جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-30@06:54:54 GMT

ضرب الجذور لا القشور

تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT

ضرب الجذور لا القشور

 

 

محمد بن رامس الرواس

في سلطنتنا الحبيبة عُمان نتطلع دائمًا إلى النهوض بالشباب كونهم عماد الوطن ومنجزي رؤيتنا المستقبلية، لكن تأتي آفة المخدرات لتصبح إحدى العثرات الخطرة أمام هذا الطريق، وتحديًا كبيرًا يشبه المُعضِلة الجاثمة على صدورنا في مجتمعاتنا، حيث إنها تدمر وتهلك الأجساد والعقول والأخلاق والقيم من خلال سلب صحة شبابنا، مستهدف من يقف خلف هذا الأمر النيل من حاضرنا ومستقبلنا.


ولأجل العلاج الناجع لا بُد أن نضع خططًا سريعة وقوية ونافذة تحتوي على ثلاث مراحل، أولها لا تبدأ بالضحية؛ بل بالمجرم الحقيقي الذي يتمثل في المصنع، والمهرب، والمروج. فإن تدمير مكامن ومصادر هذه السموم يعتمد على القضاء على مكامن التصنيع والترويج؛ وذلك عبر تكاتف أجهزتنا العسكرية والأمنية وبتعاون مجتمعي مشفوعًا بتشريعات قانونية جديدة صارمة، معززة بأجهزة متخصصة تسابق الزمن للنيل من المصدر والقضاء عليه، لأن ذلك يعد الضربة المثلى لهذه الآفة وتدمير جذورها، وبدون ذلك لا يمكن التعافي من مصادر هذه السموم، وهذه الخطوة تمثل أفضل السبل نحو السير باتجاه التعافي بإذن الله تعالى.
ثاني هذه المراحل: مرحلة الوعي المجتمعي، وهذا يكون عبر تفعيل دور اللجان الاجتماعية والصحية والتربوية لمتابعة ورصد ما تم ويتم بشأن وضع خطط لبرامج متتالية وممنهجة، مصحوبًا بندوات توعوية وتوجيهات إرشادية ووقائية عبر منابر المساجد، وبالتلفاز، ووسائل التواصل الاجتماعي، سواء كانت برامج صحية أو ثقافية، توضّح خلالها الحقائق كاملة لما يحدث من أضرار مجتمعية تعود سلبًا على الوطن وعلى المتعاطي لهذه الآفة. ويمكن في هذه المرحلة الاستعانة ببرامج ذكاء اصطناعي تستطيع مخاطبة الشباب بلغة عصرية، تكشف لهم حقيقة ما يُحاك ضدهم وضد وطنهم، وكيف أن هذه الآفة تدمر الأعصاب والعقل، وتنتهي بصاحبها بنهاية مؤلمة يخسر فيها الشاب احترامه أمام مجتمعه، ويخسر فيها صحته وربما حياته.
ولن يفوتنا هنا في هذه المرحلة ذكر دور الأسرة والمدرسة، اللذين عليهما الحمل الأكبر ليضعوا النقاط على الحروف ويحطموا الصورة المزيفة للمخدرات أمام الشباب بوسائلهم التعليمية.
وثالث هذه الخطوات: الإسراع في وضع مصحّات صحية للتعافي من هذه الآفة، فلا بُد أن نضمن وجود بيئة آمنة صحية بيننا قادرة على استيعاب من انجرف في هذا الطريق، ولديه الإرادة والعزيمة للرجوع إلى الصواب؛ حيث لا يمكن أن نُدير ظهرنا للمدمن، بل علينا أن نمدّ له طوق النجاة، وذلك عبر استحداث مراكز إعادة التأهيل على أعلى مستوى، مشفوعة بدعم نفسي ورعاية طبية متخصصة، مع وضع برامج للإدماج الاجتماعي بنهاية مرحلة العلاج. وكل هذه المراحل بالنهاية يجب أن تكون جزءًا من منظومة متكاملة وشاملة.
ختامًا.. علينا أن نمنح المدمن فرصة ثانية ليلتحق بمجتمعه، ونقولها مرة أخرى: إن الأزمة التي نخوضها ضد المخدرات تبدأ من ضرب المصدر مع معالجة الضحية، ويكون سلاحها التشريع والوعي والعلاج؛ فلنحمِ شبابنا بالوسائل الفاعلة والأدوات التي تقضي على هذه الآفة وبترها من مكامنها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

منحنى التعافي يبدأ.. صندوق النقد يرفع توقعاته لمصر والمرحلة المقبلة الاختبار الحقيقي

في تقييم جديد يعكس تغيرًا في المزاج الدولي تجاه الأداء الاقتصادي لمصر، أشادت بعثة صندوق النقد الدولي بنتائج الاقتصاد الكلي المصري، مؤكدة أن الأداء تجاوز التوقعات خلال النصف الأول من العام المالي الجاري. وجاء هذا التصريح عقب الزيارة الأخيرة التي أجراها وفد من الصندوق إلى القاهرة بين السادس والثامن عشر من مايو 2025، في إطار المراجعة الخامسة لاتفاق الدعم المالي الموقع في مارس 2024 بقيمة 8 مليارات دولار.

وفي بيان رسمي صادر عن الصندوق يوم الثلاثاء، شددت فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد إلى مصر، على أن البلاد "أحرزت تقدمًا ملموسًا نحو استقرار الاقتصاد الكلي"، ما دفع الصندوق إلى رفع توقعاته للنمو الاقتصادي في السنة المالية 2024/2025 إلى 3.8%، وهو ما يتماشى مع نتائج استطلاع أجرته وكالة "رويترز" في أبريل الماضي لآراء 17 محللاً اقتصاديًا.

