البلاد – بروكسل
في خطوة وُصفت بالتاريخية على صعيد السياسات الدفاعية الأوروبية، أقر وزراء دول الاتحاد الأوروبي أمس (الثلاثاء)، إنشاء صندوق مشترك للأسلحة بقيمة 150 مليار يورو، في إطار استراتيجية شاملة لتعزيز القدرات الدفاعية للقارة، وسط تصاعد المخاوف من تهديدات روسية مستقبلية وتراجع المظلة الأمنية الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.


خطوة نحو استقلال دفاعي أوروبي
ويُعد هذا القرار آخر خطوة قانونية لإطلاق برنامج “العمل الأمني الأوروبي”، الذي يهدف إلى تمويل مشاريع دفاعية مشتركة بين دول الاتحاد، بتمويل قائم على قروض مشتركة، ما يمثل سابقة في تاريخ الاتحاد من حيث التمويل الدفاعي الجماعي.
وتُعتبر هذه الآلية خطوة نحو تعزيز استقلالية القرار العسكري الأوروبي، في وقت تتزايد فيه التساؤلات حول مدى التزام الولايات المتحدة، العضو الرئيس في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بالدفاع عن شركائها الأوروبيين، لا سيما مع تصاعد الخطاب المتشدد من الرئيس ترامب ضد دول الحلف التي لا ترفع إنفاقها الدفاعي إلى النسبة المتفق عليها (2 % من الناتج المحلي).
وبحسب ما كشف عنه دبلوماسيون أوروبيون في قمة بروكسل التي عقدت في 6 مارس الماضي، فإن برنامج إعادة تسليح أوروبا يتطلب تمويلاً إجمالياً يقارب 800 مليار يورو خلال السنوات القادمة. وبخلاف الصندوق الحالي، فإن نحو 650 مليار يورو من هذه القيمة سيتم تأمينها عبر ديون وطنية جديدة من قبل كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي على حدة.
أبعاد القرار: من أوكرانيا إلى العمق الأوروبي
تأتي هذه الخطوة في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا، والتي شكّلت نقطة تحول في الوعي الأمني الأوروبي، حيث لم يعد يُنظر إلى الحرب بوصفها أزمة إقليمية، بل تهديدًا مباشرًا لأمن القارة بأسرها.
وفي رسالة رسمية إلى قادة الدول الأوروبية، كتبت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن أوروبا تواجه “خطرًا واضحًا وحاضرًا لم يشهد أي منا مثله في حياته”، مشيرة إلى أن “مستقبل أوكرانيا الحرة ذات السيادة، وأوروبا الآمنة والمزدهرة، على المحك”.
قرار الاتحاد الأوروبي قد يُفسّر أيضًا على أنه محاولة لتقليص الاعتماد المفرط على الناتو، في ظل استمرار الضغط الأمريكي، خصوصًا من إدارة ترامب، التي طالما رأت أن الولايات المتحدة تتحمل عبئًا أمنيًا غير متناسب في الدفاع عن أوروبا.
ويبدو أن الرسالة الأوروبية باتت واضحة: لن تترك أوروبا أمنها رهينة للتقلبات السياسية في واشنطن، خاصة مع تنامي التوجهات الانعزالية في السياسة الأمريكية. وبالتالي، فإن صندوق الدفاع الأوروبي الجديد قد يشكل نواة مستقبلية لإنشاء “ركيزة دفاعية أوروبية مستقلة”، سواء داخل أو خارج إطار الناتو.
في ظل المتغيرات الجيوسياسية والتحديات الأمنية المتصاعدة، يبدو أن الاتحاد الأوروبي قد قرر الانتقال من ردود الفعل السياسية إلى مأسسة أمنية فعلية، تترجمها أرقام غير مسبوقة من الاستثمارات العسكرية. غير أن هذا الطموح لن يكون بلا ثمن، سواء على مستوى الدين العام للدول الأوروبية، أو على صعيد إعادة صياغة علاقة القارة مع حلف الناتو والولايات المتحدة، وربما أيضًا، التوازن مع روسيا التي ترى في أي حشد عسكري أوروبي تهديدًا مباشرًا لنفوذها.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی ملیار یورو

