الجزيرة:
2025-08-01@16:00:39 GMT

قرار جديد مؤلم لواشنطن من كولومبيا

تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT

قرار جديد مؤلم لواشنطن من كولومبيا

مع اقتراب نهاية فترته الرئاسية، يحثّ الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو الخطى لتوقيع قرارات إستراتيجيّة كبرى، ليؤكد من جديد أن مروره بتاريخ كولومبيا الرئاسي يُعتبر بمثابة ضربة للتحالف الكولومبي-الأميركي العريق الذي دام نحو قرنين من الزمن. وها هو يستعد لاسترجاع زمام الأمور في معركة انتخابيّة قريبة، باتت مؤشراتها محسومة لطيّ صفحة بيترو.

وآخر هذه القرارات ما أقدم عليه الرئيس الكولومبي في الاجتماع الوزاري الرابع لمنتدى الصين- سيلاك (مجموعة دول أميركا اللاتينية والكاريبي)، الذي انعقد في بكين منتصف الشهر الحالي، حيث وقّع على انضمام بلاده رسميًا إلى مبادرة "طريق الحرير الجديدة"، والمعروفة رسميًا باسم "الحزام والطريق".

وقد عزّز هذا القرار برسالة تحدٍّ واضحة لواشنطن، إذ طالبها مباشرة بعد التوقيع بالتعامل مع كولومبيا كحليفَين على قاعدة "الند للند".

وما كان من البيت الأبيض إلا أن ردّ على الفور، عبر تغريدة صادرة عن مكتب شؤون نصف الكرة الغربي، هدّد فيها بأن الولايات المتحدة سترفض قطعًا تقديم أي دعم مستقبلي لكولومبيا، وتوعّدت بتعطيل مدّ الحكومة الكولومبية بما تبقّى من شرائح القروض الحاصلة عليها من المؤسسات المالية الدولية والإقليمية، إن تبيّنت علاقة هذه القروض- من قريب أو بعيد- بمشاريع التنمية والبنية التحتية التي تُشرف عليها الصين. وأضافت التغريدة أن فتح أبواب كولومبيا أمام الصين بهذا الشكل "يهدد أمن المنطقة".

إعلان

ولم يقتصر التهديد في الحقيقة على كولومبيا، بل شمل صراحة كلًا من تشيلي، والأرجنتين، وأوروغواي وبيرو، والإكوادور، والبرازيل، بالقول: "لا يجوز للمؤسسات المالية المُقرِضة، بأي حال من الأحوال، استخدام أموال دافعي الضرائب الأميركيين لدعم الشركات الصينية في نصف الكرة الأرضية الذي نعيش فيه"، مع العلم أن عدد دول أميركا اللاتينية المنضمة إلى مبادرة "الحزام والطريق" بلغ حتى اليوم 21 دولة.

ويُعتبر الانضمام الرسمي لكولومبيا إلى المبادرة الصينية هذا الشهر، والمتزامن مع تولّي الرئيس بيترو الرئاسة المؤقتة لمنتدى سيلاك، بمثابة "الصفعة الثانية" التي تتلقّاها واشنطن من الرئيس بيترو في أقلّ من أربعة أشهر، بعد الأزمة الدبلوماسية الناجمة عن عدم سماحه بهبوط الطائرات العسكرية المحمّلة بالمهاجرين غير النظاميين في ظروف "مهينة"، والتي كانت قد أرسلتها الإدارة الأميركية بأمر من الرئيس ترامب في (يناير/ كانون الثاني) الماضي، في إطار برنامج الترحيل القسري الذي دشّنه مع بداية ولايته الثانية.

وقد صرَّح المبعوث الخاص للرئيس ترامب إلى بلدان أميركا اللاتينية، ماوريسيو كاروني، حينها بجملة من العقوبات على كولومبيا، سرعان ما تراجعت واشنطن عن أغلبها. وها هو يعود اليوم لتأليب الرأي العام الكولومبي على الرئيس بيترو، من خلال التلويح بالتوقف عن استيراد القهوة والزهور الكولومبية، واستبدالها بمنتجات جارتها الإكوادور.

