«الشبلي» يتحدّث لـ«عين ليبيا» عن إجراءات المصرف المركزي ومشاكل الاقتصاد
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
لا تزال قرارات مصرف ليبيا المركزي الأخيرة تتصدر العناوين، حيث أثارت مخاوف وهلع الليبيين، من تأثيراتها المحتملة على القدرة الشرائية، وبالتالي تدهور الوضع الاقتصادي والعجز المالي، ورغم وصف المركزي الخطوة بأنها “اضطرارية في ظل غياب آمال أو آفاق لتوحيد الإنفاق المزدوج بين الحكومتين”، لكنّها خلّفت غضبا شعبياً واسعاً، وصل إلى حدّ الخروج في احتجاجات، فما رأي خبراء الاقتصاد والساسة بهذه الإجراءات؟
وحول ذلك، تحدّث فتحي الشبلي، رئيس “حزب صوت الشعب”، لشبكة “عين ليبيا”، قائلا “إن إجراءات مصرف ليبيا المركزي، تهدف إلى تقريب سعر الصرف الرسمي من السوق الموازي لخفض الفجوة، مما قد يقلل المضاربات ويرفع قيمة الاحتياطيات بالعملة الصعبة”.
وأكّد الشبلي أن “إعادة النظر في سعر الصرف، خطوة ضرورية لمواكبة الواقع الاقتصادي، لكن نجاحها يعتمد على ضبط الإنفاق الحكومي المزدوج ومكافحة الفساد”.
وحول تأثير تخفيض سعر الدينار، قال الشبلي لشبكة “عين ليبيا”: “قد يخفف الضغط على الاحتياطيات ويحد من السوق السوداء إذا صاحبه إصلاحات هيكلية، لكنه لن يحل الأزمة دون توحيد المؤسسات والسياسات”.
وتوقع الشبلي “انخفاض سعر الدولار إلى 6.50/6.60، وذلك نتيجة تقليل الفارق بين السعرين الرسمي والموازي، ما يقلل الطلب على السوق السوداء ويزيد الثقة بالعملة المحلية”.
وأكد الشبلي أن “غياب التوحيد بين الحكومتين يُعقد تحقيق الاستقرار والتوازن الاقتصادي”، لافتا إلى أن “الإنفاق المزدوج والمتضارب يؤدّي إلى تضخم واختلالات في السياسات النقدية والمالية”.
وقال الشبلي: “هذه القرارات قد تساهم بتحقيق الاستدامة المالية واستقرار الأسعار وتحافظ على احتياطيات النقد الأجنبي، إذا أُديرت الإصلاحات بشفافية، لكنها تحتاج دعمًا سياسيًا لتوحيد الميزانيات وضبط الإنفاق العام”.
ولفت الشبلي، إلى أن “ضبط السوق السوداء”، يتطلب: توحيد سعر الصرف، ورفع الدعم عن المواد غير الأساسية، وتعزيز الرقابة على التحويلات، وإصلاح سياسات الاستيراد”.
وأردف الشبلي: “المشكلات الحقيقية في البلاد اليوم والتي تؤدي لهذه الأزمات باستمرار، هي الانقسام السياسي وازدواجية المؤسسات، والاعتماد شبه الكلي على عائدات النفط، والفساد وهدر المال العام، وضعف البنية التشريعية والرقابية”.
وأكد الشبلي، أن “بيانات حكومة الوحدة الوطنية حول الإنفاق الموازي، غير كافية دون إجراءات ملموسة لتوحيد الميزانية ووقف الإنفاق العشوائي الذي يُضعف العملة”.
ورأى أن أهم الخطوات لحل مشكلات الاقتصاد، “توحيد المؤسسات والسياسات النقدية والمالية، تنويع الاقتصاد ودعم القطاعات غير النفطية، إصلاح نظام الدعم وترشيد الإنفاق، تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، دعم دولي لإعادة الإعمار والاستقرار”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الشبلي المركزي بيع النقد الأجنبي سعر صرف الدولار فتحي الشبلي مصرف ليبيا المركزي
إقرأ أيضاً:
قرار التعمين الجديد.. حل سريع أم أزمة تحاصر الشركات الناشئة
اعتمدت وزارة العمل مؤخرًا حزمة من الضوابط والحوافز لتطبيق قرار تعيين مواطن واحد على الأقل في المؤسسات والشركات التي أكملت عامًا من تاريخ تأسيسها، استنادًا إلى ما أظهرته البيانات من تفاوت كبير في نسب التعمين بين المؤسسات، حيث إن عددًا محدودًا من الشركات يوظف النسبة الأكبر من المواطنين، في حين أن آلاف المؤسسات الأخرى لا توظف أي عماني رغم استفادتها من بيئة العمل في سلطنة عُمان.
