قلبت صدمة قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، موازين الأمور في سويسرا، المعروفة بحيادها والنأي بنفسها عن التحالفات الدفاعية والعسكرية في القارة الأوروبية.

فقبل شهرين لم يكن أحد يتصور أن ينجح وزير الدفاع السويسري الجديد مارتين فيستر، الشخصية غير المعروفة والبعيدة نسبياً عن الدوائر السياسية في برن، في اقتناصه المنصب متغلباً على خصم قوي وعنيد وصاحب نفوذ قوي في العاصمة السويسرية.

وتكشف صحيفة فاينانشيال تايمز أبعاد لغز التحول السويسري من الحياد إلى الانخراط المباشر في تحالفات عسكرية، بتفضيلها شخصية فيتسر، الكولونيل السابق في الجيش السويسري الذي سيتولى منصبه وزيراً للدفاع في مطلع أبريل المقبل، والذي عُرف عنه دفاعه المستميت لدخول بلاده في تعاون عسكري دفاعي أوسع نطاقاً مع حلف الناتو وجيران سويسرا في الاتحاد الأوروبي.

وتلخص الصحيفة المسألة مستشهدة بتصريح للكولونيل فيتسر، الشهر الماضي، بأن التعاون والتدريبات والمناورات المشتركة مع حلف الناتو، الذي لا يضم في عضويته سويسرا، كان ضرورياً للغاية، متابعاً أنه بينما لا يحض على أن تكون بلاده عضواً في الحلف، فإن التحالف الدفاعي يبقى ضرورة لأمن أوروبا.

ويعكس تعيين فيتسر واختياره للمنصب الدفاعي الأول في البلاد، كيف بلغ الحال بسويسرا المحايدة وشعورها بالإلحاج والضرورة لتعزيز دفاعاتها، في ظل تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتحلل من الضمانات الأمريكية التي لطالما عززت أمن القارة بما فيها دولة جبال الألب، سويسرا.

وفي مؤتمر صحفي حديث بعد انتهاء التصويت على اختياره وزيراً للدفاع الخميس الماضي، قال فيتسر إن الناتو آخذ في التغير، ولا نعلم إلى أي اتجاه يسير لذا فإن قدرات التشغيل البيني، والتعاون مع البلدان الأوروبية أصبحت ضرورية إذا كان الأمن مهماً بالنسبة لنا.

أي تحول في حياد سويسرا يستلزم استفتاءً عاماً وتغييرات دستورية، وهو أمر ربما يستغرق سنوات، حسب فاينانشيال تايمز، التي نقلت عن خبراء أنه رغم ذلك، هناك نقاشات بدأت تحدث على مستويات متعددة في الحكومة السويسرية ربما تقود إلى تحولات دراماتيكية في بلد ترتبط هويتها ارتباطاً وثيقاً بحالة الحياد السياسي التي تبنتها منذ عقود.

ويعلق رئيس الشؤون العالمية والمخاطر الناشئة في مركز جنيف لسياسات الأمن جين- مارك ريكلي، قائلا: لم أر من قبل سيناريو يصور مثل هذا الوضع الذي نحن بصدده الآن.

وأضاف "في العلاقات عبر الأطلنطي كانت هناك مراحل صعود وهبوط، لكن رؤية ابتعاد الولايات المتحدة عن أوروبا، علاوة على ميلها إلى جانب روسيا.. .أرسلت موجات صادمة عبر أوروبا بما في ذلك سويسرا.

وتنقل الصحيفة وجهة النظر ذاتها لدى الأمين العام لقسم الأمن والدفاع في اتحاد سويسميم، الكيان الصناعي وجماعة الضغط، ماثياس زولر، الذي قال هناك شعور بالإلحاح لم يكن موجوداً من قبل"، مضيفاً "أخيراً، كلا الطرفين- البرلمان علاوة على الحكومة- يرى أن هناك شيئاً ما يتعين فعله ولابد من تغييره.

الشعور العام في سويسرا بدأ في التحول نحو زيادة التعاون الأمني مع الدول الأوروبية المجاورة، وفق دراسة نشرتها الصيف الماضي الأكاديمية العسكرية في جامعة إي تي إتش زيورخ ومركز الدراسات الأمنية" التابع لها.

تحظر حكومة برن تصدير الأسلحة إذا كانت الدولة المتلقية لها منخرطة في أي حروب، في الداخل أو خارج حدودها، بما في ذلك أوكرانيا. وهو الموقف الذي أثار سخطاً في أوروبا، ولاسيما من جانب دول مثل ألمانيا، التي مُنعت من إعادة تصدير أسلحة وذخائر، صُنعت في سويسرا، إلى أوكرانيا.

وتستهدف سويسرا الوصول بإنفاقها الدفاعي إلى 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، مرتفعة عن 0.7 في المائة في العام الماضي.

وتعد تلك النسبة أقل كثيراً عن غيرها من المستهدف في البلاد الأوروبية الأخرى، فالإنفاق المستهدف لدى دول "الناتو" يبلغ 2 في المائة، ويتوقع زيادة إلى 3 أو 3.5 في المائة في قمة الحلف في يونيو المقبل، بينما يصر ترامب على حلفائه الأوربيين تخصيص 5 في المائة من الناتج المحلي لبلدانهم.