نتائج فاقت التوقعات وتعافٍ تدريجي

ووفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، فإن الاقتصاد حقق نموًا بنسبة 4.3% خلال الربع الأول من العام المالي، أي في الفترة ما بين أكتوبر وديسمبر 2024، فيما تُشير التوقعات الرسمية إلى نمو بنسبة 5% خلال الربع الثاني، الممتد من يناير حتى مارس 2025. هذه الأرقام تُشير إلى مسار تصاعدي في أداء الاقتصاد المصري، بعد سنوات من الضغوط الناتجة عن التضخم، اضطرابات سلاسل التوريد، وارتفاع فاتورة الواردات.

وفي هذا السياق، لفت بيان صندوق النقد إلى أن نتائج النصف الأول من العام المالي الجاري فاقت التقديرات الأولية، ما يدل على مرونة الاقتصاد المصري، واستجابته الجزئية للإصلاحات التي تم تنفيذها في القطاعين المالي والنقدي.

إصلاحات ضريبية وجمركية مطلوبة

رغم الإشادة، لم يُخفِ صندوق النقد تحفظاته حيال بعض التحديات الهيكلية التي لا تزال تواجه الاقتصاد المصري. حيث دعا إلى ضرورة تبسيط الإجراءات الضريبية والجمركية، والعمل على توسيع القاعدة الضريبية. وقال البيان إن السلطات المصرية بدأت في تنفيذ إصلاحات على هذا الصعيد، مع التركيز على تحديث البنية الإجرائية لكل من الجمارك والضرائب.

وأكدت البعثة أن هذه الإجراءات بدأت تؤتي ثمارها، لكنها شددت في الوقت ذاته على أن "مواصلة تعبئة الإيرادات المحلية بات أمرًا ضروريًا، لا سيما من خلال تقليص الاستثناءات الضريبية وتحسين الامتثال". واعتبر الصندوق أن الرقابة على مشروعات البنية التحتية الكبرى في القطاع العام تُسهم أيضًا في احتواء الطلب الداخلي، مما يساعد في إدارة التضخم وتحقيق استقرار الأسعار.

دعم دولي مستمر

تأتي هذه المراجعة بعد أن أقر الصندوق المراجعة الرابعة للبرنامج في مارس 2024، والتي أتاحت لمصر الحصول على دفعة تمويل جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار، ضمن الاتفاق الشامل البالغ 8 مليارات دولار. ويُعتبر هذا الاتفاق واحدًا من الأدوات الأساسية التي تعتمد عليها الحكومة المصرية في مواجهة التحديات التمويلية، وتوفير النقد الأجنبي لدعم احتياجات الاقتصاد.

ومن المتوقع أن تُسهم المراجعة الخامسة، التي أنهى الصندوق تقييمها مؤخرًا، في صرف دفعة جديدة من التمويل في حال استيفاء الحكومة للمعايير المستهدفة، خصوصًا فيما يتعلق بإدارة السياسات النقدية، ومواصلة تحرير سعر الصرف، وتحسين بيئة الاستثمار.

مستقبل واعد لكنه مشروط

وفي ضوء هذه النتائج، تبدو الآفاق الاقتصادية لمصر أكثر تفاؤلًا، على الأقل على المدى القصير. ومع ذلك، فإن الصندوق لا يزال يُحذر من ضرورة مواصلة الإصلاحات الهيكلية وتفادي التراخي في تنفيذ السياسات المالية. ويؤكد الخبراء أن القدرة على الحفاظ على هذا الزخم الإيجابي ستعتمد على مدى جدية الحكومة في معالجة تحديات مزمنة، مثل هيمنة القطاع العام، وتعقيدات النظام الضريبي، وضعف الاستثمار الأجنبي المباشر.

وبينما تمضي مصر في طريقها نحو تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي، فإن المرحلة المقبلة تتطلب توازنًا دقيقًا بين تحقيق الاستقرار المالي والعدالة الاجتماعية، عبر سياسات أكثر شمولًا وشفافية، من شأنها تعزيز الثقة المحلية والدولية في بيئة الأعمال.

إشادة صندوق النقد الدولي بأداء الاقتصاد المصري لا تعني انتهاء التحديات، لكنها تعكس بداية تحول ملموس في نظرة المؤسسات الدولية لأداء الدولة. وبينما يُنتظر أن تسهم هذه الثقة الدولية في جذب المزيد من الاستثمارات وتحقيق استقرار سعر الصرف، فإن استمرار النجاح يتوقف على مدى التزام الحكومة بإصلاحات عميقة تمس بنية الاقتصاد وتُعيد رسم العلاقة بين الدولة والسوق.

طباعة شارك الاقتصاد المصري صندوق النقد الاقتصاد صندوق النقد الدولي

مقالات مشابهة

  • المراحل الأخيرة لتجديد ملعب كامب نو معقل برشلونة
  • الدولار ينتفض بعد حكم قضائي.. هل تبدأ رحلة التعافي بعد هبوط مستمر في 2025؟
  • موعد إعلان نتيجة الترم الثاني 2025 لـ جميع المراحل
  • محمد الشرقي يشهد جلسة «الخط العربي كيف نسج جماله من الجذور إلى الآفاق؟»
  • الهوية اليمنية .. عودة إلى الجذور وثبات على الأصالة
  • منحنى التعافي يبدأ.. صندوق النقد يرفع توقعاته لمصر والمرحلة المقبلة الاختبار الحقيقي
  • اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء تدعو لإعلان حالة طوارئ صحية في مناطق تفشي الكوليرا
  • جابر: حركة موفدي الصناديق والمؤسسات تمويلية مؤشر على التعافي بعد الأزمات الخانقة
  • رئيسة المفوضية الأوروبية: ندعم مسار التعافي والمصالحة في سوريا