كييف- ربما لم يشعر الأوكرانيون بالإهانة قط كما حدث أمس، عندما وبخ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضيفه ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بحضور نائبه جيه دي فانس، وأمام حشد كبير من وسائل الإعلام في البيت الأبيض.

زيارة زيلينسكي تحولت من الإيجابية المرتبطة بالتواصل إلى اتفاق يخص استثمارات "المعادن النادرة" بين البلدين، إلى مشادة حادة مهينة وصلت حد الطرد؛ في سابقة لم يشهدها البيت الأبيض، وربما لم يتخيل الأوكرانيون حدوثها بهذا الشكل الفاضح، الذي خيب آمالهم بالدور والدعم الأميركي، وبنهاية للحرب لا تظهرهم ضعفاء مكسورين.

تجدد الحرب

على مدار ساعات الليل، تفاعل العامة بكثافة مع ما حدث على مواقع التواصل، في صورة ذكرت ببداية الحرب قبل أكثر من 3 سنوات، عندما خاض الجميع في تساؤلات تجددت: كيف يمكن أن يحدث شيء من هذا القبيل؟ وماذا سيحدث بعد ذلك؟ وهل ستصمد البلاد؟

ذلك لأن مشهد اليوم يذكر ببداية الحرب، عندما قاتلت أوكرانيا وحيدة على مدار الأسابيع الخمس الأولى، من دون دعم أميركي أو غربي يذكر.

وفي جولة بشوارع العاصمة كييف، تحدثت الجزيرة نت إلى عدد من المارة لرصد آرائهم، ومنهم السيد سيرهي، الذي قال: "ستنتهي الحرب حتما؛ ولكني لا أثق بالولايات المتحدة منذ أن كانت طرفا ضامنا عند توقيع مذكرة بودابست (التي تخلت بموجبها أوكرانيا عن السلاح النووي في 1994). إنهم يعملون لمصالحهم، وهذا يحدث حاليا".

إعلان

ويقول الشاب أندري: "خاننا الأميركيون وخذلوا العالم الحر. نهاية الحرب لن تكون قريبة أو سهلة كما ظننا، وقد تكون مؤلمة، ولكني أعتقد أن الرئيس زيلينسكي سيعمل كل ما يستطيع، كما في بداية الحرب"، على حد قوله.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) تعرض لإهانة بالبيت الأبيض استاء منها الأوكرانيون (الفرنسية) تأييد للرئيس

تصرف رئيس البلاد كان محور نقاشات كل الساعات الأخيرة، ويبدو أنه لم يحظ بتأييد سريع من كبار موظفي مكتب الرئاسة والحكومة والبرلمان والنواب فقط، بل من عامة الشعب أيضا.

تقول السيدة فالينتينا: "زيلينسكي حفظ كرامتنا عندما رفض إهانة بلاده وقبول إملاءات ترامب ونائبه بصمت، لقد تعمدوا إذلاله والإساءة له ولنا من خلفه في واشنطن".

أما السيد فالينتين فيقول: "استفزوا زيلينسكي، وسقط ضحية التفاعل بعاطفة، لكنه لم يسيء لهم، بل حاول إقناعهم بأنه ممتن وينشد استمرار الدعم. أعتقد أنهم حسموا أمرهم قبل مجيئه، وأن تصرفهم يعبر عن حقدهم تجاهه وتجاه أوكرانيا. الولايات المتحدة لم تعد حليفا ولا صديقا بعد اليوم".

 

فولوديمير فيسينكو رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا": الأزمة بين زيلينسكي وترامب قد تأخذ بعدا دوليا (الجزيرة) أزمة مفاجئة

أما النخب المثقفة، فتتناول الأمر من زوايا أخرى، حيث تحاول تفسير "الأزمة الجديدة"، والخوض في طرق الخروج منها بأقل الخسائر والضرر.

فولوديمير فيسينكو، رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا"، يقول للجزيرة نت: "نحن أمام أزمة من دون شك، لا تقتصر على العلاقة بين زيلينسكي وترامب فحسب، بل تأخذ بعدا دوليا".

ويضيف: "كنت أتوقع شيئا مماثلا خلال محادثات السلام المستقبلية، لكن الأمر حدث في وقت مبكر جدا. أعتقد أن الدور المستفز لجيه دي فانس أجج مشاعر كل من ترامب وزيلينسكي معا".

