كشفت دراسة مناخية حديثة أن التغيرات المناخية بدأت تؤثر بالفعل على المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم، مما يؤدي إلى تقلبات صادمة بين الطقس الرطب والممطر أو الشديد الجفاف مع تفاقم أزمة المناخ.

وحللت الدراسة أكثر 100 مدينة اكتظاظا بالسكان، بالإضافة إلى 12 مدينة مختارة، ووجدت أن 95% منها أظهرت اتجاها واضحا نحو طقس أكثر رطوبة أو جفافا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2دراسة: 6 مدن من بين الـ10 الأكثر تلوثا عالميا في دولة واحدةlist 2 of 2تراجع أعداد النحل والملقّحات تهدد مصادر الغذاءend of list

وشهدت عشرات المدن الأخرى، بما فيها لكناو في الهند والعاصمة الإسبانية مدريد والعاصمة السعودية الرياض، انقلابا مناخيا خلال 20 سنة الماضية، حيث انتقلت من جفاف إلى رطوبة متطرفة، أو العكس.

ويمكن أن يُلحق تغير مناخ المدن ضررا بالغا بالمواطنين، إذ يُفاقم الفيضانات والجفاف، ويُدمر إمكانية الحصول على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي والغذاء، ويُشرد المجتمعات، وينشر الأمراض. وتعاني الكثير من المدن في الأصل من ضعف البنية التحتية للمياه، مثل كراتشي الباكستانية والعاصمة السودانية الخرطوم.

وكان التحليل الجديد الذي أجرته منظمة "ووتر أيد" أوسع نطاقا بكثير من التحليلات السابقة، حيث تناول التغيرات في الظواهر الجوية المتطرفة كالرطوبة والجفاف على مدى العقود الأربعة الماضية في 112 مدينة كبرى.

إعلان

ووجد التقرير أن 17 مدينة حول العالم تأثرت بتقلبات مناخية كبرى، حيث عانت من تقلبات حادة في الأحوال الجوية الرطبة والجافة على حد سواء.

وشهدت هانغتشو في الصين، وجاكرتا، ودالاس في تكساس أكبر هذه التقلبات. وتشمل المدن الأخرى بغداد وبانكوك وملبورن ونيروبي. ويُربك هذا التحول السريع بين التقلبات الرطبة والجافة استعداد المدن وتعافيها، مما يُلحق الضرر بحياة الناس وسبل عيشهم، حسب الدراسة.

وأشار التحليل أيضا إلى أن 24 مدينة مرت بتقلبات مناخية حادة هذا القرن. وشهدت القاهرة ومدريد والرياض أشد التحولات من أحوال الطقس من الرطبة إلى الجافة، في حين جاءت هونغ كونغ وسان خوسيه في كاليفورنيا أيضا ضمن قائمة العشر الأوائل.

ويمكن أن تؤدي فترات الجفاف المطولة إلى نقص المياه، واضطرابات في إمدادات الغذاء، وانقطاعات في الكهرباء في المناطق التي يُعتمد فيها على الطاقة الكهرومائية.

وأشار التقرير إلى أن مدينتي لكناو وسورات الهنديتين، وكذلك كانو (ثاني كبرى مدن نيجيريا) عانت أشد حالات التحوّل من الجفاف إلى الأمطار. ومن المدن الأخرى التي شهدت تحوّلات مناخية بسبب الأمطار بوغوتا وهونغ كونغ وطهران.

ويمكن أن تسبب الأمطار الغزيرة فيضانات مفاجئة، تدمر المنازل والطرق، وتنشر أمراضا فتاكة منقولة عن طريق المياه، مثل الكوليرا، خصوصا عندما تُثقل أنظمة الصرف الصحي كاهلها.

قام الباحثون أيضا في الدراسة بتقييم مستوى الهشاشة الاجتماعية وجودة البنية التحتية في المدن. وكانت المدن التي شهدت أكبر زيادة في مخاطر المناخ مصحوبة بأعلى مستويات الهشاشة -وبالتالي الأماكن الأكثر عرضة للمخاطر- هي الخرطوم في السودان، وفيصل آباد في باكستان، وعمان في الأردن. وصنفت كراتشي الباكستانية أيضا ضمن المدن الأكثر تأثرا بالجفاف، وتشهد أمطارا غزيرة أكثر.

