تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وأنا في زيارتي مع وفد المائدة المستديرة الي واشنطن  في مبادرة من المجتمع المدني غير الحكومي لتأكيد الموقف الشعبي مع قيادة مصر، فيما يخص قطاع غزة وحل الدولتين، دار في ذهني واسترجعت عددا من الفرص الضائعة على الشعب الفلسطيني عبر الخمسة عقود الماضية.

أولًا: في اتفاقيات كامب ديفيد الموقعة عام 1978 بين مصر وإسرائيل، تم تناول القضية الفلسطينية من خلال وثيقة بعنوان "إطار للسلام في الشرق الأوسط".

 ركزت هذه الوثيقة على منح الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة حكمًا ذاتيًا مؤقتًا لمدة خمس سنوات، يتم خلالها التفاوض على الوضع النهائي لتلك المناطق.

أبرز ما جاء في الوثيقة بخصوص الدولة الفلسطينية:

       •     الحكم الذاتي: تأسيس سلطة حكم ذاتي منتخبة في الضفة الغربية وقطاع غزة، تتولى إدارة الشؤون المحلية للفلسطينيين خلال الفترة الانتقالية.

       •     الانسحاب الإسرائيلي: انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق محددة لتمكين سلطة الحكم الذاتي من ممارسة مهامها.

       •     مفاوضات الوضع النهائي: بدء مفاوضات بين إسرائيل ومصر والأردن وممثلي الفلسطينيين في غضون ثلاث سنوات من بدء الحكم الذاتي، بهدف تحديد الوضع النهائي للضفة الغربية وقطاع غزة.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الوثيقة لم تنص صراحة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بل ركزت على ترتيبات الحكم الذاتي والمفاوضات المستقبلية لتحديد الوضع النهائي. وقد أثار هذا النهج انتقادات من بعض الأطراف العربية والفلسطينية، معتبرين أنه لا يلبي التطلعات الفلسطينية في الاستقلال الكامل.

رفضت السلطة الفلسطينية والبلدان العربية هذا الإطار الذي وقعت عليه الولايات المتحدة وإسرائيل ولم يحضر وفد فلسطين مؤتمر فندق مينا هاوس  لتفعيل الاتفاقية  وقاطعوا مصر وضاعت الفرصة. 

ثانيًا: اتفاقية أوسلو، المعروفة رسميًا بـ"إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي"، هي اتفاقية سلام تم توقيعها في 13 سبتمبر 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، بحضور الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون. جاءت هذه الاتفاقية نتيجة لمفاوضات سرية جرت في أوسلو، النرويج، وهدفت إلى وضع إطار لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

أبرز بنود الاتفاقية:

       1. الاعتراف المتبادل:

       •     تعترف منظمة التحرير الفلسطينية بحق إسرائيل في الوجود بسلام وأمن، وتلتزم بنبذ الإرهاب والعنف.

       •     في المقابل، تعترف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.

      . 2   ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي:

       •     الاتفاق على إقامة سلطة حكم ذاتي فلسطينية مؤقتة، تُعرف بـ"السلطة الوطنية الفلسطينية"، تتولى إدارة الشؤون المدنية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

       •     تُجرى انتخابات لمجلس تشريعي فلسطيني لتمثيل السكان الفلسطينيين في المناطق الخاضعة للسلطة.

       3.    الفترة الانتقالية والمفاوضات النهائية:

       •     تحديد فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، تبدأ بانسحاب إسرائيل من قطاع غزة ومنطقة أريحا.

       •     الالتزام ببدء مفاوضات حول "الوضع النهائي" قبل نهاية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية، لمناقشة القضايا المحورية مثل القدس، اللاجئين، المستوطنات، الترتيبات الأمنية، والحدود.

       4.    الأمن والنظام العام:

       •     تشكيل قوة شرطة فلسطينية للحفاظ على الأمن والنظام في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية.

       •     استمرار مسؤولية إسرائيل عن الدفاع ضد التهديدات الخارجية وضمان أمن الإسرائيليين.

