في خضم التحولات المتسارعة التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في مختلف مناحي الحياة، انعقد في العاصمة القطرية الدوحة في 27 و28 مايو/أيار 2025 المؤتمر الدولي "الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: الفرص والمخاطر والرؤى لمستقبل أفضل"، بتنظيم من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وبالتعاون مع مؤسسات أممية وإقليمية، من بينها مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان.

ناقش المؤتمر الأبعاد المتعددة لتأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي على الحقوق والحريات، وخصّص جلسات موسعة لقطاعات حيوية مثل الأمن، والديمقراطية، والإعلام، والتعليم، والعمل، بمشاركة خبراء دوليين من الأمم المتحدة، وشبكة الجزيرة الإعلامية، ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب ممثلين عن القطاع التكنولوجي.

جانب من جلسة الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإعلام (الجزيرة) الإعلام والذكاء الاصطناعي.. مقاربة حقوقية

برزت خلال المؤتمر جلسة مميزة بعنوان "الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإعلام وفق نهج حقوق الإنسان: المخاطر والابتكار"، نظمها مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان بالشراكة مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.

وسلطت الجلسة الضوء على التحولات الجذرية التي يشهدها قطاع الإعلام تحت تأثير الذكاء الاصطناعي، من إنتاج المحتوى وتوزيعه، إلى التفاعل مع الجمهور، مع التركيز على أهمية إدماج قيم حقوق الإنسان في هذه العملية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2آلاف الأفغان يصارعون للبقاء في أميركا بعد إلغاء "الحماية"list 2 of 2التعاون الإسلامي: 90% من حوادث الإسلاموفوبيا لا يُبلّغ عنهاend of list إعلان

وتناولت الجلسة التحديات الأخلاقية والمهنية التي تفرضها هذه التقنيات، كالتحيّز، وانتهاك الخصوصية، ونشر المعلومات المضللة. كما ناقشت مسؤوليات المؤسسات الإعلامية في تطوير أطر تنظيمية داخلية تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي وتضمن الشفافية والمصداقية.

اتفق المشاركون على أن الذكاء الاصطناعي بات جزءا لا غنى عنه في العمل الصحفي (الجزيرة) أخلاقيات الصحافة في عصر الآلة

أكد الخبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي بشبكة الجزيرة الإعلامية، الدكتور ياسر المحيو، أن الذكاء الاصطناعي بات جزءا لا يتجزأ من أدوات العمل الصحفي الحديث، لكنه يتطلب وعيا أخلاقيا وتقنيا من قبل الصحفيين.

وأشار إلى أن أدوات الذكاء التوليدي -رغم إمكاناتها الهائلة في تعزيز الكفاءة والإنتاجية- قد تخلق مشكلات في دقة المعلومات، نتيجة ما يُعرف في علم الذكاء الاصطناعي بـ"الهلوسة المعلوماتية"، أي إنتاج معلومات غير دقيقة أو مختلقة.

من جهته، حذّر الأستاذ بجامعة حمد بن خليفة، الدكتور جورجيوس ميكروس، من اعتماد الصحفيين على أدوات تقوم بجمع المعلومات بشكل عشوائي من الإنترنت من دون تمحيص، مما قد يؤدي إلى خروقات أخلاقية تمسّ بصدقية العمل الإعلامي، داعيا إلى تدريب مكثف على توجيه هذه الأدوات وضبط استخدامها.

فجوة رقمية وعدالة إعلامية

في السياق ذاته، نبّهت خديجة باتيل، مديرة الصندوق الدولي لإعلام المصلحة العامة في جنوب أفريقيا، إلى خطر التفاوت المعرفي بين الصحفيين والمؤسسات بسبب نقص التمويل والتدريب، مشيرة إلى أن البلدان الفقيرة مهددة بالاستبعاد من التطور الرقمي. وأضافت أن استخدام الذكاء الاصطناعي من دون حذر قد يؤدي إلى تزييف الحقائق، وانتهاك الخصوصية، وتوسيع فجوة عدم المساواة في الوصول إلى المعلومات.

وشدد كارلوس هيرنانديز إيتشيفاريا من منظمة "مالديتا" على أهمية التمسك بالأساليب التقليدية في جمع الأخبار والتحقق منها، موضحا أن افتقار أدوات الذكاء الاصطناعي للشفافية في كيفية توليد المعلومات يشكل خطرا على مصداقية المحتوى.

