مدير مطعم لبناني في إسبانيا يطرد مجموعة من السياح الإسرائيليين تضامنًا مع غزة
تاريخ النشر: 10th, July 2025 GMT
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر، على ما يبدو، مدير مطعم في جنوب إسبانيا وهو يطرد مجموعة من السيّاح الإسرائيليين منه، ويصرخ في وجوههم ويشتمهم قائلًا: "أنتم تقتلون فلسطين، اذهبوا وتناولوا الطعام في غزة". اعلان
وكان الإسرائيليون الثمانية يجلسون على طاولة في المطعم الإسباني Mimassa الواقع في مدينة فيغو (Vigo) شمال غربي البلاد، وقد طلبوا المشروبات قبل أن يفاجئهم الرجل ويسحبها منهم مع قائمة الطعام، ويطردهم من المكان هاتفا: "الحرية لفلسطين" و"لبيك يا نصر الله"، في إشارة إلى الأمين العام لحزب الله الراحل حسن نصر الله.
وقد غادر الإسرائيليون المطعم بهدوء، دون جدال مع الرجل الذي وصفهم بـ"أبناء العاهرات"، وقال لهم: "أنتم تقتلون الناس ثم تذهبون في عطلة، أخرجوا من هنا"، و"ارحلوا أيها الصهاينة، ابتعدوا من هنا".
Relatedاتهامات بـ"معاداة السامية".. ترامب يثير الجدل باستخدامه مصطلح "شايلاك" لوصف بعض المصرفيينتقرير: ارتفاع كبير في حوادث معاداة السامية في ألمانيا مجلس النواب الفرنسي يصوّت على قانون جديد لمكافحة معاداة الساميةوقالت بعض الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي إن مدير المطعم يُدعى سمير سليم، وهو لبناني من بلدة الصرفند جنوب لبنان، ولديه أكثر من مطعم في المنطقة.
من التعليقات على الفيديو: طُرد إسرائيليون بطريقة مُخزية من أحد المطاعم ‼️ المكان: فيغو، منطقة غاليسيا اسم المالك (المعادي للسامية): سمير سليم اسم المطعم: MIMASSA مطاعم أخرى يملكها في فيغو: Fenicio Gran Fenicio انشروا الخبر.وقد أحدث هذا المشهد انقسامًا على وسائل التواصل الاجتماعي بين الإسرائيليين الذين دعوا إلى مهاجمته ومقاطعة المطاعم التي يمتلكها، وبين مجموعة من العرب والإسبان الذين عبّروا عن تضامنهم معه ودعوا إلى زيارة مطعمه مع خريطة للوصول إليه.
مقطع فيديو لصاحب المطعم وهو يطرد الإسرائيليين منه مرفق مع تعليق إلى مكانهفي المقابل، أشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" إلى أن حوادث معاداة السامية في إسبانيا قد تزايدت بعد هجوم 7 أكتوبر بشكل كبير، إلى جانب أيرلندا وجنوب إفريقيا، واتهمت تلك حكومات تلك البلدان بتشجيع ذلك من خلال انتقاداتها للدولة العبرية.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب غزة وقف إطلاق النار حركة حماس ليبيا إسرائيل دونالد ترامب غزة وقف إطلاق النار حركة حماس ليبيا إسبانيا سياحة حروب إسرائيل غزة جنوب لبنان إسرائيل دونالد ترامب غزة وقف إطلاق النار حركة حماس ليبيا فرنسا قطاع غزة أوروبا بنيامين نتنياهو اليونان الهجرة
إقرأ أيضاً:
هل مكافحة الكراهية ترف محصور على جالية دون أخرى؟
أحمد بن محمد العامري
في المجتمعات الغربية، وبريطانيا على وجه الخصوص، تمثّل منظمات مثل مجلس نواب اليهود البريطانيين (Board of Deputies of British Jews)، ومجلس القيادة اليهودية (Jewish Leadership Council)، وهيئة أمن الجالية (Community Security Trust - CST)، نماذج بارزة للتنظيم المدني الفعّال. تعمل هذه الهيئات على تمثيل الجالية اليهودية سياسيًا، ومراقبة مظاهر معاداة السامية، وتوفير الدعم الأمني للمؤسسات والمدارس والمعابد اليهودية. وتُعد شريكة للحكومة في جهود مكافحة الكراهية والتعصب، وتحظى بدعم رسمي واحترام مجتمعي واسع.
أمام هذا النموذج الناجح، يثور سؤال جوهري: ماذا لو سارت الجالية المسلمة على النهج نفسه؟ ماذا لو أُنشئ "مجلس نواب المسلمين البريطانيين"، أو "مجلس القيادة الإسلامية"، وهيئة متخصصة لمراقبة الإسلاموفوبيا وتوفير الأمن للمساجد والمدارس الإسلامية؟ هل سيُرحَّب بهذه المبادرات بنفس الحماسة؟ أم أن هذا النمط من التنظيم والتأثير هو امتياز محصور بجالية دون أخرى؟
الواقع يشير، للأسف، إلى وجود ازدواجية واضحة في التعامل مع الكراهية الموجّهة ضد الجاليات المختلفة. فبينما تُعامل معاداة السامية كجريمة خطيرة تُهدد الديمقراطية، كثيرًا ما تُقابل مظاهر الإسلاموفوبيا بالتجاهل، أو تُبرَّر باعتبارها "حرية تعبير". وقد وثّقت منظمات مثل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (Council on American-Islamic Relations - CAIR)، ومنظمة "تيل ماما" (Tell MAMA UK)، تزايدًا لافتًا في جرائم الكراهية ضد المسلمين بعد أحداث كبرى مثل هجمات باريس عام 2015 أو هجوم 7 أكتوبر 2023.
