الدوحة (وام) 

أخبار ذات صلة «تريندز هاب».. أنموذج معرفي يعزّز مكانة البحث العلمي تقنية لرصد تسربات المياه باستخدام رادار محمول جواً

طالب معالي محمد بن أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، بضرورة التوصل إلى اتفاقية دولية ملزمة تنظم استخدامات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتضمن توظيفها بشكل آمن، يخدم الإنسانية، ويحفظ حقوق الإنسان ويصون الكرامة البشرية.


جاء ذلك في كلمة معاليه خلال مشاركته في المؤتمر الدولي حول «الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان.. الفرص والمخاطر والرؤى لمستقبل أفضل»، المنعقد في العاصمة القطرية الدوحة، والذي تنظمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر بالشراكة مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية.
وشدد رئيس البرلمان العربي على أهمية صياغة ميثاق شرف أخلاقي عالمي يضع الضوابط الإنسانية لاستخدام هذه التكنولوجيا، محذراً من خطورة توظيف الذكاء الاصطناعي في انتهاك حقوق الإنسان، كما يحدث في قطاع غزة من قبل إسرائيل التي تستخدم أنظمة ذكية في إدارة عمليات القتل الجماعي واستهداف المدنيين والبنية التحتية الحيوية.
وأوضح اليماحي أن البرلمانات تتحمل جانباً كبيراً من مسؤولية ضمان التوظيف الآمن لهذه التكنولوجيا، مشيراً إلى أن البرلمان العربي كان سباقاً في هذا المجال بإصدار أول قانون عربي ينظم استخدامات الذكاء الاصطناعي قبل ثلاثة أعوام، ليسترشد به المشرعون في الدول العربية عند إعداد تشريعات وطنية ذات صلة.
وأكد، في ختام كلمته، أهمية وجود ضمانات دولية تحول دون احتكار هذه التكنولوجيا من قبل كيانات محددة، مشدداً على ضرورة تحقيق نفاذ عادل ومنظم للذكاء الاصطناعي، وتعزيز التمكين الرقمي المتوازن بين الدول، بما يضمن السيادة الرقمية، ويحفظ خصوصية الشعوب.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: البرلمان العربي رئيس البرلمان العربي محمد أحمد اليماحي الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی البرلمان العربی

إقرأ أيضاً:

الهوية الضائعة في عالم التكنولوجيا

يظل سؤال الهوية سؤالًا مفتوحًا في عالمنا الراهن؛ لأنه عالم تطرأ عليه بشكل متسارع متغيرات جديدة لم تكن في الحسبان. سؤال الهوية أصبح مطروحًا بقوة منذ طغيان عصر العولمة التي بحكم طبيعتها تسعى إلى تجاوز الهويات من الناحية الثقافية، بل تجاوز الجنسيات والأعراق ذاتها من خلال مؤسسات وشركات ليست متعددة الجنسيات multi-national كما يُقال، وإنما متعدية للجنسيات trans-national في حقيقتها.

ولكن الإنسان منذ عقود قليلة أصبح مهددًا بضياع الهوية أو فقدانها في عالم جديد تهيمن عليه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي: إذ أصبحت الآلة قادرة على القيام بالكثير من العمليات الذهنية واتخاذ القرارات بالنيابة عن الإنسان؛ وبذلك أصبحت تمتلك وعيًا ما يقوم بإزاحة الوعي الإنساني أو الذات الحقيقية؛ حتى إن كان وعي الآلة يفتقر إلى الوعي الذاتي، أعني يفتقر إلى وعي الذات بنفسها؛ ومن ثم يفتقر إلى التأمل الانعكاسي reflection (وتلك مسألة فلسفية دقيقة لا أريد إرباك القارئ بالخوض فيها في هذه العجالة).

ولا شك في أن هذا يمثل شكلًا من أشكال فقدان الإنسان بما هو إنسان لشيء مما يشكل نظرته التقليدية إلى نفسه باعتباره مركز الكون وسيد العالم؛ إذ أصبح عنصرًا فاعلًا في العالم داخل منظومة من العناصر الأخرى الفاعلة، ومنها الآلة، فضلًا عن عناصر البيئة الطبيعية المؤثرة في عالم الإنسان.

كما أن ضياع الهوية بفعل التكنولوجيا يتبدى على أنحاء أخرى عديدة، منها -على سبيل المثال- ما يمكن تسميته «بالهوية السائلة»، وهي حالة لا تقوم فيها الهوية على أسس ثابتة، وإنما تصبح متحولة ومتغيرة باستمرار بفعل التأثر بذلك الفيض الذي تنقله إلينا التكنولوجيا وعالم الإنترنت كل لحظة فيما يتعلق بالمعرفة والثقافة والفنون وأساليب العيش والأزياء، إلخ.

