وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا مباشرا إلى الشركات الأميركية المسؤولة عن صناعة البرمجيات -المختصة بتصميم الشرائح الذكية وأشباه الموصلات- بإيقاف عملية البيع المباشر إلى الشركات الصينية، وذلك حسب وكالة "رويترز".

تضم قائمة الشركات التي وجّه ترامب الأمر لها مجموعة عديدة من الشركات البارزة في قطاع سلاسل التوريد وأشباه الموصلات من مثل "كادنزا" (Cadence) و"سينوبسيس" (Synopsys) و"سيمنز"، وقد وصل الأمر إلى هذه الشركات عبر رسالة رسمية من وزارة التجارة الأميركية والبيت الأبيض.

ورفضت وزارة التجارة التعليق على الأمر عند محاولة "رويترز" للتواصل معها بخصوص وجود مجموعة من الإجراءات والمراجعات المختصة بالمنتجات التي يتم توريدها للشركات الصينية تتمتع بأهمية إستراتيجية للحكومة الأميركية، وتضمنت هذه المراجعات إيقاف رخص التصدير السارية حاليا مع إضافة مجموعة من المتطلبات الإضافية من أجل تجديد هذه الرخص.

تهاوت أسهم الشركات المعنية بهذا القرار بعد ظهور التقرير، إذ خسرت "كادنزا" ما يقرب من 10.7% من سعر أسهمها و"سينوبسيس" 9.6% من قيمة سهمها، وفي حين رفضت "كادنزا" التعليق على هذا التقرير، قال المدير التنفيذي لشركة "سينوبسيس"، في مكالمة مع أحد الخبراء، إن شركته لم تستقبل الرسالة ولم يوجّه لها أي أوامر من خلال وزارة التجارة أو البيت الأبيض، ومن ناحيتها رفضت "سيمنز" التعليق.

إعلان

تعتمد الشركات الأميركية على العملاء الصينيين في مجال تطوير الشرائح وأشباه الموصلات بشكل كبير، إذ يمثلون ما يصل إلى 16% من أرباح "سينوبسيس" و12% من أرباح "كادنزا"، كما تجدر الإشارة إلى أن "سينوبسيس" تتعاون مع العديد من الشركات الرائدة عالميا مثل "نفيديا" و"كوالكوم" و"إنتل".

وأوضح مسؤول سابق في وزارة التجارة الأميركية، في حديث مع "رويترز"، أن هذه القوانين ليست جديدة، إذ تمت مناقشتها مع إدارة ترامب السابقة، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ، لكونها صارمة أكثر من اللازم، وأضاف أن برمجيات تصميم الشرائح وأشباه الموصلات تمثل نقطة اختناق محورية في سلاسل توريد الشرائح وأشباه الموصلات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وأشباه الموصلات وزارة التجارة

إقرأ أيضاً:

«البرازيل ليست حديقة خلفية».. بين تحدي الهيمنة وصعود القوة الناعمة في الجنوب العالمي

منذ عودته إلى سدة الحكم، رفع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا شعار «البرازيل أولًا»، ليس كنسخة مقلّدة من شعارات قومية أخرى، بل كتعبير صادق عن رغبة وطنية لكسر حلقة التبعية والهيمنة، وإعادة تعريف موقع البرازيل على الخريطة العالمية.

في زمن تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية، وتتفكك فيه مراكز القوة التقليدية، قررت برازيليا أن تكون أكثر من مجرد قوة إقليمية: أن تصبح لاعبًا عالميًا له موقف مستقل، ورؤية مختلفة للعالم، بعيدًا عن الوصاية الغربية.

تسعى البرازيل اليوم لتكون رافعة جديدة للاقتصاد العالمي من خلال دورها المحوري في مجموعة «بريكس»، وتوسيع نفوذها في ملفات التنمية، والطاقة النظيفة، والمناخ، والغذاء، وأيضًا عبر سياسة خارجية متوازنة تراعي العدالة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

في هذا السياق، برز موقفها المتقدم من قضايا الشرق الأوسط، وخصوصًا في دعمها لحل الدولتين في فلسطين، ورفضها القاطع لأي تدخل عسكري أجنبي في سوريا، وإدانتها للحصار على غزة، ما جعل منها صوتًا جنوبيًا حرًا يعيد التوازن في خطاب العلاقات الدولية.

ولا يمكن تجاهل الدور المتنامي للجاليات العربية في الداخل البرازيلي، لا سيّما من أصل لبناني وسوري وفلسطيني، التي تجاوزت عدة ملايين من السكان، وساهمت في تشكيل المزاج العام والسياسات، سواء في البرلمان أو الإعلام أو التجارة.

لقد أصبحت هذه الجاليات جسرًا ثقافيًا واقتصاديًا وإنسانيًا، يعزّز من روابط البرازيل بالمنطقة العربية، ويجعلها في قلب الحسابات الجديدة لما بعد عصر الهيمنة.

