يقدم الفيلم الهندي "الدبلوماسي" (The Diplomat)، من إخراج شيفام ناير وبطولة جون أبراهام، نفسه على أنه فيلم إثارة سياسي، مُستندا إلى قصة إنقاذ حقيقية لـ"عظمة أحمد"، وهي امرأة هندية يحبسها زوجها في باكستان. ولكن خلف سرد الفيلم السطحي للدبلوماسية والفخر الوطني، تمكن قراءته على أنه مثال واضح على الدعاية السياسية باستخدام السينما كأداة للحرب النفسية والأيديولوجية تحت ستار الواقعية.

وأثار توقيت عرض الفيلم الهندي "الدبلوماسي" في 9 مايو/أيار الجاري على نتفليكس كثيرا من الأسئلة حول انحياز واحدة من كبرى منصات البث في العالم للطرف الهندي في الصراع الحالي بينها وبين باكستان، خاصة بعد التصعيد العسكري بين الطرفين، إذ يعلن العمل عن نفسه من اللحظة الأولى بطرحه صورة نمطية مغلوطة عن الرجل المسلم الذي يسيء دائما للمرأة دون شفقة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أفلام وسينماlist 2 of 2فيلم "المشروع X".. هل يصبح أهم أفلام 2025 المصرية؟end of list

ويستدعي الاستخدام البدائي لذلك النوع من الدعاية في ثوب سينمائي حالة تاريخية مشابهة، حين استخدم جوزيف غوبلز، وزير الدعاية في ألمانيا النازية، السينما كأداة رئيسية للدعاية والحرب النفسية، مدركا قوتها في التأثير الجماهيري، مستعينًا بها لنشر الأفكار العنصرية، وتمجيد هتلر، والتحكم في الوعي الشعبي.

إعلان

تدور أحداث الفيلم حول امرأة تُدعى عظمة أحمد (سعدية خطيب) تدخل السفارة الهندية في باكستان مدّعية أنها مواطنة هندية، وتلتمس الحماية بعد تعرّضها لتعذيب نفسي وجسدي على يد زوجها الباكستاني. في البداية، يشتبه موظفو السفارة في أنها قد تكون إرهابية أو عميلة استخبارات، لكن بعد التحقق من هويتها وجواز سفرها، تتضح حقيقة وضعها.

يتدخل الدبلوماسي الهندي في باكستان جيه بي سينغ (جون أبراهام) ويمنحها حق اللجوء داخل مبنى السفارة. لكن الأمور تتعقّد حين يتهم زوجها "طاهر" الدبلوماسيَ باحتجازها قسرًا، مدعيًا أن ما يحدث محاولة لتشويه سمعة باكستان أمام الرأي العام العالمي.

يطلب "جيه بي" من "عظمة" أن تخرج للإعلام وتروي قصتها الحقيقية، بما في ذلك الإساءات التي تعرضت لها، خاصة بعد أن اكتشفت أنها خُدعت واستُدرجت إلى باكستان، حيث أُجبرت لاحقًا على الزواج من "طاهر".

الوقت يداهم الجميع، إذ لم يتبقَّ أمام الدبلوماسي الهندي سوى 3 أسابيع فقط لإيجاد حل قبل انتهاء تأشيرتها، مما يجعل بقاءها في السفارة غير قانوني حسب القوانين الدولية، ويضع مصير "عظمة" على المحك.

سرد مفخخ

منذ بدايته، يستخدم فيلم "الدبلوماسي" تكتيكات سينمائية لتعزيز صور نمطية عن المسلمين والدولة الباكستانية، ويُصوَّر الرجل المسلم على أنه شخص عنيف وخشن بلا مشاعر ولا ضمير، وغير جدير بالثقة، وغير مستقر عاطفيا، ويصدر الصورة النمطية المختلقة "للإرهابي". في الوقت نفسه، تُصوَّر الشخصية النسائية الرئيسية "عظمة"، كضحية عاجزة تحتاج إلى الإنقاذ من "وحشية" المجتمع، واللافت هنا أنه ليس مجرد تمثيل درامي، بل هو إعادة إنتاج متعمدة لصور معادية للإسلام تم تصنيعها في أجزاء من السينما الهندية الشعبية.

بعيدا عن كونه فيلما سينمائيا مصنوعا جيدا، يستغل صناع العمل المشاعر القومية والطائفية التي تعزز رؤية ثنائية للهند بوصفها قوة حضارية وباكستان بوصفها "آخر" رجعيا وفوضويا، وهو ما يعني أن هذه الصورة يتم توظيفها في الحرب الثقافية الأوسع بين البلدين.

