يتصاعد في الهند بشكل غير مسبوق خطاب الكراهية والتحريض ضد المسلمين، بدعم مباشر من قيادات بارزة في الحزب الحاكم، في وقت تُتهم فيه حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، بإذكاء الاستقطاب المجتمعي لتحقيق مكاسب سياسية على حساب السلم الأهلي والتعددية الدينية في البلاد.

وفي مقابلة خاصة مع الأناضول، قال الباحث الهندي رقيب حميد نايك، مؤسس ومدير مركز أبحاث الكراهية المنظمة في الولايات المتحدة، إن ما يشهده العالم اليوم يُعد أكبر موجة كراهية واستهداف للأقليات في تاريخ الهند الحديث، مشيرا إلى أن الأوضاع تفاقمت بشكل غير مسبوق خلال السنوات العشر الأخيرة.

وأضاف الباحث الذي اضطر إلى مغادرة مسقط رأسه جامو وكشمير عام 2020 تحت ضغط القمع الأمني المتصاعد، أن الخطاب المعادي للمسلمين لم يعد حكرا على القواعد الشعبية لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بالهند، بل بات يُطلق من أعلى مستويات السلطة، ومن بينهم رئيس الوزراء مودي، ووزير الداخلية أميت شاه، ورئيس وزراء ولاية أوتار براديش (شمال)، يوغي أديتياناث، ورئيس وزراء ولاية آسام (شمال شرق) هيمانتا بيسوا سارما.

وأشار إلى أن السياسات الحكومية ساهمت في تأجيج الكراهية، عبر القوانين التي تستهدف المسلمين، كقانون تعديل الجنسية، والسجل المدني، بالإضافة إلى ممارسات الإقصاء وهدم الممتلكات ومهاجمة دور العبادة الإسلامية، فضلا عن حملات الاعتقال والتضييق على الصحفيين والناشطين، خاصة في إقليم جامو وكشمير.

إعلان

وفي 2019 أقرت الهند قانون الجنسية ودخل حيز التنفيذ في مارس/آذار 2020. ويسمح القانون، بمنح الجنسية الهندية للمهاجرين غير النظاميين الحاملين لجنسيات بنغلاديش وباكستان وأفغانستان، شرط ألا يكونوا مسلمين وأن يكونوا يواجهون اضطهادا في بلدانهم.

وأدى تعديل القانون إلى إثارة احتجاجات جماعية في أنحاء متفرقة من البلاد؛ بسبب استبعاده المسلمين البالغ عددهم بالبلاد نحو 200 مليون نسمة.

وفي 2024 وافقت ولاية أوتار خاند التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا على تشريع يوحد قوانين الأحوال المدنية بين الأديان، في خطوة عارضها الكثير من زعماء الأقلية المسلمة في البلاد.

الأمن الهندي يفتش حقيبة رجل كشميري عقب التوترات الأخيرة مع باكستان (رويترز) قوانين عنصرية

وحذّر الباحث الهندي من أن التحريض ضد المسلمين تحوّل إلى منظومة مؤسسية تُسنّ من خلالها قوانين تستند إلى نظريات مؤامرة ملفقة مثل "جهاد الحب" و"جهاد الأرض"، مشددا على أن هذه السرديات تهدف إلى تجريم كل ما يتعلق بالهوية الإسلامية.

و"جهاد الحب" و"جهاد الأرض" مصطلحان يروج لهما بعض القادة القوميين الهندوس في سياق انتقاداتهم للمسلمين في الهند.

ويُشير مصطلح "جهاد الحب" إلى مزاعم بأن رجالا مسلمين يسعون إلى إيقاع نساء هندوسيات بهدف دفعهن إلى اعتناق الإسلام وتغيير التوازن الديمغرافي في البلاد.

أما "جهاد الأرض" فيُستخدم لوصف مزاعم تتعلق بمحاولة المسلمين "الاستيلاء" على أراض مملوكة للهندوس.

وأوضح الباحث أن إلغاء الوضع الخاص لإقليم جامو وكشمير عام 2019 كان لحظة مفصلية، حيث تم فرض حالة طوارئ غير معلنة، شهدت "قمعا ممنهجا للحريات، وإغلاقا تاما للمجتمع المدني، واعتقالا واسعا للصحفيين، وسحب جوازات سفر بعضهم".

وأضاف أنه تم إدراج اسمه ضمن قوائم حظر السفر، مشيرا إلى أنه إذا عاد إلى كشمير فلن يتمكن من مغادرتها.

