كتب محمد شيخ عثمان

الانتفاضة الكوردستانية في 1991 كانت تعبيرا واضحاً عن رفض الشعب الكوردي للحكم القمعي لنظام البعث، وخاصة بعد عقود من التهميش والاضطهاد والتعريب والتهجير القسري والجرائم مثل حملة الأنفال واستخدام الأسلحة الكيميائية وأظهرت أن الشعوب المضطهدة قادرة على كسر قيود الاستبداد، خاصة عند توفر اللحظة التاريخية المناسبة بوجود قوى ثورية في الطليعة .

تجلت في روح الانتفاضة قوة التلاحم الوطني التي برهنت أن تكاتف ووحدة القوى الكوردستانية والفئات الاجتماعية المختلفة كانت عاملاً حاسماً في نجاحها وبهذه الارادة والعزيمة جعلت المجتمع الدولي غير قادر على تجاهل معاناة الشعب الكوردي، مما أدى لاحقاً إلى فرض منطقة الحظر الجوي وحماية دولية.

رغم مرور 34 عاما على شرارة الانتفاضة لكن من المجحف التعامل معها كذكرى عابرة ، بل انها لاتزال بمثابة خارطة طريق استراتيجية تحدد اولويات وركائز مسار الحكم في اقليم كوردستان، فهي انطلقت ضد الظلم والطغيان واللامساواة والفساد والاجرام وبالتالي يجب ان تبقى بصمات هذه الخارطة ماثلة على مسار الحكم وهوية الاطراف السياسية وانتماء المواطنين لذلك فان الابتعاد عن الحكم الرشيد والشراكة في ادارة الحكم وتعثر وحدة الصف والخطاب الكوردي على مستوى الاقليم والعراق والمنطقة والعالم خروج عن السياقات الاساسية لروح الانتفاضة الشعبية وخطأ جسيم ينعكس على الاقليم وحياة المواطنين وانتمائهم .

وفق كافة الادلة والحقائق فان الانتفاضة  تعود ملكيتها الى الاتحاد الوطني الكوردستاني وبطولة التنظيمات والخلايا المسلحة وبيشمركه الثورة الجديدة، ومن ثم وحدة القوى الكوردية المنضوية في الجبهة الكوردستانية، وقد أثبتت أن الظلم والاضهاد لن يتمكنا أبدا من إسكات صوت وإرادة شعبنا وشهداؤنا دليل سطر بالدم قيادة الاتحاد لتلك الثورة الجماهيرية .

الاتحاد الوطني ومن اجل اعلاء وترسيخ اهداف الانتفاضة وحماية مكاسبها سيبقى في طليعة تعديل مسار الحكم  واجراء اصلاحات شاملة في مفاصل ومؤسسات الحكم ليحافظ على معاني وروحية الانتفاضة كأمانة وواجب وطني وهو الان يواصل مساعيه الحثيثة من أجل تجاوز المرحلة الراهنة، وضمان المزيد من الاستقرار والرفاهية لبلدنا، والتعامل مع التطورات في كوردستان العراق والمنطقة بالتكاتف والعمل المشترك ووعي أكثر.

انتفاضة 1991 لم تكن مجرد حدث عابر، بل كانت نقطة تحول مفصلية في تاريخ كوردستان العراق، فرغم التحديات التي تلتها، شكلت الأساس لما تحقق لاحقاً من مكاسب سياسية وإدارية ودستورية، من حيث انهاء السلطة البعثية واجراء الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة واعلان الفيدرالية كهوية لنظام الحكم و نقل القضية الكوردية إلى الساحة الدولية وكسب تأييدهم ،كل ذلك من صميم مكاسب الانتفاضة ومن المجحف بث الطعن اوالانتقادات لهذه الملحمة المجيدة التي رسخت فكرة أن إرادة الشعوب قادرة على تغيير مسار التاريخ.

النصر لارادة تصحيح مسار الحكم الذي هو هبة ومكسب الانتفاضة

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: مسار الحکم

إقرأ أيضاً:

المشهد السياسي الليبي على أبواب خارطة الطريق

أسبوعان تقريبا تفصلنا عن إعلان خارطة الطريق التي وعدت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة، هانا تيتيه بالإفصاح عنها خلال إحاطتها الأخيرة في مجلس الامن، وبقدر ما تتجه الأنظار إلى البعثة وخطتها لتسوية النزاع الليبي، بقدر ما تتطور الأحداث في الداخل والخارج تفاعلا ما القادم من البعثة الأممية.

على الصعيد المحلي كانت أهم التطورات التغيير الذي وقع في المجلس الأعلى للدولة، بعد انعقاد جلسة للمجلس استوفت النصاب وانتهت بانتخاب رئاسته بمناصبه الثلاثة، ليعود محمد تكالة إلى قيادة الأعلى للدولة، وكانت ردود الفعل أكثر صدى بعد دعم البعثة الأممية للانتخابات وقبولها بنتائجها، لتتبعها في ذلك بعض الأطراف الدولية المؤثرة.

هذا التطور اللافت لا يمكن استبعاده من السير الحثيث باتجاه خارطة الطريق، فالبعثة التي أيدت انتخابات الأعلى للدولة يهمها أن يكون الوضع السياسي أكثر ترتيبا واستقرارا على الشكل الذي يدعم غاياتها، كما أنها تستفيد من تعثر أو توقف المسار الذي يمكن أن يشكل تحديا لخارطة الطريق ممثلا في تقارب وتفاهم "عقيلة ـ المشري"، وإذا صح هذا التحليل الذي يذهب إليه كثير من المراقبين والنشطاء، فإن الترجيح سيكون للخيار الرابع من خيارات اللجنة الاستشارية التي تسترشد بها البعثة في وضع خطتها للمضي قدما باتجاه الانتخابات، وهو وخيار تشكيل "مجلس تأسيسي".

