الصين توقف تسلُّم طائرات بوينغ.. ضربة لصناعة الطيران الأميركي
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
في ظل تصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة التي فجرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قررت الحكومة الصينية التوقف عن استيراد طائرات بوينغ الأميركية، وهو ما أثار قلقًا واسعًا في قطاع الطيران العالمي، بحسب ما نقلته وكالة بلومبيرغ عن مصادر مطلعة.
وأفادت الوكالة بأن السلطات الصينية أمرت شركات الطيران التابعة لها بعدم تسلّم أي شحنات إضافية من طائرات بوينغ، كما طلبت منها وقف شراء المعدات وقطع الغيار من الشركات الأميركية.
وتُعدّ شركة بوينغ من أعمدة الاقتصاد الأميركي، إذ تسهم بنحو 79 مليار دولار سنويًا، وتوفّر ما يقرب من 1.6 مليون وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر.
وتوظف الشركة حوالي 150 ألف موظف أميركي، وفقًا لما نشرته شبكة "سي إن إن".
وعلى عكس شركات أخرى متعددة الجنسيات، تنتج بوينغ جميع طائراتها داخل الولايات المتحدة، وتُصدّر قرابة ثلثي طائراتها إلى الخارج، ما يجعلها عرضة للتقلبات التجارية العالمية.
الصين، التي تُعد أكبر سوق عالمي للطائرات، تُشكل شريكًا رئيسيًا لبوينغ. وتقدّر الشركة أن شركات الطيران الصينية ستشتري حوالي 8830 طائرة جديدة خلال العقدين المقبلين، وأن أسطول الطيران التجاري الصيني سيتضاعف بحلول عام 2043، مدفوعًا بارتفاع الطلب على السفر الجوي للركاب والبضائع.
إعلانوبحسب تقرير بوينغ، سينمو أسطول الطائرات التجارية في الصين بمعدل 4.1% سنويًا، مقابل معدل عالمي يبلغ 4.7%. ومن المتوقع أن ترتفع حركة الركاب في الصين بنسبة 5.9% سنويًا، متجاوزة المتوسط العالمي.
توقعات بنمو داخلي وتحولات سوقيّةوتشير توقعات إدارة التسويق في بوينغ إلى أن السوق الصيني سيشهد أكبر حركة تدفق جوي داخلي في العالم، ما يدفع إلى زيادة الطلب على الطائرات ذات الممر الواحد.
كما يتوقع أن تمتلك الصين أكبر أسطول من الطائرات عريضة البدن في العالم، بواقع 1.575 طائرة جديدة، إلى جانب مضاعفة أسطول طائرات الشحن 3 مرات تقريبًا، مدفوعًا بازدهار التجارة الإلكترونية.
وتتوقع بوينغ أن تحتاج شركات الطيران الصينية إلى خدمات بقيمة 780 مليار دولار لدعم الأسطول المتنامي، تشمل الصيانة، التحديثات، والحلول الرقمية. كما سيتطلب القطاع توظيف وتدريب نحو 430 ألف شخص في مجالات الطيران والصيانة والخدمات الجوية.
وفقًا لصحيفة الغارديان البريطانية، تراجعت أسهم بوينغ بنسبة 7% منذ بداية العام، وسط مخاوف من تأثير الرسوم الجمركية. وأشار مديرها المالي، برايان ويست، إلى أن هذه الإجراءات قد تؤثر على سلاسل الإمداد، وتُصعّب الحصول على الأجراء من الموردين.
كما عبّر مستثمرون عن قلقهم من عدم استثمار الشركة بما يكفي في مجال الهندسة. وبعد القرار الصيني، تراجعت الأسهم بنسبة 3% إضافية بسبب احتمال فقدان السوق الصينية، التي تمثل نحو 20% من الطلب المتوقع على طائرات بوينغ في العقدين المقبلين.
وصرّح مايكل أوليري، الرئيس التنفيذي لشركة "رايان إير"، لصحيفة فايننشال تايمز، بأن شركته قد تؤجل تسلّم 25 طائرة من طراز بوينغ 737 ماكس إذا ارتفعت الأسعار بسبب الرسوم. وأضاف أن الشركة لن تحتاج الطائرات قبل مارس/آذار أو أبريل/نيسان 2026، مفضلًا الانتظار إلى حين وضوح الصورة.