ترامب ونظرة التسلط المستمرة

في هذا الإطار، يبرز موقف الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، الذي لا يزال يتعامل مع أمريكا اللاتينية بعقلية الحرب الباردة. يعتقد ترامب أن البرازيل مجرد "حديقة خلفية"، وأن بإمكانه توجيه قراراتها، أو على الأقل ليّ ذراعها اقتصاديًا من خلال فرض ضرائب وعقوبات غير معلنة على صادراتها تحت ذرائع بيئية أو سياسية أو تجارية.

لكن هذه النظرة الفوقية تصطدم بواقع مختلف: البرازيل لم تعد تلك الدولة التي تُدار من واشنطن، بل باتت أكثر جرأة في رفض الإملاءات، وأكثر وعيًا بمصالحها القومية، كما ظهر في ملفات كبرى تتعلق بعلاقاتها مع الصين وروسيا، ورفضها التدخل في نزاعات لا تعنيها إلا من منظور العدالة الدولية، وليس الاصطفاف السياسي.

صراع الضرائب.. أم صراع السيادة؟

في الأشهر الأخيرة، تصاعد التوتر التجاري بين البرازيل وبعض القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في شكل ضغوط مالية وضرائبية تمس قطاعات استراتيجية في الاقتصاد البرازيلي، مثل الزراعة والتعدين والطاقة.

هذه "الإتاوات الجديدة" ليست مجرد أدوات ضغط تجارية، بل هي شكل من أشكال تقييد القرار السيادي، وإجبار البرازيل على إعادة تموضعها الجيوسياسي.

البرازيل من جانبها لم تقف مكتوفة الأيدي، بل بدأت في تعزيز شراكاتها مع دول الجنوب العالمي، والانخراط بعمق أكبر في مبادرات بديلة للنظام المالي الغربي، سواء عبر بنك التنمية التابع للبريكس، أو في تعزيز التجارة بالعملات المحلية بعيدًا عن الدولار.

هل تستطيع البرازيل المواجهة؟

الجواب نعم، ولكن بشروط، فالبرازيل تملك مقومات القوة: اقتصاد كبير ومتنوع يُعد من أكبر 10 اقتصادات في العالم، وموارد طبيعية هائلة تؤهلها لتكون قوة غذائية وطاقوية عظمى، وتحالفات استراتيجية مثل «بريكس+»، تمنحها بدائل للنظام الغربي، فضلًا عن رأي عام محلي بات أكثر وعيًا ورفضًا للهيمنة الأجنبية.

وفي المقابل، تحتاج إلى تحصين مؤسساتها السياسية ضد محاولات زعزعة الاستقرار، وإصلاح داخلي جاد يعالج التفاوت الاجتماعي ويعزز الثقة، وإعلام مستقل يستطيع أن يعبّر عن الرؤية الوطنية دون الوقوع في فخ الدعاية.

البرازيل والتاريخ المعاد كتابته

تخوض البرازيل اليوم معركة رمزية كبرى، ليست فقط على مستوى التجارة أو المناخ أو السياسة، بل على مستوى سردية «من يملك الحق في القرار».

لم تعد مستعدة لأن تكون تابعًا، بل شريكًا متكافئًا في كتابة فصول النظام العالمي الجديد.وكما قال أحد المحللين البرازيليين: «الاستقلال لا يُستعاد فقط من الاستعمار، بل من كل وصاية جديدة تتخفى خلف خطاب ديمقراطي أو بيئي أو أمني».

البرازيل إذن، ليست حديقة خلفية لأحد، بل غابة سيادية كثيفة، فيها ما يكفي من الجذور والأغصان لتقاوم الرياح القادمة من الشمال.

كاتب وباحث في الشؤون الجيوسياسية والصراعات الدولية. [email protected]

اقرأ أيضاًوزير الخارجية يلتقي نظيره البرازيلي في نيويورك لبحث جهود وقف إطلاق النار بغزة

رئيس البرازيل يرفض تهديدات ترامب: لن نخضع للضغوط

مقالات مشابهة

  • بعد تهديدات ترامب.. أمريكا تعلن التوصل لاتفاقات تجارية مع كمبوديا وتايلاند
  • «البرازيل ليست حديقة خلفية».. بين تحدي الهيمنة وصعود القوة الناعمة في الجنوب العالمي
  • التكامل بين الشركات الناشئة والكبيرة.. شراكة استراتيجية للنهوض بقطاع التجارة والتجزئة
  • الخبراء يرجون ترامب: أوقف تصدير شرائح إنفيديا للصين
  • تايوان تنفي منع رئيسها من زيارة الولايات المتحدة الأميركية
  • ستاربكس تعلن تراجع مبيعاتها العالمية
  • إدارة ترامب توقف أكثر من نصف التمويل الفيدرالي المخصص للوقاية من العنف المسلح
  • إيران تُحذّر: سنردّ بحزم أكبر في حال تكرار الهجمات الأميركية أو الإسرائيلية
  • ترامب يُكذّب الأنباء عن قمة مع الرئيس الصيني ويشترط دعوة رسمية لزيارة بكين
  • فاينانشيال تايمز: ترامب يعلق ضوابط التصدير لتعزيز اتفاق التجارة مع الصين