وقد أثار القرار حفيظة عدد من رواد الأعمال من حيث الآلية المفاجئة للتطبيق، معتبرين أنه رغم أهميته، جاء بعيدًا عن واقع السوق وإمكانيات الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وقالوا لـ«$» إن القرار، بصيغته الحالية، يمثل عبئًا إضافيًا يهدد استمرارية مشاريعهم ويعيق نموها.
فيما أبدى رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة ظفار وعدد من رؤساء اللجان بالغرفة دعمهم المبدئي للقرار، وناشدوا في الوقت ذاته الجهات المختصة بمراجعة آلية التطبيق بعناية وتدرج، وبما يراعي الواقع الاقتصادي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وعبّر نايف بن حامد فاضل، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة ظفار عن دعمه الكامل لقرار تعمين الوظائف في مختلف القطاعات، معتبرًا إياه خطوة ضرورية تسهم في خفض نسبة الباحثين عن عمل، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تواجه صعوبات في تطبيق هذا القرار، خاصة في المهن الفنية التي تتطلب خبرات ومهارات متخصصة، لا تتوفر حاليًا لدى نسبة كبيرة من الشباب العماني، وتعتمد بشكل كبير على الأيدي العاملة الوافدة ذات الكلفة الأقل والمهارات الأعلى في بعض التخصصات.
التدرج في التطبيق
وأوضح أن تحقيق أهداف التعمين لا يكون بقرارات آنية، بل يحتاج إلى تخطيط مرحلي ومدروس، مطالبًا ببدء التطبيق في الشركات الكبيرة التي تملك القدرة على استيعاب الأعداد الأكبر من الباحثين عن عمل، ومراعاة الإمكانات المحدودة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، داعيًا إلى أن تكون أولوية التعمين مرتبطة بقدرة كل فئة من فئات السوق، مع التفرقة بين الشركات الكبيرة والصغيرة، لضمان تطبيق عادل وفعّال للقرار يضمن تحقيق الأهداف دون الإضرار بالمؤسسات الناشئة أو الصغيرة.
وقال سعيد بن حسن تبوك، رئيس اللجنة الاقتصادية بغرفة ظفار: إن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تُعد من أبرز الفئات التي تحتاج إلى دعم ومساندة خلال مراحلها الأولى، مشيرًا إلى أن هذه المؤسسات يقف خلفها شباب عماني طموح، اختار أن يخلق فرص عمل لنفسه بدلًا من انتظار التوظيف، مما يجعل دعمهم واجبًا وطنيًا لا خيارًا.
وأبدى سعيد تبوك تأييده لمبدأ التعمين وتوظيف العمانيين في القطاع الخاص، لكنه أشار إلى أن القرار يجب أن يكون مقرونًا بتوضيح موقف المؤسسات الصغيرة واحتياجاتها، حتى لا تتحول القرارات -مهما كانت نواياها طيبة- إلى عقبات قد تُربك السوق أو تُضعف نمو هذه المشاريع الناشئة.
وأوضح أن القرار يجب أن يُطبق بشكل متدرج، بمعنى أن تبدأ المسؤولية من الشركات الكبرى القادرة ماليًا على التوظيف، ثم تأتي لاحقًا المؤسسات الصغيرة بعد أن تصبح قادرة على استيعاب الكفاءات العمانية، مشيرًا إلى أن قرارات التوظيف يجب أن تكون مقرونة بدراسة الواقع الاقتصادي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
نتائج سلبية
ويرى عبدالله بن أحمد الشيخ، رئيس لجنة التجارة بغرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة ظفار، أن تطبيق قرار التعمين على جميع المؤسسات دون مراعاة لاختلاف قدراتها المالية، قد يُشكل إرباكًا للسوق ويقود إلى نتائج عكسية، أبرزها إغلاق عدد كبير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، مؤكدًا أن الجميع يتفق على أهمية التعمين، وأنه مطلب وطني يتماشى مع «رؤية عُمان 2040»، لكن مع ضرورة عدم التسرع في التطبيق، لأن ذلك قد يُولّد ردة فعل سلبية داخل السوق، خصوصًا في قطاع يعتمد على هامش ربحي محدود ولا يتحمل التكاليف التشغيلية المرتفعة.
