السودان يمر بكارثة إنسانية غير مسبوقة والحرب دمّرت مؤسسات الدولة

• الاتفاق الإطاري لم يكن شاملًا، وكان إعادة إنتاج للسلطة بين قوى محدودة

• لم نُشارك في السلطة التنفيذية فعليًا، وتم تهميشنا في العملية السياسية

• نرفض العودة للحرب، ولسنا طرفًا في الصراع بين الجيش والدعم السريع

• مأساة النازحين مسؤولية طرفي الحرب، ويجب فتح الممرات الإنسانية فورًا

• لا نرفض التدخل الدولي، لكننا نرفض فرض حلول تخدم أجندات خارجية


• نعمل على تجاوز الخلافات بالحوار، ومصلحة الوطن هي البوصلة


• سنظل نتمسك بخيار السلام لأن الوطن يستحق التضحية

 

 

 

 

بين ركام الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023، والشلل السياسي الذي أصاب البلاد، تبرز أصوات تبحث عن مخرج عقلاني وواقعي يعيد السودان إلى مساره الوطني الصحيح.


وفي هذا السياق، تتجدد مواقف الحركة الشعبية – شمال، إحدى أبرز الحركات السياسية والعسكرية في السودان، التي خاضت تجربتها الطويلة في الكفاح المسلح والنضال السياسي من أجل بناء دولة تقوم على أسس المواطنة المتساوية، والتنمية المتوازنة، والوحدة على قاعدة التنوع.

وفي حوار خاص مع «الفجر»، فتح الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال (الجبهة الثورية)، سعد محمد عبدالله، ملفات حساسة تتعلق بموقف الحركة من العملية السياسية، وتقييمها للاتفاق الإطاري، والتعيينات الحكومية الأخيرة، وسير تنفيذ الترتيبات الأمنية. كما تناول الحوار رؤية الحركة للعلاقات الإقليمية والدولية، والتحديات الأمنية التي يشهدها إقليم النيل الأزرق، إلى جانب أدوارها الإنسانية والاجتماعية في ظل تصاعد موجات النزوح واللجوء.

هذا الحوار يضع رؤية الحركة في مرمى القارئ العربي والدولي، ويكشف أبعاد مشروعها السياسي في مواجهة واقع بالغ التعقيد، ويطرح تساؤلات حيوية حول البدائل المطروحة للخروج من مأزق الدولة السودانية الحالية.

إلى الحوار..


كيف تقيّمون موقف الحركة الشعبية من العملية السياسية الجارية في السودان؟ هل ترون أن الاتفاق الإطاري يمثل خطوة نحو حل الأزمة الوطنية، أم أن هناك تحفظات لديكم بشأنه؟ وما هي البدائل المطروحة من جانبكم إن وُجدت؟

الحركة الشعبية-شمال لديها رؤيتها السياسية الواضحة حول إدارة السياسة والحوار السوداني والتحول الديمقراطي وتأسيس سودان السلام والتنمية المتوازنة للريف والمدينة والمواطنة المتساوية والوحدة علي أساس التنوع والعمل علي معالجة عِلل الاقتصاد الوطني وقيام المؤتمر القومي الدستوري، وقبل كل ذلك ينبغي توحيد الصفوف أولًا لمقاومة الاستعمار الذي يهدد وجود السودان علي خارطة العالم؛ ثم مخاطبة مواضيع  التأسيس التي تمثّل أولويات للمشروع الوطني التحرري الذي نطرحه الآن مع آخرين، وعندما نضع مشهد السودان تحت منظار تحليل عقلاني من خلال تتبع حركة التاريخ السياسي السوداني نلاحظ المتشابهات في الروئ المطروحة في كثير من الوثائق التي أبرمتها القوى السياسية وقدمتها للرأي العام وجددت طرحها في عدة محافل قبل اندلاع الحرب في 15 ابريل - 2023م، وربما يعتقد قارئ تلك الوثائق أن المسألة السودانية قد تُحّل في جلسة واحدة، وأن فرصة التوافق قريبة وممكنة، وهذا اعتقاد طبيعي استنادا علي قراءة ظاهرية للقضية؛ لكن المعضلة الجوهرية تكمن في غياب الإرادة الحقيقية للتوصل إلي حلول شاملة للأزمات التاريخية والمعاصرة، ولننظر بعمق إلي جدية الالتزام السياسي للذين وضعوا الاتفاق الإطاري بكل عِلل بنوده التي يُغض النظر عنها، وغيره من الاتفاقيات التي شاركنا في تشكيلها، وفي كل مرة تأتي فرص تاريخية لإحداث التغيير والتحرر فتضيع بسبب المطامع السياسية التي لا تضع الأولوية لقضايا بناء الوطن بل للسطو علي السلطة وإقصاء الآخر، وقد أوصلت السودان إلي هذه المرحلة الصعبة، لذلك نقوُّل أن المشكلة حلها في هزيمة العقلية السياسية الاستعمارية القديمة ومخاطبة أولويات البناء التأسيسي للدولة بفتح بوابة حوار سياسي وفكري سوداني ينتج الحلول المطلوبة للسودان.