بمعنى أن إعادة ترتيب التموقع السياسي للمنتظم الراهن ممثلا في جسمين سياديين يعود إليهما اعتماد التوافقات، كما هو مقرر في الاتفاق السياسي، بحيث يكون في حالة "خام" لا رؤى أو خطط أو مصالح تجمعه، سيكون هو الأكثر ملاءمة لتمرير الخطة الجديدة للبعثة، وهذا يتحقق مع وجود تكالة على رئاسة الأعلى للدولة وليس المشري.

المصادر المطلعة تتحدث عن حراك محلي وخارجي يمكن وصفه بالمحموم للبحث في كيفية التماهي مع خطة البعثة وتمرير بعضه مضامينها لصالحها، والتركيز بالطبع يدور حول الحراك متعدد الجهات والاتجاهات حول مسألة محورية ضمن الخارطة وهي الحكومة الجديدة.اجتماع لجنة 6+6 التي كلفت بمراجعة واعتماد قوانين الانتخابات مع اللجنة الاستشارية وبرعاية من البعثة الأممية له دلالته أيضا، خاصة وأن الاجتماع تضمن تفاهمات بينهما من بينها إعادة النظر في قوانين الانتخابات وفي التعديل الدستوري بالخصوص، فهذا يمهد الطريق للقبول بخارطة طريق شاملة تعالج كل المختنقات الرئيسية التي يتمترس حولها أطراف النزاع في الغرب والشرق.

إقليميا ودوليا شهدت المسألة الليبية اهتماما ملحوظا عكسه الزيارات والاجتماعات إقليميا ودوليا، فقد كانت زيارة مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، مسعد بولس، معنية بالتحول السياسي المرتقب، وكان هذا مضمنا بوضوح في تصريحاته التي سبقت الزيارة، وفي كلام بعض الساسة الأمريكيين، ومعلوم أهمية الدور الأمريكي في أي ترتيبات تفضي إلى تحول كبير في المشهد السياسي الليبي.

القاهرة شهدت لقاءات جمعت الرئيس السيسي بقيادات الشرق، السياسية والعسكرية، وبرغم أن التحليل اتجه إلى التركيز على التنافس التركي المصري على النفوذ في ليبيا، والاتفاقية البحرية التي وقعتها حكومة الوفاق مع أنقرة العام 2019م، إلا إن القاهرة تترقب بحرص واهتمام شديدين اتجاه الأوضاع السياسية في ليبيا، ولن تكون بعيدة عن الترتيبات التي ستأتي بها خطة البعثة الأممية، ومضمون اللقاءات يدور حول تجديد وتمتين التشبيك بين القاهرة وقطبي النفوذ في الشرق الليبي، وهما رئاسة مجلس النواب والقيادة العسكرية استعدادا للتحول الذي سيقع مستقبلا.

اجتماع أنقرة الذي ضم رئيس وزراء إيطاليا والرئيس التركي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، هو اجتماع غير تقليدي، ولا يمكن تأطيره بالمصالح الاقتصادية والتخوفات الأمنية فقط، فالمصالح الاقتصادية والتهديدات الأمنية مرتبطة بقوة بالوضع السياسي وما يمكن أن يؤول إليه شكل السلطة والنفوذ عقب خارطة الطريق، ولأن إيطاليا وتركيا تمثلان امتدادا لواشطن خاصة في عهد دونلد ترامب، فإن الاجتماع يمكن أن يكون بخصوص التحول القادم في البلاد.

هذا ما يخص الشق المرئي والمعلن، والمصادر المطلعة تتحدث عن حراك محلي وخارجي يمكن وصفه بالمحموم للبحث في كيفية التماهي مع خطة البعثة وتمرير بعضه مضامينها لصالحها، والتركيز بالطبع يدور حول الحراك متعدد الجهات والاتجاهات حول مسألة محورية ضمن الخارطة وهي الحكومة الجديدة.

مقالات مشابهة

  • لا مكان للقات في حضرموت.. انتفاضة شعبية تحذر من مخاطره على الاقتصاد والمجتمع
  • المشهد السياسي الليبي على أبواب خارطة الطريق
  • أبو علي خلال لقاء جمعية “انتاج”: نظام الفوترة الوطني خطوة إصلاحية جوهرية في مسار تطوير السياسة المالية والضريبية
  • القيادة تهنئ رئيسة الاتحاد السويسري بذكرى اليوم الوطني لبلادها
  • القيادة تهنئ رئيسة الاتحاد السويسري بذكرى اليوم الوطني
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس بنين ورئيسة الاتحاد السويسري بذكرى اليوم الوطني لبلديهما
  • الاتحاد البرتغالي يوضح أسباب استضافة تدريبات النصر السعودي في مقر المنتخب الوطني
  • محمد فاروق: الحكم هو الابن الشرعي لاتحاد الكرة.. ويجب دعم المنظومة بقوة
  • محمد فاروق: الحكم هو الابن الشرعي لاتحاد الكرة.. وخبير أجنبي مؤقتًا هو الحل لأزمة الثقة
  • السيسي يبعث برقيات تهنئة إلى ملك المغرب ورئيسة الاتحاد السويسري ورئيس جمهورية فانواتو بمناسبة العيد الوطني لبلادهم