الملفات الغامضة بين صدام والقذافي من صواريخ سكود إلى معسكرات المعارضة
تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT
كثيرة هي الملفات التي جمعت بين الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين والزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي، ولا سيما أن العلاقة بين الرجلين كانت بين شدّ وجذب كغيرها من علاقات زعماء المنطقة في الربع الأخير من القرن الـ20.
وقد بدأت الحكاية في أواخر ستينيات وسبعينيات القرن الماضي حين تزامن صعود الرجلين في وقت واحد، ودخولهما في صراع على النفوذ والكلمة في المنطقة.
حين أزاح العقيد معمر القذافي نظام حكم محمد إدريس السنوسي في فجر الأول من سبتمبر/أيلول 1969، كانت بغداد تتابع المشهد من موقع المنتصر الثوري الآخر، وقد ترسخت فيها سلطة حزب البعث بعد انقلاب جرى بقيادة أحمد حسن البكر ونائبه وقريبه القوي صدام حسين في العام السابق على انقلاب القذافي.
وحينها لم تتردد العراق في إعلان الترحيب بـ"الثورة الليبية الفتية"، بل أرسلت وفدا رفيعا يقوده صدام نفسه إلى طرابلس الغرب، حاملا وعودا بالدعم المطلق سياسيا وعسكريا، فضلا عن المالي والسياسي لتثبيت أركان النظام الجديد الذي يبدو أنه كان يتفق فكريا مع النظام العراقي الجديد.
لكن هذا التقارب الذي بدا واعدا في بدايته، لم يكن سوى ومضة عابرة في سماء مشحونة بالتناقضات، ذلك أن القذافي سرعان ما تبنى رؤية الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، الرجل الذي اعتبره قائده الروحي ونموذج الزعامة في المنطقة.
إعلانكان ناصر وقتها على خلاف عميق مع البعثيين في العراق وسوريا على الرغم من تبني كلا الفريقين خطاب القومية العربية، وخصوصا صدام حسين، الذي وصفه عبد الناصر ذات مرة بـ"البلطجي"، كما يروي جواد هاشم وزير التخطيط العراقي السابق، في مذكراته "مذكرات وزير عراقي مع البكر وصدام".
ومع رحيل عبد الناصر في سبتمبر/أيلول 1970 سرعان ما طفت الخلافات المكتومة بين الرجلين إلى السطح، لتتخذ منحى صداميا في الملفات الإقليمية.
ففي صيف عام 1971، اختار العراق دعم انقلاب شيوعي في السودان كان يستهدف إسقاط الرئيس جعفر النميري، وكما يذكر محمد عبد العزيز في كتابه "أسرار جهاز الأسرار: جهاز الأمن السوداني" فقد تحركت ليبيا بسرعة لإجهاض ذلك الانقلاب، بل ألقت القبض على اثنين من أبرز قادته وهما بابكر النور وفاروق عثمان، وسلّمتهما لاحقا للنميري، ليُنفَّذ فيهما حكم الإعدام.
كانت تلك اللحظة بمثابة إعلان قطيعة صامتة بين طرابلس وبغداد، ورسالة واضحة أن تحالفات الشعارات القومية باتت لا تصمد أمام صراع الأجندات والثأر التاريخي بين الناصرية والبعث في ملفات المنطقة المختلفة.
ولم تمضِ سوى أشهر على هذا التوتر حتى دخل المشهد العربي منعطفا جديدا، ففي عام 1972، طرح الرئيس المصري وقتها أنور السادات مشروعا طموحا لتشكيل اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر وليبيا وسوريا في كيان وحدوي ثلاثي.
وقد بدا هذا المشروع جزءا من تطلعات وشعارات القذافي الناصرية، كما أيده حافظ الأسد بحذر كدأبه في مشاريع المنطقة، لكن البعث العراقي بقيادة صدام رأى فيه كارثة قومية، وربما إهانة شخصية له، ففي نظره كانت الخطوة محاولة "استسلامية" تُمهّد لتنازلات سياسية في القضية الفلسطينية، وفق ما يذكره الباحث عباس البخاتي في دراسته عن موقف دول المغرب العربي من الحرب العراقية-الإيرانية.
إعلانولم تلبث الأوضاع أن اتخذت منحى آخر مع اندلاع حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، فأمام التحدي الوجودي الذي فرضته الحرب، التقت مصالح العرب، فتوحدوا خلف قرار تاريخي بوقف ضخ النفط إلى الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل، كان ذلك اصطفافا استثنائيا فرضه واقع الحرب أكثر من كونه ثمرة مصالحة سياسية عميقة.