جانب من جلسة الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإعلام (الجزيرة) نحو سياسة تحريرية مسؤولة

وشدد الأستاذ في جامعة نورث ويسترن في قطر، إيدي بورخيس ري، على أن محتوى الإنترنت يعجّ بالمعلومات المضللة والرسائل التمييزية، محذرا من إعادة إنتاجها عبر أدوات الذكاء الاصطناعي. ودعا إلى ضرورة إرساء سياسات تحريرية واضحة داخل المؤسسات الإعلامية، تتعامل بشفافية مع المحتوى المولّد آليا.

في المقابل، رأى الدكتور ميكروس أن استخدام هذه الأدوات بات ضروريا، شريطة التصريح عند استخدامها، بهدف حماية الشفافية وتعزيز ثقة الجمهور.

إعلان التوازن بين التقنية والإنسان

وخلصت الجلسة إلى أن مستقبل الإعلام لا يمكن فصله عن الذكاء الاصطناعي، لكنه ينبغي أن يُبنى على أسس حقوق الإنسان. فالعدالة في الوصول إلى المعلومات، والمهنية، والمسؤولية الأخلاقية، تظل مرتكزات لا غنى عنها في عصر الأتمتة.

وإنّ ما يُنتظر من المؤسسات الإعلامية في المرحلة المقبلة ليس مجرد تبنّي الأدوات التقنية، بل العمل على بناء بيئة رقمية تراعي مبادئ الشفافية والمصداقية، وتحفظ للصحفي مكانته كفاعل إنساني في خدمة الحقيقة والمجتمع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حريات الذکاء الاصطناعی وحقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

عبدالله آل حامد: نموذج إعلامي جديد يُعلي القيم الإنسانية

أوساكا، اليابان (الاتحاد)

وصلت جولة «بريدج»، التي تشكّل أحد المسارات الرئيسة لمنصة «بريدج» الإعلامية العالمية التي أطلقها المكتب الوطني للإعلام، إلى مدينة أوساكا اليابانية، لتكون محطتها الثالثة بعد نيويورك ولندن، حيث تأتي الجولة بدعم من تحالف «بريدج»، ضمن سلسلة من الحوارات الدولية التي تهدف إلى إرساء أسس مستقبل الإعلام والتكنولوجيا وتعزيز التعاون الثقافي بين الشعوب، تمهيداً لانعقاد قمة «بريدج 2025» في العاصمة أبوظبي من 8 إلى 10 ديسمبر المقبل.
وتُعد «قمة بريدج 2025» أكبر منصة عالمية تجمع قادة ونخبة صُنّاع المحتوى الإعلامي والثقافي والفني بكافة مكوناتهم وصنّاع القرار لتمكين تواصل أكثر فاعلية وتكاملاً على مستوى العالم. وتُسهم كل محطة من محطات الجولة في إثراء سلسلة «تواصل الحوار»، وهي سلسلة من النقاشات والرؤى العالمية التي تبلور أجندة القمة.
وتؤكد محطة أوساكا، التي تلت النجاح اللافت في نيويورك ولندن، على البعد العالمي للمنصة وحرصها على التنوّع الثقافي والجغرافي في تناول تحديات الإعلام الحديث وبناء شراكات فاعلة بين مختلف أطراف منظومة الإعلام العالمي.
وتشهد الجولة في أوساكا سلسلة فعاليات رفيعة المستوى تجمع نخبة من المبتكرين وقادة الأعمال وصنّاع السياسات، لمناقشة التحديات واستكشاف الفرص في مشهد إعلامي سريع التحوّل، مما يعزز من مكانة المدينة كمركز فاعل في هذا الحوار الدولي، ويسهم في طرح أفكار مبتكرة وتأسيس شراكات استراتيجية تُرسّخ حضور الإعلام المسؤول والمؤثر عالمياً.

