علي الهادي: حين تنفصل النقطة عن الجملة وتبدأ في الهمس وحدها، كدائرةٍ متلألئة

نعي رمزي لفنانٍ لم يمت، بل تسرّب من الشكل

اللون لا يختلط.
النقطة لا تُزاحم.
الهامش لا يجاور المعنى، بل يُربكه.
ثم يمضي.

حين تقترب من أعماله، لا ترى.
أنت تُصغِي لما لا يُقال.
الدوائر تتنفس،
تدور حول نفسها ببطءٍ خفيفٍ لا يُقاس بالزمن،
بل بالخسارات المتأخرة.



الغياب ليس موضوعًا.
الغياب هو وسيط اللوحة.
هو مادتها الخام،
والمادة هنا لا تُمسك، بل تُرتجف.

الخط جريمة ضد الكائنات التي اختارت الاستدارة.
الخط يعترف بالحد، بالدلالة، بالوصول.
أما الدائرة فتلغي الحاجة إليه.
هي لا تُخبرك، بل تُراوغك

لم يرسم جسدًا، بل ارتعاشة.
لم يرسم هيئة، بل ارتيابًا في أن الهيئة ضرورية.
لوحاته كأصوات تسري من جلدٍ لا يتذكّر شكله.

النقطة لا تموت.
بل تذوب في هندسةٍ أعمق،
ثم تعود، لا توقّع،
بل تُشكّك في التوقيع.

كل من ينظر إلى أعماله الآن
سيتأخر نبضه ثانيةً واحدة،
تلك التي انكمش فيها العالم، ثم عاد خاليًا من مركزه.

واحدة… ثم أخرى… ثم لا شيء.
نقطة سوداء تستيقظ في فراغ الورقة،
لا تبحث عن شكل،
بل عن احتمالٍ يُشبه التنفّس.

علي الهادي لم يمت،
بل خرج من الدائرة الأخيرة ولم يعد.
تركها تُحدّق فينا،
كأنها تسأل:
هل كنتم ترسمونني؟
أم أنني كنت أنقّط موتكم، وأنتم تظنون أنكم تنظرون؟

كان يتأمل البياض كما يُتأمل الصمت قبل الخيانة.
يرسم لا لكي يُرى،
بل كي يُشكّ في الرؤية ذاتها.

كل دائرة رسمها
كانت تبتلع الزمن،
تُخفيه في سطح لا يحتمل التواريخ،
ثم تُخرجه في هيئة ظلٍّ… يشبهنا، لكن لا نعرف اسمه.

لوحاته ليست لوحات.
بل إيماءات تخاف أن تتحوّل إلى معنى.
وكان يكره أن يُقال له: فنان.
لأنه كان يظن أن الفنّ، حين يُعلن اسمه، يفقد سره.

كنا ننظر،
فنُصاب بحرجٍ خفيف.
كل دائرة تُحاور هشاشتنا،
ثم تتركنا أمام حافة لا تعترف بقدرتنا على القفز.

حين مات، لم يُغلق أحد الباب.
لأن الباب لم يكن هناك أصلًا.
كان فراغًا أنيقًا،
يشبه ثقبًا في الجدار
لم يُحسم إن كان للضوء، أم للموت.

وداعًا، أيها المنقّط الكبير.
لقد أعدتَ توزيع رؤيتنا على سطحٍ لا يعترف بالخريطة،
ولا يُجيد الانتهاء.

في ليلةٍ لم تنتبه فيها الخرائط،
سقطت نقطة من الزمن.
لم تكن نهاية،
بل بداية خفية لدائرةٍ لا تزال تتكوّن.

كل دائرة تسأل:
من قال إن المركز أهم من الحواف؟
من قال إن الخط هو ما يصنع الهيئة؟
من قال إن الموت واضحٌ بما يكفي ليُرثى؟

لقد وضعتَ النقطة في موضع الجملة،
ثم غادرت،
وتركْتَها تتنفس.

zoolsaay@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

تسليم الخط المنجمي بشار وغارا جبيلات نهاية 2025

سيتمّ تسليم الخط المنجمي الغربي الرابط بين بشار وغارا جبيلات (تندوف)، بنهاية العام 2025.