لكن أمل الالتقاء ما لبث أن تبدّد مع توقيع الرئيس المصري أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل في أواخر السبعينيات، هذه الخطوة المثيرة للجدل دفعت ليبيا إلى التحرك السياسي والدعوة إلى إنشاء جبهة مواجهة سمتها "الصمود والتصدي"، التي ضمّت أبرز العواصم العربية المعارضة للتطبيع مثل بغداد ودمشق والجزائر.
ورغم ما حملته الجبهة من شعارات الوحدة والمواجهة، فإن واقعها كان مختلفا، فقد كانت في جوهرها أداة للمناورة الإقليمية، أكثر منها جبهة صلبة لمواجهة المشروع الإسرائيلي.
ففي نهاية السبعينيات كانت ملامح السلطة في العراق قد تغيّرت جذريا، إذ لم يعد صدام حسين مجرد نائب لأحمد حسن البكر، بل أصبح هو المحرك الفعلي للدبلوماسية والسياسة العراقية، يتحكم في بوصلتها بتوازن مدروس بين الطموح السياسي والإحساس بالخطر.
كما لم يكن يدير الملفات الخارجية فقط، بل كان يُمهد بهدوء لوراثة الحكم، وهو ما تحقق حين دفع البكر إلى التنحي، ليصعد صدام رسميا إلى رأس الدولة في يوليو/تموز 1979.
لم يفتح هذا التحول فصلا جديدا في الحكم العراقي فقط، بل فجر صراعا شخصيا وسياسيا طالما كان كامنا تحت السطح، حيث التنافس المحموم بين صدام حسين ومعمر القذافي، فعقب وفاة عبد الناصر، بدا أن الاثنين يتسابقان على ملء الفراغ القيادي في المشهد العربي.
وهذا ما يذكره عبد السلام التريكي وزير الخارجية الليبي الأسبق، في شهادته التي وثّقها غسان شربل في كتابه "في خيمة القذافي"، فإن هذا الصراع اتخذ طابعا عدائيا منذ البداية، لا تحكمه فقط الخلافات الأيديولوجية، بل أيضا خصومة شخصية لا تهدأ.
إعلانوما إن أمسك صدام بمقاليد الحكم في يوليو/تموز 1979، حتى بادر بالانسحاب من "جبهة الصمود والتصدي" التي أنشأتها ليبيا ردا على اتفاقية كامب ديفيد، ولم يُخفِ صدام سبب قراره بل وجّهه صراحة نحو سوريا التي كان يقودها حافظ الأسد، غريمه اللدود، حيث اتهمها بمحاولة زعزعة نظامه من الداخل.
وكانت هذه الاتهامات أكثر من مجرد خلافات دبلوماسية، إذ استُخدمت كذريعة لحملة تمحيص لصفوف الداخل من المعارضين، بمن فيهم المحتملون، وحملت رسائل قاسية عن طبيعة النظام الجديد الذي أراد صدام منه ألا يتحكم فيه من رآهم خصومه وقتئذ.
وكما يرصد بعض الباحثين، فقد تحول التنافس بين النظامين الليبي والعراقي إلى ما يشبه حرب زعامة باردة، فيها كل أدوات التأثير، من التحالفات الإقليمية إلى التصعيد الإعلامي، مرورا بالاغتيالات السياسية والدعم العابر للمعارضات، ولقد كانت تلك الفترة إحدى أكثر مراحل النظام العربي الرسمي توترا، حيث بدا أن وحدة الصف شعار يتهاوى أمام طموحات الزعامة المتضاربة.
لم يمضِ وقت طويل حتى جاء رد القذافي على خصمه العراقي، حيث اختار أن تتحول طرابلس إلى ملاذ آمن لقيادات المعارضة الكردية العراقية، ووفر لهم القذافي غطاء سياسيا وإعلاميا يعزز موقعهم في مواجهة النظام العراقي.
ولم تكن الخطوة مجرد تضامن، بل رسالة لاذعة لصدام في وقت كان يخوض فيه مواجهات دامية ضد ما اعتبره التمرد الكردي في الشمال.
لكن التصعيد لم يتوقف عند هذا الحد، فقد وجّه القذافي ضربته الثانية إلى الداخل الليبي نفسه عندما ضيّق الخناق على حزب البعث الليبي الذي كانت له ميول نحو البعث العراقي، ومع تصاعد الحملة انتهى الأمر بمقتل القيادي البارز في الحزب عامر الدغيس في مطلع الثمانينيات، في حادثة فُهمت في بغداد على أنها تصفية سياسية ورفض مطلق لأي نفوذ بعثي عراقي في الجماهيرية الليبية.
وهكذا تحول التوتر بين الزعيمين إلى صراع استنزاف مفتوح كل منهما يستهدف العمق الإستراتيجي للآخر، ويضربه في خاصرته الضعيفة، فبينما سعى القذافي إلى زعزعة شمال العراق بدعم الأكراد، ردّ صدام بتقويض نفوذ طرابلس في الجنوب الليبي كما سنرى عبر دعم أعدائها.
