علماء من يبتكرون بطاريات “تتنفس” ثاني أكسيد الكربون… ثورة في عالم الطاقة النظيفة!
تاريخ النشر: 15th, June 2025 GMT
شمسان بوست / خاص:
أعلن فريق من الباحثين من جامعة سيري البريطانية عن خطوة مهمة نحو عالم أكثر استدامة تتمثل بنجاحهم في تطوير نموذج أولي مُحسّن لبطارية “ليثيوم-ثاني أكسيد الكربون”.
يقول دانيال كوماندور الحائز على الزمالة البحثية في كلية الكيمياء والهندسة الكيميائية، والمتخصص في توليد الطاقة المستدامة وتخزينها “لقد انطلقنا نحو ابتكار تقنية بطاريات صديقة للبيئة، إذ تمكنّا من تحسين بطارية (ليثيوم-ثاني أكسيد الكربون) فهي لا تخزن الطاقة وحسب وإنما تختزن ثاني أكسيد الكربون أثناء ذلك”.
سر المُحفِّز الفعّال
يشرح كوماندور المشارك بإعداد الدراسة في تصريحات حصرية للجزيرة نت “لطالما عانت بطاريات (ليثيوم-ثاني أكسيد الكربون) من مشكلة في عكس ناتج التفاعل بين الليثيوم وثاني أكسيد الكربون المٌنتج لكربونات الليثيوم. ويحتاج عكسه (أي عكس مسار التفاعل) إلى محفز فعّال، وهو مادة كيميائية تخفض حاجز طاقة التفاعل العكسي”.
وعلى عكس البطاريات التقليدية مثل (ليثيوم-أيون) تعتمد بطاريات (ليثيوم-ثاني أكسيد الكربون) على تفاعل كيميائي بين الليثيوم وغاز ثاني أكسيد الكربون لتكوين مُركب يُعرف باسم كربونات الليثيوم، وخلال هذا التفاعل تنطلق الطاقة اللازمة أو الكهرباء. وفي المقابل يُحتجز ثاني أكسيد الكربون من الجو داخل البطارية، أي أن البطارية كأنها “تتنفس” ثاني أكسيد الكربون أثناء تشغيلها.
وتمثل عملية إعادة الشحن ضرورة لا غنى عنها للبطاريات من أجل تحقيق انتشار تجاري، لكن إعادة تحويل كربونات الليثيوم الناتجة إلى مكوناتها الأساسية عند إعادة شحن البطارية وقفت عائقًا منيعًا لفترة، لأنها تتطلب طاقة عالية.
بحسب الدراسة -التي نشرها الفريق في دورية “أدفانسد ساينس”- فالتفاعل الكيميائي صعب العكس يشبه صعود تل بالدراجة، بينما يعمل المحفز الفعّال في الكيمياء على تسطيح هذا التل، مما يسهل الوصول إلى القمة والاستمرار بسلاسة، أي يسهل من إمكانية سير التفاعل إلى الخلف مرة أخرى.
وقد نجح الباحثون في استبدال المحفزات المكلفة بمادة رخيصة نسبيًا تُدعى “فوسفوموليبدات السيزيوم” وتقدم خصائص تركيبية وكيميائية استثنائية.
ويقول كوماندور “إن فوسفوموليبدات السيزيوم أقل تكلفة، وتعمل كمحفز جيد لأن جزء الفوسفوموليبدات يُشكل سطحًا مثاليًا لتثبيت المتفاعلات عليه، أما السيزيوم فيُساهم في تثبيت البنية لدورات تشغيل طويلة المدى”.
بطارية تتنفس السموم
بفضل استخدام هذا المحفز الجديد حافظت البطارية الجديدة على كفاءتها لأكثر من 100 دورة شحن وتفريغ، وهو رقم كبير نسبيًا لبطاريات الليثيوم-ثاني أكسيد الكربون التي عادةً ما تنهار بعد عشرات الدورات فقط. كما تمكّن الفريق من مراقبة التفاعل العكسي بدقة عبر تقنيات تصوير متقدمة.
ويعلق كوماندور “كان من اللافت رؤية مدى فعالية المُحفز في عكس تراكم كربونات الليثيوم بعد إعادة الشحن. ولاحظنا هذا بعد أن شحنّا البطارية ثم فتحناها لفحص القطب تحت المجهر الإلكتروني. لقد نجح في إزالة معظم ناتج التفريغ، مما يُظهر أن التفاعل سار عكسيًا بدرجة عالية”.
وقد أظهرت النماذج الحاسوبية أن الطاقة اللازمة لتثبيت جزيئات ثاني أكسيد الكربون على سطح المحفز كانت أقل من تلك المرتبطة بالبلاتين، مما يدل على جودة سطح المحفز الجديد وقدرته على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتهيئته للتفاعل.
