آليات التفكير في ضريبة الدخل على الأفراد
تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT
الضرائب بجميع أنواعها هي أدوات مالية فاعلة تهدف إلى تطوير السياسة المالية في البلدان وتفعيل أدواتها الأخرى، ضريبة الدخل على الأفراد عموما تسعى إلى تحسين الإيرادات وتنويع مصادر الدخل وتنمية الاقتصاد، وأيضا تستخدم إيراداتها في تحسين جودة الحياة في المجتمعات، ورغم ذلك ما زال البعض يصنفها على أنها قطاع من قطاعات التنويع الاقتصادي كأحد مصادر الدخل البديلة عن إيرادات الطاقة، فأثرها لا يتجاوز تمويل منظومة الحماية الاجتماعية؛ لاستهداف ضريبة الدخل على الأفراد شريحة صغيرة من الأشخاص ربما لا تتجاوز 2% من إجمالي سكان سلطنة عُمان وهم أصحاب الدخول المرتفعة إذا ما اعتمد مقترح مجلس عُمان برفع الدخل المستهدف لفرض ضريبة الدخل على الأفراد إلى 3500 ريال عُماني شهريا، ولو فكرنا جيدا فإن تأثيرها على المشهد الاجتماعي سيكون محدود جدا، فليس من الحكمة تهويل أمرها أو مقاومتها من مختلف أطياف المجتمع رغم عدم فرضها على الكل مثل ضريبة القيمة المضافة، خاصة وأن توجه الحكومة للاستفادة من إيرادات ضريبة الدخل على الأفراد في تحسين جودة حياة الأفراد عبر تمويل منظومة الحماية الاجتماعية.
إن عزم الحكومة على فرض ضريبة الدخل على الأفراد هو دليلٌ على تحقيق أمرين مهمين وهما، أولا: تحقيق التكافل الاجتماعي من خلال توجيه إيرادات الضريبة إلى الفئات الأكثر احتياجا في المجتمع وتمويل البرامج الداعمة لرفع مستوى الرفاه المجتمعي، مثل منافع الحماية الاجتماعية التي أوجدت دخلا من العدم لكثير من كبار السن والأطفال وهما الفئتان الأكثر احتياجا؛ كونهما خارج الفئة العمرية لسن العمل، ثانيا: وجود مصدر دخل لتمويل منظومة الحماية الاجتماعية وتطوراتها المستقبلية خاصة مع التوجه نحو تفعيل المنافع الأخرى في المنظومة مثل منفعة الباحثين عن عمل، عبر استبعادها من قائمة النفقات في الميزانية العامة للدولة حتى لا تكون عبئا ماليا في حال انخفاض الإيرادات المالية، وقد نجحت الحكومة سابقا في تقليل عبء الإنفاق وتسجيل فوائض مالية من خلال استبعاد مصروفات النفط والغاز لشركة تنمية نفط عُمان من الميزانية العامة للدولة التي كانت تمثل أكثر من 20% من جملة الإنفاق السنوي بأكثر من 2.5 مليار ريال عُماني، ولذلك فإن وجود مصدر لتمويل منافع الحماية الاجتماعية يعد ضرورة مالية لضمان استمرار صرفها ومواصلة خطط تفعيل المنافع الأخرى في كل الظروف والمتغيرات الاقتصادية، ولتقليل حجم بند الإنفاق العام أو توجيه الإنفاق إلى المشاريع التنموية والاستثمارية.
هل آن الأوان لتطبيق ضريبة الدخل على الأفراد؟ في رأيي نعم إذا ما اعتمد الدخل المستهدف في حدود 3500 ريال عُماني إلى 4000 ريال؛ لأنه لن يشمل سوى 2% من سكان سلطنة عُمان تقريبا سيستهدف 100 ألف شخص بمتوسط ضريبة مقدارها 3 آلاف ريال عُماني من كل شخص وبإجمالي إيرادات تقديرية ما بين 300 و350 ألف ريال عُماني سنويا علما بأن المخصص المالي لمنظومة الحماية الاجتماعية تقترب من 600 مليون ريال سنويا، ولضمان تحقيق الإيرادات من ضريبة الدخل على الأفراد لابد من تحقيق نسبة نمو جيدة في الناتج المحلي الإجمالي، حتى لا تتأثر مكونات الاقتصاد الكلي على وجه الخصوص من التأثيرات المحدودة للضريبة، التي لا أظن أنها ستنعكس على ارتفاع الأسعار كما يتوقعها البعض لأنها ضريبة على الدخل وليست على السلع والخدمات مثل ضريبة القيمة المضافة، وبالتالي لا تؤثر على عوامل الإنتاج ولا ينبغي أن يتم وضع ضريبة الدخل على الأفراد كشماعة لرفع الأسعار أو تقليل الأجور أو تعويضها من بند المسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات، وأربي العمل بالتوصيات الآتية:
• قيام وزارة المالية بجهود توعوية أوسع وأشمل بضريبة الدخل على الأفراد بالتعاون مع وسائل الإعلام التقليدية والحديثة؛ لإيصال رسائل مطمئنة لأفراد المجتمع عن الضريبة وتأثيراتها المحدودة على المشمولين بالضريبة.
