نحن نشهد الآن عصر اضمحلال الإمبراطورية الأمريكية، التي لم تكن بدعاً مما سبقها من إمبراطوريات مهيمنة في التاريخ البشري؛ نشأت ووصلت القمة مثلها، ثم تدهورت حتى تلاشت أو ضعفت بشكل كبير. لم يبدأ هذا العصر بفترة ترامب الرئاسية الثانية، ولكنها أتاحت للناس فرصة متابعة تحلل الإمبراطورية والأرضة تأكل عصاتها. قد لا يدرك المرء أنه يعيش حدثاً تاريخياً كهذا، ولا حجمه وأبعاده، لكن الاختلاف الكبير مع اندثار الإمبراطوريات السابقة أن الانهيار هذه المرة مذاع على الهواء مباشرة، بسبب الإعلام والتكنولوجيا، لكل الناس؛ داخل أمريكا وخارجها، متأثرين مباشرةً بأفعال أمريكا أو أقل تأثراً، قراء تاريخ عرفوا علامات الانهيار أو مصدقي نهاية التاريخ بانتصار أبدي لأمريكا ونموذجها أو غير مدركين أو مهتمين بتاتاً.



كشف ترامب للعالم خواء المؤسسات الأمريكية، وهشاشة الأفراد والطبقات صاحبة القوة والنفوذ فيها. ووضح ابتداءً من كل ما يتعلق به شخصياً، مروراً بمواقفه وأقواله وتصرفاته وتعييناته، وحتى خضوع من حوله من النخب له وانخداع الجماهير به، أن أمريكا لا تختلف كثيراً عن أي بلد "عالم ثالثي" يحكمه دكتاتور مهووس فاسد يمكن أن يغير شكله تماماً، والشواهد على ذلك كثيرة.

في المقابل فإن الصين تمضي بخطىً واثقة نحو إزاحة أمريكا عن مواقع الهيمنة في الكثير من المجالات، وعلى رأسها التكنولوجيا. فمثلاً، أعلن باحثون صينيون في جامعة العلوم والتكنولوجيا قبل أسابيع عن معالج كمي (quantum processor) أسرع بمقدار كوادريليون (واحد و 15 صفراً، أو ما يساوي مليون مليار، أو ألف تريليون) مرة من أقوى الحواسيب العملاقة (supercomputers) الحالية.

وهذا المعالج (Zuchongzhi-3) أسرع بحوالي مليون مرة من أحدث المعالجات الكمومية الأمريكية (الذي أعلنت عنه شركة جوجل الأمريكية في ديسمبر الماضي "Willow"). وهذا التقدم لا يوسع فقط الفجوة بين الحوسبة التقليدية والكمومية، بل يمهد لعصر جديد تلعب فيه المعالجات الكمومية دوراً رئيسياً في حل التحديات المعقدة في العالم الحقيقي، مثل محاكاة النظم وتحليل البيانات وتطوير بطاريات أكثر كفاءة في استخدام الطاقة.

لتقريب الصورة، فإن المعالج الصيني الجديد يستطيع إنجاز مهام حسابية بسرعة تفوق أحدث نتائج جوجل المنشورة في أكتوبر 2024 بستة أضعاف. وقد برهن العلماء الصينيون أن المعالج أنجز عملية حسابية معقدة في عدة ثوانٍ، بينما يحتاج أسرع كمبيوتر عملاق حالياً (Frontier) حوالي 6 مليارات سنة لإجرائها.

و الحواسيب العملاقة هي أجهزة كمبيوتر عملاقة ذات قدرة معالجة هائلة، تُستخدم لحل المشكلات المعقدة التي تتطلب سرعات فائقة، مثل التنبؤ بالطقس وأبحاث الفضاء ومحاكاة الأدوية والفيروسات وتحليل البيانات الضخمة ومحاكاة التفجيرات النووية. وتعتمد على آلاف المعالجات التي تعمل معاً لتحقيق أداء غير مسبوق، لكنها تستهلك طاقة كبيرة جداً.