فيلم "الدبلوماسي" يستخدم تكتيكات سينمائية لتعزيز صور نمطية خاطئة عن الرجال المسلمين (آي إم دي بي) الدعاية السوداء في العمل

على عكس الدعاية البيضاء، حيث يكون المصدر محددا بوضوح، أو الدعاية الرمادية، التي تتسم بالغموض، يندرج فيلم "الدبلوماسي" تمامًا في نطاق الدعاية السوداء، حيث تُخفى الرسالة الأيديولوجية وراء ستار من السرد القصصي المحايد. يركز تسويق الفيلم على "الأحداث الحقيقية"، لكنه يختار ويضخم جوانب معينة من القصة لخدمة أجندة أعمق، وهي تشويه سمعة الهوية الباكستانية، وخاصة الرجل المسلم، مع تقديس الدبلوماسية الهندية.

إعلان

ويشمل هذا الأسلوب في السرد القصصي تلاعبا بالرأي العام، خاصة في سياقٍ ترسخت فيه الإسلاموفوبيا والشعبوية القومية في الخطاب السياسي الهندي، ويسعى هذا الأسلوب إلى تشكيل المواقف ليس فقط تجاه الدبلوماسية، بل تجاه الدين والهوية والانتماء الوطني.

ولعل أفلاما مثل "الدبلوماسي" لا تُبنى في فراغ، ومع إصدارها في زمنٍ يشهد تزايد العسكرة وتصاعد القومية الهندوسية في الهند، تعكس هذه الأفلام اتجاها متزايدا نحو الانحياز السينمائي لروايات الدولة. صحيح أن السينما كانت دائما وستظل رؤية خاصة بصناع العمل، لا ينبغي أن يفرض عليها الحياد، وإلا تحولت إلى نشرة إخبارية، لكن التعسف وتصدير الصور النمطية واستخدام الأحداث الفردية في التعميم واستدعاء مقولات دعائية بالأساس لا يمكن أن ينتمي إلى الفن، وإنما هو خطوة تكتيكية في حرب أيديولوجية طويلة.

يعيد الفيلم تأكيد الخرافات المعادية للإسلام التي تخدم أجندات سياسية من خلال تصوير المسلمين -خاصة الباكستانيين- على أنهم همجيون ومخادعون، ويُعد هذا الأمر إشكاليا بشكل خاص بالنظر إلى النتائج المتوقعة لدعم هذه الصورة من تعزيز للتحيز، وإضفاء لشرعية على عنف الدولة، وتجريد للمجتمعات من إنسانيتها.

أحداث حقيقية ودراما مزيفة

قدم الممثل جون أبراهام أداء هادئا ومؤثرا في دور "جيه بي سينغ"، بينما تُجسد سعدية خطيب شخصية "عظمة أحمد" بضعفها وقوتها، مما يضفي على شخصيتيهما طابعا من الأصالة، وقدم المخرج شيفام ناير إيقاعًا سلسًا طوال الفيلم، محافظًا على التفاعل دون أي تباطؤ غير ضروري، وموازنًا بفاعلية بين الدراما والواقعية، وحافظ على وضوح السرد، وهو ما جعل نسج الخيوط السياسية والعاطفية المعقدة سلسا بشكل جعل العمل "هندسيا"، وظهر بشكل أقرب إلى المقال.

ولعل إدراج نسخة مُعاد إنتاجها من أغنية "بهارات" من فيلم "روجا" عام 1992 أضاف لمسةً من المشاعر الوطنية، ورغم أنها ليست أغنية وطنية هندية صريحة، ولكنها تحمل دلالات وطنية عميقة، و تتضمن كلمات في الهندية والعربية.

