القدس المحتلة- تمضي إسرائيل بخطى متسارعة نحو تكريس الانقسام المجتمعي والاستقطاب السياسي، وسط تصاعد الاحتجاجات المطالبة بإتمام صفقة التبادل وإعادة جميع المحتجزين وإنهاء الحرب على غزة، وتصاعد الدعوات إلى التمرُّد المدني حال أصرَّت الحكومة على إقالة رئيس جهاز "الشاباك"، رونين بار، ومواصلة التعديلات على الجهاز القضائي وتقويض صلاحيات المحكمة العليا.

وفي ظل سياسات الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، تجاه القضايا الداخلية الخلافية، وتعاملها مع ملف المحتجزين، والامتناع عن إتمام صفقة التبادل، جدَّد رئيس الديمقراطيين، اللواء احتياط يائير غولان، دعوته إلى عصيان مدني والتسبب في "شلل الدولة" كجزء من "النضال من أجل صورة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية".

وسعيا لإسقاط حكومة نتنياهو، دعا غولان من فوق منصة الاحتجاجات بتل أبيب، بعض شركائه في المعارضة، رئيس الأركان الأسبق غادي آيزنكوت، وزعيم المعارضة يائير لبيد، وزعيم معسكر الدولة بيني غانتس، لتوحيد قواهم وإقامة "كتلة ديمقراطية ليبرالية".

وتوجَّه إلى المفوض العام للشرطة الإسرائيلية، داني ليفي، وطالبه بعدم استخدام قوة الشرطة ضد الشعب وعدم "الاختباء وراء الأوامر".

إعلان

ذات الطرح، تبناه زعيم المعارضة لبيد خلال مظاهرة ضد ما وصفه بـ"الانقلاب على الديمقراطية"، ووعد، أنه إذا لم تمتثل الحكومة لقرار المحكمة العليا الذي جمَّد مؤقتا إقالة رئيس الشاباك، فسيعمل على إضراب عام في الاقتصاد والترويج لـ"ثورة ضريبية". لكنه أكد معارضته رفض الخدمة العسكرية بالجيش الإسرائيلي، حسب ما نقلت عنه صحيفة "هآرتس".

 

خلافات محورية

ووسط الاحتجاجات الرافضة لسياسة حكومة نتنياهو، تتوافق قراءات وتقديرات المحللين ومراكز الأبحاث على أن إسرائيل لم تعد نظاما ديمقراطيا، وتتجه نحو الاستبداد، وتعيش حالة من الفوضى غير المسبوقة، بفعل فرض الحكومة سلطتها على مفاصل الحكم ومؤسسات القضاء والاستخبارات والشرطة والجيش.

وتقدر القراءات، أن إسرائيل وصلت إلى مستوى "الديمقراطية الانتخابية"، وهو نظام حكم تجري فيه انتخابات من المفترض، أن تكون حرة ونزيهة، ولكن لا يكون هناك أي قيد يذكر على سلطة الحكومة، وكل من يعارض مثل هذه الحكومة يتعرض للقمع.

وأجمعت أن قرارات الحكومة سواء بإقالة رئيس الشاباك، ونزع الشرعية عن المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، ومواصلة الإصلاحات بالجهاز القضائي، والامتناع عن إبرام صفقة التبادل، تشعل الجبهة الداخلية وتعكس الخلافات في القضايا الأكثر محورية لدى الإسرائيليين.

بين المطلوب والمحظور

وتحت عنوان "إسرائيل تقاتل ضد إسرائيل"، استعرض رئيس معهد "سياسة الشعب اليهودي"، يديديا شتيرن، بمقاله في صحيفة "يديعوت أحرونوت" إستراتيجية الحكومة التي وصفها بـ"القنبلة الموقوتة".

ويعتقد شتيرن، أن إصرار حكومة نتنياهو على وضع العديد من القضايا الداخلية الخلافية على الأجندة الوطنية لإسرائيل، وسط حرب متعددة الجبهات يخوضها الجيش الإسرائيلي بالمنطقة، يرهق الجمهور، ويوسِّع دائرة الانقسام ويُعزِّز أزمة الثقة بين المواطن ومؤسسات الحكم.

