البلاد – الخرطوم
في تصعيد خطير للنزاع في إقليم دارفور، كثّفت قوات الدعم السريع هجماتها على مدينة الفاشر، آخر معقل رئيسي للجيش السوداني وحلفائه في الإقليم، في محاولة لإحداث تقدم عسكري يُمكّنها من فرض شروطها على طاولة التفاوض، أو الدفع نحو سيناريو الانفصال وفرض أمر واقع جديد من داخل الإقليم.
وأكدت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر، أمس (الأحد)، ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 320 قتيلًا وجريحًا، إثر تجدّد الهجمات على مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين.

وأشارت إلى أن خمسة من المصابين يموتون على رأس كل ساعة بسبب انعدام الرعاية الطبية، بعد تصفية جميع أفراد الكادر الطبي المتطوع.
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عبّر عن صدمته إزاء التقارير عن مقتل نحو 100 مدني و9 من موظفي الإغاثة الدولية في هجمات نُسبت لقوات الدعم السريع على مخيمات النازحين غربي السودان.
وفي سياق متصل، قالت التنسيقية إن الدعم السريع ارتكب “مجزرة عرقية” بعد سيطرته على مدينة أم كدادة، حيث صفّى 56 مدنيًا، وارتكب انتهاكات واسعة بحق السكان، وأجبر الأهالي على النزوح القسري، مع تعطيل كامل لشبكات الاتصال.
من جهته، كشف بابكر حمدين، وزير الصحة في إقليم دارفور، أن قوات الدعم السريع أحرقت 64 قرية بالكامل حول الفاشر، واستهدفت الكوادر الطبية، وأخرجت معظم المستشفيات من الخدمة، مشيرًا إلى أن المدينة تشهد حصارًا خانقًا منذ نحو عام، وسط ظروف إنسانية “بالغة البؤس”.
ووصف حمدين ما يجري بـ “الإبادة المنسية”، مؤكدًا شبه انعدام الغذاء والدواء، ونزوحًا واسع النطاق من معسكر زمزم إلى داخل مدينة الفاشر، التي باتت بدورها عاجزة عن استيعاب الأعداد الهاربة.
وطالب حاكم دارفور، مني أركو مناوي، المجتمع الدولي بتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية، قائلًا إن “الأدلة كافية ولا تحتمل الشك”.
ويقول مراقبون إن تصعيد ميليشيا الدعم السريع في الفاشر يهدف إلى كسر صمود الجيش وتحقيق مكاسب ميدانية سريعة قبل أي تسوية محتملة، أو الانتقال نحو الخطة البديلة، وهي فرض السيطرة الكاملة على دارفور وإعلان حكومة موازية من داخلها.
وفي ظل تعاظم المعاناة الإنسانية واتساع رقعة الجرائم، تزداد الضغوط على المجتمع الدولي للتحرك، غير أن الفاشر لا تزال تنزف بصمت وسط تواطؤ الصمت العالمي.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

السودان بين سيطرة الجيش وتصعيد الدعم السريع.. قصف إغاثي وحصار مستمر

شهدت ولاية جنوب كردفان، اليوم الأحد، تطورات عسكرية بارزة، بعدما أعلن الجيش السوداني بسط سيطرته على منطقة أم دحيليب، في خطوة وصفها بأنها تعزز موقعه الاستراتيجي في الولاية، وجاء هذا التقدم عقب تراجع قوات الدعم السريع بعد تدخل قوي من جهاز المخابرات العامة السوداني لدعم الجيش، وسط تصاعد المواجهات بين الطرفين.

وفي تطور ميداني آخر، شنّت قوات الدعم السريع هجمات جوية باستخدام الطائرات المسيرة استهدفت مدينة الرهد أبودكنه، ما يعكس تصاعد وتيرة الصراع وتنوع أساليب القتال في المناطق الساخنة.

وعلى جبهة أخرى في ولاية شمال دارفور، أكد قائد حركة جيش تحرير السودان، جمعة حقّار، أن الجيش السوداني وقواته المساندة باتوا قريبين من فك الحصار المفروض على مدينة الفاشر، الأمر الذي قد يفتح بابًا لتخفيف معاناة آلاف المدنيين المحاصرين.

لكن رغم هذه التحركات الميدانية، حذر رئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، من أن تحرير العاصمة الخرطوم لن يعني نهاية الحرب، مشيرًا إلى استمرار الدعم المالي واللوجستي لقوات الدعم السريع التي تواصل استجلاب المرتزقة وتكديس السلاح، مما يبقي الأزمة قائمة ومفتوحة على احتمالات متصاعدة.

وفي جانب إنساني مأسوي، كشفت وزارة الخارجية السودانية عن قيام قوات الدعم السريع بـ”نهب المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة” في منطقة الكومة بولاية شمال دارفور، بعد أن تعرضت لقصف وحريق. وتبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات بقصف قافلة إغاثة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي كانت في طريقها إلى مدينة الفاشر، مما أدى إلى مقتل خمسة من عمال الإغاثة على الأقل، وسط دعوات دولية للتحقيق في الحادثة ومحاسبة المسؤولين.

وتعود جذور هذا الصراع الذي اشتعل في 15 أبريل 2023 إلى خلافات عميقة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والصراع الذي امتد عبر عدة مناطق في السودان، تسبب في أزمة إنسانية حادة، تفاقمت مع تعطل الخدمات الصحية وتزايد أعداد النازحين داخليًا وخارجيًا، وحاولت عدة جهات عربية وأفريقية ودولية دفع الأطراف السودانية إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن المحاولات لم تثمر حتى الآن عن حل دائم، وسط استمرار العنف وتدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية.

مقالات مشابهة

  • غرفة طوارئ معسكر أبو شوك بمدينة الفاشر: ظروف إنسانية صعبة وتحديات أمنية جراء القصف المدفعي المستمر من قبل الدعم السريع
  • د. حسن محمد صالح: من حول الدعم السريع الي المشروع الغربي العلماني؟
  • طريق واحد وجدران من الخوف.. الحصار يضاعف أزمة الفاشر
  • استغاثة عاجلة من الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمحافظة مأرب
  • حرب المسيّرات تغيّر قواعد اللعبة في السودان… «الدعم السريع» يوسّع سيطرته من الجو
  • صحافة عالمية: أزمة إنسانية متفاقمة في غزة وسط تصعيد عسكري إسرائيلي
  • تصعيد عسكري إسرائيلي شمال غزة.. قصف مكثف وأنباء عن توغل بري
  • تصاعد المعارك بين الجيش و الدعم السريع في دارفور وكردفان
  • السودان بين سيطرة الجيش وتصعيد الدعم السريع.. قصف إغاثي وحصار مستمر
  • تصعيد عسكري بين تايلاند وكمبوديا بعد سقوط قتيل في اشتباك