ما هو موقفكم من التعيينات الأخيرة في مجلس السيادة ومجلس الوزراء؟ هل تعتقدون أن هذه التعيينات تمثل تمثيلًا حقيقيًا للتنوع السوداني؟ وهل شملت الأطراف المهمشة؟

لقد أصدرت الحركة الشعبية-شمال بيان صحفي بتاريخ ٢٠ مايو - ٢٠٢٥م أوضحت فيه موقفها تجاه تعيين عضوتان بمجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء، ويأتي ذلك في إطار تجديد قيادة الدولة، وكذلك تثبيت مفهوم المشاركة النسوية في حكم وإدارة شؤون البلاد، والمسألة لا تتعلق بقضية المهمشين وحقوقهم الدستورية بل هي تجديد كابينة قيادة الدولة بشكل طبيعي، ونتابع ردود الأفعال محليًا وإقليميًا ودوليًا حيال ذلك، ونأمل أن تساهم هذه الخطوة في إيجاد حلول للكثير من المشكلات الوطنية القائمة لا سيما في إدارة ملفات الاقتصاد ومحاربة الإرهاب وإعادة إعمار ما دمرته الحرب وتحقيق العدالة لضحايا الإبادة الجماعية والتهجير القسري وبناء استراتيجيات جديدة للتعامل مع العلاقات الدولية، وأعتقد أن الوقت للحفاظ علي كيان الدولة التي تشهد حربًا لا مثيل لها البتة، وهذا الأمر من المهام الأساسية للحكومة الجديدة، وبعد تحقيق الاستقرار سوف نأتي للتحدث عن قضايا التمثيل وتفاصيل معايره وآلياته ومهام الدولة القادمة في إطار الحوكمة وبناء سودان السلام والتنمية وإرساء دعائم الاستقرار في البلاد.

كيف تنظرون إلى دور الحركة الشعبية في دعم جهود السلام والاستقرار في السودان؟ وما هي المبادرات التي قدمتموها في هذا الصدد، سواء على مستوى الحوار الوطني أو المصالحات المحلية؟

الحركة الشعبية تعتمد في منهج كفاحها التحرري علي آليات أساسية ظلت تعمل بها، ومنها "الحوار السياسي السلمي" الذي يفضي إلي حلول متفق عليها حول قضايا محددة، وعلي هذا الأساس حاورت الحركة "حكومة ما بعد الثورة" ووقعت إتفاقية جوبا للسلام، والتي تعتبر واحدة من أهم الوثائق الوطنية التي أوجدت الإجابات المنطقية لأسئلة المستقبل السوداني في ظِل وجود التنوع مع حالة من التهميش والعنصرية وقضايا الهوية وعلاقة الدين والدولة والحريات العامة والخاصة، وكذلك عندما وقعت أحداث ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٢م، وحينها ماج الناس في الساحات السياسية بين رافض ومؤيد ومندهش؛ فكانت الحركة الشعبية أول تنظيم سياسي وقف وتحدث عن ضرورة الحوار العسكري والمدني لحل تلك المشكلة ومنع إنزلاق الدولة إلي الفوضى، ولكن للأسف الشديد شاهدنا فوضى سياسية وأمنية فوق ما كنا نتصور علي الإطلاق، وبعد كل ذلك؛ عملت قيادة الحركة الشعبية مع كثير من القوى الوطنية الحية علي فتح حوار سوداني موضوعي بغية بلورة خارطة طريق لإحياء العملية السياسية من أجل الوصول إلي توافق وطني يحقق المصالح العليا للسودان.

