معرض الكتاب .. مركزية المعرفة ورمزيتها !
تاريخ النشر: 4th, May 2025 GMT
بقدر ما أصبتُ بالغثيان، وتنملٍ فـي قدمي القابضة على مكابح السيارة لما يقرب من ثلاث ساعات، رغبة مني فـي الوصول إلى معرض مسقط الدولي للكتاب -فـي اليوم قبل الأخير- بقدر ما انتابتني مشاعر غامضة! لقد شاهدتُ البعض يوقفون سياراتهم بعيدا عن المعرض، ويترجلون مشيا لمسافات ليست بالقصيرة، الأمر الذي يُعيدُ ظاهريا مركزية المعرفة ويُضيء رمزيتها المذهلة.
لكن لعلنا نتساءل أيضًا: هل الكثافة البشرية تحملُ فـي طياتها دلالة قاطعة على تماهٍ أصيل مع فعل القراءة، أم أنّ المسألة لا تتعدى حيز الفسحة! هل تنسفُ الكثافة البشرية النظريات التي تُراهن على انطفاء سوق الورق، أم أنّ المسألة تضمرُ صورة غير التي تُظهرها!
لقد كان هذا اليوم على نقيض الأيام الأولى، فقد اشتكت أغلب دور النشر من ضعف الإقبال! يُرجع البعض المسألة لضعف التسويق الذي يسبقُ المعرض عادة، لا سيما مع تغير موعده من «فبراير» إلى «أبريل»، وتزامن إقامته مع إقامة أكثر من معرض كتاب فـي الوطن العربي!
كان يلزمنا تكثيفُ الإعلان والتشويق -بصورة مبكرة- حتى لحظة بلوغه. فتأخر إعلان البرنامج، فوّت على الناس حضور عدد من الجلسات المُهمة، فبدت المقاعد خاوية على عروشها!
لقد طرحتُ سؤالًا فـي المؤتمر الإعلامي: من الذي يختارُ الضيوف، من الذي يختار عناوين الجلسات؟ ولماذا لا يكون المثقف شريكًا فـي صناعة البرنامج ضمن ندوة سابقة لاستعدادات المعرض؟ فرغم وجود جلسات مهمة وضيوف يستحقون قطع المسافات لأجلهم، إلا أنّه بالمقابل ثمّة تكرار لبعض العناوين، تكرار لبعض الضيوف من عام لآخر، أو دعوة ضيوف لا يُشكلون ثقلا رصينا فـي متن البرنامج!
فالمواضيع التي لا تخرج عن رؤية واعية واستراتيجية مدروسة، ولا تخدم الأسئلة الجديدة التي تشغلنا، ستجعلُ كل نسخة من المعرض غير فارقة عن سابقتها!
وأيضا لا تزال العديد من الجلسات تُهدر لعدم تسجيلها، بينما يمكن أن تغدو مادة جيدة للعرض فـي القناة الثقافـية، ومادة أرشيفـية للمعرض!
واحدة من الإخفاقات المتكررة من عام لآخر، التأخر فـي إعلان أسماء المكرمين! فـي الحقيقة كان سيختلفُ الأمر كثيرًا لو أُعلنت أسماؤهم فـي المؤتمر السابق لإقامة المعرض، لو عُلقت صورهم فـي الردهات، لو تمّ الاحتفاء بإصداراتهم كما يليق بهم. بمعنى آخر أن يصير المُكرم أيقونة المعرض، تمامًا كما يتم الإعلان عن المحافظة التي تحل ضيف شرف لكل عام. أن توضع «بوسترات» أو مقاطع فـيديو قصيرة عنهم وعن أسباب تكريمهم!
وعلى ذكر «المحافظات»، وبما أنّ الدور قد مرّ على أغلبها، هل آن أوان التفكير بالاحتفاء بالمدن العريقة؟ للخروج قليلا من الإطار الواسع والشكلي إلى إطار محدد ومُشبع بالقيمة الرمزية!
كان من اللافت أن تكون هناك جلسات يُديرها طلاب الجامعات، تدور حول قضاياهم الجديدة وأسئلتهم المُغايرة، وأن تقام الورش الحية والحيوية طوال أيام المعرض -وإن نفِّذ هذا على نطاق ضيق- بحيث تُستقطب أسماء محلية وعربية فـي مجالات شتى، فـي الكتابة وفـي أشكال الفنون الأخرى.