ويضيف المتحدث ذاته: "علينا أن نفكر في العواقب، وكيفية تقليل العواقب السلبية المحتملة لما حدث على إمدادات الجيش. أعتقد أن موضوع مفاوضات السلام وضع جانبا لبعض الوقت".

أوليكساندر كرايف خبير مركز المنشور الأوكراني للدراسات يقول إن على أوكرانيا مضاعفة العمل مع الشركاء الأوروبيين (الجزيرة) أوروبا فقط

لكنّ مواطنين آخرين يرون أن الأمر قد حسم لأميركا، ولا فائدة من الحديث عن إجراءات لخفض التوتر وتقليل العواقب السلبية، وأن على أوكرانيا مضاعفة نشاطها مع الأوروبيين حصرا، وفقط.

إعلان

أوليكساندر كرايف، خبير مركز المنشور الأوكراني للدراسات، وأستاذ جامعة كييف الوطنية، قال للجزيرة نت إن المساعدات الأميركية لأوكرانيا ستتوقف غالبا، ويعتقد أن ذلك لن يكون مفاجئا، لأن إدارة ترامب تمن عليهم بفوقية مفرطة أنها تمدهم بالسلاح، وتلوح بوقف ذلك بسبب أو من دون سبب.

وأضاف أنه بدءا من غد الأحد، وانطلاقا من قمة لندن، يجب على أوكرانيا مضاعفة العمل النشط مع الشركاء الأوروبيين بنسبة 1500%؛ لوضع إستراتيجية دفاعية مشتركة، وإستراتيجية دعم، ورؤية مشتركة للمفاوضات، تكون فيها إلى جانب الأوروبيين على الطاولة.

وتابع: "إذا كانت أوروبا تدعمنا بقوة من الخلف، فلن يستطيع ترامب الضغط علينا كما يريد، ولن يستطيع تنفيذ خططه. أعتقد أن معظم دول أوروبا عبرت عن استيائها من ترامب، وتتفهم أن الولايات المتحدة تتحول من شريك إلى عدو".

وبحسب كرايف، أمام أوكرانيا -رغم الصدمة- فرصة كبيرة لكي تتحد أوروبا من أجل أمنها. ويرى المتحدث ذاته أن كل المؤشرات تدل على ذلك الطريق. ورغم أن ترامب دعاها إلى ذلك يوما، إلا أنه لن يكون مسرورا باستبعاد دور بلاده تماما من ذلك الأمن"، على حد قوله.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان أعتقد أن

إقرأ أيضاً:

لـ "محادثات السلام".. ترامب يكشف حقيقة تواصله مع إيران

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنه لم يتواصل مع إيران بأي وسيلة لأجل "محادثات السلام"، وفقًا لما نقلته "الإخبارية".
وصرح ترامب، في حديثه اليوم الثلاثاء، إلى الصحفيين على الطائرة الرئاسية "أير فورس ون" خلال عودته إلى واشنطن بعد مشاركته في قمة السبع، أن إيران تعلم أنه لا يمكنها استهداف القوات الأمريكية.
أخبار متعلقة إيران: هجوم على القاعدة الجوية الثامنة في أصفهان ومدينة قزوينهجوم إسرائيلي يستهدف مصفاة مدينة ري جنوب طهرانوقال: "أبحث عن ما هو أفضل من وقف إطلاق النار في إيران"، وأضاف إنه يسعى إلى نهاية حقيقية للصراع في إيران.

مقالات مشابهة

  • قمة السبع تتصدع أمام اختبار أوكرانيا.. واشنطن تُجهض بياناً موحداً وزيلينسكي يغادر خالي الوفاض
  • ترامب يخاطب بوتين: أوقف الحرب على أوكرانيا قبل التوسط في صراع إسرائيل وإيران
  • ترامب عن وساطة بوتين بين إيران وإسرائيل: توسط في أوكرانيا أولا
  • مجموعة السبع تتخلى عن إصدار بيان مشترك بشأن أوكرانيا
  • ماذا لو دخلت أميركا في الحرب؟
  • "حماس" تحذر من "تورط" أميركا عسكريا في الحرب ضد إيران
  • لـ "محادثات السلام".. ترامب يكشف حقيقة تواصله مع إيران
  • هل تُجَرّ أميركا للحرب الإسرائيلية على إيران؟
  • هل تنخرط أميركا بشكل مباشر في الحرب بين إسرائيل وإيران؟ خبراء يجيبون
  • عاجل | ترامب يعطي الضوء الأخضر لانخراط أميركا في الحرب ضد إيران