وقد أفلحت هذه التهديدات، أيام الأزمة الدبلوماسية، في دعم خطاب المعارضة الكولومبية، غير أن الرسوم الجمركية المُجحفة التي فرضها الرئيس الأميركي على أغلب الواردات إلى بلاده نالت من نجاعة هذا الخطاب، لا سيما مع ترحيب الرئيس الصيني بالمنتجات الكولومبية، ووعده بفتح أسواق بلاده الشاسعة لها، إلى جانب وعود أخرى لكولومبيا بتوسيع التعاون في مجالات مثل التجارة والبنية التحتية والطاقة الجديدة والذكاء الاصطناعي.

إعلان

وقد أكّد ذلك مبدئيًا، تعهّد الرئيس الصيني خلال المنتدى المنعقد، بتقديم بلاده قرضًا بقيمة 66 مليار يوان (9.2 مليارات دولار) للدول العشر الحاضرة، لتعزيز التنمية في المنطقة.

وقد أجمعت خطابات رؤساء دول المنطقة الحاضرين، لا سيما رؤساء البرازيل، وتشيلي، وكولومبيا، على أهمية استقلالية قرارات بلدانهم في اختيار الحليف الاقتصادي بكل حرية، بما يخدم مصلحة جميع الأطراف، ودون المساس بقيمة السيادة، في إشارة إلى "الاستعلائية" التي تمارسها الولايات المتحدة على بلدان أميركا اللاتينية، لا سيما مع عودة إدارة ترامب لترديد مبدأ "عقيدة مونرو" (Monroe Doctrine) – "أميركا للأميركيين" – كشعار للمرحلة.

وقد قال الرئيس بيترو في هذا السياق: "إن الممارسات التي تتبناها بعض الدول لتحقيق مكاسب أحادية، لا تفضي إلى تحقيق مصلحة العالم، ويجب على جميع الدول أن تتكاتف لمواجهة ذلك"، في إشارة لا تخطئها العين إلى أسلوب إدارة البيت الأبيض.

ومهما كانت الدوافع وراء "تمرُّد" أغلب بلدان المنطقة على التهديدات الأميركية بشأن عدم الانسياق وراء فتح مساحات أكبر لتعزيز الحضور الصيني في القارة الغربية، فإنّ الانفلات من قيد الإدارة الأميركية أصبح حقيقة تعكسها الأرقام على مدى العشريتين الأخيرتين.

وقد نجحت الصين خلالهما في إزاحة الولايات المتحدة من المرتبة الأولى في قائمة الشركاء الاقتصاديين لثلثَي بلدان النصف الجنوبي من القارة، لتحلّ مكانها، بما فيها الأرجنتين تحت حكم الرئيس اليميني خافيير ميلي.

أما كولومبيا، التي حاولت "باحتشام" في عهد الرئيس اليميني السابق إيفان دوكي (2018-2022) تعزيز علاقتها بالصين، فقد حسمت قرارها الآن بسرعة قد تعود بالوبال على الرئيس بيترو بعد نهاية فترته الانتخابية في صيف 2026.

وقد يبدو للبعض أن الانتكاسة التي تلقتها الصين منذ شهرين في بنما تقف وراء هذا الاستعجال، لكن الحقيقة أن قرار ربط ميناء بوينافنتورا الكولومبي، الواقع على المحيط الهادئ، بالموانئ الصينية الدولية، كان قد دخل حيّز التنفيذ قبل تاريخ اتخاذ حكومة بنما قرارها بإملاءات أميركية، وكان ميناء قرطاجنة، شمال كولومبيا، قد سبقه في الخطوة.

إعلان

وتجدر الإشارة هنا إلى أن موقع كولومبيا لطالما مثّل نقطة جاذبة لطموحات الصين، باعتبار أن سواحل كولومبيا تمتد على بحر الكاريبي وعلى المحيط الهادئ معًا، والمسافة الواصلة بين موانئها الدولية تُعدّ الأقصر مقارنة ببلدان جنوب القارة، في حال مدّ سكك حديدية بمواصفات تقنية عالية تربط الموانئ شمالًا وغربًا.