وفي الخامس من أغسطس/آب 2019، ألغت الهند المادة 370 من الدستور التي تمنح سكان جامو وكشمير ذات الأغلبية المسلمة، منذ 1974، الحق في دستور خاص يكفل لهم عملية صنع القرار بشكل مستقل عن الحكومة المركزية.

إعلان

ووصف الباحث الهندي الهجوم الذي أودى بحياة 26 سائحا في منطقة باهالغام بأنه "نهاية لوهم التطبيع الذي حاولت حكومة مودي تسويقه"، معتبرا أن تلك الحادثة كشفت فشل السياسات الأمنية في التعامل مع قضية كشمير باعتبارها نزاعا سياسيا.

وفي 22 أبريل/نيسان الماضي وقع هجوم بمنطقة "باهالغام" في إقليم جامو وكشمير الخاضع للسيطرة الهندية أسفر عن 26 قتيلا.

وأثار الهجوم توترا شديدا بين الهند وباكستان إثر اتهام نيودلهي إسلام آباد بالضلوع فيه، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين البلدين في السابع من مايو/أيار الجاري.

وفي 11 من الشهر ذاته أعلنت الهند وباكستان التوصل إلى اتفاق لوقف شامل وفوري لإطلاق النار، بعد وساطة أميركية، عقب 4 أيام من مواجهات مسلحة كادت أن تتحول إلى حرب شاملة بين الجارتين النوويتين.

تفتيش مشدد على الحدود بعد تعليق التأشيرات بين الهند وباكستان (رويترز) الدولة تذكي العداء

وأكد رقيب حميد أن ما يجري لا يُعد انفجارات عشوائية للغضب، بل حملة منظمة وممنهجة تقوم على أيديولوجيا قومية هندوسية متطرفة، مشيرا إلى دور منظمة "راشتريا سوايامسيفاك سانغ" الهندوسية القومية، وجماعاتها المرتبطة بها مثل "فيشفا هندو باريشاد"، و"باجرانغ دال"، و"شري رام سينا".

وشدّد على أن هذه الجماعات لا تكتفي بالتحريض، بل تشارك بشكل مباشر في أعمال العنف على الأرض، وغالبا ما تحظى بحماية أو تغاض من قبل مؤسسات الدولة.

ولفت إلى أن الخطاب الأمني الذي يشيطن باكستان لا يتوقف، بل يتم تعزيزه بشكل مستمر، ما ينعكس سلبا على المسلمين في جامو وكشمير ومناطق أخرى من الهند.

وقال الباحث الهندي إن الحكومة الحالية تجاوزت أساليب الحكومات السابقة في توظيف العداء لباكستان كأداة لتعزيز سيطرتها السياسية، الأمر الذي ينعكس بشكل كارثي على سكان المناطق الحدودية والمسلمين بشكل عام.

تشديد أمني في كشمير بعد هجوم دامٍ على سياح (غيتي) تصاعد خطاب الكراهية

وكشف الباحث أن مركز أبحاث الكراهية المنظمة في الولايات المتحدة، الذي يديره، رصد 668 حالة من خطاب الكراهية في الهند عام 2023، وأن هذا الرقم ارتفع خلال النصف الأول من عام 2024 إلى 1165 حالة، أي بنسبة زيادة بلغت 74.4%.

إعلان

وأشار إلى أن ما يثير القلق هو صدور التصريحات التحريضية من أعلى المستويات السياسية، وليس فقط من أطراف هامشية، ما يسهم في خلق حالة من التطبيع المجتمعي مع العنف ضد الأقليات.

وأضاف أن خطاب الكراهية لم يعد محصورا بمواسم الانتخابات، بل أصبح جزءا من الحياة اليومية، وتحول إلى تهديد وجودي للمسلمين، مشيرا إلى تزايد عمليات القتل الجماعي والإعدامات خارج القانون، وتكرار الحوادث الطائفية، مما ينذر ببيئة خصبة لانفجار كبير قد يشعل البلاد.