وهذا الأمر له صلة وثيقة بسمة عصرنا الذي وصفه الفيلسوف البولندي تسيجمونت باومان Zygmunt Baumann بأنه عصر اللايقين والحداثة السائلة (وإن شئنا الدقة لقلنا إن هذه السمة هي الطابع المميز لعصر «ما بعد الحداثة» الذي يتميز بحالة السيولة في كل شيء بحيث يصبح أي شيء جائزًا anything goes). وربما يبدو مفهوم «الهوية السائلة» وما يستتبعه، متوافقًا مع رؤية الفيلسوف الوجودي الشهير جان بول سارتر للهوية الإنسانية باعتبارها وجودًا متغيرًا وليست واقعة أو حقيقة مسبقة جاهزة التشكيل. ولكن هنا ينبغي الحذر من الوقوع في التباس المفاهيم: ذلك أن مفهوم «الهوية السائلة» يشير إلى الهوية المتغيرة على الدوام بفعل مؤثرات خارجية طاغية في عصرنا الراهن، وعلى رأسها التكنولوجيا.

أما الهوية التي يقصدها سارتر، فهي الهوية التي يصنعها الإنسان بفعل اختياراته الحرة في أن يكون على نحو ما يريد أن يكون: فالهوية ليست شيئًا محددًا سلفًا؛ لأن الإنسان يكون أشبه «بمشروع» أو «خطة عمل قابلة للتنفيذ»!

غير أن ضياع الهوية بفعل التكنولوجيا يمكن أن يتبدى في شكل آخر هو «الاستلاب»، وهي حالة تتبدى بوضوح على مستوى الهوية الفردية، أي هوية الشخص.

يمكننا أن نلاحظ ذلك بوجه خاص عندما يتيح لنا عالم الإنترنت بكل وسائطه تقديم ذواتنا عبر هذا العالم من خلال رسم هوية افتراضية لأنفسنا؛ وهو ما يؤدي إلى حالة ازدواجية في نظرة الذات إلى نفسها: فهناك ذات افتراضية تكمن خارج الذات الحقيقية، ولكنها تشكل جانبًا مهمًّا من عالمها، وربما جارت عليه واستلبته تمامًا (وتلك حالة متطرفة تصل إلى حد المرض النفسي، وهي حالة مخصوصة يمكن أن يبحث فيها الأطباء النفسيون).

وعلى سبيل الإيضاح نقول: إن أغلب الناس يميلون إلى رسم صورة مثالية -أو على الأقل إيجابية- عن أنفسهم، سواء من حيث آرائهم ومعتقداتهم ومعرفتهم الواسعة، أو حتى من حيث مظهرهم وهيئتهم التي يبدون عليها، وبذلك تصبح هذه الهوية المصنوعة بمثابة عالم افتراضي يستلب الذات الحقيقية ويؤدي إلى اغترابها عن الشخص. وهكذا فإن هذه الحالة تسهم في تعميق الاغتراب الإنساني الذي يتخذ مظاهر عديدة تنشأ عن أسباب مختلفة.

ولا شك في الابتعاد باستمرار عن الذات الحقيقية والاستغراق في عالم الذات الافتراضية يمكن أن يؤدي حتى إلى تغير في تقييمنا لأنفسنا ولمدى رضانا عن ذواتنا، وذلك حينما نسعى باهتمام إلى ترويج صورتنا الافتراضية بهدف اكتساب إعجاب أو مشاركة أكبر عدد ممكن من المتابعين عبر العالم الافتراضي، وهو ما سنعتبره دليلًا على جدارتنا! وتلك حالة من خداع الذات التي نستبدل فيها مقدار الجدارة الرقمية بمقدار الجدارة الحقيقية، أي أننا -بلغة فلسفة العلم- نستبدل معيارًا افتراضيًّا بمعيار الحقيقة أو الصدق.

وبوجه عام، يمكننا القول إن ظواهر ضياع الهوية الإنسانية من خلال تجاوزها أو استلابها أو اغترابها في عالم التكنولوجيا، هي ظواهر تؤدي في النهاية حالة أكثر عمومية تتعلق بوضع الوجود الإنساني في العالم، وهي الحالة التي تُسمى أحيانًا «ما بعد الإنسانية» post-humanism، ولكن نظرًا لأن كل مصطلح يبدأ بكلمة «ما بعد» هو عندي مصطلح فضفاض بطبيعته؛ فإنني أفضل وصف الحالة التي أشير إليها هنا بأنها حالة «مضادة للنزعة الإنسانية» anti-humanism. وليس المراد من وراء هذا كله هو الدعوة إلى التخلي عن التكنولوجيا التي هي أداة لا غنى عنها، وإنما الدعوة إلى التخلي عن تحولنا كذوات إنسانية إلى أداة للتكنولوجيا.

مقالات مشابهة

  • مسؤولة أممية: تجاهل تحديات الذكاء الاصطناعي يعمق الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة
  • مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالدوحة يدعو لتكنولوجيا تحترم القيم الإنسانية العالمية
  • «الذكاء الاصطناعي بين الوهم والحقيقة» حوار مشترك على طاولة منتدى الإعلام العربي
  • الهوية الضائعة في عالم التكنولوجيا
  • قمة الإعلام العربي: الذكاء الاصطناعي واقع لا مفر من إجادته والتدريب عليه
  • بوعياش في مؤتمر دولي: مخاطر وتهديدات حقيقية تمس حقوق الإنسان بسبب الذكاء الاصطناعي
  • خلال تكريمها في قمة الإعلام العربي.. إسعاد يونس: الذكاء الاصطناعي يهدد صناعتنا
  • مؤتمر دولي بالدوحة يدعو إلى تقنين استخدام الذكاء الاصطناعي
  • يسار جرار: الذكاء الاصطناعي يخلق الفرص للمستقبل