واختتم حديثه بالتأكيد على أهمية اتباع منهجية استراتيجية في تطبيق القرار، تراعي الواقع الاقتصادي للمؤسسات وتُقلل الأضرار وتزيد الفوائد، بما يضمن تحقيق الهدف النهائي المتمثل في سوق عمل وطني مشبع بالكفاءات العمانية في مختلف مفاصله.
ويشاركه الرأي سعيد بن سالم قطن، رئيس لجنة الصناعة بغرفة تجارة وصناعة عُمان، أن تطبيق القرار بشكل شامل دون تمييز بين قدرات المؤسسات قد يُفضي إلى نتائج سلبية، أبرزها إغلاق العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تكافح من أجل البقاء والاستمرارية في السوق، داعيًا إلى عقد جلسات حوار موسعة تضم الجهات الحكومية، والقطاع الخاص، وغرفة تجارة وصناعة عُمان، باعتبارها الحاضن الرئيسي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، للوصول إلى حلول متوازنة تضمن تحقيق أهداف التعمين.
واقترح قطن أن يكون التطبيق الأولي للقرار محصورًا في الشركات الكبرى مثل البنوك، وشركات التأمين، والمؤسسات الاستثمارية المستقرة ماليًا، التي ما زالت تعتمد على نسب مرتفعة من الأيدي العاملة الوافدة، ويمكن إحلالها تدريجيًا بكوادر عمانية مؤهلة دون التأثير على توازن السوق.
من ناحيته، قال علي بن محاد هبيس، رئيس لجنة سوق العمل بغرفة ظفار: إن آلية تطبيق القرار تفتقر إلى التدرج والمرونة، حيث إن السوق ما زال يتعافى من أزمات سابقة مثل جائحة كورونا، ولا يحتمل ضغوطًا إضافية قد تدفع بعض أصحاب المؤسسات الصغيرة إلى الإغلاق أو الانسحاب من السوق، مما يُحولهم من عناصر فاعلة إلى باحثين عن عمل من جديد.
وأضاف: الضغط على المؤسسات الصغيرة دون مراعاة قدرتها المالية قد يؤدي إلى تضاعف أزمة الباحثين عن عمل، حيث تُجبر الشركات على توظيف أشخاص دون دور فعلي، أو اللجوء للتحايل لتجاوز القانون، وهو سيناريو خطير يجب تفاديه.
من جانبه، قال ياسر بن علي المرهون: إن السوق يعاني منذ بدء الحديث عن قرار التعمين من حالة ارتباك واضحة، خاصة لدى أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يعانون أصلًا من تحديات تنافسية كبيرة أمام الأيدي العاملة الوافدة.
ودعا إلى تطبيق نسب التعمين بشكل تدريجي ومراعاة طبيعة السوق، مع توفير برامج تدريبية تتماشى مع احتياجاته الفعلية، لتجنب تكرار سيناريوهات سلبية قد تقود إلى تفكك هذا القطاع الحيوي.
رواد الأعمال
قال رائد الأعمال عبدالرحمن الشماخي: إن القرار يُعد عقبة في طريق أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، معتبرًا أن تجاهل آراء رواد الأعمال قبل اتخاذ قرار بهذا الحجم، كان سهوًا كبيرًا، واستطرد بقوله: من السهل جدًا قبل إصدار مثل هذا القرار، إرسال استبيان لأخذ رأي رواد الأعمال، لكن للأسف لم يُؤخذ برأينا، وكأننا لسنا جزءًا من هذه المنظومة.