يبقى أن نشير إلى الأشياء اللافتة: من قبيل استضافة الكاتب الحائز على جائزة البوكر العربية محمد سمير ندا، والذي أُعلن فوزه قبل أيام قليلة من إقامة المعرض، فهذا سبق يحسبُ للمنظمين حقًا. جوار عناوين وجلسات مُلهمة من قبيل: جلسة العولمة وتشكيل الهوية والتي تحدث فـيها نادر كاظم عن صعوبة تشكيل آرائنا وسط سيل من المحتوى الجارف. وجلسة عن شيخ الرحالة الروس افاناسي نيكيتين، حيث تجلت أول إطلالة أوروبية على عُمان، والتي تحدث فـيها دميتري ستريشنيف عن عُمان الحاضرة لأول مرة السجلات الأوروبية كمركز تجاري حيوي. أليس جوثري التي تحدثت عن تحديات ترجمة الأدب العربي إلى العالم باعتبارها موهبة لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعوضها حتى اللحظة، وما قدمه كلايف هولز عن أثر تنوع اللهجات العُمانية فـي دراسة اللغويات. وأيضا موسيقى الجاز لفرقة لوس ميخوريس، وكمان العازف جمعة فايل العريمي وجلسة صُناع الأفلام، وتذكر الفنان موسى عمر والشاعر زاهر الغافري بعد رحيلهما.
قد يظن البعض أنّ المجتمعات التي تستثمر فـي الثقافة والمعرفة تستثمرُ فـي شيء غير محسوس، إلا أنّها فـي الحقيقة تُؤمنُ صمامات حمايتها، وتُصلب الأرض المُهيأة لانزلاقات عبثية !
هدى حمد كاتبة عُمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
شري راهول نارويكار يفتتح معرض الهند الدولي للمجوهرات بريميير 2025 في مركز المؤتمرات العالمي
الهند – الوطن:
انطلقت في الهند فعاليات النسخة الحادية والأربعين من معرض الهند الدولي للمجوهرات، أكبر معرض للأحجار الكريمة والمجوهرات على مستوى البلاد، بإشراف وتنظيم مجلس ترويج صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات، أعلى هيئة تجارية في الهند. ويقام المعرض هذا العام تحت شعار “الهند المتألقة”، مستهدفاً تحقيق مليارات الدولارات من الصادرات مستفيداً من مجموعة من المبادرات والسياسات الداعمة، من أبرزها اتفاقية التجارة الحرة الموقعة حديثاً بين الهند والمملكة المتحدة، والاتفاقية الثنائية المرتقبة بين الهند والولايات المتحدة.
افتتح المعرض ضيف الشرف، شري راهول نارويكار، رئيس الجمعية التشريعية لولاية ماهاراشترا، في مركز المؤتمرات العالمي في مُجمّع باندرا كورلا في مومباي، في خطوة ستعزز مكانة الهند على خريطة أكبر المعارض العالمية، إذ يُعد هذا المعرض ثاني أكبر معرض تجاري للأحجار الكريمة والمجوهرات على مستوى العالم.
حضر الافتتاح كيريت بهنسالي، رئيس مجلس ترويج صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات، وشوناك باريك، نائب رئيس المجلس، ونيراف بهنسالي، منسق المعارض الوطنية في المجلس، وسابياساشي راي، المدير التنفيذي للمجلس، إلى جانب أعضاء لجنة الإدارة وعدد من كبار الشخصيات والضيوف، بينهم بافيل مارينيتشيف، الرئيس التنفيذي لشركة “ألروسا”، وأجوي تشاولا، الرئيس التنفيذي لقطاع المجوهرات في “شركة تايتان ليمتد”.
يقام المعرض هذا العام تحت شعار “بهارات المتألقة – فنون التصاميم الهندية”، وذلك خلال الفترة من 30 يوليو إلى 3 أغسطس في مركز المؤتمرات العالمي بمدينة مومباي، ومن 31 يوليو إلى 4 أغسطس في مركز “نيسكو” الوطني للمعارض بمنطقة جورغاون في مومباي.
ويمتد المعرض على مساحة إجمالية تبلغ 135 ألف متر مربع (1.45 مليون قدم مربعة)، مما يجعلها أكبر من مساحة أبرز المعارض المماثلة في الغرب، ويضم أكثر من 3,600 جناح و2,100 عارض، فيما يتوقع أن يجتذب أكثر من 50 ألف زائر من 1,300 مدينة هندية، إلى جانب 3,000 مشتر أجنبي من أكثر من 80 دولة.