إعلانوتُوّج الخلاف بين الرجلين بمواقف علنية محرجة ومواجهات ساخنة على هامش المؤتمرات العربية، واحدة من أكثر هذه اللحظات شهرة ما جرى في قمة الدار البيضاء في أوائل الثمانينيات، التي جمعت الزعيمين في لقاء مباشر، تحوّل إلى مشادة ساخرة علنية.
فخلال القمة، وكما يروي عبد الرحمن شلقم مندوب ليبيا السابق في الأمم المتحدة في مقابلة صحفية، لم يُخف صدام كراهيته واستهزاءه حين خاطب القذافي بنبرة ساخرة قائلا: "أخ معمر، ماذا سميت ليبيا؟ أعطني العنوان الكامل". وكان يشير بذلك إلى الاسم المبالغ فيه الذي اختاره القذافي رسميا لدولته: "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى".
وتعالت ضحكات خافتة في القاعة، بينما تجمد وجه القذافي، فصدام كما يذكر شلقم كان شرسا لم يكن يكتفي بالخلاف السياسي، بل استثمر اللحظة لإهانة رمزية تنتقص من مشروع القذافي الأيديولوجي، ومن تلك اللحظة الحاسمة لم تعد العلاقة بين الرجلين قابلة للترميم.
وقد عبر الوزير الليبي عبد الرحمن شلقم لاحقا عن تلك اللحظة بقوله: العلاقة بينهما تحولت إلى كراهية صريحة.. وكان أحد أوجه تلك الكراهية أن القذافي سلم صواريخ إلى إيران استخدمتها لاحقا لقصف المدن العراقية أثناء الحرب".
وكما يروي سالم الجميلي، ضابط المخابرات العراقي في زمن صدام، في كتابه "المخابرات العراقية 1968- 2003، أسوار وأسرار"، فإنه في عام 1985 وبينما كانت الجبهات مشتعلة على طول الحدود الشرقية في معركة العراق مع إيران، تلقّت بغداد ضربة صادمة من حيث لم تكن تنتظر صاروخ سكود سوفياتي الصنع يدخل المعركة ويسقط على مبنى البنك المركزي العراقي وسط العاصمة، محدثا دمارا هائلا وذعرا أكبر، ولم يكن الصاروخ إيراني المنشأ، إذ لم تكن إيران آنذاك تمتلك هذا النوع من الصواريخ ضمن منظومتها العسكرية.
إعلانوبحسب الجميلي، فإن ما كشفه التحقيق العسكري والاستخباري العراقي كان أخطر من مجرد صاروخ، فبعد تحليل بقاياه تبين أن هذا السلاح قد شُحن من ليبيا إلى إيران، في خطوة اعتبرتها بغداد طعنة في الظهر، نفذها العقيد معمر القذافي بدافع شخصي صرف، تمثل في كراهيته العميقة لصدام حسين.
وكالعادة لم يتنظر صدام طويلا للرد، وهو الذي كان يرى في الضربة إهانة مقصودة تستدعي ردا إستراتيجيا، أصدر أوامره بسرعة إلى جهاز المخابرات والقيادة العسكرية بالتوجه نحو الحدود الليبية، لم تكن الخطة غزوا مباشرا، بل فتح ساحة ضغط متقدمة على النظام الليبي من خاصرته الجنوبية.
وهنا لعبت تشاد دور المحور، حيث كانت علاقات العراق آنذاك متينة مع الرئيس التشادي حسين حبري، الذي كان يخوض حربا مفتوحة ضد القذافي في منطقة شريط أوزو، وبالمقابل كانت طرابلس تدعم فصائل متمردة ضد حبري، مما جعل الأرض التشادية بيئة خصبة للحروب بالوكالة.
وفي قلب الصحراء المحاذية للحدود الليبية التشادية، بدأت ملامح خطة عراقية جريئة بالتشكل، تمثلت في إنشاء شبكة دعم منظم لحركات المعارضة الليبية، وتزويدها بالتمويل والسلاح والمشورة الاستخباراتية.
تلك الفصائل التي كانت حتى وقت قريب مشتتة وهامشية، تحوّلت فجأة إلى أداة ضغط حقيقية على نظام معمر القذافي، بعد أن باتت مدعومة مباشرة من بغداد، وتتلقى تعليماتها من ضباط مخابرات عراقيين نافذين ومدربين.