وأضاف: القرار لا يخدم رواد الأعمال، بل يُخرجهم تدريجيًا من السوق، لأنهم ببساطة لا يملكون القدرة على تحمّل التكاليف الإضافية المرتبطة بتوظيف الأيدي العاملة الوطنية في ظل أعمال محدودة الحجم والدخل.
وأكد أنه تلقى إشعارًا رسميًا يُلزمه بتعيين عماني خلال شهر واحد فقط، معلقًا على ذلك بالقول: بدل أن أتحمل هذا العبء، سأغلق المنشأة، وأقلص مشاريعي، وأكتفي بفرع واحد فقط... ليس لأنني لا أؤمن بالتعمين، بل لأن القرار لا يتناسب مع حجم عملي.
ودعا الشماخي إلى إعادة النظر في القرار قبل أن يؤدي إلى موجة انسحابات جماعية من السوق، ويُحبط آلاف الشباب الذين بدأوا مشاريعهم بشغف، لكنهم وجدوا أنفسهم فجأة أمام قرارات أكبر من طاقتهم.
وفي السياق ذاته، أكدت رائدة الأعمال ميثاء بنت علي الحارثية دعمها لقرارات الجهات الحكومية، مشيرة إلى أن هذه القرارات تعكس رؤية مستقبلية طموحة لتطوير المؤسسات، رغم ما قد يبدو من صعوبة تنفيذها أو تبعاتها، وقالت الحارثية: «لسنا مع أو ضد القرار في الوقت الحالي، وسننتظر لنتلمس أثره الفعلي على أرض الواقع».
وفيما يتعلق بالتحديات، أوضحت أن القرار سيؤدي إلى فجوة في الرواتب، إذ سترتفع أجور العمانيين مقارنة بالوافدين، مما يزيد من التكاليف التشغيلية، مضيفة: إن قلة الخبرات لدى بعض المواطنين تتطلب جهودًا إضافية في التدريب والتأهيل، خلافًا للوافد الذي يتم اختياره بناء على خبراته المسبقة، كما رأت أن المدة المحددة لتطبيق القرار قصيرة نسبيًا ولا تتيح وقتًا كافيًا لاستيعابه في سوق العمل.
يرى رائد الأعمال محمد بن سعيد الغيثي أن القرار لا يتناسب مع طبيعة هذه الفئة من الشركات التي لا تزال في مرحلة التأسيس والبناء، قائلًا: «من المسمى نعرف التحدي... شركات صغيرة ومتوسطة، أي أنها ما زالت لم تتجاوز مرحلة النشوء، وقرار مثل هذا يشكل عبئًا كبيرًا عليها، لأن أرباحها محدودة، ومجالاتها ضيقة، وأعمالها متذبذبة بطبيعتها».
وأكد أن تطبيق القرار بهذه الصورة قد يؤدي لإغلاق عدد كبير من هذه المؤسسات، التي لن تستطيع تحمّل الزيادة في التكاليف التشغيلية الناتجة عن تعيين موظفين جدد بأجور أعلى.
وأضاف: «هذا القرار لا يدعم رواد الأعمال، بل قد يعيدهم إلى نقطة الصفر. بدل أن يكونوا من يقدمون فرص العمل، قد نجدهم يعودون باحثين عن وظيفة بسبب إغلاق أعمالهم».
ولفت إلى أن تطبيق القرار قد يؤدي لاحقًا إلى ارتفاع في أعداد الموظفين المسرحين، لأن المؤسسات ستقوم بتوظيف عمانيين مضطرة، ثم تبدأ بتقليصهم لاحقًا عند أول هزة في السوق.
من جهتها، قالت خديجة العويسية: إن القرار يشكل عبئًا إضافيًا على مصاريف وتكاليف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ذات رؤوس الأموال البسيطة، وقد لا تمر فترة بسيطة إلا وتتكبد هذه الشركات ضربات موجعة، مشيرة إلى أن بعض المهن في المؤسسات الصغيرة تحتاج إلى مهارات معينة لا تتوفر في بعض العمانيين، إضافة إلى أن القرار لم يُراعِ الوضع الاجتماعي للمواطنين، حيث إن بعض المهن تطلب تقليص الإجازات ليوم واحد والعمل بعدد ساعات طويلة.