جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-03@06:17:53 GMT

رؤية "عُمان 2040".. ببساطة

تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT

رؤية 'عُمان 2040'.. ببساطة

 

ناجي بن جمعة بن سالم البلوشي

يظن بعض المواطنين أن رؤية "عُمان 2040" هي جائزة أو كأس في بطولة ما ستنالها سلطنة عُمان بحلول عام 2040، وهناك سيجدون كل ما وُضِع في الخطة بين أيديهم؛ لذلك يظنون أن هذا المُراد بعيد المنال، وأنهم لن يتمكنوا من التمتع بما فيه؛ بل ولا يمكنهم الانتظار إلى ذلك الموعد لبلوغهم من العمر ما هم فيه!

كما أن المشوار يتطلب 15 عامًا كاملة، بعد 5 سنوات مضت من قبل، ثم بعدها يبدأ التمتع بمكاسب الرؤية لأعوام أخرى.

هذا لا يمكن أن يضمنه عاقل من عمره على الإطلاق؛ لذلك تراهم غير واعين بالدرجة الكافية لعبارة "رؤية عُمان 2040". لذا نضع لكم هنا ماهية الرؤية ببساطة؛ لكي يعقلها العاقل ويحس بها كل من لم يفهمها بعد، خاصةً من عموم الناس الذين تلقَّوا بعض المعلومات من مصادر مختلفة لا تُعنى بالرؤية أو حتى بشيء من أهدافها.

رؤية "عُمان 2040" ببساطة؛ هي خطة وطنية وضعتها الدولة بعد نقاش كل نقاطها وكل ما فيها مع مواطنين عُمانيين من جميع شرائح المجتمع، شاركوا النقاش والتحاور في شتى المجالات والتخصصات على كل ما فيها. هذه الخطة تمتد لمدة 20 عامًا ميلاديًا وتستهدف 4 محاور؛ وهي: مجتمع إنسانه مبدع، واقتصاد بنيته تنافسية، ودولة أجهزتها مسؤولة، وبيئة عناصرها مستدامة.

وللوصول إلى هذه المحاور وُضِعت أولويات؛ وهي: التعليم والتعلُّم والبحث العلمي والقدرات الوطنية، والصحة، والتنوع الاقتصادي والاستدامة المالية، وسوق العمل والتشغيل، وتنمية المحافظات والمدن المستدامة، والتشريع والقضاء والرقابة، والهوية والمواطنة، والتراث والثقافة الوطنية، والرفاه والحماية الاجتماعية، والقيادة والإدارة الاقتصادية، والقطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي، وحوكمة الجهاز الإداري والموارد والمشاريع، والبيئة والموارد الطبيعية.

وفي ديسمبر 2020، تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - فأقَرَّ إطلاق رؤية "عُمان 2040"، وبعد اعتماد إطلاق الرؤية كان على كل أجهزة الدولة مسؤولية تحمُّل ما وُكِّل إليها من أولويات، والتي قامت بدورها في ذلك أمام ما ينتظره المجتمع من أهداف الرؤية. ونرى اليوم، وبعد مضي حوالي 5 سنوات، أن هناك تحسنًا في مؤشرات وخدمات وقوانين وتشريعات كانت في السابق تُعد تعقيدًا للمواطن والمراجع والمستثمر.

مثلًا في محور التعليم والتعلُّم والبحث العلمي والقدرات الوطنية نجد انتقالًا في معنى التعليم وأدواته وبيئته ومجالات التعلُّم، مثل وجود المدارس المُهيأة للتعليم الحديث بوجود الشاشات الرقمية والحواسيب والمختبرات العلمية والمنصات التعليمية، وقد نُشر مؤخرًا التوجه إلى الكتب الإلكترونية، وهذا هو انتقال واقعي لهذه الأولوية.

وفي أولوية الصحة، نجد الاهتمام الذي تبديه وزارة الصحة بكفاءة تقديم خدماتها في المستشفيات والمراكز الصحية وفي تقليص قائمة مواعيد انتظار العمليات الجراحية، مع الانتقال إلى عمليات مُعقَّدة، كان يُرسل مرضاها إلى خارج السلطنة.

أما أولوية التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية، فهي تسير في خطوات لا تخفى على أحد، فيما قامت به الدولة من إعادة هيكلة جهاز الاستثمار العُماني، والشراكة في صناديق مع دول شقيقة وصديقة، وتهيئة البنية الأساسية للاستثمار في مجال الطاقة النظيفة، وإسناد عقود التنقيب عن النفط والغاز واستخراج وتصدير المعادن العُمانية، ومنح أراضٍ بالانتفاع للتنمية الزراعية والسمكية والحيوانية والأمن الغذائي وغيرها.

