شمال سوريا- تعلو أصوات الفرح والزغاريد حول السبعينية مريم القاسم قبيل مغادرتها الخيمة التي نزحت فيها منذ 11 عاما بعد أن فرّت مع عائلتها من البراميل والصواريخ المتفجرة ببلدة اللطامنة بريف حماة الشمالي، لتستقر في ريف إدلب.

ولجأ السوريون إلى المخيمات التي بدأت بشكل عشوائي ثم صارت منظمة، وتطور بعضها من مرحلة الخيم القماشية إلى البناء لتصبح الوطن الجديد لهم على مدى 13 عاما، تجمّع بها أكثر من مليونيْ إنسان موزعين على ما يقارب 1800 مخيم منظم وعشوائي في مناطق شمالي سوريا.

مريم القاسم وعائلتها يغادرون مسكنهم في مخيم النازحين الذي أقاموا فيه 10 سنوات عائدين إلى أرضهم (الجزيرة) عودة مع الخيام

في حديث للجزيرة نت، قالت السورية مريم القاسم "بعد تجرع مرارة النزوح لأكثر من 11 عاما، اليوم نقتلع الخيم لنعود بها إلى الأرض التي عشنا بها أكثر من 60 عاما، ثم أُخرجنا منها قسرا تحت وابل البراميل والصواريخ المتفجرة التي دمرت البشر والحجر".

تضيف مريم "الفرح والسعادة التي أعيشها في هذه اللحظات لا يمكن وصفها ولا منحها لأحد وكأن كل ما حدث حلم. لم أتوقع أن أعود إلى أرضي ومنزلي بعد هذه السنوات التي مارس فيها بشار الأسد كل إجرامه علينا وحرمنا من رؤية أرضنا وبلدتنا وأقربائنا".

إعلان

وكانت مريم قد غادرت قريتها مع أولادها الستة، لكنها تعود اليوم ومعها ثلاث عوائل جديدة بعد أن زوّجت أبناءها. وتقول إن هذا يتطلب مساكن لها ولهم ولكن منزلها مدمر، فكان الخيار الوحيد نقل الخيام التي تعيش فيها بمخيمات النزوح لتبنيها على أنقاض منزلها المدمر.

اللحظات الأخيرة لعلي سفان قبيل مغاردته مخيم النازحين عائدا إلى قريته (الجزيرة) نقص الخدمات

بدوره، يقول علي سفان، الذي سكن في خيام النزوح لأكثر من 10 سنوات بعد تهجيره من بلدة اللطامنة بريف حماة، "سأعود إلى بلدتي وأبني خيمتي على أنقاض منزلي في أرضي لأنها ستكون أفضل من قصر هنا في مخيمات النزوح التي سببت لنا الأمراض"، وقد بات سفان يعاني من ضيق التنفس واعتلال في القلب وارتفاع مزمن في ضغط الدم.

وأشار سفان إلى أن البلدة تحتاج إلى الكثير من الخدمات مثل مد شبكات الكهرباء والماء، وافتتاح المدارس والأفران، والبدء بإعادة البناء والترميم حتى يستطيع السكان الاستقرار "وبدء حياة جديدة بعد التخلص من عهد الظلم والإجرام الذي مارسه بشار الأسد بحق الشعب السوري".

وبغصة أكمل سفان قائلا قضيت في مخيم "الكرامة" شمالي إدلب 10 سنوات ولكنها مرت وكأنها 25 عاما؛ "فكل يوم مر علينا هناك يعادل 10 أيام في البلدة بين الأشجار والبساتين والحقول الخضراء التي تركناها لنعيش بأرض قاحلة بين الحشرات والأفاعي، في خيمة من 25 مترا مربعا يعيش بها 6 أشخاص".

وأضاف "عودتنا اليوم إلى القرية تكللت بالعز والكرامة لأننا رفضنا الرضوخ لبشار الأسد، وهربنا بأعراضنا وتركنا له الحجر والشجر، واليوم نعود إليها مرفوعي الرأس حتى لو وجدناها أنقاضا، فنحن قادرون على إعادة بنائها حجرا حجرا كما كانت وأفضل".

عودة قافلة تضم 40 مركبة من مخيم الكرامة شمالي إدلب إلى بلدة اللطامنة بريف حماة الشمالي (الجزيرة) "لا تزال حلما"

من ناحيته، يقول عبد الله العلي، المهجر من خان شيخون جنوبي إدلب، للجزيرة نت إن قرار العودة حاضر منذ أول يوم تحررت فيه مدينته، ولكن إصلاح منزله وإعادة تأهيله للسكن بعد تحطيمه وسرقته من قبل قوات النظام أخّر عودته.

وقال "هذا اليوم الذي أحمل به أمتعتي وأهجر الخيمة التي قضيت بها خمس سنوات هو يوم العيد الأكبر لدي، لأن الحلم تحقق وما كنت أظن أنه سيتحقق بعد أن تجرأنا على الحلم وطلبنا الحرية فكان العقاب تهجيرنا قسرا وتدمير منازلنا، ولكننا بقينا صامدين حتى عدنا مرفوعي الرأس وهو الذي هرب".

