بعد تفجير خط الأمونيا.. خبير اقتصادي: تهديد روسيا بالإنسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب سيسبب أزمة عالمية
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
هددت روسيا خلال الساعات الماضية بالانسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية، وذلك بعد اتهامها لكييف بالتورط في تفجير خط أنابيب خاص بنقل الأمونيا.
قال عبد الله الجعيدي الخبير الاقتصادي، إن تنفيذ روسيا لتهديدها بالانسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب سيسبب أزمة عالمية كبرى.
وأضاف الجعيدي، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن تصريح “إيجور كوناشينكوف”، المتحدث باسم وزير الدفاع الروسي، سيكون بمثابة ضربة قوية للاتفاقية المبرمة بين كلا من روسيا وأوكرانيا برعاية تركية أمريكية.
وأشار إلى أن روسيا تدرك جيدا خطورة التهديد الذي خرجت به، فانسحاب موسكو من اتفاقية تصدير الحبوب، يمكن أن يتسبب في أزمة غذاء عالمية كبرى، موضحًا أن الدول النامية ودول العالم الثالث ستكون هي الأكثر تأثرا وستتفاقم الأزمات الموجودة بها بالفعل.
وتابع: “روسيا تتخذ سلاح اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية كورقة ضغط بين الحين والآخر وذلك لإجبار المجتمع الدولي على تنفيذ مطالبها، وفقا لما تحدث به عبد الله الجعيدي، فحسب ما ذكره أنه في خلال الأشهر الماضية ضغطت روسيا على المجتمع الدولي من أجل إعادة فتح خط أنابيب الأمونيا والذي تم استهدافة، كجزء من موافقتها على اتفاقية تصدير الحبوب من أوكرانيا”.
وواصل: “الأزمة لن تطال فقط الدول النامية ودول العالم الثالث والتي تعتمد في غذائها على الحبوب الأوكرانية، بل إن أوروبا وبعض دول آسيا وأمريكا أيضًا ستتأثر بدرجة كبيرة نظرًا لاعتمادها على انواع من الحبوب مثل الذرة والذي يتم أيضا الاعتماد عليه واستيراده من أوكرانيا”.
واختتم الخبير الاقتصادي عبد الله الجعيدي حديثه، بالقول بإن اتفاقية تصدير الحبوب الاوكرانية ورقة رابحة في يد موسكو تلوح بها بين الحين والآخر من أجل الضغط على المجتمع الدولي والذي ليس لديه خيارات سوى الموافقة على مطالبها من أجل منع حدوث أزمة غذاء عالمي.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الدول النامية المجتمع الدولي وزير الدفاع الخبير الاقتصادي وزير الدفاع الروسي انسحاب روسيا روسيا وأوكرانيا انسحاب موسكو انسحاب روسيا من اتفاقية تصدير الحبوب اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية من اتفاقیة تصدیر الحبوب
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: ( …. ورسم قلب المجتمع)
عادت العلاقات السودانية الأمريكية إلى واجهة التوتر، بعد إعلان واشنطن فرض عقوبات جديدة على السودان، استنادًا إلى اتهامات باستخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية خلال الحرب ضد مليشيا الدعم السريع. غير أن التوقيت والسياق السياسي يفرضان قراءة مغايرة، تكشف عن تحوّل نوعي في طريقة تعامل السودان مع الضغوط الأمريكية، بالنظر لتجارب سابقة.
في خطوة وصفها مراقبون بـ”الذكية”، أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني قرارًا بتشكيل لجنة وطنية للتحقيق في المزاعم الأمريكية، تضم وزارات الخارجية والدفاع، وجهاز المخابرات العامة. هذه الخطوة تعكس جدية الدولة في تناول الملف، وتحمل أبعادًا قانونية ودبلوماسية مهمة، حيث تؤكد التزام السودان بالاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. كما أنها تبعث برسالة واضحة: السودان دولة مؤسسات، ترفض الإملاءات والتجريم المسبق.
كانت الولايات المتحدة قد أعلنت أن العقوبات ستدخل حيّز التنفيذ في يونيو المقبل، وتشمل قيودًا على الصادرات وخطوط الائتمان الحكومية. ورغم أن الأثر الاقتصادي لهذه العقوبات يبدو محدودًا بسبب ضعف العلاقات التجارية بين البلدين، إلا أن توقيتها السياسي يثير التساؤلات. فقد تزامن إعلان العقوبات مع تقدم ميداني كبير أحرزه الجيش السوداني، ما دفع بعض المراقبين إلى الربط بين القرار الأمريكي والواقع العسكري، واعتبار العقوبات محاولة لإعادة ترتيب موازين القوى وفرض بيئة تفاوضية لا تعكس الوقائع على الأرض، بل تعبر عن رغبات خارجية تمثل مصالح داعمي المليشيا الإقليميين.