الجاليات الإسلامية في أوروبا وأمريكا تتعرض لتغطية إعلامية سلبية ممنهجة، تُربط فيها مرارًا بالتطرف، ويُساءل أفرادها عن ولائهم الوطني، وتُحمّل الجالية جماعيًا تبعات أعمال أفراد لا تمثلها. وقد وثّقت دراسات إعلامية، مثل تقرير جامعة كامبريدج (University of Cambridge, 2017)، هذا التحيز بوضوح، حيث وُجد أن الأخبار المتعلقة بالمسلمين أكثر سلبية بثلاثة أضعاف مقارنة بالأخبار المتعلقة بجماعات دينية أخرى.
وتتجلى هذه الازدواجية بوضوح فيما يواجهه السياسي المسلم زهران ممداني، المترشح لمنصب عمدة نيويورك، من حملات تشويه قذرة واتهامات علنية بسبب دعمه لغزة وانتقاده لإسرائيل. لم يكن الهجوم عليه مبنيًا على برنامجه السياسي أو كفاءته، بل استُهدف بسبب خلفيته الدينية ومواقفه الإنسانية. وسائل إعلام أمريكية كـ CNN وThe Intercept رصدت هذه الهجمات التي شارك فيها حتى الرئيس الأمريكي نفسه، ما يكشف عن حجم الكراهية التي يواجهها المترشح المسلم لمجرد انتمائه الديني. هذه الحادثة لم تكن استثناءً، بل جزءًا من نمط أوسع يعكس كيف تحولت الإسلاموفوبيا إلى أداة إقصاء سياسي واجتماعي في بعض الأوساط الغربية.
وتتّضح المفارقة أكثر في طريقة تعامل السلطات الغربية مع حرية التعبير. منذ السابع من أكتوبر 2023، تعرضت التظاهرات الداعمة لفلسطين في بريطانيا وأمريكا وعدد من المدن الأوروبية إلى تضييق ممنهج من قبل قوات الأمن، شمل العنف والاعتقال وتقييد الحق في التظاهر. أصبح الوقوف مع المظلوم تهمة، والتنديد بالعدوان جريمة. هذا المشهد يناقض كليًا ما حدث مع التظاهرات الداعمة لأوكرانيا عام 2022، التي حظيت بالحماية والدعم والتغطية الإعلامية الإيجابية. ما كان الغرب يسوّقه لسنوات عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير، سقطت ورقة التوت في اللحظة التي أصبح فيها الانحياز للعدالة فضيحة، والصمت عن الجرائم فضيلة.
وعند الحديث عن معاداة السامية، يبرز تناقض آخر في التعريف والممارسة. فمصطلح "معاداة السامية" (Antisemitism) يُستخدم حصرًا تقريبًا للإشارة إلى الكراهية ضد اليهود، رغم أن الساميين، بحسب التصنيف اللغوي والتاريخي، يشملون العرب والعبرانيين أيضًا. ومع ذلك، حين يتعرض العرب، مسلمون أو مسيحيون، للتحريض أو الكراهية، لا يُعامل ذلك كمعاداة للسامية، بل قد يُتّهم الضحية نفسه بمعاداة السامية لمجرد انتقاده لإسرائيل أو تضامنه مع الفلسطينيين. هذا الاستخدام الانتقائي للمصطلح أثار انتقادات واسعة، سواء من باحثين مثل نورمان فنكلستين (Norman Finkelstein) في كتابه "صناعة الهولوكوست" (The Holocaust Industry)، أو من مؤسسات حقوقية ترى أن تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (International Holocaust Remembrance Alliance - IHRA) لمعاداة السامية يُستخدم أحيانًا لقمع حرية التعبير بدلًا من حماية ضحايا الكراهية الحقيقيين.
من هنا، فإنَّ حق الجاليات المسلمة في تنظيم صفوفها، وإنشاء مؤسسات تمثيلية تُدافع عنها وتراقب مظاهر الإسلاموفوبيا، يجب أن يُنظر إليه كضرورة وليس ترفًا. ما حققته الجالية اليهودية من تنظيم وتمكين ذاتي يجب أن يكون مصدر إلهام، لا مثار توجس. المجتمعات الغربية لم تعد متجانسة، بل باتت فسيفساء من الهويات والثقافات، والمكوّن الإسلامي فيها ليس غريبًا ولا طارئًا، بل جزءٌ أصيل من النسيج المجتمعي.
المساواة الحقيقية لا تُقاس بالشعارات، بل بالمعايير التي تُطبّق على الجميع. حين تُعامل الجاليات الإسلامية بالاحترام نفسه، ويُعترف بالإسلاموفوبيا كخطر حقيقي لا يقل عن معاداة السامية، يمكن حينها فقط الحديث عن عدالة شاملة. وحتى يتحقق ذلك، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستمنح الديمقراطيات الغربية هذا "الترف الإنساني" لجميع مواطنيها؟ أم سيظل حكرًا على فئة دون أخرى؟
ahmedalameri@live.com