أوساكا.. منصة استراتيجية 
وبوصفها المدينة المضيفة لمعرض «إكسبو 2025»، تشكّل أوساكا منصة مثالية لتركيز «بريدج» على تقاطع القيم الإنسانية الراسخة والتقنيات المستقبلية، حيث احتضنت جلسات حوارية جمعت أكثر من 30 من أبرز القادة والمؤثرين اليابانيين في مجالات الإعلام، والتكنولوجيا، والتمويل، وذلك بحضور معالي عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام ورئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، وشهاب أحمد محمد عبدالرحيم الفهيم، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى اليابان.
واستهل برنامج الجلسات في أوساكا بحوار بعنوان «من يستفيد من أزمة الثقة؟»، جمع بين ليكا كيهارا، كبيرة مراسلي السياسات اليابانية في وكالة رويترز اليابان، ووندي سيو، النائب الأول لرئيس شركة WPP ميديا اليابان. وناقشت الجلسة سبل بناء بيئة إعلامية قائمة على الثقة، في زمنٍ تتزايد فيه الشكوك حول مصداقية المحتوى، ويزداد فيه تأثير الخوارزميات على سلوك المستخدم وتشكيل الرأي العام.

الجبهة التالية للذكاء الاصطناعي
وفي جلسة معمّقة بعنوان «عقول تفكر، وعقول تشعر: الجبهة التالية للذكاء الاصطناعي»، قدّم الدكتور هيرو هامادا، رئيس فريق البحث في شركة ARAYA، طرحاً متقدماً يستند إلى تقاطعات علوم الأعصاب وتعلّم الآلة، لشرح الكيفية التي يعيد بها الذكاء الاصطناعي تشكيل الإدراك البشري، وتأثير ذلك على الوعي، والثقة، والوكالة الإنسانية، في عالمٍ أصبح فيه الانتباه عملة نادرة، والسرد أداة سلطة.
واختُتم البرنامج بجلسات تفاعلية خاصة، أتاحت للمشاركين فرصة التواصل المباشر مع عدد من كبار التنفيذيين في قطاع الإعلام، والمنتجين الثقافيين، وصنّاع السياسات، في نقاشات مفتوحة سلّطت الضوء على التجارب اليابانية الرائدة في تطوير ممارسات إعلامية مسؤولة، تستند إلى الابتكار، والتكامل بين التقنية والقيم الإنسانية.
مبادرات إعلامية نوعية
وأكد معالي عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، أن دولة الإمارات تسعى إلى بناء نموذج إعلامي جديد يتسم بالمرونة، والشفافية، والفاعلية، ويُعلي من شأن القيم الإنسانية. وأشار معاليه أن القيادة الحكيمة تدعم المبادرات الإعلامية النوعية، وفي مقدمتها قمة «بريدج»، انطلاقاً من إيمانها بدور الإعلام كشريك حيوي في بناء جسور التواصل بين الشعوب، وتمكين المجتمعات من صياغة مستقبلها على أسس من الوعي، والانفتاح، والمسؤولية.
وأضاف معاليه أن جلسات أوساكا أبرزت أهمية الجمع بين الابتكار والتأصيل، وتبنّي أدوات الذكاء الاصطناعي دون التخلي عن أخلاقيات المهنة، مشيراً إلى أن قمة «بريدج 2025» ستركّز على إطلاق شراكات استراتيجية تُرسّخ الإعلام كقوة دافعة نحو التنمية والازدهار.
واختتم معاليه بالتأكيد على أن ما شهدته أوساكا من تفاعلٍ مثمر يمثّل عنصراً مهماً لانطلاقة قمة «بريدج»، وبلورة رؤية جماعية لتعزيز إعلام مؤثر، قادر على التفاعل مع التحولات، وصياغة مستقبل إعلامي متكامل ومستدام.

أخبار ذات صلة 15 دولة غربية تدعو إلى اعتراف جماعي بفلسطين الاتحاد النسائي يعلن خطة انطلاقة مبادرة «نزرع للاستدامة»


