الإمارات.. نجاحات بارزة في مواجهة التلوث البلاستيكي
تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT
هالة الخياط (أبوظبي)
في عالم تتزايد فيه التحديات البيئية وتتصاعد فيه مؤشرات الخطر الناتج عن التغير المناخي والتلوث، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج ملهم في المنطقة والعالم، من خلال استراتيجيات واضحة ورؤية طموحة لحماية البيئة وضمان استدامة الموارد الطبيعية.
وبمناسبة يوم البيئة العالمي الذي يُحتفى به في 5 يونيو من كل عام، تضع الإمارات بصمتها مجدداً في المشهد البيئي العالمي، عبر سلسلة من الإنجازات الملموسة في مجال الحد من التلوث البلاستيكي، خاصة البلاستيك أحادي الاستخدام، الذي يُعد من أخطر الملوثات البيئية في عصرنا الحديث.
خطوات جريئة
أدركت دولة الإمارات منذ سنوات التحدي المتزايد الذي يشكّله البلاستيك على البيئة، خاصة ما يتعلق بالنفايات البحرية، والتلوث الأرضي، وتدهور النظم البيئية، فبادرت إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات التنظيمية والتشريعية التي تحدّ من استخدام المنتجات البلاستيكية، وتعزّز ثقافة الاستدامة بين الأفراد والجهات والمؤسسات.
وفي مقدمة هذه الخطوات، جاء قرار إمارة أبوظبي في يونيو 2022 بحظر الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، لتكون أول مدينة خليجية تطبق هذا الإجراء على مستوى واسع، بالتعاون بين هيئة البيئة - أبوظبي ودائرة الاقتصاد وعدد من الشركاء. تبعتها إمارة دبي بقرار مماثل يشمل فرض رسوم على الأكياس البلاستيكية تمهيداً لحظرها بالكامل بحلول عام 2026، وذلك في إطار استراتيجية إمارة دبي للاستهلاك والإنتاج المستدام.
وعلى المستوى الاتحادي، أصدرت وزارة التغير المناخي والبيئة في عام 2024 مرسوماً يقضي بمنع استيراد أو تصنيع أو تداول الأكياس والمنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في مختلف إمارات الدولة بحلول 2026، مع منح مهلة للقطاع الخاص للتأقلم مع التغيير وتبني البدائل المستدامة.
مستقبل بلا نفايات
ولم تتوقف الجهود الإماراتية عند حدّ الحظر والتقييد، بل امتدّت إلى إعادة تشكيل منظومة إدارة النفايات بالكامل، عبر التحول نحو اقتصاد دائري يعيد استخدام الموارد، ويوظف النفايات كمصدر للفرص الاقتصادية. وفي هذا الإطار، تسعى الإمارات إلى تحقيق هدف طموح يتمثل في تقليل إنتاج النفايات بنسبة 50% بحلول عام 2031، وإعادة تدوير 75% من نفايات البلاستيك وتحويلها إلى مواد قابلة للاستخدام. وتقود الجهات المحلية والاتحادية في الدولة جهوداً كبرى في جمع وفرز وتدوير البلاستيك، بالإضافة إلى الاستثمار في منشآت حديثة لتحويل النفايات إلى طاقة، بما ينسجم مع رؤية الدولة للحياد المناخي 2050.
التزام راسخ
مع حلول يوم البيئة العالمي، تُرسل دولة الإمارات رسالة واضحة إلى العالم مفادها أن التنمية الحقيقية لا تنفصل عن حماية البيئة، وأن مواجهة التلوث البلاستيكي هي مسؤولية مشتركة تتطلب تكاتف الجميع.
وعي مجتمعي يتنامى
إلى جانب التشريعات والبنية التحتية، ركزت دولة الإمارات على ترسيخ ثقافة بيئية مستدامة في المجتمع، من خلال حملات توعوية موسعة تستهدف مختلف الفئات، لا سيما الطلبة والشباب، باعتبارهم المحرك الأساسي للتغيير في المستقبل. وقد أطلقت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع جهات بيئية محلية برامج توعوية تشجع الأطفال على تبني سلوكيات مسؤولة في حياتهم اليومية، كالتقليل من استخدام العبوات البلاستيكية، واعتماد الحقائب القماشية، والمشاركة في حملات التنظيف والتدوير.
وأطلقت هيئة البيئة – أبوظبي، بالتعاون مع شركائها، حملات توعية في المدارس والجامعات تحت شعار «نحو إمارات خالية من البلاستيك»، شملت توزيع مواد تعليمية وتدريبية، وتنظيم ورش عمل حول إعادة التدوير والفرز من المصدر، وابتكار حلول صديقة للبيئة.
شراكة مع القطاع الخاص
لم تكن هذه الجهود ممكنة لولا التعاون الوثيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، الذي لعب دوراً محورياً في تنفيذ سياسات الاستدامة، خصوصاً في قطاعي التجزئة والتغليف. فقد أعلنت سلاسل تجارية كبرى وقف توزيع الأكياس البلاستيكية المجانية. كما بدأت العديد من الشركات الإماراتية في التحول إلى مواد تغليف صديقة للبيئة.
دور دولي مؤثر
لم يقتصر التزام الإمارات على المستوى المحلي، بل امتدّ ليشمل مبادرات دولية طموحة، تعكس رؤيتها كدولة مؤثرة في العمل المناخي العالمي. فقد كانت الإمارات من أوائل الدول الداعمة لاتفاقية الأمم المتحدة لإنهاء التلوث البلاستيكي.
كما استثمرت الإمارات في دعم البحث والابتكار في تقنيات إعادة التدوير وإنتاج المواد البديلة، من خلال مراكز بحثية.
شراكة مع القطاع الخاص
ورغم ما تحقق من إنجازات ملموسة، تدرك دولة الإمارات أن مواجهة التلوث البلاستيكي ليست مهمة قصيرة الأمد، بل تتطلب استمرارية في العمل، ومتابعة دائمة للتطبيق، وتحديثاً مستمراً للتشريعات والتقنيات. ويشكّل تغيير العادات الاستهلاكية، وتعزيز كفاءة أنظمة الفرز والتجميع أبرز التحديات القائمة، التي تعمل الدولة على معالجتها من خلال حملات مستمرة، وتحفيز الابتكار في تصميم المنتجات وتقنيات المعالجة. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات التلوث البلاستيكي التلوث التغير المناخي البيئة يوم البيئة العالمي البلاستيك هيئة البيئة التلوث البلاستیکی دولة الإمارات من خلال
إقرأ أيضاً:
تكامل القطاع الخاص والحكومة .. شراكة وطنية لتعزيز الصمود الاقتصادي في مواجهة العدوان
انطلاقًا من توجّه المسيرة القرآنية المباركة التي أكدت على أهمية الاعتماد على الذات، واستنهاض الطاقات الوطنية، وتعزيز مقومات الصمود في وجه العدوان، تبرز الشراكة مع القطاع الخاص كواحدة من أهم ركائز البناء والتعافي الاقتصادي، خصوصًا في ظل استمرار العدوان الأمريكي السعودي والحصار الاقتصادي الجائر المفروض على اليمن منذ أكثر من تسع سنوات.يمانيون/ تقرير/ طارق الحمامي
لقد أثبت الواقع أن الرؤية القرآنية ليست مجرد مشروع تعبوي أو فكري، بل هي مشروع متكامل لبناء الإنسان، وتحقيق الاكتفاء، ومواجهة الهيمنة الاقتصادية والسياسية، الأمر الذي يوجب على الدولة، بمؤسساتها الرسمية والمجتمعية، السعي لتعزيز شراكتها مع القطاع الخاص، لا بوصفه طرفًا اقتصاديًا فحسب، بل باعتباره شريكًا في معركة الصمود والبناء.
التنمية في ظل التحديات .. منطلق قرآني لتكامل الجهود وبناء الداخل
تؤكد الرؤية القرآنية على أن التحديات هي ميادين للعمل والبناء، لا مبررات للتقاعس، وهو ما يتجسد اليوم في الحاجة إلى تفعيل الجهود المشتركة بين الدولة والقطاع الخاص لتعزيز مجالات التنمية، خاصة في القطاعات الحيوية المتضررة من العدوان، كالصحة والتعليم والزراعة، ومن منطلق قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}، فإن التنمية في هذه المرحلة تمثل أداة من أدوات المواجهة، والصمود الاقتصادي ركيزة من ركائز التصدي للعدوان، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال شراكة واعية ومسؤولة بين الدولة ورأس المال الوطني، تُبنى على مبادئ الاكتفاء والتحرر من التبعية الاقتصادية.
دعم القطاعات الإنتاجية والتجارية .. ترجمة عملية لمشروع الاكتفاء
يواجه القطاعان الصناعي والتجاري صعوبات كبيرة بفعل العدوان والحصار، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الخام، وانخفاض القدرة الشرائية، وإغلاق عدد من المصانع والمنشآت، ومن منطلق قوله تعالى: {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى}، فإن هذه المعاناة يجب أن تُحوّل إلى دافع للابتكار والإنتاج المحلي، وتعزيز هذه القطاعات يتطلب توفير الحوافز، والتسهيلات ، وتقديم الدعم للأنشطة التي تعتمد على الموارد المحلية، فالإنتاج الوطني ليس فقط ضرورة اقتصادية، بل هو موقف من مواقف المواجهة الاقتصادية في وجه العدوان الذي يسعى إلى تركيع الشعب اليمني عبر الحرب الاقتصادية.
تذليل المعوقات أمام رأس المال الوطني
لقد أثبت رأس المال الوطني التزامه بالصمود والبقاء في الداخل، رغم ما تعرض له من استهداف مباشر وغير مباشر من العدوان، ولهذا تعمل الدولة ومؤسساتها المعنية على إزالة كل المعوقات التي تعترض سير عمل هذا القطاع، من عراقيل، من خلال تهيئة البيئة الآمنة والمستقرة، وتقديم كافة التسهيلات الممكنة، لأنها تنظر إلى هذه المسؤولية كضرورة لتعزيز الاعتماد على الذات، وتحقيق الكفاية الاقتصادية، بما ينسجم مع نهج المسيرة القرآنية في دعم المنتج المحلي وبناء الداخل.
بيئة استثمارية وفق معايير العدالة والكرامة والاستقلال
الرؤية القرآنية تنطلق من مبدأ تحقيق العدالة الاقتصادية، وفتح المجال لكل من يسهم في تنمية الأمة وبنائها، دون احتكار أو تبعية، ومن هذا المنطلق، فإن خلق بيئة استثمارية جاذبة تقوم على النزاهة، وتكافؤ الفرص، وتشجيع المشاريع الإنتاجية، يمثل أحد مسارات تعزيز الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، وقانون الاستثمار اليمني قدّم حوافز مهمة للمشاريع الصناعية والزراعية، لكن الواقع يحتاج إلى تفعيل هذه الحوافز، وربطها بالأولويات الوطنية، وعلى رأسها تحقيق الاكتفاء الذاتي، الذي هو أحد المبادئ الأساسية في المشروع القرآني لمواجهة الهيمنة الاقتصادية.
شراكة مسؤولة في معركة الصمود .. بناء داخلي يواجه العدوان
إنطلاقاً من توجيهات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، فإن البناء الداخلي هو السلاح الأقوى في مواجهة العدوان، ومن هذا المنطلق، فإن الشراكة بين القطاع الخاص والدولة يجب ألا تكون شكلية أو جزئية، بل شاملة ومسؤولة، تُبنى على التكامل لا التنازع، وتوجه نحو الأولويات الوطنية، وشرط تحقيق ذلك مرهون بمدى تجاوب القطاع الخاص للإيفاء بالتزاماته ، مقابل حرص الحكومة على التعاون والتنسيق الفاعل ، فالمعركة الاقتصادية اليوم لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية، والقطاع الخاص هو أحد فرسان هذه المواجهة، بما يمتلكه من طاقات وإمكانات، وقدرة على الحركة، والمرونة في العمل الميداني.
معالجة التحديات القائمة .. منطلقات إيمانية لتحقيق التنمية
تؤمن المسيرة القرآنية بأن الحلول تبدأ من الإنسان، ومن الإرادة الصادقة لتجاوز الصعاب، بعيدًا عن الاتكالية أو التهرب من المسؤولية، وهذا يتطلب من الجميع الحكومة والقطاع الخاص الدخول في شراكة حقيقية لإيجاد معالجات جذرية للمشاكل الاستثمارية والإنتاجية والتجارية، سواء من خلال إزالة العوائق البيروقراطية، أو تشجيع المشاريع الإنتاجية الصغيرة، أو توجيه الاستثمارات نحو أولويات الأمن الغذائي والدوائي.
خاتمة .. نحو شراكة قرآنية لصمود اقتصادي وطني
في ضوء الرؤية القرآنية المباركة، فإن تعزيز الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص هو جزء من معركة التحرر الوطني، وأحد مرتكزات مواجهة العدوان والحصار، ومسار من مسارات تمكين الأمة اقتصاديًا، وتحقيق استقلالها في القرار والموقف.
ومع استمرار العدوان، فإن الواجب الوطني والديني يُحتّم على الجميع المساهمة في معركة البناء، والعمل الجاد على دعم الإنتاج المحلي، وخلق فرص العمل، وبناء اقتصاد متماسك، ينهض على أسس من الاعتماد على الذات، والكرامة، والعدالة، والاستقلال.