سودانايل:
2025-07-31@10:16:28 GMT

البرهان واليسار ومعركة المصطلحات

تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT

انتقد الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش عددا من الممارسات التي يعتقدها سالبة داخل الخدمة المدنية، و أخرى تتعلق بالتظاهرات الشعبية و التي يحدث فيها ممارسات من حرق للساتك و خلع للانترلوك و إغلاق للطرق.. و قد وجدت أنتقادات البرهان، انتقادات من قبائل اليسار، و الذين يسيرون في ركبهم،.

. و كان المتوقع أن تخضع الأحزاب السياسية حديث البرهان للتحليل و الدراسة لكي توضح موقفها منها، و في اية مرحلة هذه الممارسات مطلوبة، و متى تتوقف، لكي تخلق حوارا فكريا في الساحة السياسية، بدلا من أحاديث الغضب التي لا تحمل في أحشائها أية مدلولات معرفية، و لا تثقيف يفيد العامة، إذا كانوا بالفعل مؤمنين بقضية الديمقراطية.. حتى تستثمرها في خلق وعي سياسي وسط الجماهير بدلا من تركهم.. كما يقول القرآن ( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) صدق الله العظيم..
بعض القيادات السياسية تحدثت حديثا عاطفيا تحاول من وراءه فقط كسبا سياسيا، تعتقد أنها فرصة لاستمالة الجماهير لها في معركتها المناصرة للميليشيا.. و يريد أخرون كسبا معنويا أن يطلق عليهم صفة التقدميين، هذه الوصفات التي ذهبت أدراج الرياح عندما انتهت الحرب البارد و سقط الاتحاد السوفيتي.. و أيضا النظامين الشموليين في كل من بغداد و دمشق.. القضية التي طرح البرهان متعلقة بمستقبل البلاد السياسي و عملية الإعمار.. أن انهيار الخدمة المدنية تم عندما أطلق اليسار بعد ثورة أكتوبر "شعار التطهير" الذي أصاب الخدمة المدنية في مقتل، حيث مارسته حكومة أكتوبر التي كانت تسيطر عليها "جبهة الهيئات" و التي يسيطر عليها الحزب الشيوعي.. و هي التي أدخلت الخدمة المدنية في الصراع السياسي.. ثم مارسها اليسار مرة أخرى بعد انقلاب مايو 1969م، حيث تم عزل أغلبية قيادات الخدمة المدنية... ثم جاءت الجبهة الإسلامية لكي تخربها تماما عندما طردت عشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية.. هذه الممارسات هي التي أطاحت بالخدمة المدنية و أدخلت فيها تعين آهل الولاء و المحسوبية. لذلك فقدت الخدمة هيبتها و احترامها..
إذا كان أهل اليسار و الذين يسيرون في ركبهم يعتقدون أنهم بعد وقف الحرب سوف يدعون لثورة أخرى للتغيير هذا حقههم،.. ينادوا بالثورة و تعبئة من يعتقدون أنهم ثوريين للإطاحة بالسلطة القائمة.. رغم أن المنطق و التاريخ يقولان، أن الشعب الذي خرج من ثورة ثم حرب ضروس لا يكون لديه الاستعداد أن يدخل في معركة عنف سياسي، لأنه مجهد من النواحي النفسية و المالية، و يشكك حتى في القيادات السياسية التي فشلت أن تصون له ثورته.. أما إذا كان الاتجاه و الفكرة الشعبية الذهاب في طريق الاستقرار و الأمن و التعمير و النهضة و الديمقراطية لابد أن تسقط مصطلحات " الثورة و الثورية" لأنها تتناقض مع الدعوة للديمقراطية، و التي تؤسس على الدستور و القوانين و اللوائح، فهي التي يحتكم لها الناس.. فالثورية عمل مناهض للقوانين، و أي فعل مناهض للقوانين يقدم صاحبه للعدالة..
