تخفيض رسوم جوازات السفر السورية بين الخطوة الإيجابية والعبء المستمر
تاريخ النشر: 2nd, July 2025 GMT
دمشق- لدعم المواطنين السوريين وتسهيل إجراءات السفر، صادق وزير الداخلية أنس خطاب، في 26 يونيو/حزيران الماضي، على قرار تخفيض رسوم إصدار وتجديد جوازات السفر وفق المرسوم رقم 119 لعام 2025.
ويشمل القرار:
تخفيض رسوم الجواز الفوري داخل سوريا من مليونيْ ليرة إلى 1.6 مليون ليرة (حوالي 160 دولارا). تخفيض الرسوم خارج سوريا من 800 إلى 400 دولار للجواز الفوري، ومن 300 إلى 200 دولار للجواز العادي.تخفيض خاص للحجاج داخل سوريا إلى مليون ليرة لعام 2025.
وبدأ سريان القرار فورا عبر منصة "أنجز" الإلكترونية، محققا توفيرا ماليا يصل إلى 400 ألف ليرة (40 دولارا) داخليا و400 دولار خارجيا، بهدف دعم الحجاج وتسهيل السفر للعمل والدراسة.
وأكد محمد علي، مسؤول في مركز الهجرة والجوازات بدمشق، للجزيرة نت، أن إدارة الهجرة والجوازات واجهت تحديات كبيرة خلال الأزمة، حيث تعرضت للحرق والسرقة، مما أثر على سير العمل.
وأضاف "بعد جهود مكثفة، تمكنا من إعادة تنظيم العمل وتطوير المنصة لتكون الوسيلة الأساسية لتقديم الطلبات. الآن، نقدم الجواز الفوري فقط داخل سوريا، ونعمل على تبسيط الإجراءات لتكون أكثر شفافية وسرعة". وأوضح أن استخراج الجواز يتطلب التسجيل عبر المنصة، وتقديم صور شخصية وهوية مدنية، بينما يشترط حضور الوالد أو وصاية شرعية لجوازات الأطفال.
أما السوريون بالخارج، فيحتاجون إلى تقديم صورة الإقامة وإثباتات إضافية مثل فيديو أمام معلَم معروف. وأكد علي "هدفنا تخفيف الأعباء عن المواطنين، نخطط لتوسيع الخدمات لتشمل فئات أوسع، مثل قطاع العمرة".
وقوبل القرار بترحيب حذر، وسط آمال بأن يمثّل خطوة ضمن مسار أوسع للإصلاح.
في تصريح للجزيرة نت، تحدث رامز الكردي، وهو مسؤول عن استخراج جوازات السفر للسوريين والحجاج، عن التحديات التي واجهت السوريين قبل سقوط النظام السابق وبعده، وقال إن الاستخراج خاصة في مناطق خارج سيطرته مثل إدلب، شبه مستحيل.
إعلانوأضاف الكردي أن المواطنين كانوا يضطرون للتعامل مع "سماسرة" يطالبون بمبالغ خيالية تصل إلى 2500 دولار لمن يملك جوازا قديما، و3 آلاف دولار لمن لا يملك. وكثيرون خسروا أموالهم دون الحصول عليه.
وحتى بعد إطلاق منصة "أنجز" قبل سقوط النظام، وفقا له، ظلت التكاليف مرتفعة. والجواز المستعجل كان يكلف 1200 دولار، والعادي بين 650 و700 دولار، مع رسوم شحن عبر "دي إتش إل" وخدمات إلكترونية إضافية.
وعدّ الكردي القرار الجديد خطوة جيدة، وأشار إلى نقطة إيجابية فيه حيث أصبحت صلاحية الجواز تمتد 6 سنوات للجميع بينما كانت محددة سابقا بحوالي سنتين ونصف للمغتربين. لكنه أوضح أن رسوم الشحن والخدمات الإلكترونية لا تزال تشكل عبئا. كما أن الكثير من المواطنين، خاصة في المناطق الريفية، يفتقرون إلى المهارات التقنية لاستخدام المنصة، مما يجبرهم على دفع رسوم إضافية لوسطاء.