• من الجيد الابتعاد على التحليلات الواهية والسطحية في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال توجيه المحللين الاقتصاديين والماليين لتوضيح الصورة الكاملة عن ضريبة الدخل على الأفراد.
• التفريق بينها وبين قطاعات التنويع الاقتصادي وأنها ليست قطاعا اقتصاديا بل أداة مالية لتعزيز الإيرادات وتوظيف إيراداتها في رفع جودة الحياة.
• إصدار ملخص نصف سنوي أو سنوي يوضّح الإيرادات المحصلة من الضرائب عموما وآلية توظيفها في رفع جودة حياة الأفراد ودورها في تعزيز الإيرادات العامة للدولة، ما يعزز الشفافية بين الحكومة والمجتمع.
• ضرورة الاشتغال بالتعاون مع المحللين الاقتصاديين والماليين والمهتمين بالشأن المالي والاقتصادي للتفريق بين الخطط المالية والخطط الاقتصادية من حيث أدواتها وأثرها على المنظومة الاقتصادية ككل.
• من الجيد الاستفادة من مؤسسات المجتمع المدني كجمعيات المرأة العُمانية ومكاتب الولاة لإيضاح التوجهات الحكومية ودوافعها ومنافعها المستقبلية، إضافة إلى الاستفادة من المراكز الصيفية المقامة في مختلف محافظات وولايات سلطنة عُمان لترسيخ بعض المفاهيم والمصطلحات التي تعمّق الوعي المجتمعي بالقرارات الحكومية.
راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ضریبة الدخل على الأفراد الحمایة الاجتماعیة ریال ع مانی
إقرأ أيضاً:
عاصفة جزيئية تسرّع شيخوخة الأفراد بعد سن الـ45..تفاصيل
قام الباحثون بتحليل عينات من أنسجة 76 متبرعًا تتراوح أعمارهم بين 14 و68 عامًا، وتركزت التحليلات على عدة أعضاء، منها القلب، الرئتان، البنكرياس، الجلد، الدم، العضلات، والغدد الكظرية.
كشفت النتائج أن الغدد الكظرية تظهر علامات مبكرة للشيخوخة بدءًا من سن الثلاثين، مما يدل على أن الاضطرابات الهرمونية قد تساهم في تسريع عملية التقدم في العمر لاحقًا.
وأشار الباحثون إلى أن ما بين عمر 45 و55 عامًا يحدث ما يعرف بـ”عاصفة جزيئية”، حيث تتغير البروتينات بشكل كبير في الأعضاء، خاصة الشريان الأورطي والبنكرياس والطحال، التي كانت من أكثر الأعضاء تأثرًا.
استخدام أدوات قياس العمر البيولوجي اعتمد الباحثون على تقنية تسمى “ساعات الشيخوخة البروتينية”، التي تعتمد على تحليل البروتينات لقياس العمر البيولوجي للجسم بشكل أكثر دقة من الطرق الجينية التقليدية.
وبيّن الخبراء أن فترة الأربعينيات والخمسينيات تتطلب اهتمامًا خاصًا بأسلوب الحياة للمساعدة في تقليل علامات الشيخوخة، من خلال تناول طعام صحي، والنوم الكافي، وممارسة الرياضة، وتقليل التوتر.
نصائح لتمديد صحة الجسم أوضح الدكتور روبرت مانكوفسكي أن عملية الشيخوخة تبدأ منذ الولادة، لذا فإن تبني عادات صحية منذ الصغر يعد أفضل وسيلة للحفاظ على صحة الجسم وتأخير مظاهر التقدم في العمر.
ومن المهم الانتباه إلى نمط الحياة، حيث أن العناية المبكرة تساعد في تقليل آثار الشيخوخة وتحسين جودة الحياة على المدى الطويل