ما هو تقييمكم لعملية دمج قوات الجيش الشعبي في الأجهزة الأمنية السودانية؟ هل ترون أن هناك التزامًا من الحكومة المركزية بتنفيذ اتفاقات الترتيبات الأمنية؟

تنفيذ برتوكول "الترتيبات الأمنية"، ودمج الجيش الشعبي في المؤسسة العسكرية بكل تشكيلاتها يُعد أمرًا ضروريًا لمصلحة السودان، وهذه واحدة من القضايا الاستراتيجية للحركة الشعبية التي تأمل التحول من ميادين الكفاح المسلح إلي سوح مسارح العمل السياسي المدني وسط الجماهير، وتعتبر عملية بناء الجيش الوطني المتنوع مخرج وحيد للسودان من ظاهرة تعدد الجيوش، وتمكنا من دمج عدد جيد من قوات الجيش الشعبي في مختلف الأجهزة العسكرية، ولكن بعد اندلاع حرب الاستعمار الاستبدادي المشؤم في السودان تم تأجيل تنفيذ البرتوكول الأمني طبقًا للمصفوفة المحددة لذلك الأمر إلي وقت لاحق لم يحدد بعد، وحملت قوات الجيش الشعبي أسلحتها وتوجهت إلي جبهات القتال المختلفة للنضال في صف واحد مع الجيش السوداني الذي يعمل علي تحرير السودان من المستعمرين والمتمردين، وهنالك مساعٍ جادة لإحياء إجراءات تنفيذ اتفاقية السلام بكل برتوكولاتها ومساراتها.

كيف تتعامل الحركة مع التحديات الأمنية في إقليم النيل الأزرق؟ وما مدى التنسيق بينكم وبين الحكومة المحلية أو الاتحادية في هذا المجال؟

قوات الجيش الشعبي التي احتفلت في ١٦ مايو الجارٍ بعيد تأسيسها الـ(٤٢) تحت قيادة الدكتور جون قرنق دي مبيور ورفاقه الأبطال تعمل الآن مع القوات المسلحة بتنسيق وتناغم لتأمين إقليم النيل الأزرق من هجمات متمردي مليشيات الدعم السريع الإرهابية وقوات جوزيف توكأ، والتي كبدتها قواتنا الباسلة مؤخرًا خسائر كبيرة في معارك ضارية تم فيها تحرير "رُورُو ومقجى وبوط وسِلك وقُلي ومدى"، وأيضًا يناضل أبطال الجيش الشعبي في مواقع آخري من أرض السودان، ولكن إقليم النيل الأزرق يتمتع بموقع استراتيجي يجاور في حدوده دولتي أثيوبيا وجنوب السودان، ويجب أن نستشعر المخاطر الأمنية التي قد تحدق به وتنجم عن حالة الرخو علي الحدود المفتوحة، والأصوب أن تمضي كل القوات السودانية التي تقاتل في هذه المحاور بتنسيق عسكري عالٍ لحماية الممتلكات العامة والخاصة ومنع الانتهاكات ضد المواطنين وكذلك شَّل حركة المليشيات المجرمة علي الحدود، وهنالك إنجازات ملحوظة تحققت في هذا الاتجاه، ونثق بأن إقليم النيل الأزرق تحت حماية جيوش باسلة  ومحترفة وصامدة صمود الجبال، وتحمل بيارقها تاريخ مسطر بحبر البطولات، وتستطيع التعامل مع كل أشكال الحروب بغية تحقيق الاستقرار.