ولم يكن هذا التحول تكتيكيا عابرا، بل كان رسالة صريحة من صدام حسين يهدد من خلالها القذافي، وهكذا انزلقت العلاقة بين العراق وليبيا إلى مرحلة من التصعيد المتبادل لا رجعة فيها، وخرج التنافس الشخصي بين الزعيمين من دوائر السياسة ليغدو صراعا ميدانيا ممتدا، تتخلله العمليات السرية والتحركات العابرة للحدود.
وبحسب شهادة الجميلي، أحد الضباط المشاركين في الملف، فقد أُنشئ معسكر خاص للمعارضة الليبية على الشريط الحدودي بين ليبيا وتشاد، نُقل إليه المعارضون المقيمون في بغداد وتشاد على حد سواء، وخضعوا هناك لتدريبات عسكرية مكثفة.
إعلانولضمان استمرار الإمداد، تم تسيير جسر جوي مباشر من قاعدة الرشيد العسكرية في بغداد إلى مطار أنجامينا التشادي، نُقلت عبره كميات ضخمة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بما في ذلك قاذفات مضادة للدروع وهاونات.
وكانت العمليات تحت إشراف مباشر من ضباط بارزين في جهاز المخابرات العراقي، وبتنسيق سياسي قاده طارق عزيز نائب رئيس الوزراء آنذاك، الذي تولى ملف العلاقات مع المعارضة الليبية.
وبعد استكمال التدريب، شنت قوات المعارضة الليبية عملية هجومية مباغتة على وحدات الجيش الليبي في تشاد بقيادة الرائد خليفة حفتر، وقد أسفرت هذه العملية عن تكبيد القوات الليبية خسائر فادحة، أجبرت حفتر على الانسحاب من ساحة المواجهة.
وفيما بدا أنه اعتراف بجدية التهديد، قرر القذافي إرسال مدير استخباراته أحمد قذاف الدم إلى بغداد في مهمة سرية، وقد كان في استقباله كبار المسؤولين الأمنيين، يتقدمهم فاضل البراك مدير المخابرات، والفريق حسين كامل قريب صدام وزوج ابنته.
وقد أفضى اللقاء إلى اتفاق غير مكتوب بأن يوقف العراق دعم المعارضة الليبية، في مقابل وقف طرابلس دعمها العسكري لإيران في حربها ضد بغداد، بحسب ما يروي الجميلي، وهكذا كانت نهاية صفحة من صفحات الخلاف بين الزعيمين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المعارضة اللیبیة معمر القذافی بین الرجلین العلاقة بین عبد الناصر صدام حسین ما یروی لم تکن لم یکن
إقرأ أيضاً:
طارق الزمر لـعربي21: التغيير في مصر بات قريبا.. وسقوط السيسي بدأ من داخل النظام
قال الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية المصري، ورئيس مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور طارق الزمر، إن "التغيير في مصر بات أقرب مما نظن، خاصة إذا استثمرت القوى الوطنية اللحظة الراهنة، ونجحت في تقديم مشروع جامع، يُزاوج بين الشجاعة السياسية والحكمة الاستراتيجية، وأرسلت رسائل مطمئنة للأطراف المعنية بالداخل والخارج".
وأكد الزمر، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "النظام يواجه مأزقا وجوديا حقيقيا. الاقتصاد كان، ولا يزال، نقطة الضعف القاتلة؛ فتدهور قيمة الجنيه، وانهيار الخدمات، وجنون الأسعار، كلها مؤشرات على قرب الانفجار. لكن ما يُسرّع السقوط ليس الاقتصاد فقط، بل تآكل الحاضنة الشعبية، وتنامي السخط بين النخب، وانكشاف النظام أمام العالم".
ورأى أن "هناك تحوّلا واضحا في مواقف بعض العواصم الإقليمية والدولية تجاه نظام السيسي؛ فدول الخليج، التي كانت تعتبره حائط صدّ ضد الإسلاميين، بدأت تشعر بأن استقراره مُكلف وغير مضمون. أوروبا، من جهتها، باتت أكثر قلقًا من موجات الهجرة غير الشرعية التي قد تتفجر مع أي انهيار. أما أمريكا، فقد خفّضت خطابها الداعم، وباتت تراعي صورتها أمام الرأي العام".
واستدرك الزمر قائلا: "هذا التبدل لا يعني أن الغرب أو الإقليم سيتخلّون عن النظام فورًا، لكنه يعني أنهم يُعدّون البدائل بهدوء، ويتعاملون مع النظام بوصفه عبئا مرشحا للسقوط. وهذه لحظة مهمة يجب ألا تُهدرها المعارضة، لصالح تغيير سلمي آمن، يضمن ألا تسقط الدولة، وأن يكون التغيير هذه المرة لصالح شعبنا، الذي انتظر طويلا، ولم يجنِ حتى الآن سوى الفقر والقمع".