إعلان

وأكد، أن قرارات الحكومة تشعل بكل قوتها الجبهة الداخلية الثامنة، وهي معركة "إسرائيل ضد إسرائيل"، قائلا إنهم "يدفعوننا جميعا إلى حافة خلاف عميق في القضايا الأكثر محورية في الحياة اليومية، إنها تقطع اللحم الحي أثناء الحرب، عشية التعبئة الواسعة النطاق للاحتياط، وتثير عواقبها قلقا هائلا وإحساسا واضحا بالطوارئ بين غالبية الإسرائيليين، بما فيها أنصار الحكومة".

ويرى شتيرن، أن معضلة إعادة المحتجزين في ظل تجدد الحرب على غزة تثير أسئلة مهمة: وجودية، وأخلاقية، وأمنية. لكن اختيار القتال هو قرار مشروع لحكومة منتخبة، ومن المحظور كسر الأدوات مثل رفض الخدمة العسكرية.

وأضاف "الدمج بين الاحتجاج لإعادة المحتجزين والمظاهرات ضد السياسات الحكومية الداخلية، خلط بين الأمور، ويُقوِّض أسس الديمقراطية والحكم".

ديمقراطية شكلية

من جهته، بدا محل الشؤون القانونية في صحيفة "دي ماركر"، عيدو باوم، أكثر نقدا لسياسات حكومة نتنياهو وحمَّلها مسؤولية الأحداث الجارية، وقال "إسرائيل تتجه نحو الاستبداد وتعيش حالة من الفوضى، وسط السياسات التي تعتمدها الحكومة وتتسبب في تقويض النظام الديمقراطي".

وأوضح باوم، أن الحكومة تتعمد خلط الأوراق عبر الجمع بين مختلف الملفات وسائر الحرب، وصفقة التبادل والمختطفين، والإطاحة بـ"حراس الديمقراطية"، و"الانقلاب" على الجهاز القضائي، بغرض تشتيت ذهن الإسرائيليين والسيطرة السياسية على مختلف مقاليد الحكم والمؤسسات بالدولة.

ويعتقد، أن إسرائيل تسير نحو "الديمقراطية الشكلية"، من خلال نظام حكم يقوده نتنياهو، يتضمن انتخابات ومؤسسات، مثل المحكمة العليا والكنيست، ولكن في الممارسة العملية لم تعد هناك أي حقوق أساسية مثل حرية التعبير، والتنقل، والتظاهر، والمحاكمة العادلة.

ولا ينبغي للإسرائيليين -حسب باوم- الانتظار حتى تصبح إسرائيل "استبدادية كاملة"، وقال "لندرك أننا لا نعيش في دولة ديمقراطية من النوع الذي حلم به بنيامين زئيف هرتزل وديفيد بن غوريون، ولتدارك حالة الفوضى يجب البدء بعصيان مدني".

إعلان عصيان

من جانبه، استعرض رئيس الكنيست السابق، إبراهام بروغ، القضايا الداخلية الإسرائيلية الحارقة، وكذلك حالة القتال والتوتر المتصاعد الذي تواجهه إسرائيل بالشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي يضع الإسرائيلي في حالة إرباك وهواجس.

وقال بورغ في مقاله بالموقع الإلكتروني "والا"، بعنوان "لقد انتهكت الدولة جانبها من الاتفاق معنا.. حان الوقت للعصيان"، إن "نتنياهو من خلال الحرب يعمد تكريس الخلافات بين فتح وحماس، ويخوض حربا متعددة الجبهات بسوريا ولبنان واليمن بدعم أميركي، ويشعل الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وهذا مؤشر على فقدان السيطرة واشتعال شجار جماعي".