تحدي البطارية النظيفة
رغم النتائج الواعدة، يؤكد الفريق البحثي أن ثمة خطوات كثيرة قبل الوصول إلى منتج تجاري يُباع في الأسواق. وأبرز هذه التحديات تتعلق بظروف التشغيل الواقعية، ويشرح كوماندور “تكلفة المحفز كانت حاجزًا مهمًا يعوق التسويق التجاري، لكن التحدي الأكبر يكمن في اختبار البطاريات عند ضغط جزئي أقل لثاني أكسيد الكربون. فقد اختبرنا الخلايا عند ثاني أكسيد الكربون بضغط 1 بار، وهو ضغط مثالي”.
والخطوة التالية هي معرفة ما إذا كانت ستعمل البطارية بشكل جيد عند 0.1 بار، حينها ستتمكن من التقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من عوادم السيارات أو المصانع على سبيل المثال. أما عند 0.0004 بار فسيُمكن استخدامها لالتقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء في أي مكان.
وتأتي إحدى الخطط المستقبلية للفريق البحثي في استبدال عنصر السيزيوم بعناصر أقل تكلفة، مما يُساهم في خفض الكلفة الإجمالية للبطارية دون التأثير على كفاءتها. ويضيف كوماندور “تجف الخلايا أيضًا لأنها مفتوحة، لذا نحتاج إلى تصميم أغلفة تسمح بدخول ثاني أكسيد الكربون دون أن يجف الإلكتروليت (الضروري في مكونات البطارية لإنتاج الطاقة والذي يؤدي جفافه إلى انهيار البطارية)”.
وبعيدًا عن كوكبنا، يمكن أن يكون لبطاريات الليثيوم-ثاني أكسيد الكربون دور محوري في مهمات الفضاء طويلة المدى، خاصة على كوكب كالمريخ، حيث يُشكل غاز ثاني أكسيد الكربون نسبة 95% من غلافه الجوي، مما يجعله بيئة مثالية لهذه البطاريات.
إن ابتكار بطاريات الليثيوم-ثاني أكسيد الكربون ليس مجرد تطوير تقني، بل يمثل قفزة نوعية في ربط الحلول البيئية بتقنيات تخزين الطاقة. إنها معادلة مثالية لعالم يعاني من أزمات المناخ والطاقة في نفس الوقت.
المصدر: شمسان بوست
إقرأ أيضاً:
“البصمة البيئية والتحول الأخضر”..ندوة بجامعة قناة السويس لتعزيز الوعي بالطاقة النظيفة
نُظمت ندوة علمية بعنوان «البصمة البيئية والتحول الأخضر» بمجمع فاطمة الزهراء للتعليم الأساسي بأبو خليفة، وذلك تحت رعاية الدكتور ناصر مندور رئيس جامعة قناة السويس، وبإشراف عام من الدكتورة دينا أبو المعاطي نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وبإشراف الدكتورة مها فريد سليمان عميد كلية العلوم، وإشراف تنفيذي من الدكتور رأفت عفيفي وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، في إطار جهود جامعة قناة السويس نحو دعم قضايا البيئة والتنمية المستدامة.
وجاءت الندوة بالتعاون بين إدارة الاتصالات والمؤتمرات بجامعة قناة السويس وإدارة المشاركة المجتمعية بمديرية التربية والتعليم، ضمن سلسلة الفعاليات التوعوية التي تنفذها الجامعة لترسيخ مفاهيم التحول الأخضر والمسؤولية البيئية في المجتمع المحلي.
قدّمت المحاضرة الدكتورة مريم عبده محمود حمزة، المدرس بقسم الفيزياء بكلية العلوم، حيث تناولت خلال الندوة مجموعة من المفاهيم البيئية الأساسية، شملت تعريف البيئة والنظام والتوازن البيئي، مع عرض لأمثلة حية للمشكلات البيئية التي تواجه العالم، إلى جانب توضيح مفهوم البصمة الكربونية وتأثيرها على المناخ العالمي. كما شرحت المحاضِرة المفاهيم الأساسية لـ البصمة البيئية والتحول الأخضر والتنمية المستدامة، مؤكدة أهمية الاستفادة من مصادر الطاقة البديلة كمسار حتمي نحو مستقبل صديق للبيئة.
وأوضحت الندوة الدور الحيوي الذي تقوم به الجامعات المصرية، وعلى رأسها جامعة قناة السويس، في دعم توجهات الدولة نحو تحقيق الاستدامة البيئية، من خلال نشر ثقافة الوعي البيئي بين الأجيال الجديدة.
نُظمت الندوة بإشراف الأستاذ محمد عثمان مدير إدارة الاتصالات والمؤتمرات بجامعة قناة السويس، وشهدت تفاعلًا إيجابيًا من الطلاب والمعلمين، مؤكدين أهمية مثل هذه الفعاليات في رفع مستوى الوعي البيئي وتنمية السلوك الإيجابي نحو حماية الموارد الطبيعية.