وبسؤاله عن موعد سقوط نظام السيسي وفق تقديراته، أجاب الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية المصري: "هذا مرهون بعامل مفاجئ، أو لحظة انكسار داخل مؤسسات الدولة، أو حراك مفاجئ من الشعب. لكن المؤكد أن السقوط بدأ من داخل النظام، وأن الشرعية التي بناها بالقوة تتآكل بصمت".
وفيما يلي نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف تقيّم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر بعد 12 عاما من حكم السيسي؟
ما تعيشه مصر اليوم هو حصاد مرّ لسياسات فاشلة استمرت على مدى أكثر من عقد. سياسيا، تم تجريف الحياة السياسية بالكامل، وقُضي على كل أشكال التعددية والتداول السلمي للسلطة، فيما تم إحكام القبضة الأمنية على الدولة والمجتمع.
لم يعد هناك برلمان حقيقي، ولا أحزاب مستقلة، ولا إعلام حر، بل كل شيء بات يدور في فلك السلطة المطلقة.
اقتصاديا، وصلت مصر إلى مرحلة خطيرة من الانكشاف المالي، بعد أن اعتمد النظام على الديون الخارجية والمشاريع غير الإنتاجية، ما أدى إلى تضخم الدين العام وتآكل قيمة العملة.
أما اجتماعيا، فقد ارتفعت نسب الفقر والبطالة إلى معدلات تنذر بالخطر، وانهارت الطبقة الوسطى التي طالما كانت صمام الأمان في المجتمع.
نحن أمام دولة تعاني من أزمات متداخلة، وفقدت قدرتها على الإصلاح من داخلها.
ما هي أبرز التحديات التي تواجه النظام المصري داخليا في ظل حالة الاحتقان المجتمعي؟
التحديات التي يواجهها النظام المصري لم تعد مقتصرة على فشل سياسي أو اقتصادي، بل أصبحت وجودية. أولها، فقدان الشرعية الشعبية؛ فالنظام لم يعد يتمتع بأي غطاء جماهيري حقيقي، سوى الأجهزة الأمنية والدعائية.
ثانيا، الانهيار الاقتصادي بات ملموسا، مع أزمة ديون غير مسبوقة، وتراجع القدرة الشرائية للمواطن، وغياب الأفق لتحسين الوضع.
ثالثا، تصاعد الغضب الصامت لدى قطاعات واسعة من المجتمع، وخاصة الشباب والطبقات المهمشة، وهو غضب غير مؤطر لكنه قابل للانفجار في أي لحظة.
والتحدي الأكبر هو أن النظام يستمر في تجاهل هذه المؤشرات، ويعتمد على القمع وحده كوسيلة للاستمرار، مما يزيد احتمالات الانفجار المجتمعي غير المنضبط.
كيف تقارنون حوادث الوفاة الأخيرة داخل أقسام الشرطة مع حادثة خالد سعيد التي سبقت ثورة يناير؟
المؤشرات تتشابه بشكل مرعب، بل إن الوضع الآن أسوأ في بعض الجوانب. في حالة خالد سعيد، كانت هناك شرارة فجّرت الغضب، لكن اليوم هناك العديد من "خالد سعيد" يتكررون في صمت، وسط غياب الإعلام الحر والقضاء المستقل. أن يموت ستة مواطنين في أسبوع واحد داخل مقرات الاحتجاز، بعضها تحت التعذيب أو الإهمال الطبي؛ فهذا يشي بانهيار منظومة العدالة تماما.
القمع بات أكثر انتشارا، والثقة بين المواطن والشرطة في أدنى مستوياتها. وإذا كانت واقعة خالد سعيد فجّرت ثورة، فإن تراكم هذه الوقائع اليوم قد يفجّر ما هو أوسع وأعمق، خصوصا مع غياب أي إصلاح حقيقي أو مساءلة لمنتهكي حقوق الإنسان.
كيف تنظرون إلى انتخابات مجلس الشيوخ الحالية في ظل الجدل حولها؟
لا يمكن الحديث عن "انتخابات" حقيقية في ظل غياب الحرية السياسية. ما يحدث في انتخابات الشيوخ أقرب إلى تمثيلية مكررة، حيث يجرى اختيار معظم المرشحين مسبقا، ويتم إقصاء الأصوات المستقلة والمعارضة، في ظل قانون انتخابات مفصل على مقاس النظام. حتى الناخبون أنفسهم باتوا يدركون عبثية المشهد، ولهذا فإن نسب المشاركة تكون متدنية. النظام يستخدم الانتخابات لخلق واجهة ديمقراطية زائفة يقدّمها للخارج، لكنها لا تعني شيئا للمواطن المصري، الذي يدرك أن صوته لم يعد له وزن، وأن نتائج أي اقتراع تحددها الأجهزة الأمنية سلفا وليس الصناديق.
