"فجوات خطيرة".. على طريق الاتفاق النووي الإيراني
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
في تصعيد جديد للملف النووي الإيراني، دعا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، طهران إلى "التحرك بسرعة" من أجل التوصل إلى اتفاق نووي جديد.
لكنّ خبراء ومراقبين يحذرون من أن أي اتفاق فعال سيتطلب من إيران الكشف الكامل عن البنية التحتية النووية التي طورتها وخزّنتها خلال السنوات الماضية.
وتأتي هذه الدعوة في وقت تعاني فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية من نقص حاد في المعلومات حول البرنامج النووي الإيراني، بعد أن قيدت طهران رقابة الوكالة وأوقفت تحقيقًا حول مواد نووية غير معلن عنها عُثر عليها داخل البلاد.
فجوات خطيرة في معرفة المجتمع الدولي
منذ سبتمبر 2023، أعلنت الوكالة الدولية أنها لم تعد تمتلك معلومات محدثة بالكامل حول أنشطة إيران النووية، ولم تتمكن من التحقق من زعم طهران بأن برنامجها ذو طبيعة سلمية بحتة.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، زادت الأمور تعقيدًا بعدما منعت إيران المفتشين من دخول مواقع غير نووية منذ عام 2021، وهي خطوة يرى الخبراء أنها قلّصت من قدرة الوكالة على رصد احتمال تطوير إيران لسلاح نووي.
وفي تصريحات حديثة، قال مدير عام الوكالة رافائيل غروسي إن الإيرانيين "ليسوا بعيدين" عن إمكانية إنتاج قنبلة نووية.
مفاوضات روما.. والشكوك مستمرة
ومن المنتظر أن يعلن عن نتائج جولة جديدة من المحادثات بين واشنطن وطهران في روما، بعد لقاء وُصف بـ"الأعلى مستوى" منذ عام 2017، جرى الأسبوع الماضي في مسقط.
وتشير التصريحات إلى أن المحادثات ستتناول جدولًا زمنيًا للتفاوض وربما وضع إطار عام لاتفاق جديد.
لكنّ مراقبين يرون أن إطلاق اتفاق دون معرفة دقيقة بمخزون إيران النووي سيكون مجازفة كبرى. فبدون قاعدة بيانات واضحة، سيكون من المستحيل ضمان التزام إيران بقيود التخصيب التي قد يتضمنها أي اتفاق.
وقال ديفيد أولبرايت، مفتش الأسلحة السابق ورئيس معهد العلوم والأمن الدولي: "ترامب حدد مهلة شهرين لإنجاز الاتفاق. وعلى إيران أن تتعاون بشكل أكبر مع الوكالة الدولية لبناء الثقة وضمان أن يكون الاتفاق محكمًا".
أجهزة الطرد المركزي.. ثغرة لا تزال مفتوحة
وتكمن إحدى الفجوات الأخطر في غموض مخزون إيران من أجهزة الطرد المركزي، وهي الأجهزة التي تستخدم لتخصيب اليورانيوم بدرجات عالية.
فبموجب اتفاق 2015، نُصبت كاميرات رقابة في مصانع إنتاج هذه الأجهزة. لكن في عام 2021، وبعد انسحاب واشنطن من الاتفاق بثلاث سنوات، توقفت طهران عن تسليم تسجيلات الكاميرات للوكالة.
وفي أعقاب هجوم على موقع كرج الإيراني - والذي اتهمت طهران إسرائيل بالوقوف خلفه - أُزيلت الكاميرات لأشهر، ثم مرة أخرى في يونيو 2022، ولم تُعد إلا بشكل جزئي بعد عام من ذلك.
رغم أن الوكالة لا تزال تُجري تفتيشًا دوريًا لموقعي التخصيب الرئيسيين، فإنها أعلنت في فبراير الماضي أنها "فقدت تسلسل المعلومات" حول إنتاج إيران لأجهزة الطرد المركزي وأجزائها الرئيسية، ما يثير المخاوف من أن طهران ربما خزنت سراً مئات الأجهزة المتقدمة.
ملفات عالقة تهدد أي اتفاق جديد
عقبة أخرى تقف في طريق الاتفاق، تتمثل في تحقيق الوكالة حول المواد النووية غير المعلنة التي يُعتقد أنها تعود لأنشطة نووية سرية في التسعينيات وبداية الألفية.
إيران تنفي هذه المزاعم، لكنها لم تقدم تفسيرًا مقنعًا حول مصدر هذه المواد أو أماكن تخزينها.