وفي باقي الأولويات الأخرى، مثل الحماية الاجتماعية التي أوجدت منفعة كبار السن ومنفعة الأطفال وأوجدت منصة إلكترونية للتكافل الاجتماعي، والقضاء ومواعيد التقاضي ورقمنة التقاضي وخدمات التنفيذ ووضع محاكم عمالية تعمل في المساء، وإنشاء محكمة خاصة بالتجارة والاستثمار، كل ذلك يُعد انتقالًا جديدًا في هذا الجانب المُهم في المجتمع.

والآن - أيها القارئ - عليك أن تنتقل إلى كل أولوية وتُفتِّش فيها بين ما كانت وبين ما هي عليه اليوم، وبين ما ستكون عليه مستقبلًا، فأنت ستأخذ منها ما هو في زمانك لا أكثر، وسيأتي من في المستقبل ليضع نفس المقياس، بما يجده وبين ما سيجده في المستقبل، وهكذا.. حتى نصل إلى بلوغ محاور الرؤية، ما يعني أن رؤية "عُمان 2040" هي انتقال اجتماعي اقتصادي من وضع كُنَّا فيه، إلى وضع آخر نرغب أن نكون فيه؛ فإذا لمسناه مُتغيِّرًا وبه تغير، فاعلم أنك قد وصلت إلى مُرادك، وحصلت على ما في الرؤية من أهداف، حتى ولو بعد عام من قراءة هذا المقال، وأنك لستَ مُلزمًا لأن تنتظر حتى 2040، لترى كل شيء قد تغير، وأن "مترو مسقط" أصبح واقعًا أو مدينة السلطان هيثم قد اكتملت كل مبانيها، أو حتى أن الرعاية الصحية أمست أفضل بكثير بواسطة استخدام الذكاء الاصطناعي، أو باختراقات علمية عُمانية في العلاج أو بإنتاج عُمان للأدوية والأمصال النادرة وغيرها من الوسائل.

وأخيرًا.. فإن طلب الخدمة عن طريق التطبيق الإلكتروني من أي وزارة وشركة حكومية أو تقديم الشكوى على أي وزارة وموظف في منصة "تجاوب"، كافٍ للانتقال بين ما قد كان موجودًا قبل 5 سنوات وبين اليوم. وهذه هي الرؤية ببساطة!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

"منظومة إجادة" من منظور علمي.. بين الرؤية والتأمل (2- 4)

 

د. سالم بن محمد عمر العجيلي **

 