إعلان انعكاسات داخلية على قطاع الطيران الصينيولا تقتصر تداعيات القرار على الجانب الأميركي فقط. إذ حذّرت مجلة "إير ويز ماغ" من احتمال تأثر أسطول بوينغ الصيني، الذي يضم أكثر من 4200 طائرة، في حال استمرار انقطاع قطع الغيار الأميركية.
ومن بين أبرز التحديات:
توقف تسليم 179 طائرة من بوينغ كانت مقررة حتى 2027. ارتفاع تكاليف الصيانة بنسبة 40-60% نتيجة الرسوم الجمركية البالغة 125% التي فرضتها الصين مؤخرا على السلع الأميركية. اعتماد مؤقت على مخزون قطع غيار يكفي فقط من 3 إلى 6 أشهر.ويحذر مراقبون من سيناريو شبيه بأزمة الطيران في روسيا عام 2022، حيث أدى نقص قطع الغيار إلى تعطّل 60% من الطائرات الغربية خلال أقل من عامين.
كما قد تؤثر هذه التوترات على خطط الصين لتوسيع إنتاج طائرتها المدنية "سي919" من خلال شركة "كوماك"، والتي تعتمد بشكل أساسي على محركات وأنظمة تشغيل أميركية. إذ تخطط الصين لإنتاج 50 طائرة سنويًا من هذا الطراز بحلول 2025.
فرص لدول وشركات منافسةوتفتح القيود الصينية بابًا واسعًا أمام المنافسين الإقليميين والدوليين. فبحسب تايمز أوف إنديا، يمكن لشركات الطيران الهندية مثل "إير إنديا إكسبرس" و"أكاسا" الاستفادة من الطائرات المخصصة سابقًا للصين، لا سيما طرازات "737 ماكس" و"787 دريملاينر".
يُذكر أن الهند واجهت صعوبة في الحصول على هذه الطائرات سابقًا، ولكن إعادة توجيهها بعد القرار الصيني قد تسهم في تخفيف الأزمة. ومن الجدير بالذكر أن "أكاسا" توظف عددًا من الطيارين يفوق حاجتها، ما يجعلها مستعدة لتسلّم طائرات إضافية.
أما شركة "إيرباص" الأوروبية، فهي على الأرجح المستفيد الأكبر من هذا التحول. ووفقًا لصحيفة تشاينا ديلي، تمتلك إيرباص حاليًا نصف حصة السوق الصينية، وتدير مصنع تجميع في مدينة تيانجين منذ عام 2008، وقد سلّمت حتى نهاية 2024 أكثر من 800 طائرة إلى الصين، من طرازات A320 وA330 وA350.
إعلانوأكد جورج شو، نائب الرئيس التنفيذي لإيرباص في الصين، أن السوق الصيني هو الأكبر بالنسبة للشركة عالميًا، وأن الطائرات الموجهة إلى الصين تمثل نحو 20% من إجمالي تسليمات الشركة السنوية.
مكاسب مؤقتة وخسائر إستراتيجيةوبينما تُشكل الخطوة الصينية ردًا سياسيًا واقتصاديًا مباشرًا، فإنها تفتح بابًا أمام تداعيات مزدوجة. بوينغ قد تخسر حصة ضخمة من السوق، بينما تواجه الصين تحديات في صيانة أسطولها وطموحاتها الصناعية.
ومع استفادة لاعبين مثل الهند وإيرباص، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيؤدي التصعيد إلى إعادة تشكيل خريطة الطيران المدني؟ أم أن كلفة العزلة التجارية ستُرغم الطرفين على التراجع قريبًا؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الطیران الصینی شرکات الطیران طائرات بوینغ السوق الصینی فی الصین سنوی ا
إقرأ أيضاً:
موقع عبري: ضربة مطار “بن غوريون” تُغلق سماء “الكيان”.. وشركات الطيران تغادر بلا رجعة
يمانيون |
في ضربة نوعية عمّقت عزلة كيان العدو الجوية والاقتصادية، كشف موقع “ماكو” العبري أن الهجوم الباليستي الذي نفذته القوات المسلحة اليمنية على مطار اللد “بن غوريون” شكّل نقطة تحوّل خطيرة في صورة “إسرائيل” أمام شركات الطيران والمجتمع الدولي، وأطاح نهائيًا بما تبقى من ادعاءات الاستقرار والأمن الجوي في كيان الاحتلال.
