صدمة واستياء بعد إهانة زيلينسكي.. هل فهم الأوكرانيون حقيقة أميركا؟
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
كييف- ربما لم يشعر الأوكرانيون بالإهانة قط كما حدث أمس، عندما وبخ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضيفه ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بحضور نائبه جيه دي فانس، وأمام حشد كبير من وسائل الإعلام في البيت الأبيض.
زيارة زيلينسكي تحولت من الإيجابية المرتبطة بالتواصل إلى اتفاق يخص استثمارات "المعادن النادرة" بين البلدين، إلى مشادة حادة مهينة وصلت حد الطرد؛ في سابقة لم يشهدها البيت الأبيض، وربما لم يتخيل الأوكرانيون حدوثها بهذا الشكل الفاضح، الذي خيب آمالهم بالدور والدعم الأميركي، وبنهاية للحرب لا تظهرهم ضعفاء مكسورين.
تجدد الحرب
على مدار ساعات الليل، تفاعل العامة بكثافة مع ما حدث على مواقع التواصل، في صورة ذكرت ببداية الحرب قبل أكثر من 3 سنوات، عندما خاض الجميع في تساؤلات تجددت: كيف يمكن أن يحدث شيء من هذا القبيل؟ وماذا سيحدث بعد ذلك؟ وهل ستصمد البلاد؟
ذلك لأن مشهد اليوم يذكر ببداية الحرب، عندما قاتلت أوكرانيا وحيدة على مدار الأسابيع الخمس الأولى، من دون دعم أميركي أو غربي يذكر.
وفي جولة بشوارع العاصمة كييف، تحدثت الجزيرة نت إلى عدد من المارة لرصد آرائهم، ومنهم السيد سيرهي، الذي قال: "ستنتهي الحرب حتما؛ ولكني لا أثق بالولايات المتحدة منذ أن كانت طرفا ضامنا عند توقيع مذكرة بودابست (التي تخلت بموجبها أوكرانيا عن السلاح النووي في 1994). إنهم يعملون لمصالحهم، وهذا يحدث حاليا".
إعلانويقول الشاب أندري: "خاننا الأميركيون وخذلوا العالم الحر. نهاية الحرب لن تكون قريبة أو سهلة كما ظننا، وقد تكون مؤلمة، ولكني أعتقد أن الرئيس زيلينسكي سيعمل كل ما يستطيع، كما في بداية الحرب"، على حد قوله.
تصرف رئيس البلاد كان محور نقاشات كل الساعات الأخيرة، ويبدو أنه لم يحظ بتأييد سريع من كبار موظفي مكتب الرئاسة والحكومة والبرلمان والنواب فقط، بل من عامة الشعب أيضا.
تقول السيدة فالينتينا: "زيلينسكي حفظ كرامتنا عندما رفض إهانة بلاده وقبول إملاءات ترامب ونائبه بصمت، لقد تعمدوا إذلاله والإساءة له ولنا من خلفه في واشنطن".
أما السيد فالينتين فيقول: "استفزوا زيلينسكي، وسقط ضحية التفاعل بعاطفة، لكنه لم يسيء لهم، بل حاول إقناعهم بأنه ممتن وينشد استمرار الدعم. أعتقد أنهم حسموا أمرهم قبل مجيئه، وأن تصرفهم يعبر عن حقدهم تجاهه وتجاه أوكرانيا. الولايات المتحدة لم تعد حليفا ولا صديقا بعد اليوم".
أما النخب المثقفة، فتتناول الأمر من زوايا أخرى، حيث تحاول تفسير "الأزمة الجديدة"، والخوض في طرق الخروج منها بأقل الخسائر والضرر.
فولوديمير فيسينكو، رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا"، يقول للجزيرة نت: "نحن أمام أزمة من دون شك، لا تقتصر على العلاقة بين زيلينسكي وترامب فحسب، بل تأخذ بعدا دوليا".
ويضيف: "كنت أتوقع شيئا مماثلا خلال محادثات السلام المستقبلية، لكن الأمر حدث في وقت مبكر جدا. أعتقد أن الدور المستفز لجيه دي فانس أجج مشاعر كل من ترامب وزيلينسكي معا".
ويضيف المتحدث ذاته: "علينا أن نفكر في العواقب، وكيفية تقليل العواقب السلبية المحتملة لما حدث على إمدادات الجيش. أعتقد أن موضوع مفاوضات السلام وضع جانبا لبعض الوقت".
لكنّ مواطنين آخرين يرون أن الأمر قد حسم لأميركا، ولا فائدة من الحديث عن إجراءات لخفض التوتر وتقليل العواقب السلبية، وأن على أوكرانيا مضاعفة نشاطها مع الأوروبيين حصرا، وفقط.
إعلانأوليكساندر كرايف، خبير مركز المنشور الأوكراني للدراسات، وأستاذ جامعة كييف الوطنية، قال للجزيرة نت إن المساعدات الأميركية لأوكرانيا ستتوقف غالبا، ويعتقد أن ذلك لن يكون مفاجئا، لأن إدارة ترامب تمن عليهم بفوقية مفرطة أنها تمدهم بالسلاح، وتلوح بوقف ذلك بسبب أو من دون سبب.