على الرغم من الآمال الكبيرة التي عُلّقت على الاتفاقية، إلا أن تنفيذها واجه العديد من التحديات والعقبات، مما حال دون تحقيق السلام الدائم والشامل بين الجانبين.

ثالثًافي ديسمبر 2000، قدم الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ما يُعرف بـ"معايير كلينتون" كإطار لحل نهائي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. هدفت هذه المقترحات إلى تحقيق تسوية شاملة تشمل القضايا الرئيسية التالية:

1 . الأراضي والحدود:

       •     الدولة الفلسطينية: تُقام على 94-96% من الضفة الغربية وكامل قطاع غزة.

       •     الكتل الاستيطانية: تضم إسرائيل الكتل الاستيطانية الكبرى التي تضم حوالي 80% من المستوطنين، مع تعويض الفلسطينيين بأراضٍ من داخل الخط الأخضر بنسبة 1-3%.

       •     التواصل الجغرافي: ضمان تواصل جغرافي للدولة الفلسطينية وتقليل المناطق المضمومة وعدد الفلسطينيين المتأثرين بذلك إلى الحد الأدنى.

2 . القدس:

       •     السيادة: تُقسم المدينة بناءً على التركيبة السكانية؛ الأحياء العربية تحت السيادة الفلسطينية، واليهودية تحت السيادة الإسرائيلية.

       •     الحرم الشريف (جبل الهيكل): سيادة فلسطينية مع “ملكية رمزية” لإسرائيل على المنطقة، وضمان حق الوصول وممارسة الشعائر للجميع.

3. اللاجئون:

       •     حق العودة: لا عودة جماعية للاجئين إلى داخل إسرائيل؛ يُسمح بعودة محدودة بناءً على موافقة إسرائيلية.

       •     التوطين: توطين اللاجئين في الدولة الفلسطينية، أو إعادة توطينهم في دول ثالثة، مع تقديم تعويضات وإعادة تأهيل.

4 . الأمن:

       •     الانسحاب العسكري: انسحاب إسرائيلي من المناطق الفلسطينية خلال 36 شهرًا، يتبعه وجود دولي لمراقبة التنفيذ.

       •     غور الأردن: وجود إسرائيلي محدود في مواقع ثابتة لمدة 36 شهرًا إضافية تحت إشراف دولي.

       •     الدولة الفلسطينية: منزوعة السلاح مع قوة أمنية قوية للحفاظ على النظام الداخلي.

على الرغم من قبول الحكومة الإسرائيلية للمقترحات مع بعض التحفظات، إلا أن القيادة الفلسطينية، برئاسة ياسر عرفات، أبدت تحفظات جوهرية. أعربت عن قلقها بشأن تقسيم القدس، وغياب حق العودة للاجئين، والتواصل الجغرافي للدولة المقترحة. نتيجة لهذه التحفظات، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي، واعتُبرت هذه الفرصة ضائعة مرة أخري  في مسار عملية السلام.

رابعًا: خطة ترامب للسلام:

في يناير 2020، كشف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن اقتراح للسلام في الشرق الأوسط، يُعرف غالبًا باسم "خطة ترامب للسلام". تضمنت هذه الخطة خريطة مفاهيمية تحدد الحدود والترتيبات الإقليمية المقترحة بين إسرائيل ودولة فلسطينية مستقبلية. وأشارت الخريطة إلى أن إسرائيل ستضم حوالي 30% من الضفة الغربية، بما في ذلك جزء من الأردن والمستوطنات الإسرائيلية القائمة، في حين سيتم منح الفلسطينيين دولة منزوعة السلاح تضم الـ70% المتبقية من الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى تبادل أراضٍ إضافية في صحراء النقب.

كما اقترحت الخطة ربط الضفة الغربية بقطاع غزة عبر نفق أو طريق سريع مرتفع لضمان التواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية.