ويضيف بروغ "أصبح الاتفاق المدني من جانب واحد تماما، الإسرائيليون مطالبون بإعطاء كل شيء، كما لو كانت هذه أياما عادية، والدولة، عبر حكومة نتنياهو، ليست ملزمة بأي شيء، هكذا الحال مع الطغاة، يأخذون بسخاء، لكنهم بخيلون في العطاء".

وخلص إلى أن "إسرائيل لا تزال دولة، ولكنها لم تعد ديمقراطية، وبما أن الاحتجاج دوافعه مختلفة، فلا جدوى من محاولة جمع الكل على أجندة واحدة".

ولكن -يواصل بروغ- "يمكن توجيههم جميعا نحو فعل واحد، هو العصيان المدني ورفض الخدمة العسكرية، لأسباب ضميرية والتخلي عن المحتجزين والعودة للحرب لدوافع سياسية وشخصية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان حکومة نتنیاهو

إقرأ أيضاً:

الحكومة الإسرائيلية: الإفراج عن المحتجزين في غزة سيتم فجر الإثنين

أفادت قناة "القاهرة الإخبارية" في نبأ عاجل عن "الحكومة الإسرائيلية" أن الإفراج عن المحتجزين في غزة سيتم فجر الإثنين.

أوجه الاتفاق والاختلاف.. مقارنة بين خطة ترامب ومبادرة مصر لإعمار غزةمصر تقود العالم نحو السلامٍ في غزة | أستاذ قانون دولي: خطوة تأسيسية نحو مسار سياسي عادل

وقال اللواء إبراهيم عثمان هلال، الخبير الاستراتيجي، إن اتفاق وقف إطلاق النار نقطة تحول إيجابية في موقف الحرب على غزة والعدوان الإسرائيلي عليها.

وأضاف عثمان هلال، في مداخلة هاتفية، على قناة "القاهرة الإخبارية"، أننا أمام حكومة يمينية متطرفة لا توجد ضمانات عليها إلا القيادة الأمريكية وإصرارها على تنفيذ هذا الاتفاق ، والضغوط على هذه الحكومة من أجل التنفيذ.

وأشار إلى أن التاريخ يقول بأن هذه الحكومة وما قبلها لم تلتزم بأي اتفاق، فالضمانات على هذا الاتفاق هي الجهود الأمريكية والموقف العربي الموحد وعودة السلطة الفلسطينية للسيطرة على الضفة.

وأوضح أن القيادة الإسرائيلية إعطاء وهم أنهم انتصروا فهم يتحدثون دائما عن التدمير والقتل والمجازر وإنهاء حماس ونجاحهم في القضاء عليها رغم أنهم لم ينجحوا في تحقيق أي هدف عسكري أو استراتيجي.

وتابع: الحكومة تحاول ترويج فكرة الانتصار من الجانب الإسرائيلي، منوها أننا سنقابل صعوبات كثيرة في المرحلة التالية من الاتفاق.

طباعة شارك الأسرى الإفراج عن الأسرى إسرائيل وقف إطلاق النار وقف الحرب اتفاقية

مقالات مشابهة

  • ترامب يدعو رئيس إسرائيل إلى "العفو" عن نتنياهو
  • عاجل.. ترامب يطلب من رئيس إسرائيل منح نتنياهو عفوا في قضية الفساد
  • عاجل.. نتنياهو: انتهاء الحرب على غزة بعد تسلم جميع المحتجزين لدى حماس
  • رئيس إسرائيل يقرر منح ترامب أعلى وسام مدني لجهوده بإعادة الأسرى
  • إسرائيل: تكافئ ترامب بأعلى وسام مدني
  • إسرائيل تكافئ ترامب بأعلى "وسام مدني"
  • الحكومة الإسرائيلية تكشف موعد الإفراج عن المحتجزين في غزة
  • الحكومة الإسرائيلية: الإفراج عن المحتجزين في غزة سيتم فجر الإثنين
  • الحكومة الإسرائيلية تؤكد بدء إطلاق المحتجزين صباح الاثنين
  • الحكومة الإسرائيلية: إطلاق سراح المحتجزين سيبدأ صباح الاثنين