وأضاف أنه بدءا من غد الأحد، وانطلاقا من قمة لندن، يجب على أوكرانيا مضاعفة العمل النشط مع الشركاء الأوروبيين بنسبة 1500%؛ لوضع إستراتيجية دفاعية مشتركة، وإستراتيجية دعم، ورؤية مشتركة للمفاوضات، تكون فيها إلى جانب الأوروبيين على الطاولة.
وتابع: "إذا كانت أوروبا تدعمنا بقوة من الخلف، فلن يستطيع ترامب الضغط علينا كما يريد، ولن يستطيع تنفيذ خططه. أعتقد أن معظم دول أوروبا عبرت عن استيائها من ترامب، وتتفهم أن الولايات المتحدة تتحول من شريك إلى عدو".
وبحسب كرايف، أمام أوكرانيا -رغم الصدمة- فرصة كبيرة لكي تتحد أوروبا من أجل أمنها. ويرى المتحدث ذاته أن كل المؤشرات تدل على ذلك الطريق. ورغم أن ترامب دعاها إلى ذلك يوما، إلا أنه لن يكون مسرورا باستبعاد دور بلاده تماما من ذلك الأمن"، على حد قوله.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان أعتقد أن
إقرأ أيضاً:
بشرط واحد.. زيلينسكي يبدي استعداده لإجراء انتخابات في أوكرانيا بمساعدة ترامب
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه مستعد لإجراء انتخابات جديدة في أوكرانيا شريطة ضمان الأمن، متوقعًا إرسال مقترحات منقحة إلى واشنطن في غضون يوم واحد بشأن إنهاء الحرب التي استمرت قرابة أربع سنوات مع روسيا.
اتفاق صاغته واشنطنيضغط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على كييف لقبول اتفاق صاغته واشنطن، والذي انتقد حلفاء أوكرانيا نسخته الأولية باعتبارها مواتية للغاية لروسيا.
قال زيلينسكي للصحفيين بعد تنقله بين العواصم الأوروبية للتوصل إلى رد مع الحلفاء: "نعمل وسنواصل العمل".
ذكر ترامب، الذي اتهم زيلينسكي في وقت سابق بعدم قراءة أحدث المقترحات الأمريكية، إن روسيا لديها "اليد العليا" في الصراع، وذلك في مقابلة مع مجلة بوليتيكو نُشرت يوم الثلاثاء.
كما اتهم كييف بـ "استخدام الحرب" لتجنب الانتخابات، التي تم تأجيلها في ظل فرض الأحكام العرفية منذ أن تدخلت روسيا بقوة عند جارتها.
قال ترامب: "كما تعلمون، يتحدثون عن الديمقراطية، لكن الأمر يصل إلى نقطة لا تعود فيها ديمقراطية".
يحظر القانون الأوكراني إجراء الانتخابات في ظل الأحكام العرفية، وبدونها كان من المقرر إجراء الاقتراع الرئاسي في مارس 2024.
لكن يوم الثلاثاء، وبعد تصريحات ترامب، قال زيلينسكي إنه مستعد لتنظيم انتخابات جديدة.
قال زيلينسكي للصحفيين: "أنا مستعد للانتخابات"، مضيفاً أنه يطلب من المشرعين الأوكرانيين إعداد "مقترحات بشأن إمكانية تعديل الأسس التشريعية وقانون الانتخابات أثناء الأحكام العرفية".
وقال إنه لكي يتم التصويت، يجب ضمان الأمن في البلد الذي تتعرض مدنه لهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ الروسية بشكل يومي.
وذكر: "أنا الآن أطلب، وأعلن هذا صراحة، من الولايات المتحدة الأمريكية أن تساعدني، ربما بالتعاون مع زملائي الأوروبيين، لضمان الأمن لإجراء الانتخابات".
أمضى زيلينسكي الأيام القليلة الماضية متنقلاً بين العواصم الأوروبية لصياغة رد على الخطة الأمريكية. وعقد يوم الاثنين محادثات مع قادة أوروبيين في لندن وبروكسل. وفي يوم الثلاثاء، توجه إلى إيطاليا للقاء البابا ليو الرابع عشر ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
تضمنت مقترحات واشنطن تنازل أوكرانيا عن أراضٍ لم تستول عليها روسيا - منطقة دونباس الصناعية بأكملها - مقابل وعود أمنية لا ترقى إلى مستوى تطلعات كييف للانضمام إلى حلف الناتو.
قال زيلينسكي يوم الاثنين إن خطة واشنطن المكونة من 28 نقطة قد تم تعديلها إلى 20 نقطة بعد محادثات الولايات المتحدة وأوكرانيا.
وذكر :"إن قضية الأراضي والضمانات الأمنية الدولية كانتا من بين النقاط الخلافية الرئيسية هل نتصور التنازل عن أراضٍ؟، ليس لدينا أي حق قانوني للقيام بذلك، بموجب القانون الأوكراني ودستورنا والقانون الدولي. وليس لدينا أي حق أخلاقي أيضاً".