وفي الوقت الذي نجحت فيه الصين، على مدى ما يقارب العشرين عامًا، في خلق تحالفات اقتصادية قوية مع بلدان أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي باعتماد سياسة "النَّفَس الطويل"، ما سيجعلها تشارف على تحقيق 500 مليار دولار كحجم تبادل تجاري مع تلك البلدان بحلول نهاية العام الجاري، لا تزال الولايات المتحدة ماضية في سياسة الفوقية والأوامر والتدخل السافر في الشؤون السياسية والاقتصادية الداخلية لهذه البلدان، كشرط لتحديد حجم التبادل معها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أمیرکا اللاتینیة الولایات المتحدة الرئیس بیترو

إقرأ أيضاً:

كولومبيا تجلي ساحلها المطل على المحيط الهادئ بعد تحذير من تسونامي

أمرت كولومبيا الأربعاء السكان بإخلاء المناطق الساحلية في مقاطعتين تطلان على المحيط الهادئ بسبب إنذار باحتمال حصول تسونامي بعد زلزال بقوة 8,8 درجات ضرب قبالة ساحل روسيا الشرقي على ما ذكرت هيئة إدارة المخاطر.
وأوضحت الهيئة الوطنية لإدارة مخاطر الكوارث عبر اكس "إنذار من تسونامي في تشوكو ونارينيو. نوصي بإخلاء الشواطئ والمناطق الساحلية احترازا" في هاتين المنطقتين. .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تظهر لافتة منطقة خطر تسونامي بالقرب من شاطئ في إل سيغوندو، كاليفورنيا - أ ف ب
أخبار متعلقة زلزال بقوة 7,3 درجة يضرب قبالة ألاسكا مع إنذار من تسوناميزلزال روسيا.. رفع التحذير من تسونامي ونقل السكان بعيدًا عن الساحلسجلا 7.4 درجة.. زلزالان شديدان قبالة الشرق الروسي وتحذير من تسوناميزلزال يقوة 8 درجات
أصدرت السلطات الأمريكية تحذيرًا من خطر حدوث تسونامي في المحيط الهادئ بعد زلزال بقوة 8 درجات ضرب قرابة الساعة 23,25 من ليل الثلاثاء قبالة الساحل الروسي لشبه جزيرة كامتشاتكا، بحسب ما أعلنت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.
وحددت الهيئة مركز الزلزال على عُمق 19.3 كلم وعلى بُعد نحو 136 كيلومترًا من مدينة بتروبافلوفسك-كامتشاتسكي، عاصمة منطقة كامتشاتكا.
وفي 20 يوليو، وقع في المنطقة نفسها زلزال بقوة 7,4 درجة، تلته هزات ارتدادية عديدة، من دون أن يتسبب بأضرار جسيمة.تحذير يابانيكما حذرت السلطات اليابانية الأربعاء من أن أمواج مدّ عال يصل ارتفاعها إلى متر واحد ستضرب ساحل الأرخبيل بعد زلزال شبه جزيرة كامتشاتكا.
وقالت هيئة الأرصاد الجوية اليابانية إن "أمواج تسونامي ستضرب المنطقة بصورة متكررة، يرجى عدم الخروج إلى البحر أو الاقتراب من الساحل إلى أن يُرفع التحذير".

مقالات مشابهة

  • قصة يمني مع النزوح والجوع.. انتظار مؤلم لمساعدات غابت عامين
  • مقررة أممية تندد بتهديدات إسرائيل لمراسل الجزيرة أنس الشريف
  • كولومبيا والإكوادور تلغيان التحذيرات من تسونامي بعد زلزال روسيا العنيف
  • سقوط مؤلم.. حفرة مشروع مجارٍ تُصيب عائلة كاملة في نينوى (صور)
  • أرض الصومال تفتح باب الصفقات لواشنطن مقابل الاعتراف الدولي
  • الجماز: الرئيس الجديد للهلال لن يكون له الصلاحيات التي كان يتمتع بها من سبقه
  • كولومبيا تحذر من وقوع موجات تسونامي على سواحلها
  • كولومبيا تجلي ساحلها المطل على المحيط الهادئ بعد تحذير من تسونامي
  • وفاء عامر كلمة السر.. من هي بنت الرئيس مبارك التي أشعلت السوشيال ميديا؟
  • الجزيرة يتفق مع سبورتينغ براغا لضم سيمون بانزا