اقرأ أيضاًترامب: لا أنوي فرض إعفاءات على رسوم الصلب والألومنيوم

ترامب: سأتحدث مع بوتين هاتفيا بشأن الأراضي والسيطرة على المحطات النووية

ترامب يفعّل "قانون الأعداء الأجانب".. لتسريع الترحيل الجماعى

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي حلف الناتو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فی المائة

إقرأ أيضاً:

الأرض تذوب.. و البشريّة تدفع الثمن!

حذرت دراسة علمية حديثة نشرتها صحيفة الغارديان من كارثة بيئية ضخمة تلوح في الأفق، حيث تشير التوقعات إلى أن نحو 40% من الأنهار الجليدية في العالم محكوم عليها بالذوبان بسبب انبعاثات الوقود الأحفوري واحتدام الاحتباس الحراري. وإذا استمر ارتفاع حرارة الأرض بالوتيرة الحالية لتصل إلى 2.7 درجة مئوية، فإن النسبة ستقفز إلى 75%، ما يعني اختفاء معظم هذه العمالقة الجليدية التي صمدت لآلاف السنين.

وبحسب الصحيفة، هذا الذوبان الجليدي لن يقتصر على رفع منسوب مياه البحار فحسب، بل سيمزق حياة مليارات البشر الذين يعتمدون على مياه الأنهار الجليدية في الزراعة والشرب، مهدداً أمنهم الغذائي والمائي، ومولداً موجات هجرة جماعية قد تعصف بالعالم.

ورغم هذا المشهد الكارثي، تؤكد الدراسة أن هناك بارقة أمل: يمكن إنقاذ نصف الجليد المتبقي إذا تمكنا من الحد من ارتفاع حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، كما هو متفق عليه في اتفاقية باريس. كل جزء من الدرجة المئوية يتم التوفير فيه يعني إنقاذ تريليونات الأطنان من الجليد الثمين.

ووفق الصحيفة، اعتمد الباحثون على نماذج متطورة شملت 200 ألف نهر جليدي حول العالم، باستثناء غرينلاند وأنتاركتيكا، ووجدوا أن الأنهار الجليدية في غرب الولايات المتحدة وكندا هي الأكثر عرضة للذوبان، في حين تبقى بعض الأنهار في جبال هندوكوش وكراكورام أكثر مقاومة لكنها لن تفلت من التقلص مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة.

وبحسب الدراسة، المأساة الأكبر أن هذا الذوبان سيستمر لآلاف السنين حتى لو توقف الاحتباس الحراري فجأة، ما يجعل الأنهار الجليدية بمثابة مؤشر كارثي يعكس عمق الأزمة المناخية التي تواجهها البشرية اليوم.

وقال الدكتور هاري زيكولاري، قائد الفريق البحثي: “كل جزء من الدرجة المئوية التي نتمكن من تجنبها سينقذ مليارات الأطنان من الجليد”، محذراً من أن قرارات اليوم ستحدد مصير كوكبنا لأجيال قادمة.

وتزامناً مع قرب انعقاد مؤتمر دولي رفيع المستوى لحماية الأنهار الجليدية، يطلق العلماء نداء استغاثة عالمي يطالب باتخاذ إجراءات عاجلة وفورية، مؤكّدين أن الاختيار أصبح بين مسار كارثي يؤدي إلى اختفاء معظم الأنهار الجليدية، أو تحرك جريء لإنقاذ هذا الإرث الطبيعي الثمين.

يذكر أن التغير المناخي هو التحول الطويل الأمد في أنماط الطقس ودرجات الحرارة على سطح الأرض، ويرجع بشكل رئيسي إلى النشاط البشري، خاصةً انبعاثات غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات. هذه الغازات تحبس الحرارة في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري.

وتأثيرات التغير المناخي تشمل ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ذوبان الأنهار والجبال الجليدية، ارتفاع مستوى سطح البحار، وزيادة تواتر وشدة الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات، الجفاف، والعواصف، كما يؤثر التغير المناخي سلبًا على النظم البيئية، الأمن الغذائي، مصادر المياه، والصحة العامة حول العالم.

وتسعى الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية باريس إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أقل من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، بهدف تفادي أسوأ تأثيرات التغير المناخي، لكن التحديات تبقى كبيرة بسبب الاستمرار في انبعاثات الغازات الدفيئة.

مقالات مشابهة

  • تحالفات دولية كبرى تعتزم الاستثمار في مشروع حدائق تلال الفسطاط
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • هذا هو عقاب هارفارد والجامعات التي خانت طلابها
  • تشريعيات العراق.. هل تخرج التحالفات السياسية من عباءة الطائفية؟
  • موقع أمريكي: إسرائيل تشعر بتداعيات وقف إطلاق النار الذي أعلنه ترامب مع الحوثيين (ترجمة خاصة)
  • الحياد الإيجابي والدبلوماسية الهادئة
  • الأرض تذوب.. و البشريّة تدفع الثمن!
  • ترامب يوجه نصيحة لماكرون بعد الفيديو الذي أثار ضجة كبيرة مع زوجته بريجيت: عليك إبقاء باب الطائرة مغلقًا
  • الروبل الروسي بين العملات الثلاث الأولى التي ارتفعت مقابل الدولار في مايو
  • قيود ترامب تدفع جامعات لتقديم إعفاءات للطلاب