حسام أبو صفية: كرامتنا المتوارية خلف قضبان عجزنا
تاريخ النشر: 7th, June 2025 GMT
في زمن صار فيه الألم الفلسطيني مجرد رقمٍ في نشرات الأخبار، يخرج من بين الرماد وجهٌ يُذكّرنا أن لكل رقم اسما، ولكل اسم قصة، ولكل قصة جرحا لا يُشفى. الدكتور حسام أبو صفية ليس فقط طبيب أطفال فلسطينيّا، بل أحد وجوه الكرامة تحت سطوة الاحتلال، ومرايا ناصعة تختصر ما نعيشه كشعبٍ من قهرٍ وعذابٍ وصبرٍ وإرادة.
اعتُقل حسام، لا لأنه حمل سلاحا، بل لأنه رفض أن يُغلق سماعته، وتمسّك بضمير الطبيب حين انكسرت المعايير، وواجه الموت بالحياة.
طبيب في زمن المجازر
في هذا المشهد الجهنمي يُعتقل حسام أبو صفية، لا كاستثناء، بل كجزء من سياسةٍ ممنهجة تستهدف كل من يحمي الحياة في غزة. اعتقال الأطباء ليس تفصيلا، بل عنوانا فاضحا لهذه الإبادة الممنهجة: اقتل، ودمّر، ثم اسجن من يُسعف ويُداوي!
حسام أبو صفية لم يكن غريبا عن ساحات الألم. في قلب غزة، التي تُباد الآن على يد شُذّاذ الآفاق، حيث لا تُفرّق الصواريخ بين طفلٍ ومريضٍ وممرضة، كان حسام واقفا كجدارٍ من طين الأرض وإرادة الصابرين. لم يحمل بندقية، بل حمل طفلا نازفا، لم يشتمّ البارود، بل تنشّق أنفاس الأطفال المختنقين من القصف، وفتح صدره للوجع كي لا يستسلم.
من اختار الطب في غزة يعلم جيدا أنه اختار خط النار، وحسام اختار أن يكون حارسا للحياة في مستشفى كمال عدوان وفي كل مركزٍ طبي تحاصره النكبة اليومية. لكن الاحتلال لا يحتمل من يرفض منطق الموت، ولا يرحم من يُصرّ على الإنسانية، فاعتقله دون تهمة سوى أنه رفض أن يكون شاهد زور على المجازر.
حرب إبادة.. وصمتٌ شريك في الجريمة
اليوم، تُشنّ على غزة حرب إبادة بلا أقنعة، تُقصف المستشفيات، تُحاصر سيارات الإسعاف، وتُدفن العائلات تحت بيوتها. الصمتُ العالمي مخجل، والنفاق السياسي سافر. تُباد مدينة بأكملها أمام عدسات الإعلام، بينما القوى الكبرى لا ترى سوى "حق الدفاع عن النفس" لمن يحمل راجمات الموت، وتغمض أعينها عن حق الضحية في التنفّس.
في هذا المشهد الجهنمي يُعتقل حسام أبو صفية، لا كاستثناء، بل كجزء من سياسةٍ ممنهجة تستهدف كل من يحمي الحياة في غزة. اعتقال الأطباء ليس تفصيلا، بل عنوانا فاضحا لهذه الإبادة الممنهجة: اقتل، ودمّر، ثم اسجن من يُسعف ويُداوي!
قضية حسام: ضميرنا على المحك
قضية حسام ليست فردية، إنها اختبار أخلاقي لنا جميعا. حين يُسجن الطبيب، يُسجن الضمير، حين يُقيد من أنقذ مئات الأطفال من الموت، تُقيد إنسانيتنا.
هو ليس فقط المعتقل، بل هو انعكاس لعجزنا، ولكمّ الصمت الذي يغمر العالم العربي والإسلامي، وربما لأن صوته لا يعلو بالصراخ بل بالموقف، لم يحرّك بعد ما يكفي من الغضب أو الوفاء.
لكن السؤال الصعب: هل فقدنا قدرتنا على الغضب؟ هل اعتدنا هذا الكمّ من الإذلال حتى صار القيد مشهدا معتادا؟ حسام يذكّرنا أن لا، لم يُخلق الفلسطيني ليعتاد الأسر، بل وُجد ليكسره.