إعلان

أما أحمد العبيد، المهجر من قرية "الشيخ بركة" بريف معرة النعمان جنوبي إدلب، فقال للجزيرة نت إن العودة إلى قريته لا تزال حلما بالنسبة له رغم تحرير كل سوريا من "النظام البائد"؛ فالخدمات الأساسية والضرورية للحياة اليومية غير موجودة وعلى رأسها توفر الخبز ووجود مركز طبي.

ويضيف أن من أهم العوائق التي لا تزال تحول دون عودة الكثير من القرى والبلدات هو انتشار الألغام التي لم تنته فرق الهندسة من إزالتها حتى الآن، والتي تتسبب بشكل مستمر في إسقاط ضحايا وإصابات خطرة بين المدنيين الذين يعودون إلى منازلهم وأراضيهم.

وأعرب أحمد العبيد عن حزنه وفرحه في آن واحد؛ حزن على فراق جيرانه في المخيم العائدين إلى قراهم وبلداتهم وعدم قدرته على العودة حاليا إليها، والفرح في الوقت ذاته لأنهم تمكنوا من العودة إلى منازلهم بعد توفر القليل من أساسيات الحياة في قراهم.

أما النازح ماهر الحسن، فقال للجزيرة نت إن تدمير منزله بشكل كامل بالإضافة لعدم وجود مدرسة في قريته حال دون عودته، لأن ذلك سيحرم أبناءه الثلاثة من إكمال السنة الدراسية.

وأضاف أن معظم القرى والبلدات في منطقة ريفي إدلب الجنوبي والشرقي مدمرة وبحاجة لإعادة إعمار ولا تتوفر بها أدنى الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي والمراكز الطبية والأفران والمدارس. وشدد على أن توفر هذه الأساسيات سيشجع النازحين على العودة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

أجواء ثاني أيام عيد الأضحى المبارك في مدينة إدلب

أجواء عيد الأضحى المبارك 2025-06-07malekسابق محافظ دير الزور يناقش مع مسؤولي ووجهاء البوكمال والميادين سبل تحسين الواقع الخدمي  انظر ايضاً صور من أجواء عيد الأضحى المبارك في اللاذقية

ــ تصوير مجد سليمان

آخر الأخبار 2025-06-07“فرحة العيد”.. فعالية ترفيهية لأطفال أيتام في دمشق 2025-06-07وزير الدفاع يستقبل وفداً من مديرية الشؤون السياسية بريف دمشق وممثلين عن النقابات والاتحادات 2025-06-07يستهدف 2940 عائلة.. مركز الملك سلمان للإغاثة يطلق مشروع “أضاحي سوريا” 2025-06-07القائم بأعمال سفارة أذربيجان يزور عدداً من قرى غوطة دمشق 2025-06-07الرئيس الشرع: المرأة السورية عنصر محوري وشريك أساسي في مسيرة العمل والبناء 2025-06-07وزير الدفاع يستقبل وفداً من طلاب الجامعات السورية 2025-06-07طاقة إنتاجية كاملة.. أفران دمشق تواصل عملها لتأمين الخبز خلال عطلة عيد الأضحى- فيديو 2025-06-07وزير الدفاع يستقبل وفداً من مجلس القبائل والعشائر السورية 2025-06-07وفاة طفلين غرفاً في نهر الفرات بدير الزور 2025-06-07وزارة التنمية الإدارية تطلق مشروع “التمكين التدريبي” لتعزيز القدرات وتنمية الموارد البشرية

صور من سورية منوعات حلويات العيد: صناعة عريقة وطقوس ينتظرها السوريون من عيد لآخر 2025-06-03 تأثير القهوة على الصحة يعتمد على جيناتك 2025-05-29فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • العائلات السورية تُخلي مخيم الركبان وتختار العودة رغم قساوة الظروف
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع (622) أضحية في عدة محافظات بسوريا
  • بمناسبة عيد الأضحى المبارك.. حفل تكريم لأبناء الشهداء في محافظة إدلب
  • "من القصور إلى المغارات".. الرئيس السوري يكشف أسرارا مؤثرة عن زواجه في زمن النزوح
  • أطفال مفقودون بسوريا.. قصة عائلة ياسين والفصل القسري الذي طمس ذاكرة الطفولة
  • اغتيال “قيادي عراقي” سابق في هيئة تحرير الشام بسوريا
  • تفكيك مخيم الركبان… انتهاء عقد من ألم النزوح وبدء عهد العودة والاستقرار
  • أجواء ثاني أيام عيد الأضحى المبارك في مدينة إدلب
  • الإعلام السوري: طي صفحة شاهد على فصول مأساة النزوح
  • شاهد.. الصور الأولى لحريق محدود بكنيسة العذراء مريم بإسنا چنوب الأقصر