بينما الحوسبة الكمومية هي تكنولوجيا جديدة وثورية تعتمد على مبادئ فيزياء الكم لمعالجة البيانات. فبدلاً من استخدام "بتات" عادية (0 أو 1) كما في الحواسيب التقليدية، تستخدم الحواسيب الكمومية "بتات كمومية أو كيوبتات" (Qubits) يمكن أن تكون 0 و1 في نفس الوقت. وهذا يجعلها قادرة على حل مشكلات معقدة أسرع بكثير من الحواسيب التقليدية، خاصة في مجالات مثل التشفير والذكاء الاصطناعي وتطوير الأدوية وفهم المواد والفيزياء المتقدمة، لكنها ما زالت في مراحل التطوير المبكرة.

[email protected]

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: صلاح القلب مفتاح صلاح العمل وحسن العلاقة مع الله

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه إذا حَسُن حالُك مع الله وصَحَّ، حَسُن عملُك. 

وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ، أن السلوك الذي يسلكه المؤمن مرتبطٌ بما في القلوب، ولذلك أخبر ﷺ الصحابة، رضوان الله عليهم، بسر سبق أبي بكر، رضي الله عنه، لهم، فقال: «ما سبقكم أبو بكر بكثرةِ صيامٍ ولا صلاةٍ، ولكن بشيءٍ وَقَر في قلبه».
وهذا الذي وَقَر في قلبِ أبي بكرٍ هو قلبٌ ضارعٌ متعلِّقٌ بالله تعالى.

ما هي صيغة دعاء سجود السهو؟.. كلمات ثابتة عن النبي لا تغفل عنهاهل يجوز تعليق الدعاء على المشيئة؟.. الأزهر يحذر من خطأ نهى عنه النبي

وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: "بينما نحن جلوس عند رسول الله ﷺ قال: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته ماء من وضوئه، معلق نعليه في يده الشمال. فلما كان من الغد، قال رسول الله ﷺ: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، فطلع ذلك الرجل على مثل مرتبته الأولى. فلما كان من الغد، قال رسول الله ﷺ: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، فطلع ذلك الرجل على مثل مرتبته الأولى.
فلما قام رسول الله ﷺ، اتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاث ليال، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تحل يميني فعلت. فقال: نعم. قال أنس: فكان عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه بات معه ليلة أو ثلاث ليال، فلم يره يقوم من الليل بشيء، غير أنه إذا انقلب على فراشه ذكر الله وكبّر حتى يقوم لصلاة الفجر، فيسبغ الوضوء. قال عبد الله: غير أني لا أسمعه يقول إلا خيرًا.

فلما مضت الثلاث ليال، كدت أحتقر عمله. قلت: يا عبد الله، إنه لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة، ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقول لك ثلاث مرات في ثلاث مجالس: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، فطلعت أنت تلك الثلاث مرات. فأردت أن آوي إليك فأنظر عملك، فلم أرك تعمل كبير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله ﷺ؟ قال: ما هو إلا ما رأيت. فانصرفت عنه. فلما وليت، دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي غلًا لأحد من المسلمين، ولا أحسده على خير أعطاه الله إياه."

فعندما تَحْسُن حالُك مع الله يُحسِّن اللهُ عملَك. اللهم اجعلنا من المحسنين ظاهرًا وباطنًا.

طباعة شارك كيف احسن حالي مع الله التقرب إلى الله اللجوء لله

مقالات مشابهة

  • “دي بي ورلد” تطلق خدمة جديدة للنقل البحري بين ميناء راشد وميناء أم قصر في العراق
  • الخارجية الأمريكية: قرار الأمم المتحدة بشأن غزة “غير جاد ومنحاز ضد إسرائيل”
  • الإعدام الأربعاء والبوفيه جاهز.. طلب صادم لسجين أمريكي قبل موته
  • علي جمعة: صلاح القلب مفتاح صلاح العمل وحسن العلاقة مع الله
  • تحذير عالمي: حرارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ترتفع أسرع من أي مكان آخر على الأرض!
  • “الجبهة الشعبية” تدين القرصنة الأمريكية لناقلة النفط الفنزويلية
  • الركراكي في وضع لا يُحسد عليه.. لاعبون مصابون و أندية أوربية “تحتجز” نجوم الصف الأول
  • عطاف: الحركية التي تطبع العلاقات “الجزائرية-التونسية” تقوم على ثلاثة أبعاد أساسية
  • فنزويلا تتهم أمريكا بارتكاب “سرقة سافرة” بعد احتجاز ناقلة نفط في البحر الكاريبي
  • حل لغز القراءات الغريبة التي سجلتها مركبة “فوياجر 2” لأورانوس عام 1986