وأكد عبد القادر مزار، المتحدث باسم الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية “أنسريف”، أن هذا المشروع سيتم تسليمه  قبل الآجال التعاقدية المحددة في مارس 2026”.

وأوضح عبد القادر مزار، أنّ المشروع الممتد على مسافة 950 كيلومتراً، يجري انجازه في وقت قياسي، وهذا رغم التحديات التقنية والجغرافية والمناخية. كما نوّه مزار إلى الأهمية الإستراتيجية التي يوليها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون للمشروع المذكور.

وأضاف ذات المتحدث أن “وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية يتابع سير الأشغال بشكل يومي عبر منصات رقمية توفّر بيانات آنية”.

والمقطع الأول من الخط الممتد على مئتي كيلومتر بين بشار وحدود ولاية بني عباس، دخل مراحله الأخيرة، يضيف مزار. ويتعلق الأمر بجزء ثانٍ (107 كيلومترات) تشرف على إنجازه مؤسسات عمومية.

وأردف “بدأت عملية وضع السكة الحديدية، وسيُسلّم مع محطة حماقير نهاية السنة الجارية”.

جدير بالذكر أن رئيس الجمهورية أشرف في أفريل الماضي على وضع حيز الخدمة لجزء أول يربط بشار بالعبادلة على طول مئة كيلومتر. أما الجزء الذي يمتد من الكيلومتر الـ 200 إلى أم العسل (تندوف) على مسافة 440 كيلومتراً، فيعرف تقدماً ملحوظاً.

ويشهد هذا الجزء، انطلاق أشغال بناء محطتي حاسي خبي وتبلبالة، وتتولى إنجازه شركتا “كوسيدار أشغال عمومية” و”سي.أر.سي.سي” الصينية.

وبالنسبة للجزء الرابط بين تندوف وغارا جبيلات (135 كيلومتراً)، فشارفت أشغال السكة على الانتهاء، بالتوازي مع تقدم الأشغال بغارا جبيلات. أما المقطع الممتد من أم العسل إلى تندوف (175 كيلومتراً)، والذي تتكفل بإنجازه شركات عمومية، فيسجّل تقدماً كبيراً.

في هذا الصدد، أبرز مزار انطلاق عملية وضع السكة وأشغال بناء محطتي أم العسل وتندوف. وسيجهز الخط بثلاثين محطة تقاطع، منها محطتان للتفرع لضمان انسيابية أكبر. وتمّ استخدام عوارض خرسانية أحادية الكتلة بطول 2.6 متر قادرة على تحمل الحمولات الثقيلة. وهو ما يسمح بتسيير قطارات بحمولة صافية تبلغ 22.100 طناً للرحلة الواحدة.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • فرح الهادي تكشف سبب ابتعادها عن السفر مؤخرًا .. فيديو
  • شاهد بالفيديو.. فنان سوداني يرفض بشدة وبشكل قاطع الحصول على أموال من “النقطة” بالعملة المصرية خلال حفل أحياه بالقاهرة
  • مدحت عبد الهادي: الأهلي شرف نفسه ومصر في في كأس العالم بنسخته الجديدة
  • تثبيت أسعار الفائدة يرسم توقعات اجتماع البنك المركزي الأسبوع المقبل
  • مهيب عبد الهادي يثير الجدل بشأن شيكابالا
  • خوري تبحث مع النائب «الهادي الصغير» سبل دفع العملية السياسية وصياغة خارطة طريق
  • الزمالك يتحرك في الظل.. المدير الرياضي الجديد يرسم الخطط خلف الستار
  • تسليم الخط المنجمي بشار وغارا جبيلات نهاية 2025
  • رحاب الجمل تشعل الأضواء في "الست لما" مع يسرا... وتبدأ التصوير وسط كوكبة من النجوم!
  • كنترولات الثانوية العامة تنهي تصحيح العربي وتبدأ في الفيزياء والتاريخ