إعلان

وحتى في المدن التي كانت فيها التغيرات المناخية أقل حدة، لوحظت تغييرات واضحة في جميعها تقريبا. وشملت الأماكن التي ازدادت جفافا على مدى 40 عاما الماضية باريس (فرنسا) ولوس أنجلوس (الولايات المتحدة) وكيب تاون (جنوب أفريقيا) وريو دي جانيرو (البرازيل)، ويقع العديد من المدن التي ازدادت فيها نسبة الرطوبة في جنوب آسيا، مثل مومباي (الهند) ولاهور (باكستان) وكابل (أفغانستان).

ووجد الباحثون أيضا أن 11 مدينة انخفضت فيها الأشهر الممطرة أو الجافة للغاية خلال العشرين سنة الماضية، بما في ذلك ناغويا في اليابان ولوساكا في زامبيا وقوانغتشو في الصين.

وقالت البروفيسورة سونيا سينفيراتني من المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ إن النتائج الإجمالية للدراسة الجديدة تتفق مع أحدث تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والذي وجد أن هناك منطقتين شهدتا زيادة في الأمطار الغزيرة وأخرى شهدت زيادة في الجفاف، فضلاً عن مناطق شهدت زيادة في كليهما.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان بيئي من المدن زیادة فی

إقرأ أيضاً:

زياد.. نام للأبد

مدرين المكتومية

هناك حياة تختارك، وأخرى أنت من تختارها، لكنك لا يمكن أن تعيش دون أن تكون فيها. فالحياة مهما كانت وبكل تفاصيلها المختلفة هي الطريق الذي لم تختره أبدًا، لكنه فُرض عليك منذ ولادتك.

الحقيقة الوحيدة التي يمكن لنا أن نثق بها هي مدى تمسّكنا بالحياة ومدى رغبتنا بالاستمرار فيها.. وهذا ما علّمنا إيّاه زياد الرحباني، الذي لم يكن فنانًا، بل كان الفن بأكمله، ذلك الصوت الذي نقل صدى كلماته بين المدن العربية، في المقاهي العتيقة، وعلى أرصفة الطرقات، تدندن ألحانه الأمهات في الصباحات الماطرة، وفي الصباحات الهادئة. كانت لألحانه الممزوجة بصوت أمه وكلماته الشاعرية طعمٌ آخر. لم تكن فيروز تغني فقط، ولم تكن ألحانه هي من تصل، بل كان هناك شيء آخر؛ سحر المزيج الذي أيقظ النائم، ولمّ شتات الحزين، وأوجع البعيد، وأعاد للحب نبضه، وللمشاعر طقوسها.

زياد كان حالة فنية مختلفة، حالة لا تتكرر، فمع كل ما قدّمه من فن، لم يكتم غضبه وسخريته، بل صاغها بمرآة يمكن لنا أن نشاهد خلالها أنفسنا الضائعة وسط كل هذه الحياة، عاش بين الكلمات وبين الألحان والموسيقى، كما يهرب الفنان للوحته بما هو أبعد من الواقع، هو ذلك الشخص الذي كتب الناس دون أن يكتبوه، وقدّم لهم فنانًا استثنائيًا معبّرًا عن أحاسيسهم ومشاعرهم، هو الذي رأى نفسه الوجه الآخر من هذه الحياة، والذي حمل على عاتقه أن يقدّم شيئًا يشعر به الشيخ الكبير قبل الصغير، أن تعيشه الطفلة قبل المراهقة، أن يهرب منه الصبي نحو أحلامه البعيدة، وأن تذهب به الفتاة إلى الحب بقلبٍ مفتوح ووجهٍ سعيد، إنه الشخص الذي اختار أن يتقمّص دور الناس في كل ما يقدّمه، ليكون قادرًا على الوصول إليهم بكل إحساس ونبض.