هل ترى أن الغضب المكتوم في صدور المصريين يمكن أن يتحول إلى حراك شعبي قريب؟
الغضب المكتوم موجود بالفعل، ويتسع يوما بعد يوم. الناس أصبحت تدرك أن السلطة غير قابلة للإصلاح، وأن الضغوط الاقتصادية والحياتية بلغت حدا لا يُحتمل. ومع ذلك، لا يمكن توقع انفجار الحراك بشكل آلي، لأن ذلك يعتمد على عدة عوامل: وجود قيادة موثوقة، خطاب جامع، قنوات تعبير، وظرف إقليمي مواتٍ.
لكن لا شك أن مصر اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى لحظة مفصلية، وأخطر ما يمكن أن يواجهها هو أن ينفجر هذا الغضب بشكل عشوائي فهو يُهدّد الدولة والمجتمع وهو ما لا نرجوه لبلادنا. لذلك، فإن واجب القوى الوطنية اليوم هو تأطير هذا الغضب، وتحويله إلى حراك منضبط يسعى إلى تغيير حقيقي ومستدام أو إصلاح يليق بمكانة مصر.
لماذا فشلت المعارضة المصرية حتى الآن في تقديم مشروع يلتف حوله الشعب؟
المعارضة المصرية تعاني من ثلاث مشكلات رئيسية: الانقسام، غياب الرؤية، وفقدان الثقة بينها وبين الشارع. كثير من القوى المعارضة لا تزال أسيرة خطاب ما قبل 2013، ولم تطور أدواتها ولا رؤيتها بما يتناسب مع الواقع المتغير. هناك أيضا إشكالية عدم وضوح الهدف النهائي: هل الهدف هو إسقاط النظام بأي ثمن، أم بناء مشروع وطني جامع؟، الشارع يريد بديلا يثق فيه، لا مجرد معارضة تكتفي بالنقد.
المطلوب اليوم هو إعادة بناء الثقة مع الناس، وتقديم برنامج حقيقي للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، يلامس همومهم ويُشعرهم أن التغيير ممكن وليس مجرد حلم.
هل تتحمل المعارضة في الخارج مسؤولية غياب التأثير داخل مصر؟
نعم، المعارضة في الخارج تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، خاصة وأنها لم تستثمر هامش الحرية الذي تتمتع به لبناء مشروع سياسي جامع أو تشكيل قيادة بديلة. كثير منها انشغل بالصراعات الداخلية، أو بمناكفات إعلامية لا طائل منها.
كما أن المسافة النفسية والثقافية بين المعارضة في الخارج والناس في الداخل ازدادت، بسبب غياب التواصل الحقيقي، وعدم وضوح أولويات الفعل السياسي. مع ذلك، لا يمكن تحميلها كامل المسؤولية، لأن الظروف الأمنية داخل مصر لا تسمح بعمل معارض مؤثر. المطلوب هو تعزيز التشبيك بين الداخل والخارج، وبناء جبهة إنقاذ وطنية قادرة على صياغة خطاب يتجاوز المظلومية إلى بناء المشروع.
هل ترى أن حل حزب البناء والتنمية أنهى مشروعكم السياسي؟
لا أعتقد ذلك، بل على العكس. الحزب قد يُحل ككيان قانوني بقرار سلطوي، لكن الأفكار والمشروع الذي تبنّاه لا يمكن حله. نحن طرحنا نموذجا فريدا للإسلام السياسي المعتدل، القائم على المراجعة الدائمة والنقد الذاتي، والتفاعل مع المجتمع، والعمل تحت مظلة القانون. هذا النموذج لا يزال حيّا، وربما يكون أكثر حضورا في ظل غياب بدائل عقلانية.
تجربتنا أثبتت أن الإسلاميين قادرون على التكيف والانخراط في العمل المدني، وأظن أن المستقبل سيعيد الاعتبار لمثل هذه التجارب التي جمعت بين الجذرية الفكرية والمبدئية الأخلاقية والواقعية السياسية.
ما أثر المراجعات التي قمتم بها؟ وهل ثمة توافق داخل التيار الإسلامي بشأنها؟
المراجعات التي أطلقناها لم تكن فقط مراجعة فكرية، بل كانت مشروعا متكاملا لإعادة تعريف العلاقة بين الحركة والدولة، وبين الجهاد والعمل المدني. هذه المراجعات أسّست لفقه جديد للحركة الإسلامية في السياق الوطني، وقد كان لها بطبيعة الحال بعض الخصوم ومَن حاولوا تشويهها، لكن بعد مرور ما يقرب من ثلاثة عقود، بات كثيرون يرون فيها اجتهادا رائدا. صحيح أن التوافق داخل التيار الإسلامي بشأنها ليس شاملا، لكنه يتسع، خاصة مع فشل خيارات أخرى لم تفكر حتى في مجرد المراجعة. كثير من الشباب باتوا أكثر اقتناعا بجدوى المراجعة والعمل السياسي، وبأن الإسلام يجب ألا يُختزل في الصدام أو الشعارات.