إقرأ أيضاً:

ترامب: الاتحاد الأوروبي تذكر صلاحيتي بـ "فرض صفقة" تجارية.. ودعوته للتفاوض خطوة إيجابية

الاقتصاد نيوز - متابعة

وصف رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، دعوة الاتحاد الأوروبي لعقد اجتماعات من أجل التوصل إلى اتفاق تجاري بأنها "خطوة إيجابية".

وخلال منشور له على منصة "Truth Social" للتواصل الاجتماعي التابعة له، أعرب الرئيس الأميركي عن أمله في فتح أوروبا أسواقها أمام التجارة مع بلاده.

وقال ترامب في منشوره: "كنتُ راضياً للغاية عن فرض تعرفة جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي، خاصةً وأنهم كانوا 'يتباطؤون' - وهذا تعبير لطيف - في مفاوضاتنا معهم". 

وأضاف: "تذكّروا أنني مخوّل بـ 'فرض صفقة' تجارية مع الولايات المتحدة إذا لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق أو إذا تم التعامل معنا بشكل غير عادل. وقد أُبلغتُ للتو أن الاتحاد الأوروبي اتصل لتحديد مواعيد اجتماعات بشكل سريع". 

وأردف الرئيس الأميركي قائلاً: "هذه خطوة إيجابية، وآمل أن يقوموا - أخيراً - كما طالبت الصين من قبل، بفتح أسواق الدول الأوروبية أمام التجارة مع الولايات المتحدة الأميركية. إذا فعلوا ذلك، فسوف يكون كلاهما - أوروبا والصين - سعيداً وناجحاً للغاية!"

كان رئيس الولايات المتحدة اقترح الأسبوع الماضي فرض تعرفة جمركية بنسبة 50% على الواردات من الاتحاد الأوروبي اعتباراً من الأول من حزيران.

لكنه أعلن يوم الأحد أنه سيؤجل الموعد النهائي لفرض تلك الرسوم جمركية إلى التاسع من يوليو/ تموز بناءً على طلب من رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين. 

من جانبها قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، يوم الأحد بعد اتصال هاتفي مع ترامب، إن الاتحاد الأوروبي مستعد للتحرك سريعاً في المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة، لكنه سيحتاج حتى التاسع من يوليو، وهو الموعد النهائي الأصلي للمحادثات، "للتوصل إلى اتفاق جيد".

وأضافت أورسولا فون دير لاين في منشور لها على إكس أنها أجرت مكالمة هاتفية "جيدة" مع ترامب.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • ترامب: الاتحاد الأوروبي تذكر صلاحيتي بـ "فرض صفقة" تجارية.. ودعوته للتفاوض خطوة إيجابية
  • حريق مهول يلتهم غابة هوارة رئة طنجة وتساؤلات حول نجاعة “استراتيجية 16 مليار” التي أطلقها هومي
  • الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء صندوق أسلحة بقيمة 150 مليار يورو
  • الاتحاد الأوروبي يوافق على صندوق تسليح بقيمة 171 مليار دولار
  • 1.8 مليار يورو.. التخطيط: إطلاق آلية ضمانات الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي الشهر المقبل
  • المشاط: إطلاق آلية ضمانات الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي خلال يونيو المقبل بقيمة 1.8 مليار يورو
  • مصر والسويد تتعاونان لتعزيز مستقبل الطاقة المتجددة والربط الكهربائي الأوروبي
  • الاتحاد الأوروبي يزيد مساعداته الإنسانية لسوريا إلى 202 مليون يورو
  • 2000 يورو تحرم ليون من التعاقدات حتى صيف 2026