بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

أعلنت وزيرة المالية في العراق مؤخراً موافقتها على صرف مبلغ ٩٠٠ مليار دينار عراقي لتمويل العملية الانتخابية المقبلة، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً بين الأوساط السياسية والشعبية على حد سواء. وبينما ترى الجهات الرسمية أن تأمين هذا التمويل ضرورة لضمان سير الانتخابات بسلاسة وشفافية، تبرز تساؤلات حقيقية عن جدوى هذا الإنفاق الهائل، خصوصاً في ظل الأزمات المتراكمة التي يواجهها البلد، والتي كان من الممكن معالجة جزء منها لو تم توجيه هذه الأموال نحو مشاريع البناء والتطوير.

من الناحية الرسمية، تبرر الحكومة هذا الصرف باعتباره استحقاقاً وطنياً لا يمكن تأجيله أو التقليل من أهميته، باعتبار أن الانتخابات هي الركيزة الأساسية لأي نظام ديمقراطي يسعى إلى تجديد شرعيته الشعبية عبر صناديق الاقتراع. تأمين التمويل في الوقت المناسب يُعد رسالة على التزام الدولة بإجراء انتخابات نزيهة تحظى بالثقة المحلية والدولية. كما أن التحضيرات اللوجستية والأمنية، فضلاً عن ضمان مشاركة الناخبين في مختلف أنحاء البلاد، تتطلب ميزانية ضخمة لتغطية احتياجات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لكن وعلى الجانب الآخر من الصورة، لا يمكن تجاهل الشعور العام بأن هذا المبلغ الهائل كان من الممكن أن يُحدث أثراً ملموساً في حياة المواطنين لو وُجّه إلى مجالات أخرى أكثر إلحاحاً. فعلى سبيل المثال، لو تم توزيع هذا المبلغ البالغ ٩٠٠ مليار دينار على مشاريع البنية التحتية، لكان بالإمكان إصلاح العديد من الطرق المتهالكة، أو تحسين شبكات الكهرباء والمياه، أو حتى بناء مدارس ومستشفيات جديدة تخفف من معاناة الناس اليومية.

توجيه هذا المبلغ نحو التنمية كان من الممكن أن يحمل رسالة قوية للمواطنين بأن الدولة جادة في تحسين أوضاعهم المعيشية وتوفير حياة كريمة لهم. كما كان من شأنه أن يعزز ثقة المواطن بالحكومة أكثر من أي خطاب سياسي، فالتغيير الحقيقي يبدأ من توفير الخدمات الأساسية التي يشعر بها الناس في حياتهم اليومية.
إضافة إلى ذلك، من شأن استثمار مثل هذا المبلغ في مشاريع إنتاجية أن يساهم في تحفيز الاقتصاد المحلي، وخلق فرص عمل، وتقليل معدلات البطالة، وهو ما يشكّل في حد ذاته عاملاً مهماً لاستقرار البلاد سياسياً واجتماعياً، وربما يغني مستقبلاً عن الحاجة إلى إجراء انتخابات مكلفة مكررة بسبب عدم الاستقرار أو ضعف ثقة المواطن بالعملية السياسية.

في النهاية، لا شك أن الانتخابات محطة مهمة في مسار أي دولة تسعى إلى ترسيخ ديمقراطيتها، لكن الأهم أن يشعر المواطن بأن صوته في صندوق الاقتراع سيترجم لاحقاً إلى تحسين في نوعية حياته. فبدون بناء دولة قادرة على تلبية احتياجات الناس، تبقى الانتخابات مجرّد إجراء شكلي، مهما بلغت تكلفتها. وبينما تسير العملية الانتخابية إلى الأمام، تبقى الآمال معلقة بأن تدرك الحكومة قيمة الاستثمار الحقيقي، وهو الاستثمار في الإنسان العراقي ومستقبل بلاده.

user

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات هذا المبلغ کان من

إقرأ أيضاً:

الوطنية للانتخابات: السماح للمجتمع المدني والإعلام بمتابعة الشيوخ

تحدث المستشار حازم بدوي رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، عن الضمانات التي تقدمها الهيئة بخصوص نزاهة العملية الانتخابية لمجلس الشيوخ، وتناول الشكل المتوقع للإشراف القضائي في العملية الانتخابية.

أحمد موسى: كلمة الرئيس السيسي حول غزة ارتجالية ونابعة من القلب.. فيديومصر تواصل دعمها الأمني للفلسطينيين: تدريب قوات السلطة لتمهيد إقامة الدولة المستقلة

وقال المستشار حازم بدوي رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، في لقاء خاص مع الإعلامي هشام عبد التواب، ببرنامج "الشارع النيابي"، عبر قناة "إكسترا نيوز": "يشرف على الانتخابات هيئة مستقلة أعضاؤها من الجهات والهيئات القضائية لا يجوز التدخل في عملها وتتمتع بالاستقلالية التامة، ويشرف على كل صندوق انتخابي في كل اللجان المنتشرة بمدن مصر أو قراها عضو هيئة قضائية".

وتابع: "وفرنا أفضل نظم التأمين لنقل وحفظ أوراق العملية الانتخابية، وسمحنا لمن يرغب من البعثات الدبلوماسية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية بمتابعة الانتخابات، وليس لدينا ما نخفيه، بل لدينا ما نفخر به، والهدف هو انتخابات نزيهة تليق بتاريخ ومكانة مصر".

وأكد: "هناك وفود قادمة إلى مصر، وهناك موافقات لـ9 منظمات دولية ووسائل إعلام ستدخل لجان الاقتراع، وستحضر إجراءات التصويت والفرز كما حدث في الانتخابات الرئاسية السابقة".

طباعة شارك الوطنية للانتخابات المستشار حازم بدوي هيئة مستقلة العملية الانتخابية المجتمع المدني

مقالات مشابهة

  • 60 مليون ريال تكلفة مشاريع الصرف الصحي بالسيب
  • ما تأثير هبوط الصرف على الأسعار ومعيشة المواطن؟
  • غرامة 500 جنيه لكل من يتخلف عن الإدلاء بصوته في الانتخابات بدون عذر
  • مديونية الأفراد ترتفع إلى 14 مليار دينار بنهاية 2024
  • ليفربول.. «إعادة البناء» بنصف مليار يورو!
  • خلية نحل داخل المجلس القومي لحقوق الإنسان استعدادا لانتخابات الشيوخ
  • محافظ الأقصر يشدد على تسريع وتيرة العمل في مشاريع الصرف الصحي بالأقصر
  • «بالصناديق الشفافة والسواتر».. رئيس الوطنية للانتخابات: جهزنا جميع اللجان الانتخابية
  • الوطنية للانتخابات: السماح للمجتمع المدني والإعلام بمتابعة الشيوخ
  • الوطنية للانتخابات: لا يوجد فوز بالتزكية في الانتخابات النيابية