كيف أثرت الانقسامات الداخلية، مثل خروج ياسر عرمان، على أداء الحركة؟ هل تمت مراجعة داخلية لأسباب هذه الانقسامات، وما النتائج التي خرجتم بها؟

طبعًا تاريخ التنظيمات السياسية السودانية مليء بحالات من الانشطار السياسي والتنظيمي بمختلف الأسباب والدوافع، ولم تكن الحركة الشعبية بمعزل عن ذلك، ولكن في كل مرة يحدث الانقسام داخل الحركة تكتسب خبرة ومناعة في التعامل مع عِلاتها، وتدرك الاحتياجات لإصلاحها، وتبحث عن لقاحات ناجعة لمكافحة تلك الأمراض السياسية المتفشية، وطريقة خروج الرفيق ياسر عرمان من الحركة ذاتها كانت نتاج خلاف حول كيفية إدارة التنظيم، ولكن انتهت هذه المسألة عبر إقرار "فراق ودي"، وأضاف ذلك نوع جديد من آداب إدارة وحسم الخلافات السياسية داخل التنظيمات، والحقيقة لم يؤثر الأمر كثيرًا في أداء الحركة الشعبية سياسيًا وتنظيميًا لأن المعركة كانت من أجل "تحرير الرؤية والتنظيم" والوقوف مع السلام والحوار والاستقرار كأولويات قصوى لا يمكن تحقيقها عبر إغراق التنظيم في المشكلات السياسية وإرهاق الدولة وتفكيك أجهزتها المدنية والعسكرية كما كان سائدًا في الخطاب السياسي المضاد الذي يتبناه نشطاء سياسيين من مختلف التيارات السياسية، وقد اخترنا حينها مع طيف سياسي واسع أن نقف في الاتجاه الصحيح من ضفة التاريخ مهما كلف هذا الأمر، وإن دفعنا في قرارنا ثمنًا باهظًا لوجه الوطن وشعبه العظيم فإننا لا نندم أبدًا علي هذه الخطوة التي مشيناها بثقة وإرادة حرة؛ بل نعمل الآن بهمة عالية لبناء تنظيم سياسي فاعل يحمل قضايا الجماهير في الريف الواسع ومخاطبة قضايا المدن وفق مشروع سياسي وفكري متزن وموجه نحو بناء سودان جديد ومُوحد.

ما هو موقفكم من استقالة مبارك أردول ومشاركته في الحكومة؟ وهل ترون أن خروجه يمثل انشقاقًا مبدئيًا أم اختلافًا في الرؤى حول الوسائل؟

خروج الرفيق مبارك أردول من الحركة الشعبية جاء في إطار خلاف محدد، وقد تم اتخاذ القرار التنظيمي الذي قضى بخروجه من الحركة آنذاك، وتلك مسألة قد مضت، وكان له ما اختار؛ كما لنا ما اخترنا، وبعدها احتفظ الجميع بمساحة الود التي تمثّل نموذج جديد في آداب الخلاف كما أسلفنا الذِكر آنفًا، ولكن ليس هنالك ما يدعو الآن للوقوف عند هذه النقطة بل علينا السير بقوة إلي الأمام في التحول نحو الريادة السياسية للحركة الشعبية بحمل قضايا الوطن في منعطف التاريخ المعاصر الذي يشهد فيه شعبنا حربًا لا خيار فيها بين البقاء أو الفناء إلا النضال بلا هوادة ولا حياد من أجل الثبات علي أرضنا وبين شعبنا، وبعد ذلك لا يوجد ما يمنع التحدث عن لملمة شمل التنظيم والعبور إلي فضاء المستقبل السياسي في حوار تفاعلي مع الجميع علي أساس مشروع السودان الجديد.

