد اندلاع أحداث يناير 2011، وجد نفسه فجأة أمام فرصة لم يكن يتخيلها. كانت الميادين ممتلئة بأشخاص غاضبين، يرفعون الشعارات ويطالبون بالتغيير، فقرر الانضمام إليهم، ليس اقتناعًا منه بأي فكرة أو قضية، بل لأنه شعر أن الأضواء قد تلتفت إليه أخيرًا. بدأ يردد العبارات التي يسمعها دون فهم حقيقي لمعانيها، وانخرط وسط الحشود، ثم أسس صفحة على الفيسبوك، مستعيدًا ما كان يحفظه من سور القرآن الكريم في كُتّاب القرية، وبعض ما تعلمه في ذلك الوقت من إجادة للكتابة.

مع مرور الوقت، وجد أن هذه الأجواء توفر له فرصة للظهور، فأطلق لحيته وبدأ يقترب من السلفيين، ثم اتجه إلى مجاذيب "حازمون". لم يكن يمتلك وعيًا سياسيًا أو اجتماعيًا، لكنه كان مستعدًا لترديد أي شيء يمنحه مكانة جديدة. تعلم سريعًا كيف يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ليجذب الأنظار، وكيف يبني لنفسه صورة "الناشط الثائر". كانت كل خطوة يخطوها تقربه أكثر من وهم جديد صنعه لنفسه.

في منتصف يوليو 2013، وجد ضالته في اعتصام رابعة الإرهابي، وتصدر الصفوف في الاشتباكات، وخرج منه إلى صدارة أعمال الشغب والتخريب، إلى أن سقط في قبضة الشرطة. قضى عدة أسابيع في الحبس الاحتياطي، كان خلالها منبوذًا بين من اكتشفوا أنه ليس من أعضاء "الإخوان" ولا "الجماعة الإسلامية"، ولم يتعرف عليه قيادات تنظيمات أخرى. بل اتهمه بعضهم بأنه "عنصر مندس" وكاد يفكر في التخلص من حياته قبل أيام من إخلاء سبيله بكفالة مالية.

خرج من السجن وقرر أن يبيع ما تبقى له من ميراث أبيه، ليوفر ما تطلبه عصابات التهريب. ثم احتفظ بما تبقى له من أموال بعد أن وصل إلى إحدى الدول، وقرر أن يتوسع في نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي، ليحقق أحلام المال والشهرة.

لم يمر وقت طويل حتى بدأ المال يتدفق إليه من مصدرين: لمجرد كتابة منشورات تحريضية، ونشر معلومات مغلوطة، وترويج الشائعات. لم يكن يهمه إن كانت هذه المعلومات صحيحة أو خاطئة، كل ما يهمه أن تجلب له المزيد من المتابعين. بدأ يتلقى دعوات لحضور المؤتمرات والندوات الخارجية، وكان المطلوب منه بسيطًا: الاستمرار في التحريض، وتصعيد نبرة العداء ضد مؤسسات الدولة.

قبل مرور عامين من رحلة الهروب، أصبح محكومًا عليه غيابيًا بما يزيد على ثلاثين سنة في قضيتين، كان متهمًا فيهما بالتظاهر والتجمهر والتخريب وإتلاف الممتلكات العامة. فطلب صورًا من الأحكام، وأرسلها إلى صاحب دكان حقوقي، وطلب المساعدة في الحصول على اللجوء السياسي أو الإقامة الإنسانية المؤقتة.

بعد السابع من أكتوبر 2023، حاول ارتداء قناع جديد، كان يظن أنه سيحقق له عشرات الآلاف من الدولارات، التي يحولها إلى محفظة عملات مشفرة نقلته إلى عالم الثراء المؤقت. أغرق صفحته وحساباته بمنشورات المحتوى الفلسطيني مدعيًا دعمه لأبناء غزة دون مراعاة ما تراه إدارة منصات التواصل مخالفًا للمعايير، وكانت النتيجة حذف المنشورات وتعطيل الأرباح. لكنه واصل العناد، وبدأ في نشر المزيد، وكان الحذف يتكرر، وعقوبات التقييد تتواصل، إلى أن استيقظ ذات صباح في الأسبوع الأخير من يونيو 2024 فلم يجد صفحاته وحساباته على الفيسبوك، وبعدها بأيام أغلقت منصة "إكس" حسابه، ليفقد كل شيء.

في الأول من يوليو 2024، أسس صفحة جديدة بصعوبة وفكر في حيلة تجلب له المزيد من الأموال، فقرر المتاجرة بآلام ضحايا الحرب على غزة وانتحال صفة مسؤول حملة لجمع التبرعات، وكاد يحقق ما أراد من الغش والاحتيال، لكنه سرعان ما سقط في قبضة أحد القراصنة، وأصبح رصيده في محفظة العملات المشفرة صفرًا خلال دقيقة واحدة وخسر القديم والجديد.