وختم حديثه مؤكدا أن الشر بدأ يترسخ كمنظومة حاكمة، وأن خطاب الكراهية لم يعد مجرد تمهيد للعنف، بل أصبح أداة فاعلة في تفكيك المجتمع وتدمير البنية السياسية في الهند.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات خطاب الکراهیة جامو وکشمیر مشیرا إلى فی الهند إلى أن

إقرأ أيضاً:

الأمن الأردني يحبط تهريب وثائق من مقر لـ"الإخوان المسلمين"

أحبط الأمن الأردني في العقبة محاولة تهريب وثائق من مقر لـ"الإخوان المسلمين" المحظورة، وضبط أشخاص بينهم نائب برلماني. وعُثر على مضبوطات وأعلام تحمل شعارات الجماعة. جرى تحويل القضية إلى النيابة العامة للتحقيق. اعلان

في عملية أمنية دقيقة، أحبطت الأجهزة الأمنية في العقبة، مساء الجمعة، محاولة تهريب وثائق ومستندات من مقر يشتبه في ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، كشفت خلالها عن وجود نشاط غير قانوني داخل الموقع، ومشاركة شخصيات بارزة بينها نائب برلماني.

وقالت مصادر أمنية مطلعة إن مدعي عام العقبة أمر بتفتيش الموقع بناءً على معلومات استخبارية تشير إلى نشاط مشبوه داخل المبنى، الذي كان محل رقابة أمنية مكثفة. وخلال التفتيش، اعترضت قوات الأمن مجموعة من الأشخاص أثناء محاولتهم مغادرة المكان حاملين أكياساً سوداء تحتوي على وثائق تم فرم بعضها داخل المقر.

وأفادت المصادر بأن الأشخاص الذين تم ضبطهم جرى اقتيادهم إلى أحد المراكز الأمنية لإعطائهم إفادات، فيما عاد النائب لاحقاً برفقة مرافقين في محاولة جديدة للدخول إلى المقر، لكن الجهات المعنية منعتهم من ذلك، واكتفت باستدعاء المرافقين للتحقيق دون النائب في تلك المرحلة.

Relatedفرنسا: تقرير رسمي يحذّر من تأثير جماعة الإخوان المسلمين على "التماسك الوطني" في البلادالأردن يُعلن حظر جماعة الإخوان المسلمين... ماذا نعرف عنهم؟ماذا يحدث في الأردن؟ ومن هي الجماعة التي تلقت تدريبات في لبنان؟

وباستكمال التحقيقات، أفاد شخصان متورطان بأن الشقة التي تم التفتيش فيها كانت مؤجرة باسم النائب "لغايات عمل الجماعة"، وهو ما دفع الجهات الأمنية إلى استدعائه لسماع إفادته، حيث أكد أن المقر مستأجر لصالح أحد الأحزاب السياسية التي منحته تفويضاً بالتوقيع باسمها.

لكن التحقق من بيانات الحزب لدى الهيئة المستقلة للانتخاب أظهر عدم تسجيل هذا الموقع ضمن مقار الحزب الرسمية، التي بلغ عددها مقرين في العقبة لا يتضمنان العنوان محل التحقيق.

كما تم العثور خلال عملية التفتيش على عدد من الوثائق والأعلام والشارات التي تحمل شعارات الجماعة المحظورة، إضافة إلى ملابس تحمل رمزيات مخالفة للقانون.

وجرى إحالة كامل المضبوطات مع القضية إلى النيابة العامة في عمان، التي تنظر حالياً في قضيتين موازيتين تتعلقان بجماعة الإخوان المسلمين؛ الأولى حول المضبوطات في مختلف المقرات، والثانية تتناول الأملاك المنقولة وغير المنقولة التابعة للجماعة.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • مرصد الأزهر: "سرايا أنصار السنة" امتداد محلي لداعش.. وتحذير من تصاعد خطاب الكراهية في سوريا
  • الجفاف يتصاعد في لبنان.. هل دخل زمن شحّ المياه الدائم؟
  • باحث أمني: الإعلان المستمر عن ضبط المخالفين يحمل رسائل مهمة منها الردع والتحذير
  • يُشعل حرارة الجو.. ماذا تعرف عن منخفض الهند الذي يضرب البلاد؟
  • الأمن الأردني يحبط تهريب وثائق من مقر لـ"الإخوان المسلمين"
  • باحث أمني: الإعلان المستمر لضبط المخالفين يحمل رسائل الردع والتحذير
  • باحث: إيران لديها منشآت نووية سرية أكثر تحصينا من نطنز وفوردو  
  • باحث: مبادرة «وثائق الدارة» تهدف لإتاحة الوثائق التاريخية عالية القيمة والأثر  
  • طقس العراق هذا الأسبوع..  أجواء حارة وغبار يتصاعد
  • جنرال هندي يتهم الصين بدعم باكستان بمعلومات استخباراتية خلال المواجهة الأخيرة