إعلان

رغم أن فيلم "الدبلوماسي" قد يستقي أحداثه من قصة حقيقية، فإن تصويره لباكستان والمسلمين ليس منصفا ولا واقعيا، بل يُصوَّر من خلال عدسة الدعاية القومية، وهو ما يجعل الفيلم أحد أدوات تعميق الانقسام. وسرعان ما يكتشف المشاهد أنه أمام فيلم إثارة سياسي موضوعي، وكتيب سينمائي عن الحرب، يستخدم لغة الفن لإيصال رسالة ضارة وذات دوافع سياسية، وفي خضم الحرب الإعلامية، والمواجهة بين البلدين، لا يُمثل فيلم "الدبلوماسي" صوتًا للدبلوماسية، بل هو سلاح متنكر في صورة كاميرا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات على أنه

إقرأ أيضاً:

5 نصائح لـ«شيخوخة» أكثر حيوية

ترجمة: أحمد عاطف

مع التقدم في العمر، يزداد اهتمام الكثيرين بالحفاظ على صحتهم وحيويتهم، لاسيما في ظل توافر العديد من الأبحاث العلمية التي تقدم إرشادات ونصائح مهمة لتحقيق ذلك، واستعرضت صحيفة Times of India بعض النصائح التي قدمها الدكتور «إريك توبول»، طبيب القلب وخبير أبحاث الشيخوخة.
وتشمل 5 خطوات تمكِّن كبار السن من الحفاظ على الصحة والحيوية، وهي مستمدة من كتابه الذي يقدم نهجاً عملياً للحفاظ على جودة الحياة مع التقدم في السن.

1- تمارين رياضية
يُعتبر النشاط البدني عنصراً أساسياً للتمتع بصحة جيدة وأكثر حيوية مع التقدم في السن، وينصح الدكتور «توبول» بممارسة التمارين الرياضية الهوائية، مثل المشي السريع والسباحة، وتمارين المقاومة، مثل رفع الأثقال أو استخدام أحزمة المقاومة، وذلك لدورها في الحفاظ على قوة العضلات، وتحسين الوظائف الحركية، والوقاية من السقوط والإصابات المرتبطة بالعمر.

2- نوم كافٍ 
النوم الجيد مهم للحفاظ على التوازن، ويوصي التقرير بالحصول على 7 ساعات من النوم المتواصل يومياً. كما ينصح باستخدام أجهزة تتبع النوم الذكية لتقييم جودته، إذ يسهم النوم المنتظم في تحسين وظائف الجهاز العصبي المركزي، وتعزيز قدرة الجسم على التعافي.

3- نظام غذائي
يشدد التقرير على أهمية النظام الغذائي المتوسطي الذي يعتمد على تناول كميات كبيرة من الخضراوات، الفواكه، الحبوب الكاملة، البقوليات، المكسرات، والأسماك، مع تقليل استهلاك اللحوم الحمراء، مما يساعد في الوقاية من الأمراض المزمنة، مثل السرطان والسكري وأمراض القلب.

4- التحكم في التوتر
يذكر التقرير أن التحكم في التوتر أمر أساسي للحفاظ على الصحة النفسية والجسدية، لذلك ينصح باستخدام تمارين التأمل والتنفس العميق واليقظة الذهنية Mindfulness للمساعدة في خفض مستويات هرمون التوتر أو «الكورتيزول».

5- علاقات اجتماعية
تظهر الأبحاث أن الحفاظ على علاقات اجتماعية قوية والتواصل المستمر مع العائلة والأصدقاء، يسهم بشكل كبير في تعزيز الصحة العقلية والعاطفية، حيث ثبت أن العزلة الاجتماعية مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب.

أخبار ذات صلة ليلى الهياس لـ«الاتحاد»: «المدينة الدامجة» تترجم التزام أبوظبي بتعزيز جودة الحياة

مقالات مشابهة

  • 5 نصائح لـ«شيخوخة» أكثر حيوية
  • برج العقرب حظك اليوم السبت 31 مايو 2025.. تجنب التوتر والعصبية الزائدة
  • بولتون الذي تجاوزه التاريخ يواصل دعم دعاية البوليساريو
  • على هامش افتتاح معرض "العمران إكسبو".. أزيد 51 ألف شخص استفادوا من دعم السكن من أصل 136 ألف طلب (فيديو)
  • الإمارات تستضيف اجتماع «وسط المحيط الهندي»
  • «خارجية الحكومة الليبية» تنظم ندوة لمناقشة الحماية الجنائية للبعثات الدبلوماسي
  • وزير التعليم يلتقي رئيس كلية كوينز بجامعة كامبريدج على هامش زيارته للمملكة المتحدة
  • على هامش زيارة الملك إلى الجفر.. العيسوي يفتتح مصنع مخبوزات وحلويات عربية في معان
  • الجبير يبحث تعزيز العلاقات مع وفد من البرلمان الهندي
  • وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل وفدًا من أعضاء البرلمان الهندي