ويرى خبراء أن التخفيضات تُعتبر خطوة إيجابية كاستعمال المواطنين للمنصة وإلغاء الموافقات الأمنية اللذين عززا الإقبال، لكنها غير كافية في ظل التحديات الاقتصادية واللوجستية مثل رسوم الشحن والخدمات الإضافية التي يقولون إنها تظل عبئا، خاصة على المغتربين.
من جانبه، رحب الخبير الاقتصادي أسامة العبد الله بالقرار وأوضح أنه يساعد الطلاب على توفير مبالغ مالية لاستخراج أوراق أخرى، مثل تأشيرات الدراسة، ويمكّن العاملين من إكمال إجراءات السفر بسرعة. كما أن التخفيضات تعزز قدرة الأُسر السورية على تحسين ظروفها المعيشية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية.
وأضاف -للجزيرة نت- أن إدارة الهجرة والجوازات اتخذت خطوات جيدة، مثل إلغاء الموافقات الأمنية المعقدة وتنظيم العمل عبر منصة "أنجز"، مما قلل الازدحام وأزال العوائق البيروقراطية التي كانت تؤخر الإجراءات وتفتح المجال للفساد.
وأشار إلى أن الإقبال الكبير -بعد إلغاء الدراسات الأمنية- يتطلب بنية تحتية أقوى وتدريبا للعاملين لضمان سرعة التنفيذ. كما أن هناك حاجة لتوعية المواطنين بكيفية استخدام المنصة الإلكترونية. واقترح خفض رسوم الجواز العادي إلى مليون ليرة و500 ألف للحجاج، مع إضافة تسهيلات للعمرة لدعم السياحة الدينية، التي يمكن أن تنعش الاقتصاد السوري عبر استقطاب العملات الأجنبية.
في تصريح للجزيرة نت، قال المواطن عبد الحكيم جمعة، من حلب، "أعيش في ظل ظروف اقتصادية خانقة وأرى أن خفض رسوم الجواز الفوري يمثل بارقة أمل، لكنه يبقى بعيد المنال بالنسبة للكثيرين منا. أنا مثلا أعمل في مهنة حرة وبالكاد أستطيع تغطية نفقات عائلتي. هذا التخفيض، رغم أهميته، لا يزال عبئا ثقيلا عندما نفكر في تكاليف الحياة اليومية".
وأضاف "ألغت المنصة الحاجة للتعامل مع السماسرة الذين استغلوا معاناتنا لسنوات. لكن الجميع لا يعرفون كيفية استخدامها مثل كبار السن. كنت أتمنى لو تم تخصيص مكاتب ميدانية في الأحياء الشعبية لمساعدة الناس على تقديم طلباتهم بدلا من الاعتماد الكلي على الإنترنت".
إعلانويفكر جمعة في السفر للعمل خارج سوريا، لكن رسوم الشحن للجواز المستعجل، التي تضاف للتكلفة الأساسية، تجعله -كما يقول- مترددا. ودعا الحكومة إلى إنشاء مراكز محلية لتسليم الجوازات في الخارج بدلا من الاعتماد على شركات الشحن الدولية.
وشدد على حاجة الشباب السوري إلى "دعم حقيقي" وإلى برامج تدريب مهني أو قروض ميسرة تساعدهم على السفر والبحث عن فرص عمل، و"ليس فقط تخفيض رسوم الجواز".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الهجرة والجوازات جوازات السفر رسوم الجواز داخل سوریا تخفیض رسوم للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
"بوابة دمشق".. سوريا تطلق مشروعها الإعلامي الأكبر بدعم قطري يصل إلى 1.5 مليار دولار
في خطوة قد تُساهم في إنعاش الاقتصاد السوري المتداعي، أعلن وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى عن توقيع اتفاق مع شركة "المها الدولية" القطرية بقيمة 1.5 مليار دولار لإطلاق مشروع "بوابة دمشق"، مدينة إنتاج تجمع بين الإعلام والفن والسياحة. اعلان
المشروع، الذي وُقّع في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، يأتي ضمن استراتيجية النظام الجديد في سوريا لجذب الاستثمارات الخارجية بعد تخفيف العقوبات الأمريكية الشهر الماضي. وشهد حفل التوقيع حضور الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الذي يقود جهودًا لتوسيع الاستثمارات الأجنبية في سوريا بعد 14 عامًا من الحرب.