بالأمس عند وداعه، ظهرت والدته فيروز، تلك الفنانة التي لا يكاد شخص لا يتغنّى بإحدى أغانيها أو يدندن أحد ألحان تلك الأغنيات، المرأة التي اقتحم صوتها بيوت الناس قبل أن تقتحم قلوبهم، ودون شعور وجدوا أنفسهم غير قادرين سوى على استقبالها والرضا بوجودها بينهم، لم يكن سهلًا عليها وهي ترتدي حداد فقيدها زياد، الذي لم يكن مجرّد ابن، وإنما كان رحلتها الفنية الطويلة، ورفيق نجاحاتها الدائمة، فهي ترتدي الأسود، اللون الذي يصلح ذريعةً لكل شيء، وبكل وقارٍ وتحمّلٍ وصبرٍ، وكأنها ترسل رسائل صامتة: أن زياد، وإن رحل، ترك خلفه إرثًا لا يمكن نكرانه ولا نسيانه، وأنها تقف اليوم أمام الجميع وهي متماسكة، لا تريد أن يرى العالم حزنها المخبّأ خلف نظارتها الشمسية الغامقة، فالعُيون لها قدرة البوح أكثر بكثير من أي شيء آخر، لعلّ ذلك ما جعلها صامدة دون حراك.

لكن ما يمكن أن أتأكد منه، أن صدمة الموت لا تضاهيها أي صدمة أخرى، تشلّ كل شيء بداخلك، لذلك لا يمكن لأي شخص أن يدرك حجم الحزن الداخلي الذي تعيشه، ولا يدركون حجم الشتات والانهيار والفوضى الداخلية التي تعيشها، أنت أمامهم جسدٌ متماسك، ولكنك من الداخل بركانٌ يغلي لا يمكن الاقتراب منه، أعتقد أن صدمة فيروز لم تكن صدمة فقد فقط، وإنما هي صدمة وطن بأكمله، صدمة رحيل آمال وتطلّعات كاملة، وليس فقط رحيل شخص، لذلك كانت لا تملك شيئًا سوى أن تستقبل وتودّع المعزّين لها، وكأنها تقول كما قال زياد الرحباني: "بلا ولا شي، بحبك، بلا ولا شي"، وزياد أيضًا رحل بلا ولا شي... بلا ولا شي... بلا ولا شي...

وداعًا زياد، بكل كلماتك، كما "كانت أحاديث السهرة تدور"، كنت تقول: "صرت أخاف أن أطيل النوم، كي لا يذهب الجميع وأظل وحدي."
لكنك "أفقت هذا الصباح على صوت آخر البلابل، فالشتاء أتى اليوم، وتناديها أمي: أتى فصل التشرد والبعد،" والعالم نام ونهض، وكل واحد منهم يردد: "حائرٌ أنا، بين أن يبدأ الفرح، وألاّ يبدأ... مخافةَ أن ينتهي."
لكن فعلًا... كل شيء كان قد انتهى، وزياد قالها مرة:
"أحيانًا لا يكون المرض موجعًا بقدر ما يكون خيانة من جسدي."
وخانه جسده هذه المرة... ونام للأبد.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • عواصم العالم تحيي ذكرى استشهاد القائد هنية وتطالب بوقف الإبادة على غزة
  • دولة عربية تتصدر قائمة الأعلى درجات حرارة حول العالم
  • غليون لـعربي21: أوروبا تعترف بفلسطين خوفاً من وصمة الإبادة التي شاركت فيها
  • بدء تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ بـ عدة دول عربية
  • استشهاد شاب فلسطيني في سلواد في هجوم للمستوطنين طال أيضا رمون وأبو فلاح
  • الإجهاد الحراري.. جمال شعبان يحذر المواطنين من موجة الحر التي تضرب البلاد
  • طقس مضطرب وأمطار رعدية تضرب عدة محافظات يمنية
  • أكاذيب الكيان الصهيوني التي لا تنتهي
  • زياد.. نام للأبد
  • «كيتا» تصل إلى 11 مدينة جديدة في المملكة