ويعتبر هذا الملف حساسا، وقد يكون عاملًا معرقلًا لأي اتفاق مستقبلي، خاصة وأن إحدى أبرز الانتقادات لاتفاق 2015 كانت عدم إلزام إيران بكشف أنشطتها النووية السابقة بالكامل، وهي نقطة لا تزال مثيرة للجدل في أروقة الكونغرس الأميركي.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الوكالة الدولية رافائيل غروسي إيران المواد النووية إيران أميركا النووي الإيراني ملف النووي الإيراني الوكالة الدولية رافائيل غروسي إيران المواد النووية أخبار العالم
إقرأ أيضاً:
التنفيذ خلال 6 ساعات .. ترامب: التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال سلسلة من التصريحات عبر منصته "تروث سوشيال" عن التوصل إلى اتفاق شامل ونهائي لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، بعد اثني عشر يوماً من التصعيد العسكري غير المسبوق بين الجانبين. ترامب، الذي لعب دور الوسيط من خارج موقعه الرسمي
وقال ترامب إن الاتفاق سيسري تنفيذه بشكل تدريجي يبدأ خلال ست ساعات من لحظة الإعلان، ويشمل وقفاً مشروطاً لإطلاق النار من قبل إيران أولاً، يليها التزام إسرائيلي بعد مرور اثنتي عشرة ساعة، ليُعلن بعد أربع وعشرين ساعة عن "النهاية الرسمية للحرب".
ووصف ترامب هذا التطور بأنه "إنجاز كبير" من شأنه أن يمنع حرباً طويلة كانت ستدمر الشرق الأوسط بالكامل، حسب تعبيره.
إيران تنذر سكان منطقة "رمات غان" في تل أبيب بإسرائيل بالإخلاء فورا
مسئول أمني إسرائيلي سابق: إيران ربما نقلت اليورانيوم المخصب قبل الهجوم
وأضاف: "لقد تم تجنّب كارثة كبرى. ما كنا أمامه هو احتمال لحرب كانت ستستمر سنوات وتأتي على استقرار الشرق الأوسط". لم ينس ترامب أن يختتم رسائله بنبرة دينية وشعبوية، قائلاً: "بارك الله إسرائيل، وبارك الله إيران، وبارك الله الشرق الأوسط"، في محاولة واضحة لإبراز دوره كبطل سلام خارجي بعد أن ظل بعيداً عن المشهد الرسمي.
رغم هذه التصريحات المتفائلة، لم تصدر حكومتا طهران وتل أبيب تأكيدات رسمية بشأن تفاصيل الاتفاق، مما أثار تساؤلات لدى المراقبين الدوليين بشأن جدية التنفيذ والتزام الأطراف.
وذكرت مصادر إعلامية أمريكية مثل وكالة "أسوشيتد برس" و"رويترز" أن الاتفاق جاء في أعقاب ضغوط كبيرة تعرض لها الطرفان، خاصة بعد تبادل ضربات عنيفة شملت منشآت نووية وعسكرية، آخرها الهجوم الإيراني على قاعدة العديد في قطر، وردود الفعل الأمريكية.
وكان ترامب قد أشار أيضاً إلى "التعاون المبدئي" من إيران، التي أبلغت الولايات المتحدة مسبقاً بالضربة الصاروخية، الأمر الذي ساهم في تقليل الخسائر البشرية، وهو ما اعتبره ترامب مؤشراً على أن طهران كانت مستعدة للعودة إلى الطاولة السياسية. هذا التعاون جاء في سياق أكثر تعقيداً مما يبدو، حيث لم يتم تحديد إن كانت الولايات المتحدة جزءاً رسمياً من الوساطة أو إن كان لترامب دور شخصي فقط في تحريك القنوات الخلفية.
وفي ظل ترقّب دولي واسع، تبقى الساعات القادمة هي المحك الحقيقي لهذا الاتفاق. فالتزام الطرفين بمراحل وقف إطلاق النار سيفتح نافذة جديدة نحو التهدئة وربما مفاوضات أوسع، بينما فشل ذلك يعني العودة إلى مربع المواجهة المفتوحة. حتى الآن، يظل إعلان ترامب حدثاً سياسياً فريداً من نوعه، يجمع بين مفاجأة التوقيت وغموض المسارات، لكنه بلا شك أعاد تحريك المياه الراكدة في ملف ظلّ لسنوات من أعقد النزاعات الإقليمية.