ومن الفعاليات المميزة لهذا العام نادي النخبة “ذا سيلكت كلوب”، القسم الحصري للمجوهرات الراقية المصممة وفق أرقى معايير الفخامة. يُعرض في هذا القسم تصاميم أنيقة وتحف فنية إبداعية مقدمة من 118 عارضاً، ويُقام في قاعة جاسمين بالطابق الثالث من مركز المؤتمرات العالمي في مجمع باندرا كورلا بمدينة مومباي.
وفي تعليقه على فعاليات المؤتمر، قال ضيف الشرف، السيد راهول نارفيكار، رئيس الجمعية التشريعية لولاية مهاراشترا: يحتل قطاع الأحجار الكريمة والمجوهرات مكانة خاصة لدي، إذ كانت بدايتي معه في أسواق زافيري بازار وداغينا بازار ودانجي ستريت، التي تشكل جزءً من دائرتي الانتخابية في كولابا. ويأتي معرض الهند الدولي للمجوهرات الذي ينظمه مجلس ترويج صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات، لإبراز وتجسيد مدى نمو وازدهار هذه الصناعة في الهند، التي باتت حالياً تتبوأ مكانة مرموقة على الساحة العالمية ترنو إليها أنظار العالم بأسره، كونها أحد الاقتصادات الأربعة الأكبر في العالم، ولامتلاكها قاعدة شبابية واسعة تجعل سوقها أكثر جاذبية وربحية”.
من جهته قال كيريت بهنسالي، رئيس مجلس ترويج صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات: “إن الدبلوماسية التجارية الاستباقية التي تنتهجها حكومة الهند، بقيادة فخامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، فتحت آفاقاً غير مسبوقة أمام قطاع الأحجار الكريمة والمجوهرات. فقد أثمرت اتفاقيات التجارة الحرة مع كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وأستراليا فوائد ملموسة بالفعل، فيما يُتوقع أن يشكّل اتفاق التجارة الحرة الموقع مؤخراً بين الهند والمملكة المتحدة نقطة تحوّل كبرى، إذ من المقدّر أن يضاعف حجم التجارة الثنائية لقطاعنا مع المملكة المتحدة ليصل إلى 7 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة. إنها لحظة فارقة لصانعي المجوهرات الهنود للانطلاق بأفكارهم نحو العالمية والتقدم بمزيد من الجرأة. ومع بروز أسواق ومبادرات جديدة مثل معرض “ساجيكس”، أول معرض تجاري لنا في المملكة العربية السعودية، يسعى المجلس للارتقاء بقصة نجاح الهند إلى آفاق لم يسبق الوصول إليها في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي وشمال أفريقيا ورابطة الدول المستقلة وأوروبا”.
وأضاف كيريت بهنسالي: “يواصل معرض الهند الدولي للمجوهرات مسيرة نموه عاماً بعد عام من حيث الحجم والتأثير. ومن المتوقع أن يحقق المعرض هذا العام صفقات تجارية بقيمة 70,000 كرور روبية خلال الربع القادم من السنة، في دلالة واضحة على تزايد نفوذ الصناعة الهندية في تجارة الأحجار الكريمة والمجوهرات على مستوى العالم”.
كما أوضح أجوي تشاولا، الرئيس التنفيذي لقسم المجوهرات (والمدير المنتدب الحالي) في شركة تايتان ليمتد أن “نمو علامة “تانيش” تزامن مع نمو سوق الأحجار الكريمة والمجوهرات في الهند. فقد أسهمت روح المبادرة لدى رواد الأعمال الهنود والسياسات الحكومية الداعمة في بناء قطاع مزدهر وفتح آفاقه للجميع. واليوم تتمتع الهند بموقع بارز يؤهلها لنيل حصتها المستحقة في السوق العالمية. فهذا القطاع يشهد دخولاً منتظماً للمزيد من اللاعبين، بمن فيهم صانعو المجوهرات المستقلون. وانطلاقاً نحو مستقبل أكثر تألقاً، يتعين على صانعي المجوهرات الهنود استثمار إرثهم الثقافي الممتد لخمسة آلاف عام لتحفيز المزيد من شغف الإبداع والإلهام، كما يجدر بمصدّري المجوهرات أن يفخروا بإرثنا الغني بالتصاميم لمضاهاة منتجات دول مثل تركيا وإيطاليا وبانكوك. وفي ذات الوقت من الضروري أن يتبنى هذا القطاع ممارسات مستدامة، مع توفير منظومة لوائح تنظيمية تكفل تقديم جودة عالمية المستوى وأرقى مستويات الخدمة والتجربة المميزة للعملاء”.