ويُعَدّ الأسلوب العلمي في تنفيذ واتخاذ القرارات الفنية والإدارية، وخاصة بالإنتاجية، مهمًا، ويجب أن يكون هناك تكامل بين تصميم الخدمات والمنتجات والأداء المتحقق منها. وهناك العديد من المعايير والمواصفات العلمية الخاصة بها، أهمها في إدارة الجودة الأساليب الإحصائية، التي تُساهِم في ضبط الجودة، بجانب التحسين والتطوير، والوقاية من الأخطاء قبل وقوعها، لأن تكلفتها ستكون أقل من معالجتها.
والجودة تعتمد على الرقابة المستمرة للأداء لتفادي الخطأ، ويتطلب وجود معايير مقبولة لقياس جودة الخدمات والمنتجات أثناء الإنتاجية بدلاً من تطبيقها بعد وقوع الأخطاء. كما أن توجيه وتدريب العاملين يعتمد على تحفيز وإطلاق جميع الطاقات لممارسة الأعمال وزيادة شعورهم بالولاء للمؤسسة، ومنحهم بعض الامتيازات كالتأمين الاجتماعي والأمن الوظيفي والتأمين الصحي، بجانب توفير المناخ الملائم للعمل التنظيمي القائم على الثناء والتقدير وحرية التعبير والمشاركة والتطوير؛ فهي عملية جماعية شاملة تعتبر التدريب والاستمرارية في التحسن والتطوير أساسيات لتطوير عملية الإنتاجية والنجاح.
ويؤدي ذلك إلى تطبيق قواعد وأدوات الجودة وتبسيط الإجراءات والفاعلية التشغيلية، لتحسين مستوى العمل والأداء وتطور المؤسسة لأعلى درجات الجودة.
وإدارة الجودة تُشكِّل أهمية كبيرة وتعطي قيمة هائلة للعملية الإنتاجية وأنشطة المؤسسة في أعين عملائها، وترفع من معنويات العاملين وتزيد من ولاء العملاء لها. وقد ينجح البعض في تطبيقها وقد يفشل غيرهم، فهناك العديد من المشاكل والأخطاء تقف أمام حلم تطبيقها، فهي مقياس مهم لتطوير أداء المؤسسة والعاملين بقطاعاتها، ينعكس على مستوى الخدمات والسلع ويرفع من قيمتها.
ويجمع خبراء الجودة والتميز في العالم على أن توظيف أي خطة رؤية ناجحة للمستقبل لا بد له من رؤية ورسالة وأهداف رئيسية وفرعية وقيم. وتمتلك الرؤية الجيدة للمؤسسة ورسالتها أهمية كبيرة في نموها ونجاحها المستقبلي، بصرف النظر عن نوعها أو حجمها أو طبيعة عملها؛ فالرؤية والرسالة تعملان معًا على توجيه الأعمال والموظفين، وتساعدان في تسويق العلامة التجارية للمؤسسة. والرسالة تُساهِم في توجيه الرؤية والخطة الاستراتيجية مستقبلاً، ولكل منهما وصف ووظيفة؛ فالرؤية تركز على الغد وما ستكون عليه، والوضع الذي ترغب الشركة أو المنشأة أو المنظمة أن تصل له في المستقبل.
أما الرسالة فتركز على الوقت الحاضر والأعمال التي تنفذها من أجل تحقيق أهدافها، والحالة والأهداف التي ترغب بتنفيذها في الوضع الراهن، وكلاهما يوجهان أهداف المؤسسة إلى ما تطمح إليه.
الرؤية (Vision) تعني الحلم والتصورات أو التوجهات لما يجب أن تكون عليه المنظمة في المستقبل البعيد، أي تحديد إلى أين تتجه المنظمة، فهي صورة تخيلية ذهنية أو حلم تصبو إليه المنظمة مستقبلاً، والريادة في نشر وتطبيق مفهوم الجودة الشاملة في شتى العمليات، وتمتاز بأنها طموح عالٍ يرتقي بوضع المنظمات إلى ما هو أفضل؛ فهي تحدد الوضع المستقبلي الذي تطمح إليه، وتبقى ثابتة ولا تتغير مع مرور الوقت، والتي لا تعتمد على رؤية لن يدوم نجاحها طويلاً، فهي تساعدها على تحقيق أهدافها بمشاركة جميع الأعضاء الموجودين فيها، وتساعد الموظفين على فهم طبيعة عملهم على المدى الطويل، وأن تتصف بالوضوح والبساطة والإيجاز وتعابير جذابة تصف المستقبل المشرق لها، تحتوي على تطلعات وطموحات واقعية قابلة للتنفيذ والتحقيق، والملاءمة بين القيم التي تحتوي عليها وثقافة المؤسسة، وعلى بنود تهتم بالوقت المناسب لتحقيق الأهداف المطلوبة، وتُعتَبَر قاعدة أي تطور تسعى المؤسسة لتحقيقه بتعاون أعضائها والتزامهم بعملهم.
وتكمن أهميتها في أنها خطوة مهمة من خطوات التخطيط الاستراتيجي، والدليل الذي يُسترشَد به على تنفيذ الخطة بطريقة جيدة.
أما الرسالة (Mission)؛ فالسبب في وجود المنظمات الاستراتيجية يرجع في الأساس إلى الرسالة، وهي عبارة عن مستند ضروري لتأسيس المنظمة وإقامتها، وكتابة توجيهاتها الهامة من خلال اتخاذ القرارات، والركيزة والإطار لتميّزها عن نظيراتها، وعنصرًا مهمًا تستند عليه لتحدد رؤيتها والغاية منها ووصف هدفها الشامل، وغرس ونشر ثقافة تطبيق معايير الجودة والتطوير المستمر في كافة نشاطاتها، لتحقيق الرؤية لها ولأهدافها الاستراتيجية والتخطيط بفاعلية.
وتُعبّر عن أهدافها التنظيمية التي يجب إنجازها، وتعكس جوانبها كاملة لتعزيز مهارات الكوادر البشرية (الموظفين) بالتدريب والتحفيز، والعملاء، والخدمات، والتكنولوجيا، وجودة إنتاجها، وموقف قوتها أو ضعفها في السوق، وقدرتها على الاستمرار، والتأكد من تطبيق نظام إدارة الجودة وفق المعايير العالمية المعتمدة.

** خبير الجودة والتميز المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي

مقالات مشابهة

  • حالة الطقس.. شبه انعدام مدى الرؤية على الشرقية ومكة والمدينة
  • "منظومة إجادة" من منظور علمي.. بين الرؤية والتأمل (2- 4)
  • التفاصيل المالية لصفقة انتقال جارسيا إلى برشلونة
  • "إشرافية إعداد الخمسية الحادية عشرة" تستعرض التوجهات والخطوات المقبلة
  • هل ينتقل محمد شريف إلى الأهلي ؟.. أحمد حسن يجيب
  • اللجنة الإشرافية لإعداد خطة التنمية الخمسية الـ 11 تعقد اجتماعها الثالث
  • البنك الدولي يُشيد بتوجهات "عُمان 2040" نحو الاستدامة
  • كل ما تريد معرفته عن صفقة انتقال برونو فيرنانديز إلى الهلال السعودي
  • لقاح الجيل التالي للوقاية من كوفيد 19 يحظى بموافقة الدواء الأمريكية