في كل الأحوال  ستبقى القدس العاصمة غير المقسمة لإسرائيل، مع إمكانية إنشاء عاصمة فلسطينية في مناطق على أطراف القدس الشرقية، مثل أبو ديس.

وقد لقيت الخطة ردود فعل متباينة؛ حيث رحبت بها إسرائيل إلى حد كبير، بينما انتقدها القادة الفلسطينيون والعديد من المراقبين الدوليين لكونها منحازة للموقف الإسرائيلي وتقوض فرص إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة.

في أوائل عام 2025، وخلال بداية الولاية الثانية للرئيس ترامب، برز اقتراح جديد يتعلق بقطاع غزة. اقترحت الخطة أن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على غزة، وإعادة تطوير المنطقة، وإعادة توطين سكانها الفلسطينيين. وقد واجه هذا الاقتراح انتقادات واسعة من قبل كل من المجتمعات الإسرائيلية والعربية، بسبب المخاوف بشأن جدواه وإمكانية تسببه في مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، ردت مصر ودول عربية أخرى بطرح خطط بديلة تركز على إعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها، مؤكدين على أهمية الحفاظ على الوجود الفلسطيني في وطنهم.

تعكس هذه المبادرات التعقيدات المستمرة والاختلافات في وجهات النظر حول معالجة الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، حيث تقترح مختلف الأطراف حلولًا متباينة بناءً على مصالحها الاستراتيجية واعتبارات الاستقرار الإقليمي المرتبطة بتوازن القوي في كل زمن. 

أعتقد أن تراجع ترامب عن خطة تهجير أهالي غزة من تهجير قسري الي تهجير طوعي ما هو إلا تغيير شكلي حيث تطور النهج من دولة فلسطينية منزوعة القدرات إلى لا دولة ولا حقوق للفلسطينيين.

الملحوظ أنه بمرور الزمن وضعف الجانب التفاوضي العربي، مع اختلاف القيادات الفلسطينية مع بعضها، فإن المطروح علي طاولة المفاوضات يقلص الحقوق الفلسطينية ويعمق الاحتلال.. ورويدًا رويدًا، اختفت الجولان من الطلبات العربية وأصبح الكلام علي الدولتين بعيد المنال ووصلنا إلى صفاقة طلب التهجير القصري لأكثر من ٢ مليون فلسطيني الي الأردن مصر. 

لا أرى فخرًا بما فعلته حماس يوم ٧ أكتوبر وأنا أرى ٢.٣ مليون فلسطيني يهجرون وغزة مدمرة، و٥٠ ألف قتيل،  وهناك من يحتفل بنصر وهمي، لدرجة أنني بدأت أظن أن هذا افضل ما حدث للدولة الصهيونية في تاريخها الحديث. بدأت أظن أن جزءًا كبيرًا من  مأساة الشعب الفلسطيني من صنع قياداته  بنفس قدر إجرام إسرائيل.

***

في زيارتي السياسية الأخيرة ضمن وفد من المجتمع المدني غير الحكومي، وجدت أن المناخ في العاصمة الأمريكية معبأ بالتأييد المطلق لإسرائيل والانحياز الذي لا يحترم  نهائيًا حقوقًا للشعب الفلسطيني.

دار في ذهني ما فعله الأوروبيون في سكان أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأستراليا، والقضاء علي شعوب عاشت علي هذه الارض بلا رحمة ولا إحساس بالذنب. 

دار في ذهني استعباد سكان أفريقيا والاستيلاء على ثروات القارة مئات السنين وكأن چينات الشر في قادة الشعوب الاوروبية قد أخفت الرحمة والعدالة وحقوق الإنسان التي يتنادون بها الآن. 