بعد تشكيل حكومة حمدوك الأولى و الثانية التي جاءت بموجب وثيقة دستورية، كانت تخرج مظاهرات نهارا و ليلا تغلق الشوارع و تحرق الساتك و تخلع الانترلوك من الشوارع و كلها افعال يعاقب عليها القانون لأنها تخريب.. الغريب في الأمر خرج بعض الكتاب السودانيين الذين يعيشون في الدول الديمقراطية " أمريكا – كندا – استراليا – أوروبا" ينتقدون حديث البرهان أتحداهم جميعا أن يؤكدوا؛ إذا كان يسمح للمتظاهرين في هذه الدول الديمقراطية جميعها بحرق اللساتك، أو خلع انترلوك، أو قطع أغصان الإشجار، أو إغلاق الشوارع، أو أي ممارسات تعيق حركة السير، أو تضر بمصالح الناس.. من يلجأ لهذه الممارسة ليس يعتقل فقط بل يقدم للمحاكمة مباشرة، لأنها أفعال عنف و تخريب، و ليس لها علاقة بالممارسة الديمقراطية.. الحق الديمقراطي الذي يكفل للشخص أو الجماعة المتضررة هو " حق التعبير و حق التظاهر السلمي و حق التقاضي أمام القانون و حق الإضراب عن العمل" و لكن لا يسمح بأي فعل يفهم بأنه يؤدي إلي العنف...
لا تفيد الشعب السوداني مخلفات ثقافة الحرب الباردة، و محاولة إستلافها من الشعوب التي هجرتها في أوروبا الشرقية، و في النظم السياسية الريديكالية العربية التي سقطت و كانت تؤمن " بالأشتراكية و الوحدة و الحرية" هذا الثالوث الذي لا رابط بينهم.. رغم الإدعاء بأنه محكوم بربط جدلي، و لكن لم تتحقق في هذا الثالث أية منهم فى الدول التي كانت ترفعه، بل كانت نظما ديكتاتورية، لا يسمح فيها حتى بحق التظاهر السلمي.. هذه الثقافة السياسية التاريخية نفدت فاعليتها في أماكن ولادتها.. لماذا مصر اليسار التعامل بها و هي لا تخلق وعيا سياسيا بل تخلفا وسط الجماهير.. هناك بعض الشباب يعتقدون أنهم ديمقراطيون لأنهم ثوريون رغم أن المصطلحين في حالة تضاد، حقيقة هذا هو الوعي الزائف في المجتمع..
أن اليسار إذا كان عروبيا أو ماركسيا يعيشا في أزمة سياسية فكرية و تنظيمية، لذلك لا يستطيع أن يسهم في ثقافة سياسية ديمقراطية لا يملكها، و سوف يظل محافظ على ثقافة الحرب الباردة التي تخطتها البشرية بعقود من الزمن.. و يعتقد آهل اليسار أن تصحيح الفهم للمصطلحات و كيفية استخدامها سوف يخسرهم الكثير، لذلك سوف يظل يطرق عليها غير مباليا.. و السياسين الذين خرجوا يدافعون عن حرق اللساتك هؤلاء يحاولون الاستفادة من المفاهيم المغلوطة في الشارع و استمالة الأجيال الجديدة.. الغريب في الأمر أن بعض القوى التي تعتقد هي ديمقراطية تقع في ذات الفخ، و بعض منهم جاء مهاجرا من ساحات اليسار لذلك أحتفظ بهذه المصطلحات لأنه يعتقد نفسه تقدميا عند ترديدها.. أن التحول الديمقراطي ينجح عندما تكون النخب واعية لرسالتها، و مدركة لدورها، و لا تمارس الاستهبال السياسي.. نسأل الله حسن البصيرة..