وقال السيد شاوناك باريك، نائب رئيس مجلس ترويج صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات: “يوفّر المعرض منصة مثالية للتواصل والتفاعل مع أكثر من 15 وفداً دولياً ونحو 3,000 زائر من الخارج. كما نشجّع على المشاركة في مبادرات مثل مركز معارض المجوهرات الهندية في دبي “إجيكس”، الذي مكّن العديد من الشركات من افتتاح مكاتب لها هناك بعد اكتساب الخبرة. إضافةً إلى ذلك، يوفر منتدى Innov8 موقعاً مثالياً لرواد الأعمال الشباب والرؤساء التنفيذيين وأصحاب متاجر المجوهرات العائلية للتواصل وبناء العلاقات في بيئة أقل ازدحاماً من المعرض الرئيسي.”
وكذلك أوضح السيد نيراف بهنسالي، منسق المعارض الوطنية في المجلس، قائلًا “الاستدامة في معرض الهند الدولي للمجوهرات ليست فكرة ثانوية، بل تمثل إحدى الركائز الأساسية لرؤيتنا. فنحن نقدم معايير ومفاهيم جديدة تبرز كيف يمكن للمعارض العالمية أن تجمع بين الفخامة والصداقة للبيئة، بدءاً من تشغيل المعرض باستخدام طاقة خضراء 100%، مروراً بالاستغناء عن المواد أحادية الاستخدام، وصولاً إلى زراعة أكثر من 200 ألف شجرة. إنه التزام نتعهد به، ليس تجاه الصناعة فحسب، بل تجاه كوكبنا أيضاً.”
وأضاف بهنسالي: “نسعى حالياً للإعلان، في غضون عام من الآن، عن موعد محدد لتحقيق الحياد الكربوني الكامل في معرض الهند الدولي للمجوهرات، وربما يكون ذلك بحلول عام 2030 أو 2032. وسعياً للوصول إلى ذلك الهدف نعمل بالتعاون مع مستشارين متخصصين لحساب مقدار بصمتنا الكربونية، بما في ذلك انبعاثات رحلات السفر، مع إطلاق مبادرات تشمل زراعة الأشجار وحصاد مياه الأمطار وغيرها.”
وختاماً فإن معرض الهند الدولي للمجوهرات هذه السنة سيشهد عرض مجموعة واسعة من المنتجات، تشمل المجوهرات المرصعة بالألماس والأحجار الكريمة، والمجوهرات الذهبية ومجوهرات الذهب المزيّنة بأحجار الزركون المكعّب، والألماس المُصنّع مخبريًا، وأرقى أنواع المجوهرات الفاخرة، والتحف والمجوهرات الفضية، والأحجار الكريمة الملوّنة، إضافة إلى المعدات والتقنيات والصناعات ذات الصلة.
أنشأت وزارة التجارة الهندية مجلس ترويج صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات عام 1966 ضمن مجموعة من مجالس ترويج الصادرات التي أطلقتها الحكومة لدعم توجه البلاد نحو زيادة زخم صادراتها، في مرحلة بدأت فيها الهند تحقق نجاحات ملموسة في غزو الأسواق العالمية. ويعد المجلس، الذي منح الاستقلالية الإدارية منذ عام 1998، الهيئة العليا لصناعة الأحجار الكريمة والمجوهرات في البلاد، ويمثل اليوم أكثر من 10,700 عضو في هذا القطاع. ويتخذ المجلس من مومباي مقرًا رئيسيًا له، إضافة إلى مكاتبه الإقليمية في نيودلهي وكولكاتا وتشيناي وسورات وجايبور، وهي جميعها مراكز رئيسية لهذه الصناعة. وبفضل هذا الانتشار الواسع، يتمكن المجلس من التواصل المباشر والوثيق مع أعضائه لخدمتهم بشكل أكثر فاعلية.
وعلى مدار العقود الماضية، برز المجلس كأحد أنشط مجالس ترويج الصادرات، مواظباً باستمرار على توسيع نطاق أنشطته الترويجية وتعميقها، إضافة إلى تطوير زيادة نطاق خدماته لصالح أعضائه.