كيف تنظرون إلى دور المجتمع الدولي في دعم العملية السياسية في السودان؟ هل هناك تواصل رسمي مع الاتحاد الإفريقي أو الآلية الثلاثية؟ وكيف تقيمون جدية الدعم الدولي؟

المجتمع الإقليمي والدولي مهم جدًا التعامل معه من قبل قيادة الدولة وفقًا لخطة حكومية جيدة تترجم عمق العمل الدبلوماسي الرسمي، وأعتقد؛ من واقع معايشة الأحداث والاستماع للمحللين في الفترة الماضية لم تضع الهيئات في الإقليم والعالم سياسات إستراتيجية واضحة للتعامل مع قضية السودان وتحسس مخاطر الهجوم الذي شنته بعض الحكومات ضده، وكان الأسلم النظر "بعين الاعتبار" إلي خلفيات الصراعات السياسية والعسكرية والاقتصادية وتأثيرها علي الأوضاع السودانية والمحيط الإقليمي قبل الاندفاع خلف التقارير الخاطئة لاتخاذ أيّ قرار بشأن السودان، ودولة السودان تعتبر مفتاح افريقيا نحو الشرق الأوسط من خلال البحر الأحمر، وتتوسط شريطًا واسعة ومضطربًا من القرن إلي الساحل الافريقي، وأيضًا يجب النظر بعناية إلي حركات التجارة العابرة للحدود مع كل دول الجوار المباشر والغير مباشر، ووضع حساب قضايا المناخ والأمن البيئي أمام كارثة الحرب، وأيّ انهيار للسودان يؤدي إلي وقوع مشكلات كبيرة في قارة افريقيا، والأجدى تحاشي ذلك بتوفير الأمن والاستقرار عبر الحوار الاستراتيجي والموضوعي الذي يحفظ استقرار السودان ويحقق مصالح الجميع، ولكن علي كل حال فان الحرب وتداعياتها جعلت المجتمع الإقليمي والدولي يقف ويتأمل الحقائق ويدرس النتائج ويبدأ في تصحيح المواقف السابقة عبر الابتعاد عن خطاب تفكيك السودان بحجج كاذبة، ونثمن الدعوة إلي المحافظة علي وحدة وسيادة واستقرار السودان، ونعتقد أن هنالك توجهات إيجابية ينبغي التعاطي معها بذهن صافٍ يتجه نحو البحث عن تحقيق المصالح الوطنية العليا للبلاد والحفاظ علي بناء علاقات جيدة مع العالم أجمع.

ما هو موقفكم من التدخلات الإقليمية في الشأن السوداني؟ هل ترون أنها تصب في مصلحة الاستقرار، أم أنها تُعمّق الصراع بين القوى السودانية؟

انفجر الوضع في السودان بهذا الشكل المريع عند إسائة بعض المكونات الداخلية فهم وتقدير انعكاسات المواقف السياسية والعسكرية في ظِل تحديات جمة تواجه السودان، وكان استقوائهم بحكومات دول آخري من أجل تحقيق مطامع سلطوية في بلادهم جعل الأزمة تنفجر انفجارا داويًا دمر كل شيء، وهذا الوضع المختل في السودان فتح شهية حكومات الاستعمار المستبدة التي لم تتذكر بسالة شعبنا في مقاومة المستعمر ومعارك التحرر علي مدار حِقب تاريخية ماضية؛ لذلك حاولت الانقضاض علي الدولة بدعم وتمويل المليشيات المجرمة مثّل الدعم السريع وغيرها، ولكن اتخذنا قرار الدفاع عن الوطن، ولا تراجع عن ذلك حتى تحرير أخر شبر، وإذا لم تجد تلك الحكومات ما يكبح جبروتها وطغيانها فسوف تواصل في قتل وتشريد شعبنا بغرض نهب ثرواته واستلاب قراره الوطني، ولذلك ينبغي أن تتحمل الهيئات الإقليمية والدولية مسؤولياتها كاملة تجاه القضية السودانية، ونقصد هنا كل من هيئات الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية إضافة إلي حكومات الدول العظمى "ذات القرار الأقوى والنفوذ الأوسع في عالم اليوم"؛ فحلحلة المشكلات السودانية يعني الحفاظ علي بوابات مهمة للتجارة والاستثمار علي الحدود والبحر والجو فضلًا عن السياحة العالمية التي تعتبر رافعة لنمو الاقتصاد وبوصلة مهمة لتعارف الشعوب، ويجب علينا تفعيل كل ذلك في دولة تحتل موقع استراتيجي يقع في قلب افريقيا.