قلت لنفسي، التاريخ يدور علي نفس المنوال ولا يزال ظلم الإنسان لأخيه الإنسان من أجل المصلحة والسلطة والنفوذ والاستيلاء على الثروه هو الغالب والمسيطر، وما فلسطين إلا نموذج  ويتكرر للأسف الشديد. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الشرق الأوسط الحكم الذاتي القضية الفلسطينية الضفة الغربیة وقطاع غزة الدولة الفلسطینیة الوضع النهائی دولة فلسطینیة الحکم الذاتی

إقرأ أيضاً:

غوتيريش يطالب إسرائيل بوقف مخططها لتقسيم الضفة الغربية فورا

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الحكومة الإسرائيلية إلى وقف فوري لمخططها الرامي لتقسيم الضفة الغربية المحتلة إلى قسمين.

 

جاء ذلك في بيان خطي صادر عن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الخميس.

 

وقال غوتيريش في البيان إن إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، انتهاك للقانون الدولي.

 

وأكد أن هذه المستوطنات غير القانونية "ستزيد من ترسيخ الاحتلال وتأجيج التوترات".

 

وأضاف: "إن البناء في المنطقة ’أي 1‘ سيفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، ويقوّض بشكل خطير إمكانية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة".

 

ودعا غوتيريش السلطات الإسرائيلية إلى وقف هذه المخطط فورا.

 

والخميس، أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، التصديق على مخطط استيطاني في المنطقة المسماة "إي 1" من شأنه فصل القدس عن الضفة الغربية.

 

وذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن سموتريتش، الذي يشغل أيضا منصبا بوزارة الدفاع، يشرف على شؤون الاستيطان، أعلن الموافقة على بناء 3401 وحدة استيطانية جديدة قرب مستوطنة معاليه أدوميم، و3515 وحدة في المنطقة المجاورة.

 

ونقلت الصحيفة عن سموتريتش، قوله إن "الخطة تربط معاليه أدوميم بالقدس، وتقطع التواصل العربي بين (مدينتي) رام الله وبيت لحم".

 

واعتبر أن المخطط "يدفن فكرة الدولة الفلسطينية.. بالنسبة للفلسطينيين والمجتمع الدولي تُعدّ هذه المنطقة استراتيجية، ومن دونها لا يمكن قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية".

 

ووفق "يديعوت أحرنوت" فإن موافقة سموترتش، تحيي "مشروع إي 1 المتوقف منذ عقود تحت ضغوط دولية، إذ يعتبر حاجزا استراتيجيا أمام قيام الدولة الفلسطينية، ويعني أن إسرائيل تدفع نحو ضم الضفة الغربية المحتلة".

 

و"إي 1" مخطط استيطاني إسرائيلي يهدف إلى ربط القدس بعدد من المستوطنات الإسرائيلية الواقعة شرقها في الضفة الغربية مثل معاليه أدوميم، وذلك من خلال مصادرة أراض فلسطينية بالمنطقة وإنشاء مستوطنات جديدة، ويمنع أي توسع فلسطيني محتمل.

 

ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل المدينة عام 1967، ولا بضمها إليها في 1980.


مقالات مشابهة

  • غوتيريش يطالب إسرائيل بوقف فوري لمخطط تقسيم الضفة الغربية
  • غوتيريش يطالب إسرائيل بوقف مخططها لتقسيم الضفة الغربية فورا
  • ئيس هيئة دعم الشعب الفلسطيني: الإدانات الدولية غير كافية لردع إسرائيل
  • حركة فتح: إسرائيل تسعى لتوسيع المستوطنات على حساب الشعب الفلسطيني (فيديو)
  • البيت الأبيض: استقرار الضفة الغربية يحافظ على أمن إسرائيل
  • إسرائيل تُعلن عن مشروع لبناء مستوطنات بالضفة الغربية.. وسموتريتش: سيدفن فكرة الدولة الفلسطينية
  • السلطة الفلسطينية تدين مخططًا استيطانيًا جديدًا في الضفة الغربية| تفاصيل
  • السلطة الفلسطينية تدين مخطط الاحتلال لمصادقة استيطانية جديدة في الضفة الغربية
  • المفوضية الأوروبية: ضم إسرائيل أراضي الضفة الغربية غير قانوني ونعارضه
  • سموتريتش : قيام دولة فلسطينية يعرض وجود إسرائيل للخطر