وبحسب الموقع، فإن قرار عشرات شركات الطيران العالمية بتمديد تعليق رحلاتها من وإلى مطار “بن غوريون” لم يكن مفاجئًا، بل جاء ليكرّس واقعًا جديدًا بات مألوفًا لدى المسافرين وشركات الطيران على السواء: “الأراضي المحتلة” لم تعد وجهة آمنة، لا للسياحة ولا للطيران المدني.
وذكر التقرير أن قائمة شركات الطيران التي انسحبت من الأجواء المحتلة باتت تضم أسماء ثقيلة مثل مجموعة “لوفتهانزا” (الألمانية والنمساوية والسويسرية وبروكسل)، والخطوط الجوية الإيطالية، والفرنسية، والهولندية “KLM”، والإسبانية “إيبيريا”، والبولندية “لوت”، وطيران البلطيق، و”رايان إير”، و”يونايتد إيرلاينز”، و”طيران كندا”، و”إيزي جيت”، والعديد غيرها، مع تواريخ تعليق متفاوتة تمتد في بعضها حتى يوليو وسبتمبر، ما يعكس عمق المخاوف لدى الشركات من استمرار العمليات اليمنية.
ونقل الموقع عن الدكتور “عيران كيتر”، رئيس قسم السياحة في أكاديمية كينيريت، قوله إن هذا الهجوم “نسف المفهوم السياحي والأمني الذي تحاول إسرائيل ترسيخه منذ سنوات”، مضيفًا أن الأضرار تتجاوز البعد العسكري إلى ضرب سمعة الكيان سياحيًا واقتصاديًا.
وأشار كيتر إلى أن قرار إلغاء الرحلات لا يتوقف على سقوط الصاروخ وحده، بل هو انعكاس لعدة عوامل: تقييمات أمنية مقلقة، تحفظات طواقم الطيران، تقارير شركات التأمين، وخوف الركاب، وهو ما جعل إمكانية استعادة حركة السياحة في العام الجاري “ضئيلة للغاية” على حد تعبيره.
وبحسب الموقع العبري، فإن الرسائل القادمة من اليمن لم تصب منظومات الدفاع الصهيونية وحدها بالشلل، بل أصابت الثقة الدولية في “الأراضي المحتلة” كوجهة مستقرة. فالضربة الأخيرة، التي تجاوزت أنظمة الدفاع متعددة الطبقات المفترضة حول مطار اللد، شكلت صدمة معنوية واستراتيجية دفعت شركات الطيران الكبرى لإعادة النظر في مستقبل ارتباطها بالاحتلال.
ولفت التقرير إلى أن تل أبيب لا تدفع ثمن الضربات اليمنية في البعد العسكري فحسب، بل في المجال الاقتصادي، والسياحي، والدبلوماسي كذلك، إذ لم يعد بمقدور الكيان الترويج لنفسه كوجهة آمنة وسط استمرار التصعيد في غزة وسوريا واليمن، واتساع جبهة المواجهة في البحر الأحمر وباب المندب.
واختتم الموقع العبري تقريره بالقول: “الرسائل القادمة من الشرق الأوسط – صواريخ اليمن، صمت الأنظمة الدفاعية، وتأجيل الرحلات الجماعي – تؤكد أن إسرائيل فقدت أهم أوراقها: مطار دولي مستقر يُدار تحت واحد من أشد أنظمة الأمن بالعالم. مطار بن غوريون، الذي كان بالأمس بوابة إسرائيل إلى العالم، بات اليوم في قلب مرمى النيران جويًا، اقتصاديًا، ودبلوماسيًا”.
وتؤكد هذه المعطيات أن اليمن، في معركته المفتوحة دعمًا لغزة وفلسطين، نجح في كسر واحدة من أخطر القواعد الاستراتيجية التي حافظت عليها “إسرائيل” لعقود: الأمن الجوي والمنافذ الدولية الآمنة.
وبات واضحًا أن الهجمات اليمنية تجاوزت حدود الرد التقليدي إلى فرض معادلات ردع غير مسبوقة، تدفع كيان العدو أثمانًا متصاعدة في كل الجبهات، وتعجّل بعزلته الدولية المتفاقمة.
إنها معادلة جديدة ترسمها صنعاء بذكاء سياسي وعسكري، وتترجمها الميادين بوضوح: لا أمن ولا استقرار للكيان الصهيوني ما دام العدوان على غزة وفلسطين قائماً.