 

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الخدمة المدنیة إذا کان

إقرأ أيضاً:

أطباء بلا حدود تحذر من اجتياح العنف الجنسي شرق الكونغو الديمقراطية

قالت "منظمة أطباء بلا حدود" إن "النساء شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية لا يجدن مكانا آمنا من العنف الجنسي"، وأكدت أنه بلغ مستويات "مروعة" منذ بداية العام الجاري.

وأفادت المنظمة أن المراكز الصحية التي تدعمها في مدينة غوما استقبلت ما "يزيد عن 7 آلاف و400 حالة عنف جنسي بين يناير/ كانون الثاني وأبريل/ نيسان فقط، إضافة إلى 2400 حالة أخرى سُجلت في مدينة ساكي المجاورة".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تفاصيل انطلاق العودة الطوعية للنازحين السوريين من لبنانlist 2 of 2فرنسا تصنف عنف المستوطنين بالضفة "أعمالا إرهابية"end of list

وفي عام 2024، أشارت المنظمة إلى أن فرقها الطبية عالجت نحو 40 ألف امرأة تعرضن لهذا النوع من العنف في إقليم شمال كيفو، الأمر الذي اعتبرته "رقما قياسيا وغير مسبوق".

كما سجلت "أطباء بلا حدود" تفاقم الوضع بشكل خطير بعد سيطرة قوات حركة "M23" المدعومة من رواندا، على مدينة غوما في يناير/كانون الثاني من 2025، وأوضحت أنه مع انسحاب الجيش الكونغولي وحلفائه، "باتت حالة انعدام الأمن وانتشار الجريمة والعنف المسلح واقعًا يوميا جديدا لسكان المدينة".

وقالت أرميل غباغبو، المسؤولة عن أنشطة الصحة النسائية لدى "أطباء بلا حدود"، إن النساء "يتعرضن للهجوم أينما كن، سواء في بيوتهن أو في الشارع أو داخل الملاجئ المؤقتة"، وشددت على أنه "لم يعد هناك مكان آمن".

وأكد باحثون في مركز "إبيسانتر" التابع للمنظمة، أن حوادث العنف المبلغ عنها خلال النصف الأول من 2025 "تجاوزت خمسة أضعاف ما تم تسجيله خلال عام 2024″، فيما مثّلت الوفيات العنيفة "ربع إجمالي الوفيات في غوما في مؤشر مقلق على الانفلات الأمني".

كما أشارت إلى أن من ضمن ضحايا الاغتصاب فتيات قاصرات، إذ أن كثيرا من حالات العنف الجنسي يرتكبها أفراد من "المحيط العائلي أو داخل الأسر المضيفة، في ظل بيئة يسودها الاستغلال والضعف".

وأوضحت المنظمة أن منظمات إنسانية عدة انسحبت من غوما، بعد "التقليص الحاد في المساعدات الأميركية، وهو ما فاقم من عجز الخدمات الطبية".

إعلان

ولفتت منظمة "أطباء بلا حدود" إلى أنها باتت تقريبا "الجهة الوحيدة التي تقدم خدمات الرعاية الصحية للناجيات، في ظل احتياجات هائلة"، حسب منسق المشروع فريديريك جيرمان.

وتطالب منظمة "أطباء بلا حدود" المجتمع الدولي والجهات المانحة بتحرك عاجل لدعم الجهود الصحية والإنسانية، حيث أفاد جيرمان بأن آلاف النساء بحاجة إلى "مساعدة طبية عاجلة"، محذرًا من أن غياب التدخل السريع سيترك آلاف الضحايا بلا رعاية أو حماية.

مقالات مشابهة

  • البرهان يفاجئ أهالي حطاب بهذه الخطوة
  • لجنة صياغة مشروع قانون الخدمة المدنية تتابع مناقشة محاور تنظيم إشغال الوظائف وتبدأ بصياغة المكوّن التشريعي لإدارة الموارد البشرية
  • البرهان يلتقي ممثل الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم يدين الحكومة الموازية
  • كيف أقلق البرهان واشنطن وتل أبيب؟
  • أطباء بلا حدود تحذر من اجتياح العنف الجنسي شرق الكونغو الديمقراطية
  • ‘الاتحاد الإفريقي” يكشف موقفه من “الدعم السريع” ويفاجئ “البرهان”
  • الحوالي وسيف يناقشان استكمال الربط الشبكي والتدريب الإداري بين وزارتي الخدمة المدنية والكهرباء والمياه
  • البرهان يدفع بتوصيات مهمة وعاجلة لوزراء حكومة “الأمل”
  • الكونغو الديمقراطية على مشارف تشكيل حكومة جديدة
  • مناقشة مسار التطوير الإداري والبناء المؤسسي بين وزارتي الخدمة المدنية والعدل