عاد "المناضل" إلى نقطة الصفر، وأصبح من رواد المقاهي التي تجمع تعساء الهاربين، متذكرًا أيام الفقر والبؤس في الحارة. وبدأ البحث عن حيلة جديدة لتأسيس منصة تحريض يستعيد بها أيام الثراء والثروة. وبينما هو غارق في أحلامه، أمسك أحدهم بكتفه، وقال له:

ــ "إيه رأيك؟ تعالى نستفيد بخبراتك وندعو لثورة جديدة في مصر، ونعمل صفحات وحسابات وبث مباشر يجيب فلوس، ده غير اللي ييجي من الحبايب".

قال: "فكرة رائعة.. ." لكنه استدرك قائلًا: "وإذا لم تحدث ثورة؟"

فأجابه رفيق الفشل:

ــ "وإيه يعني؟ نعلن عن ميعاد تاني، وأهي الحسابات والصفحة والقناة بيجيبوا فلوس ورزق الهبل على المجانين، وأكيد فيه اللي يدفع تاني.. .بس الشرط نور، الأرباح مناصفة!"

قد يسأل سائل عن اسم هذا "المناضل المنحوس".. .والإجابة: إنه ليس شخصًا واحدًا فقط، لكنه نموذج متكرر بين المرتزقة دعاة الفوضى والخراب والدمار. قد يتغير الاسم، وقد تتبدل الوجوه، لكن الحكاية تبقى واحدة.. .بائع وهم، يلهث خلف الأضواء، ينتهي دائمًا إلى حيث بدأ في مقهى الفشل، بين رفاق الخيبة.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: لم یکن

إقرأ أيضاً:

تحديات واجهت طائرة السلام أبعدته عن منصات التتويج

أكد محمد المقبالي أمين الصندوق بنادي السلام والمتحدث الرسمي باسم النادي أن فريق الطائرة في هذا الموسم قد واجه تحديات وعقبات عديدة أبعدته عن منصات التتويج، كان أبرزها وفاة مدرب الفريق في بداية الموسم خالد الشيزاوي، الذي كان قد بدأ وضع خطة إعداد الفريق واللاعبين المطلوب التعاقد معهم، فهذه الحادثة أثرت أثرًا كبيرًا على خطة إعداد الفريق نفسيًا ومعنويًا وفنيًا، ورغم ذلك استطاع مجلس الإدارة لملمة الأوراق وتهيئة الفريق وشارك في البطولة العربية وغرب آسيا، وكذلك استطاع الفريق تصدر الدوري والفوز بالمركز الأول في نهاية الدور التمهيدي بدون أية خسارة وحقق الفوز في جميع مبارياته.

وأشار المقبالي إلى أنه في الأدوار النهائية تعرض الفريق لموقف صعب، وهو دخول 3 من لاعبيه وأعمدته الأساسيين الذين تم التعاقد معهم هذا الموسم من أجل تعزيز قوة الفريق، وهم ماجد الشبلي وآدم الجرادي وأسامة الفارسي، في دورات عسكرية مفاجئة، وبالتالي استحالة لعبهم مع الفريق، حتى إن آدم الجرادي وصل للمباراة النهائية للدوري من صلالة قبل بداية المباراة بـ5 دقائق فقط، وبالطبع غياب هذا الثلاثي يعني غياب نصف الفريق، مما كان مؤثرًا بشكل واضح وسببًا رئيسيًا في عدم تمكن الفريق من إحراز أي بطولة، بعكس الفرق المنافسة التي أكملت الموسم بكامل عناصرها الأساسية، ولو كان أي فريق آخر تعرض لما تعرض له فريقنا لواجه المعاناة مثلما واجهها السلام.

وتابع حديثه قائلًا: رغم كل هذه الظروف تمكنت طائرة السلام من إحراز المركز الثالث في درع الوزارة، والثاني بالدوري، وبالطبع لم يكن هذا طموحنا ونسعى للأفضل دومًا، والحمد لله، وتوافقت الميزانية مع الحدود التي وضعها مجلس الإدارة، وهي في الحدود الآمنة التي تحافظ على الديمومة وعدم تكليف النادي أي مديونية في المستقبل.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل افتتاح مهرجان الأفلام القصيرة «منصات».. اليوم
  • علي جابر: منصات «التواصل» تبث أخباراً زائفة
  • “المجاهدين الفلسطينية”: فشل الآلية الإسرائيلية نتيجة حتمية لسياسة الابتزاز الإنساني
  • تركيا تمنع بيع حليب الأم
  • تحذيرات من خطورة تصاعد التحريض العلني لجماعات الهيكل على تهويد الأقصى
  • خبير: عمل صاحب المشروع الناشئ منفردا من أخطر أسباب الفشل  
  • السور طاح.. صرخة راب تونسي تهز جدران الصمت وتفضح الفشل
  • الراجحي: مجلسا النواب والدولة يتحملان الفشل وليس الدبيبة  
  • دليلك لتربية طفل بعقلية رائد الأعمال
  • تحديات واجهت طائرة السلام أبعدته عن منصات التتويج