ما مستقبل الحركات الإسلامية في مصر؟ وهل يمكن أن تعود إلى المشهد بعد سنوات من الاستئصال الكامل؟
أعتقد أن الحركات الإسلامية في مصر تمتلك قدرة ذاتية على التجدّد، وأن ما مرت به من استئصال ليس نهاية لمسيرتها، بل فرصة عميقة لإعادة النظر في الذات والمشروع.
لقد أثبتت الحركات الإسلامية دائما قدرتها على الصمود، رغم ما واجهته من تنكيل وسجن وتشويه إعلامي. المستقبل لن يكون لمَن يحمل الراية فقط، بل لمَن يُجدّد المشروع، ويستوعب المستجدات، ويكون أقدر على مواجهة التحديات والعقبات الجديدة، ويستوعب دروس السياسة والاجتماع، ويتعلم كيف يكون الإسلام رافعة لبناء الدولة لا أداة صراع عليها. العودة ممكنة، بل متوقعة، لكن بشرط واحد: أن تكون عودة بفكر متجدّد، وشراكة واسعة، ورؤية وطنية عابرة للتنظيمات والحزبيات.
كيف انعكست عملية “طوفان الأقصى” والعدوان على غزة على الوضع الداخلي في مصر؟
"طوفان الأقصى" لم يكن حدثا عسكريا فقط، بل كان زلزالا أخلاقيا أعاد ضبط بوصلات الوعي في المنطقة. في الداخل المصري، أعاد الحدث إحياء القضية الفلسطينية في وجدان الناس، وكسر حالة الجمود السياسي المفروضة، وأظهر الهوّة العميقة بين النظام والشعب.
الكثير من المصريين شعروا أن موقف نظامهم لا يمثلهم، بل يُحرجهم. تكررت المقارنات بين مواقف الشعوب الحرة في العالم، وبين حالة الانكفاء الرسمية في مصر.
كما لفتت المعركة الأنظار إلى تدهور موقع مصر الإقليمي وتراجع دورها التاريخي. ولذلك، يمكن القول إن طوفان الأقصى فتح شقوقا جديدة في جدار الصمت المصري، لا أظن أن تمر مرور الكرام.
ما موقفكم من سياسة النظام المصري تجاه غزة؟ وهل تعبر عن المزاج الشعبي؟
موقف النظام المصري تجاه غزة مُخزٍ، وهو موقف لا يُعبّر بأي حال من الأحوال عن المزاج الشعبي المصري، الذي كان ولا يزال داعما لفلسطين ومقاومتها، ودائم التعاطف مع غزة. المصريون يتعاطفون مع غزة بشكل كبير لأسباب دينية وقومية، كما أنهم يرون في معركتها مع الاحتلال امتدادا لمعركتهم مع الاستبداد والهيمنة.
النظام تعامل مع غزة من منطلق أمني بحت، خائفا من أي انتقال للروح الثورية إلى الداخل، ولذلك مارس دورا وظيفيا لا يليق بمكانة مصر ولا بتاريخها. لو تُرك للشعب المصري أن يُعبّر، لرأينا موقفا أكثر شرفا ووضوحا، ولرفع رأس الأمة كلها عاليا.
هل تعتقد أن تداعيات القضية الفلسطينية يمكن أن تُحيي الحراك السياسي في مصر؟
نعم، وبكل قوة. فالقضية الفلسطينية لطالما كانت مُحفّزا للحراك الشعبي والسياسي في مصر، سواء في انتفاضة الأقصى عام 2000، أو في مظاهرات 2003 ضد احتلال العراق، أو حتى خلال العدوانات المتكررة على غزة، بل كانت غزة وفلسطين حاضرة بقوة في ميادين مصر عام 2011 التي كشفت عن الجينات الحقيقة للشعب المصري.
الفلسطينيون بجهادهم لا يحركون الوجدان المصري فقط، بل يوقظون فكرة الكرامة والمقاومة. كلما اشتعلت المعركة هناك، تذكّر الناس هنا كل الدماء المصرية التي اريقت في هذا الاتجاه، وكيف أن الاستبداد في الداخل أصبح مرتبطا بالاحتلال في الخارج بشكل وثيق.
ولذلك، فإن فشل النظام في التعبير عن نبض الشارع تجاه فلسطين، قد يكون أحد المفاتيح لإعادة إحياء روح الغضب السياسي، شرط أن يُترجم هذا الوعي إلى فعل منظّم.