ما هي جهود الحركة في دعم النازحين واللاجئين السودانيين؟ وهل لديكم شراكات مع منظمات أممية أو مجتمع مدني لتقديم المساعدة الإنسانية؟

الحركة الشعبية-شمال منذ اندلاع هذه الحرب لم تتوقف عن دعم قضايا النازحين واللاجئين في كل مكان، ورفاقنا الآن يعملون في مختلف مواقع النزوح واللجوء تحت خدمة شعبهم، ودعني أشير إلي فتح دار الحركة الشعبية بولاية النيل الأبيض لاستقبال العائدين من مخيمات جنوب السودان قبل تفويجهم إلي إقليم النيل الأزرق تحت رعاية مفوضية العودة الطوعية للنازحين واللاجئين، وهنالك أعداد هائلة من العالقين في معبر جودة الحدودي بين دولتي السودان وجنوب السودان؛ فهم يعيشون أوضاع إنسانية قاسية، وينتظرون الإغاثات التي تحفظ حياتهم، ونأمل أن تعمل كل المنظمات الإنسانية في سبيل إنقاذ حياة هؤلاء المواطنين من الجوع والأوبئة ومساندتهم حتى يعودوا إلي مناطقهم سالمين، وللحركة مسؤولية أخلاقية تجاه الفقراء والمهمشين والكادحين، ونؤكد سعينا مع الدولة والمنظمات الإنسانية من أجل توفير ما يلزم لكل إنسان سوداني نازح ولاجئ إلي أن تتحقق أمنياته في العودة إلي الديار.

كيف تسهم الحركة في تعزيز التعايش السلمي بين المجتمعات المختلفة في السودان؟ وهل أطلقت الحركة مبادرات على مستوى القواعد الشعبية أو المجتمع الأهلي؟

للحركة الشعبية-شمال تاريخ عميق وتجارب ثرة في ربط ورتق النسيج الاجتماعي في السودان، وتحتفظ الحركة بعلاقات وطيدة وممتدة مع المجتمعات المحلية في ريف السودان الواسع، وكل ذلك يعود إلي طبيعة نشأة الحركة الشعبية نفسها، والتي ولدت ونمت في أقصى الجنوب قبل أن تنقل إلي مناطق آخري في السودان، وظلت تعمل وسط تلك المجتمعات قبل وبعد توقيع اتفاق السلام الذي نص علي تكوين مفوضية السلام من أجل إدارة هذا الملف المهم، ولكن ظلت الحركة ترفد جميع المؤسسات الأهلية والرسمية بخبراتها وجهودها ووقتها وتبدي الاستعداد التام لمواصلة نشر تلك القيم النبيلة في أيّ زمان ومكان بغية بناء مجتمع إنساني تعاوني يعيش بسلام وأمان في سودان جديد يسع الجميع.

ما هي رؤية الحركة الشعبية لمستقبل السودان؟ هل تدعون إلى نظام فيدرالي؟ وما هي المبادئ الأساسية التي تنادون بها لتحقيق سودان جديد؟

هنالك اختلال واضح في نظام الحكم ظل يمثّل تحديًا هيكليًا في إدارة الدولة والتخطيط التنموي وتوازن نهضة مجتمعات الأقاليم، ولذلك يجب إعادة تعريف المؤسسات وصلاحياتها من خلال الإطار الدستوري الجديد الذي ينبغي الاتفاق عليه، وكما ذكرنا من قبل فإن السودان وطن متنوع في الثقافات والأديان والألوان، وعاشت أطياف من شعبه في فصول طويلة من الحرب والاضطهاد، وهنا الحركة الشعبية تقترح بناء نظام ديمقراطي تعددي يُؤسس علي اللا مركزية بما يتماشى مع طبيعة الأوضاع السياسية وحاجات المجتمع في السودان الذي لم يعد يحتمل شعبه قبضة المركز علي الولايات/أقاليم؛ فهذه الدولة التي ورثناها بعد الاستعمار لم تكن تناسب طبائع السودانيين، وقد جرى تشويهها علي مدار فترات حكم الأنظمة الوطنية المتعاقبة، ولم تكن النُخَّب الحاكمة فيما مضى تضع اهتمام واضح لقضايا تطوير وتحديث مؤسسات العلوم والمعارف الكونية التي لا يمكن نهوض الدولة والمجتمع بدونها، وأيضًا هنالك قضايا المساواة أمام الأجهزة العدلية والقانون وقضايا النساء والأطفال والشباب والعمال من الرُعاة والمزارعين وبُناة ومشغلي المصانع في الأرياف والمدن، وهذه الفئات تمثل شرائح كبيرة من المجتمع السوداني المفعم بحيوية مورثاته الإنسانية وخبراته التقليدية في كافة المجالات، والتي تعتبر المحركات الأساسية للحياة وللدولة ويجب الحفاظ عليها وتطويرها للإنتاج وإصلاح الاقتصاد الوطني، وتواصل الحركة الشعبية في نضالها مع القوى الوطنية لمعالجة كل تلك القضايا وبناء دولة المستقبل التي يحلم بها الجميع.

كيف تخطط الحركة للمشاركة في الإنتخابات القادمة؟ وهل لديكم تحالفات أو اتصالات مع قوى سياسية أخرى للمشاركة في العملية الانتخابية؟

 

تعمل الحركة الشعبية-شمال ”الجبهة الثورية“ منذ لحظة توقيع اتفاقية جوبا للسلام علي هيكلة المؤسسات التنظيمية وتجديد برامجها السياسية وأدوات إدارة الحوار حول العملية السياسية مع الآخرين، وللحركة تفاعلاتها مع الجماهير التي لا تنفصل عنها بحكم القضايا التي تتبناها في تاريخ طويل من الارتباط العضوي مع مجتمعات الهامش في الريف والمدن الريفة، وهذا الحراك السياسي أنتج تحالفات مع العديد من قوى التغيير والتحرر الوطني من كافة الاتجاهات السودانية، والحركة مستعدة للحوار مع الفعاليات السياسية والمدنية التي تشاركها الهم الوطني، وهنالك لقاء مهم جدًا جمع قيادات ثلاث من حركات الكفاح المسلح بمدينة الدمازين بتاريخ ٢٢ مايو - ٢٠٢٥م، وقد صدر عن هذا اللقاء "بيان مشترك" حمل بشريات سياسية جيدة، وبالطبع نحن نعمل علي تهيئة مناخ ملائم لخوض العمل السياسي الذي سيقود إلي الإنتخابات التي يجب أن ندخلها بمشروع للتغيير والتعمير، وأعتقد أن الإنتخابات فرصة جيدة تمنحنا مساحات للحوار السياسي والفكري في إطار التنافس الجاد أمام الشعب مع الآخرين، وكذلك تحويل "السودان الجديد" من الشعار إلي برنامج عمل وبديل سياسي في إدارة التنوع وصناعة الدولة الجديدة القائمة علي عقد سياسي واجتماعي وثقافي واقتصادي، واختبرنا مشروع السودان الجديد عندما طرحناه في انتخابات العام ٢٠١٠م، وبعد مرور (١٥) سنة قمنا بتجديد الرؤية وتحديث آليات تنفيذها، ونؤكد جاهزية الحركة لخوض التجربة الانتخابية مرة آخري.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال الجيش والدعم السريع سعد محمد عبدالله الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال الجبهة الثورية السودان مالك عقار علي فوزي

إقرأ أيضاً:

أحمد غزي لـ "الفجر الفني": مشاهد الإيطالي في المشروع x كانت الأصعب..والتعاون مع كريم عبد العزيز محفور بقلبي(حوار)

التقت عدسة الفجر الفني بـ أحمد غزي في العرض الخاص لفيلم المشروع x بدار الأوبرا المصرية.