في هذا السياق، تبدو السياسة الأمريكية تجاه السودان وكأنها لا تزال رهينة لكتاب قديم يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، تُعيد قرأته كلما تعثرت رهاناتها على التحولات المحلية. فمنذ سقوط نظام البشير عام 2019، انخرطت واشنطن في محاولات متعددة لإعادة تشكيل المشهد السياسي السوداني، بدءً بدعم البعثة الأممية بقيادة فولكر بيرتس، ومرورًا بمحاولات فرض “دستور المحامين” بصيغته المستوردة، وانتهاءً بالاتفاق الإطاري الذي وُلد ميتًا بعد أن اصطدم بواقع سوداني معقد ومتشابك. ومع فشل هذه الأدوات “الناعمة”، انتقلت الإدارة الأمريكية إلى أدوات أكثر خشونة، من خلال دعم غير مباشر لتحركات مليشيا الدعم السريع التي انقلبت على السلطة في أبريل 2023 وأدخلت البلاد في أتون الحرب.
هذه القراءة تكشف عن محاولة لإعادة هندسة موازين القوى، وفرض مناخ تفاوضي جديد يستند إلى ضغوط خارجية تُستخدم فيها قضايا الحقوق كسلاح سياسي. تدرك الولايات المتحدة أن انتصار الجيش سيُضعف من نفوذها في البلاد، ويوسّع هامش مناورة الخرطوم، ما قد يدفع السودان نحو تقارب أكبر مع شركاء دوليين كروسيا أو الصين، وهو ما لا يخدم مشروع الهيمنة الغربية في المنطقة.
وفي هذا السياق، أعلنت الخارجية الأمريكية فرض قيود على الصادرات وخطوط الائتمان الحكومية، تدخل حيز التنفيذ في يونيو 2025، في محاولة لضبط المسار السياسي مجددًا، بعد فشل الرهان على المليشيا. اللافت أن هذا الدعم غير المباشر للمليشيا ينسجم أيضًا مع أجندات بعض الحلفاء الإقليميين، خصوصًا الإمارات، التي ترى في هذه القوات أداة تخدم مشروعها في السودان و القرن الإفريقي، وهي سياسات أثارت انتقادات حتى داخل الولايات المتحدة نفسها، كما عبّرت عن ذلك السيناتور سارة جاكوبس التي حذّرت من تواطؤ واشنطن مع أبوظبي، مؤكدة أن السياسات الأمريكية تُضلّل الرأي العام ولا تعكس قيمًا أخلاقية حقيقية (رويترز).
العقوبات الأمريكية على السودان ليست جديدة، بل امتداد لسلسلة بدأت منذ عام 1993، وأدت إلى عزله اقتصاديًا وتكنولوجيًا، دون أن تحقق أهدافها السياسية. بل إنها أضرت بالمواطن ودفعته للتعامل مع دول بديلة كالصين. وفي هذا الإطار، وصفت الحكومة السودانية عبر الناطق الرسمي خالد الإعيسر الاتهامات الأمريكية بحسب “سونا” بأنها “ابتزاز سياسي” و”تزييف للحقائق”، مشيرة إلى تشابه هذه المزاعم مع سيناريوهات قديمة، كقصف مصنع الشفاء في عام 1998.
وفي سياق تعزيز موقفها الأخلاقي والقانوني ، عمدت الحكومة إلى تقديم نفسها كقوة منضبطة في سلوكها العسكري، إذ قامت الفرقة الثالثة شندي، قبل يومين، بتسليم 66 طفلًا جندتهم مليشيا الدعم السريع إلى أسرهم، عبر المجلس القومي لرعاية الطفولة، بحضور ممثلين من مؤسسات حكومية وعدلية. وقد مثّل هذا الحدث ردًّا عمليًا على الاتهامات، وفارقًا جوهريًا في طبيعة السلوك القتالي بين الجيش و المليشيا المتمردة.
ومن منظور # وجه_ الحقيقة ، فإن تعامل السودان مع الأزمة الراهنة يُظهر تحوّلًا تدريجيًا من الاستجابة الانفعالية إلى إدارة متأنية للأزمات، في توازن بين الدفاع السياسي والاحتواء الدبلوماسي، دون التفريط في السيادة أو السقوط في فخ العزلة. ومع أن الولايات المتحدة ما تزال تملك أوراق ضغط، فإن السودان اليوم أكثر وعيًا بتاريخ هذه الضغوط، وأكثر استعدادًا لصياغة مسارات بديلة تحترم قراره الوطني. ويبقى السؤال المفتوح: هل تنجح الخرطوم في تجاوز هذه العقوبات؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ملامح المرحلة القادمة في السودان.
دمتم بخير وعافية.
إسحق أحمد فضل الله
السبت 31 مايو 2025م Shglawi55@gmail.com