ما أبعاد تغير المواقف الإقليمية والدولية من دعم السيسي؟
هناك تحوّل واضح، وإن كان بطيئا، في مواقف بعض العواصم الإقليمية والدولية تجاه نظام السيسي؛ فدول الخليج، التي كانت تعتبره حائط صدّ ضد الإسلاميين، بدأت تشعر بأن استقراره مُكلف وغير مضمون. أوروبا، من جهتها، باتت أكثر قلقا من موجات الهجرة غير الشرعية التي قد تتفجر مع أي انهيار.
أما أمريكا، فقد خفّضت خطابها الداعم، وباتت تراعي صورتها أمام الرأي العام. هذا التبدل لا يعني أن الغرب أو الإقليم سيتخلون عن النظام فورا، لكنه يعني أنهم يُعدّون البدائل بهدوء، ويتعاملون مع النظام بوصفه عبئا مرشحا للسقوط. وهذه لحظة مهمة يجب ألا تُهدرها المعارضة، لصالح تغيير سلمي أمن، يضمن ألا تسقط الدولة، وأن يكون التغيير هذه المرة لصالح شعبنا، الذي انتظر طويلا ولم يجن حتى الآن سوى الفقر والقمع.
بالتالي إلى أي مدى اقترب نظام السيسي من السقوط؟ وهل الاقتصاد هو كلمة السر؟
النظام يواجه مأزقا وجوديا حقيقيا. الاقتصاد كان ولا يزال نقطة الضعف القاتلة؛ فبعد أن أوهم الناس بالاستقرار مقابل التنمية، وجدنا أنفسنا أمام دولة مديونة، مفلسة، وعاجزة عن توفير الأساسيات. تدهور قيمة الجنيه، وانهيار الخدمات، وجنون الأسعار، كلها مؤشرات على قرب الانفجار. لكن ما يُسرّع السقوط ليس الاقتصاد فقط، بل تآكل الحاضنة الشعبية، وتنامي السخط بين النخب، وانكشاف النظام أمام العالم. متى يسقط؟، هذا مرهون بعامل مفاجئ، أو لحظة انكسار داخل مؤسسات الدولة، أو حراك مفاجئ من الشعب. لكن المؤكد أن السقوط بدأ من داخل النظام، وأن الشرعية التي بناها بالقوة تتآكل بصمت.
إذا اختفى السيسي غدا.. مَن سيكون البديل برأيكم؟ المعارضة المنقسمة أم الدولة العميقة؟
سؤال البديل هو السؤال الأخطر والأكثر إلحاحا. في حال اختفاء السيسي فجأة، المرجّح أن تتحرك الدولة العميقة للحفاظ على النظام دون رمزه. لكن هذا لا يعني أن المعارضة خارج اللعبة، بل يعني أنها أمام فرصة تاريخية لإثبات النضج والاستعداد. صحيح أنه لا توجد حتى الآن قيادة موحدة أو مشروع وطني جاهز، وهذه ثغرة خطيرة. لكن يجب على المعارضة أن تتجاوز خلافاتها، وتطرح بديلا مدنيا توافقيا لا يُقصي أحدا، ويمنح الناس الأمل. لا أحد يريد تكرار تجربة الفوضى أو الانقلابات المتتالية. المطلوب هو بديل يُقنع الداخل ويطمئن الخارج ويُمهّد لانتقال سلمي حقيقي.
ما السيناريوهات الأقرب لمستقبل مصر؟ وهل ترى التغيير أقرب أم أبعد؟
السيناريوهات المحتملة لمستقبل مصر متعددة، لكنها تدور بين ثلاثة مسارات رئيسية:
1- الانهيار غير المنضبط: بسبب الأزمة الاقتصادية وغضب الشارع، دون قيادة بديلة، وهو أخطر السيناريوهات.
2- الانتقال الخشن من داخل الدولة: أي إزاحة السيسي من قبل مؤسسات النظام للحفاظ على بقائه، مع تعديل شكلي للمشهد.
3- التغيير المنظم بقيادة وطنية: عبر حراك شعبي مؤطر، يفرض إصلاحا جذريا أو يفتح باب انتقال حقيقي.
أرى أن التغيير بات أقرب مما نظن، خاصة إذا استثمرت القوى الوطنية اللحظة الراهنة، ونجحت في تقديم مشروع جامع، يزاوج بين الشجاعة السياسية والحكمة الاستراتيجية، وأرسلت رسائل مطمئنة للأطراف المعنية بالداخل والخارج، تلك الأطراف التي يعنيها استقرار مصر، والذي أصبح يستلزم انتقال آمن للسلطة، فالنظام لم يعد يمتلك رواية مقنعة، ولا دعما شعبيا، ولا أدوات صمود طويلة.