وقال المصطفى إن المدينة الجديدة ستقام على مساحة تقدر بنحو مليوني متر مربع في محافظتي دمشق وريف دمشق، وستضم استوديوهات داخلية مجهزة بأحدث تقنيات البث والإنتاج، إلى جانب مواقع تصوير خارجية صُممت لتعكس الطابع المعماري العربي والإسلامي التاريخي.
كما أشار إلى أن المشروع يتماشى مع السياسات الحكومية الهادفة إلى دعم المبادرات التنموية الفريدة وتعزيز حضور سوريا في خارطة الإنتاج السينمائي والإعلامي إقليميًا ودوليًا.
ومن المتوقع أن تتحول "بوابة دمشق" إلى مركز إنتاج رائد، ما قد يوفر ما يزيد عن 4,000 فرصة عمل مباشرة وقرابة 9,000 وظيفة موسمية. وأكد رئيس مجلس إدارة "المها" محمد العنزي خلال الحفل، أن المشروع يمثل "فرصة حقيقية" للمستثمرين في الخليج وخارجه، داعيًا إلى المشاركة في ما وصفه بـ"مبادرة نهوض اقتصادي حقيقي"، معربًا عن توقعه بأن تكتمل الأعمال خلال خمس إلى سبع سنوات.
رفع العقوبات يفتح الباب أمام المستثمرين الدوليينالشرع، دعا مرارًا إلى رفع العقوبات الدولية الواسعة كمدخل لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، كما طالبت هئية تحرير الشام بإزالة اسمها واسم زعيمها من لوائح الإرهاب الدولية.
ويمثل بدء رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا نقطة تحوّل في علاقة دمشق مع الخارج، بعد سنوات من العزلة الدولية. فالقيود التي فرضت منذ عام 2011 على خلفية قمع النظام السابق للانتفاضة الشعبية، كبّلت الاقتصاد السوري وأثّرت على قطاعاته الحيوية، من الطاقة والنقل إلى التجارة والاستثمار.
Relatedسلطة في الظل.. هل حلّ "الشيخ" مكان الدولة في سوريا؟وسط مشاعر الخوف والحزن.. مطالبات بالكشف عن مصير نساء علويات خُطفن من شوارع سورياسوريا.. انفجار دمشق يثير التساؤلات وسط فوضى أمنية وإعلامية مستمرةوبعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال جولته الخليجية عن رفع العقوبات الشهر الماضي، في خطوة سبقت بيوم واحد لقاءه التاريخي بالرئيس الشرع في الرياض، بدأت ملامح الانفتاح الاقتصادي تتضح.
ورغم أن بعض الإجراءات ما زالت موقتة وتمتد لستة أشهر فقط، إلا أن ذلك لم يمنع كبرى الشركات من الإعلان عن صفقات ضخمة، أبرزها اتفاق طاقة بقيمة 7 مليارات دولار تقوده شركة "اتحاد المقاولين القابضة" القطرية، إلى جانب تعهدات دولية بتقديم مساعدات إنمائية تُقدّر بـ6.5 مليار دولار.
غير أن التحديات الأمنية لا تزال حاضرة. ففي وقت سابق هذا الشهر، هزّت العاصمة دمشق تفجير طال كنيسة وأودى بحياة أكثر من عشرين شخصًا، في أسوأ هجوم من نوعه منذ سنوات، ما يثير تساؤلات حول قدرة السلطة الجديدة على تحقيق الاستقرار الكامل في البلاد.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة