مجلس الوزراء ومجلس عُمان.. شراكة وتآزر وتكامل
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
ورد في المادة (77) من قانون مجلس عُمان النص التالي: "يُخصِّص مجلس الوزراء لمجلسي الدولة والشورى، كل على حدة، اجتماعين سنويين يحضرهما رئيس وأعضاء مكتب كل مجلس؛ وذلك بغرض متابعة مجالات التنسيق بينها. ويجوز لمجلس الوزراء تشكيل لجنة مشتركة مع أي من مجلسي الدولة والشورى تتولى تنسيق العلاقة بين الحكومة والمجلس بما يخدم المصلحة العامة، كما تتولى الإعداد للاجتماعات التنسيقية السنوية المشار إليها في الفقرة السابقة".
لقد جاء هذا النص التشريعي في القانون ليعكس رؤية ورغبة القيادة الرشيدة للدولة في رسم طبيعة العلاقة بين السلطات بما يحقق المصلحة الوطنية. وهذا الرسم الدقيق لهذه العلاقة يعكس النهج الذي تقوم عليه إدارة الدولة ليس في العصر الحاضر وإنما منذ فترة طويلة كرس فيه التكامل كمنهج سياسي بين مكوناتها، هذا النهج الذي يقوم على أساس عدم التدخل في شؤون كل سلطة وأن يبنى العمل بينهم على التعاون والتنسيق والتشاور، بعيدًا عن التجاذبات السياسية والصراعات التي لا تعود بالنفع على المواطنين وتضيع معها القدرة على تحقيق التنمية.
والنظام الأساسي للدولة يُفصِّل وبشكل واضح اختصاصات كل سُلطة، ويُبيِّن مرجعيتها جميعها للسلطان، الذي يمثل رأس الدولة، لقد حدد النظام الأساسي بكل وضوح مسار إدارة الدولة ومؤسساتها والتعاون والتآزر والتكامل الذي أسس على مبدأ عدم التداخل في الاختصاصات وعدم تنازع السلطات، مع أهمية أن يكون مسار العمل من أجل المصلحة العليا للبلاد، وبما يخدم مصالح الشعب ويحفظ حقوقهم ويحقق لهم الأمن والاستقرار والعدالة والمساواة.
إن اللقاءات السنوية التي تُعقد بين مجلس عُمان بمكونيه الدولة والشورى مع مجلس الوزراء، جميعها تصب في اتجاه إيجاد مسار واضح تتكامل فيه جهود جميع هذه المؤسسات وتتوافق فيما بينها من أجل حلحلة القضايا والتحديات التي تواجه العمل الوطني المشترك بينهما، ومن أجل تحقيق الأهداف العليا للدولة، وفي هذه اللقاءات يتم طرح جميع المواضيع التي تمثل هاجسًا وطنيًا يستوجب التباحث والتشاور والتنسيق وتحديد التوجهات المستقبلية للوصول إلى حلول ناجعة تحقق نتائج إيجابية وآنية، ولا توجد حدود لما يمكن طرحه في هذه اللقاءات عندما يتعلق الأمر بمصلحة البلاد وفق السياق المتعارف عليه والخصوصية العُمانية التي تنطلق من ثوابت التشارك والتكامل.
لقد شدد جلالة العاهل المُفدَّى- حفظه الله ورعاه- في أكثر من موضع، على أهمية العمل المشترك بين جميع السلطات في الدولة، ووجه أعزه الله بضرورة التنسيق المستمر بين القطاعات، ودعا جلالته- أعزه الله- إلى انتهاج هذا النهج في إدارة شؤون البلاد؛ بما يخدم مصالح المواطنين والمقيمين على أرض سلطنة عُمان، وهذا الحرص من جلالته، يمثل تكريسًا لمبادئ دولة المؤسسات التي تُدار وفق منظومة واضحة من التشريعات والقوانين واحترام تام لاختصاصات كل جهة وعدم الدخول في تجاذبات لا تخدم العمل الوطني المشترك، وأهمية أن تقوم الدولة على أساس التعاون بين الجهات جميعها.
إنَّ هذه الفلسفة الإدارية تتطلب الإيمان قبل كل شيء بأن التكامل والتعاضد والتآزر هو السبيل الأمثل لتحقيق المصلحة الوطنية، وهذا الإيمان مهم جدًا وخاصة عندما لا تسعى كل سلطة لفرض نفسها ولا تنظر إلى السلطات الأخرى بنظرة المنافسة والتسابق لمن تكون له اليد العُليا والطُولى في الأمر، هذه النظرة التي لا تخدم التوجه الصحيح الذي يقوم على التشارك والتعاون، ولله الحمد والشكر فبلادنا لا تعاني من هذه المساءلة الجدلية والجميع يعلم أن مصلحة الوطن تكمن في السمو والترفع عن التجاذبات التي تفرق وتشتت الجهود ولا ينتج عنها سوى مزيد من هدر الوقت والجهد بما لا يخدم أي طرف.
لقد صيغت القوانين والأنظمة والتشريعات في سلطنة عُمان لتقوم على هذا المبدأ في العمل الوطني، وبما يعزز هذا التكامل، وفي الاجتماعات السابقة لمجلس عُمان؛ سواء مع مجلس الوزراء أو اللجنة التنسيقية طرحت عديد القضايا والمواضيع المهمة التي تتعلق بالشأن الوطني، وساهمت هذه اللقاءات في تقديم حلول مبتكرة لعديد القضايا الوطنية، وخرجت بمخرجات عديدة وجدت طريقها للتنفيذ، واختصرت الكثير من الوقت والجهد خاصة فيما يتعلق بتحديد الأولويات الوطنية وقضايا الساعة التي تشغل الرأي العام، وفي المستقبل يجب أن تعزز هذه الشراكة لمواصلة التطور الذي يجب أن يكون سمة العمل الوطني.
لا شك أن الطموحات تظل عالية دائمًا والآمال كبيرة مهما بُذل من جهد، وقد تكون هناك بعض التحديات التي لا تصل بالعمل لدرجة المثالية وهذا امر طبيعي ولا يمثل مشكلة حقيقية طالما أن النوايا والتدافع من أجل مصلحة الوطن، ولكل إنسان رأيه وطريقته في تحقيق هذه المصلحة، وتبقى سلطنة عُمان هي الغاية الأسمى لكل هذه الجهود ويبقى العُماني هو اساس التنمية وهدفها ومن أجله نرى كل هذه الجهود.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مصر وكوت ديفوار .. شراكة صناعية إفريقية تنطلق من أبيدجان نحو آفاق أوسع
اجتمع السفير شريف سيف ، سفير جمهورية مصر العربية فى كوت ديفوار بوفد اتحاد الصناعات المصرية المتواجد فى ابيدجان فى الفترة من ١٩-٢٣ مايو الجارى برئاسة الدكتور شريف الجبلى ، رئيس لجنة الشئون الافريقية فى مجلس النواب ورئيس غرفة الصناعات الكيماوية مع روبرت بوجرى بامبى رئيس الوزراء الايفوارى.
اشاد رئيس الوزراء الايفوارى بزيارة وفد اتحاد الصناعات المصرية ، موضحاً بان ذلك يعبر عن ديناميكية حقيقة للعلاقات بين البلدين ، اخذاً في الاعتبار أن البعثة تشمل عدة قطاعات متنوعة وتستمر لمدة ٤ أيام .
وأوضح بان كوت ديفوار تنظر لمصر بإعتبارها نموذجاً افريقياً يحتذى به في مجالات الصناعة والزراعة والسياحة والإسكان والبنية التحتية والطاقة والقطاع الطبى ، وهناك اهتمام حقيقي بتعزيز التعاون المصرى الايفوارى في ضوء ان كوت ديفوار تعد البوابة الاقتصادية لغرب افريقيا وتمتعها بموارد طبيعية سواء في الزراعة والتعدين والسياحة.
أوضح السفير شريف سيف بأن وفد اتحاد الصناعات المصرية ياتى في إطار الاهتمام المصرى بكوت ديفوار وهو ما انعكس في عدة زيارات خلال الفترة الأخيرة واخرها زيارة السيدة رئيسة مجلس الشيوخ الايفوارية . وأوضح بأن الجانب المصرى على استعداد تام لتقديم كافة الخبرات المصرية لنظيره الايفوارى في كافة المجالات ، مشيراً إلى الجهود المبذولة من مؤسسات البلدين للارتقاء بحجم التبادل التجارى وزيادة الاستثمارات البينية.
اعرب الدكتور شريف الجبلى عن شكره لحفاوة الاستقبال للوفد المصرى واللقاءات التي اجراها مع كل من رئيس الوزراء وزير الخارجية ورئيسة مجلس الشيوخ ووزير الطاقة ووزير الإسكان . حيث نوه إلى الإمكانات المصرية في تنفيذ مشروعات في العديد من الدول الافريقية. وأضاف بان الجانب المصرى على استعداد لنقل خبراته في تنفيذ مشروعات البنية التحتية والطاقة إلى الجانب الايفوارى.