إعلام قائم على الثقة والشفافية 
بدوره، أكد الدكتور جمال محمد عبيد الكعبي، مدير عام المكتب الوطني للإعلام، أن العالم يقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم، في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها قطاع الإعلام وصناعة المحتوى الثقافي والفني والمدفوعة جميعها بتطورات الذكاء الاصطناعي وتغيّر طبيعة المنصات الرقمية. وقال الكعبي: «في هذا السياق المتغير، تبرز أهمية السرد القصصي المسؤول كأداة محورية في تشكيل المستقبل. وهنا يأتي دور منصة (بريدج)، التي نسعى من خلالها إلى توحيد جهود الجهات الفاعلة في صناعة المحتوى الإعلامي حول العالم، ممن يجمعهم هدف واحد يتمحور حول الثقة، والشفافية، والتأثير الإيجابي».
وأضاف: «في (قمة بريدج 2025) تتقاطع الأفكار مع التطلعات، بهدف مواجهة تحديات العصر، وبناء إعلام مسؤول يقدم حلولاً عملية، تعزز التواصل الإنساني وتُرسّخ القيم الأخلاقية في بيئة إعلامية متجددة ومتعددة الأبعاد».

من نيويورك إلى لندن إلى أوساكا
وركزت النقاشات في نيويورك على مستقبل الثقة في الذكاء الاصطناعي ودوره في التحقق من صحة المعلومات، فيما استكشفت حوارات لندن مفهوم «دبلوماسية السرد» وسبل تعاون الحكومات مع مؤسسات الإعلام لتعزيز السرديات المسؤولة. أما أوساكا، فأبرزت مكانة الاقتصاد الإبداعي في آسيا، وسلطت الضوء على أهمية الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي التوليدي، وتحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي والأصالة الثقافية.
وفي هذا السياق، جاء لقاء أوساكا كخطوة استراتيجية ضمن جولة عالمية متواصلة تهدف إلى بناء نموذج إعلامي جديد يقوم على الشفافية والمسؤولية، ويُثري سلسلة «تواصل الحوار» بأفكار ورؤى نوعية. وقد وفّر منصة لتوسيع النقاش حول مستقبل الإعلام، من مصداقية المحتوى إلى دور أدوات الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل المشهد الصحفي والاقتصادي والثقافي. ومن المقرر أن تتواصل الجولة في محطاتها المقبلة في شنغهاي وعدد من المدن العالمية، لبحث موضوعات محورية، مثل الذكاء الاصطناعي، والسرد العابر للثقافات، ونماذج التعاون الجديدة في العصر الرقمي، تمهيداً لانعقاد «قمة بريدج» في ديسمبر المقبل.

منصة عالمية
«بريدج» هي منصة إعلامية عالمية أطلقها المكتب الوطني للإعلام في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتهدف إلى إعادة تعريف مشهد الإعلام من خلال الحوار، والتعاون، وبناء الشراكات المؤثرة. وتشمل المنصة عدة مسارات متكاملة، أبرزها «جولة بريدج» التي تفتح أفق النقاش حول الإعلام والتقنية والهوية الثقافية في عدد من كبرى المدن العالمية، استعداداً لانعقاد «قمة بريدج 2025»، الحدث الأبرز الذي يُعقد في أبوظبي، ويجمع صنّاع القرار وصنّاع المحتوى وقادة الفكر من حول العالم. وتعمل المنصة بدعم من «تحالف بريدج»، وهو شبكة دولية من المؤسسات والشركاء تسعى إلى بناء منظومة إعلامية أكثر تكاملاً وتأثيراً على المستوى العالمي.

مقالات مشابهة

  • عبدالله آل حامد: نموذج إعلامي جديد يُعلي القيم الإنسانية
  • كينيا تحتضن أول مؤتمر قاري مخصص لتقنيات الذكاء الاصطناعي في أفريقيا
  • اليمن يُحيي اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر
  • تحذير صارم من رئيس أوبن إيه آي للمستخدمين حول مخاطر مشاركة هذه المعلومات
  • هواوي كلاود تقود التحول الرقمي في شمال افريقيا عبر حلول الذكاء الاصطناعي الشامل
  • جدل إعلامي بين الدبيخي والصرامي بسبب المعلومات المغلوطة.. فيديو
  • الذكاء الاصطناعي 2025: ملامح حياة يعاد تشكيل مستقبلها
  • وزارة العدل وحقوق الإنسان تدين الجريمة الوحشية للجيش السعودي بحق أربعة يمنيين
  • “العدل وحقوق الإنسان” تدين الجريمة الوحشية للجيش السعودي بحق أربعة يمنيين
  • مؤتمر الذكاء الاصطناعي.. روبوتات شبيهة بالبشر تلعب وترسم وتنجز المهام