صرخة من خلف الجدران
حرية حسام ليست منّة من أحد، بل حقّ واجب الدفاع عنه، هي علامة على أننا لم نفقد إنسانيتنا بالكامل. في زمنٍ تتشظّى فيه الحقيقة وتُصاغ الروايات على مقاس القتلة، نحتاج إلى التمسك بالأصوات التي تُذكّرنا من نحن
رغم الجدران والأسلاك والبرد، نعلم أن حسام لم ينكسر، نعلم أنه ما زال يحمل الوطن في صدره، كما كان يحمل الأطفال في ممرات المستشفيات. نعلم أن قيده ليس إلا مؤقتا، لأن من اعتاد الوقوف في وجه الموت لن تنكسر روحه على يد سجان جبان.
لكننا نحن من يحتاج إلى الصحوة، نحن من يحتاج إلى حسام، لا فقط كطبيبٍ حر، بل كرمزٍ حيّ. يجب أن تتحوّل قضيته إلى قضية رأي عام، يجب أن تُرفع صورته إلى جانب صور الشهداء، لأن من يُصرّ على الحياة في زمن الموت، هو شهيد مؤجل، ومقاتل من نوعٍ آخر.
الحرية لحسام.. فهل نحن أحرار بما يكفي؟
إن حرية حسام ليست منّة من أحد، بل حقّ واجب الدفاع عنه، هي علامة على أننا لم نفقد إنسانيتنا بالكامل. في زمنٍ تتشظّى فيه الحقيقة وتُصاغ الروايات على مقاس القتلة، نحتاج إلى التمسك بالأصوات التي تُذكّرنا من نحن.
إذا أردنا أن نُعيد لفلسطين وجهها الحقيقي، فعلينا أن نحرّر حسام، ونُحرر كل من بقي يقاتل بسماعة، أو قلم، أو كاميرا، أو قلبٍ نابض بالحق.
حسام أبو صفية هو نحن، إذا تذكرنا أنفسنا، وهو كرامتنا، إن شئنا أن نستردها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء طبيب الاحتلال غزة مستشفى احتلال غزة طبيب مستشفى حسام ابو صفية قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة صحافة سياسة صحافة مقالات صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حسام أبو صفیة فی زمن
إقرأ أيضاً:
حسام داغر برفقة حنان ترك وزوجها أثناء صلاة العيد في كاليفورنيا
نشر الفنان حسام داغر عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، صورة تجمعه بالفنانة المعتزلة حنان ترك وزوجها.
وشارك حسام داغر صورة برفقة حنان ترك وزوجها أثناء صلاة العيد في كاليفورنيا.
شاركت حنان ترك خلال الساعات الماضية صورة جديدة مع نجلها (محمد) خلال احتفالها بعيد ميلاده، حيث وجهت الفنانة له رسالة مؤثرة نابعة من القلب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما جعل رواد السوشيال ميديا والمتابعين يتفاعلون معها بشكل لافت، معبرين عن إعجابهم بعفويتها وحنانها كأم.
قالت الفنانة المعتزلة عبر حسابها الرسمي بموقع "انستجرام"، لنجلها: "عيد ميلاد سعيد الـ 16 لابني الرائع محمد، قبل 16 عامًا، دخلتَ حياتي وملأتها بالحب، اليوم، أنظر إليك فأرى ليس ابني فحسب، بل شابًا بقلبٍ يملؤه العطف وعقلٍ ينبض بالذكاء".
وأضافت: "كلماتك مؤثرة - أنت كاتبٌ موهوب، وليس من الغريب أن يُشيد معلموك دائمًا بموهبتك، لكن ما يُؤثّر فيا أكثر هو موهبتك في فهم الآخرين ورغبتك العميقة في مساعدتهم على الشفاء، حلمك بأن تصبح طبيبًا نفسيًا ليس مصادفة - إنه أنت. لديك قدرة نادرة على إرشاد الناس للخروج من الظلمات بالتعاطف والنور".
وتابعت: "استمر في الكتابة، استمر في الاهتمام، استمر في الحلم.. العالم بحاجة إلى المزيد من أمثالك، أنا فخورة بك جدًا يا محمد. أتمنى أن يكون عامك السادس عشر مجرد بداية لرحلة مليئة بالهدف والحب والنور".