وتحدث غزي عن مشاركته في الفيلم والتحديات التي واجهته قائلًا:"اصعب حاجة واجهتني اللغة الإيطالي، لأني متكلمتش ايطالي في حياتي قبل كده، ففكرة إني هتكلم لغة جديدة ومحتاج اتقنها علشان الناس تصدقها ده شئ صعب جدًا".

التعاون مع كريم عبد العزيز 


وعن التعاون مع كريم عبد العزيز أضاف:"مهما اتكلمت عن التعاون ده مش هقدر أوصف امتناني وانبساطي وفرحي وهيفضل محفور في قلبي ".


أما عن المشهد الصعب الذي واجهه قال:"في مشهد في نص المهمة كان فيه حوار كبير بالإيطالي ف إنك تتكلم الايطالي بسلاسة مش سهل خالص".

خطوة تكرار البطولة المطلقة 


وعن فكرة البطولة المطلقة أضاف: "الدور هيفضل أهم حاجة، وفكرة البطولة المطلقة كلها خطوات ربنا إن شاء الله خير ".

قصة فيلم "المشروع X"
 

ويخوض الفنان كريم عبدالعزيز تجربة سينمائية مختلفة من خلال فيلم "المشروع X"، حيث يجسّد دور شاب مفصول من كلية الآثار، ينطلق في رحلة محفوفة بالمخاطر بحثًا عن سر بناء الهرم الأكبر، وسط أجواء من الغموض والفانتازيا.


كما يتناول الفيلم خطًا دراميًا موازيًا، حيث يظهر كريم عبدالعزيز أيضًا في شخصية ضابط شرطة يلاحق عصابة دولية متخصصة في تهريب الآثار، وتدور أحداث هذه المطاردة بين عدة دول أوروبية، وخلال رحلته يلتقي بامرأة شابة تعمل غواصة في البحر الأحمر وتقيم بمدينة الجونة، لتبدأ بينهما سلسلة من المغامرات والتحديات.

أبطال فيلم "المشروع X"


يشارك في بطولة العمل نخبة من النجوم، أبرزهم: كريم عبدالعزيز، ياسمين صبري، إياد نصار، عصام السقا، أحمد غزي، ومريم محمود الجندي. كما يظهر عدد من ضيوف الشرف منهم هنا الزاهد وماجد الكدواني، الفيلم من إخراج بيتر ميمي.

تفاصيل الإنتاج

 

يُعد "المشروع X" من أضخم الإنتاجات السينمائية في تاريخ السينما المصرية والعربية، حيث تم تصويره في خمس دول مختلفة: مصر، الفاتيكان، إيطاليا، تركيا، والسلفادور. ويتميز باستخدام أحدث تقنيات التصوير والعرض مثل: IMAX، 4DX، Dolby Atmos، وScreenX، ليمنح الجمهور تجربة سينمائية بصرية وسمعية غير مسبوقة على المستوى العربي

مقالات مشابهة

  • الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال (الجبهة الثورية) : القرار الأمريكي الظالم خلق خيبة امل كبيرة للسودانيين
  • اقتصاد الظل في السودان: تحالفات الخفاء التي تموّل الحرب وتقمع ثورة التحول المدني
  • تيتيه: استمرار الانقسام يهدد وحدة ليبيا والحل يبدأ بتوافق وطني
  • الناطق الرسمي لحركة العدل والمساواة السودانية: رفض التزييف الإعلامي لتصريحاتي حول مشاركة البراؤون في السلطة
  • الذي يحكم الخرطوم يحكم السودان، فهي قلب السودان ومركز ثقله السياسي
  • الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة السودانية يناشد المواطنين باستلام مسروقاتهم
  • الجويلي: الانقسام سبب الاشتباكات.. والحل يبدأ بحكومة موحدة وترتيبات أمنية جدية
  • أحمد غزي لـ "الفجر الفني": مشاهد الإيطالي في المشروع x كانت الأصعب..والتعاون مع كريم عبد العزيز محفور بقلبي(حوار)
  • عميدة تجارة القاهرة في حوار لـ "الفجر": دعم ذوي الهمم أولوية ونبني منظومة دمج شاملة داخل الحرم الجامعي