كشف مدير مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية عن مأساة إنسانية مروعة تتكشف فصولها داخل أروقة المستشفيات الفلسطينية، حيث سجل المجمع 6 وفيات خلال أقل من 24 ساعة -بينها طفل- نتيجة الجوع وسوء التغذية.

ووصف أبو سلمية الوضع بأنه جريمة ضد الإنسانية، مؤكدا أن هذه الأرواح لم تجد كسرة خبز واحدة لتبقى على قيد الحياة.

وتتسع دائرة المأساة لتشمل قطاع غزة بأكمله، حيث بلغ إجمالي الوفيات نتيجة المجاعة في يوم واحد 14 وفاة توزعت بين 6 وفيات في مجمع الشفاء و8 وفيات في باقي مستشفيات القطاع.

ويتراوح هؤلاء الضحايا بين أطفال ونساء ومن هم في مقتبل الثلاثينيات من العمر، وجميعهم وصلوا إلى المستشفيات قبل 5 أيام في وضع مأساوي وكارثي، لكن الطواقم الطبية عجزت عن تقديم أي خدمة لهم.

وتجسدت المأساة الإنسانية -وفقا لأبو سلمية- في قصة طفل يبلغ من العمر 5 سنوات لم تجد أمه له طعاما ولا حليبا، حتى إن حليب الرضاعة الطبيعي جف من ثدييها.

واضطرت الأم اليائسة إلى إطعام طفلها بعض الأعشاب التي أدت إلى مضاعفات خطيرة وتسمم، مما تسبب في وفاة الطفل.

وتكشف هذه الحادثة عن مستوى اليأس الذي وصلت إليه الأمهات الفلسطينيات في محاولاتهن الحفاظ على حياة أطفالهن.

ووفقا لإحصائيات أبو سلمية، وصل العدد الإجمالي لشهداء التجويع في قطاع غزة إلى 147 شهيدا، لكنه أكد أن هذا الرقم قليل جدا مقارنة بالواقع الحقيقي.

والسبب في ذلك أن المئات يموتون بصمت في خيامهم وبيوتهم دون أن يتمكنوا من الوصول إلى المستشفيات، وبالتالي لا يتم تسجيل وفياتهم رسميا، مما يعني أن الأرقام الحقيقية أكثر إيلاما مما هو معلن.

وانتقد مدير مجمع الشفاء المساعدات التي يتم الترويج لدخولها إلى قطاع غزة، واصفا إياها بأنها ذر رماد في العيون ولا تدخل بالكميات الكافية، موضحا أن ما دخل من مساعدات اقتصر على كميات قليلة من الدقيق، والذي رغم أهميته فإنه لا يعالج المجاعة ولا نقص الفيتامينات ولا الأمراض المترتبة على سوء التغذية.

إعلان

وأوضح أن المشكلة تفاقمت بعدم وصول هذه الكميات القليلة إلى جميع المحتاجين، حيث تم الاستيلاء عليها من قبل بعض الأشخاص بسبب غياب آليات توزيع واضحة.

آثار ممتدة لسوء التغذية

وكشف أبو سلمية عن ظهور شريحة جديدة ومؤلمة من الضحايا، وهم الجرحى الذين خضعوا لعمليات جراحية ناجحة، لكنهم يواجهون الموت بسبب سوء التغذية.

هؤلاء المرضى الذين كان من المفترض أن يمكثوا في المستشفى 5 أيام يضطرون للبقاء شهرا أو أكثر، لأن جروحهم لا تلتئم بسبب نقص التغذية، جروحهم تلتهب وتتعفن، وبعضهم يفقد حياته رغم نجاح العملية الجراحية نفسها.

كما تمثل أزمة حليب الأطفال واحدة من أخطر التحديات التي تواجه قطاع غزة، حيث يواجه آلاف الرضع خطر الموت المحقق، وفقدت النساء المرضعات القدرة على الإرضاع الطبيعي بسبب سوء تغذيتهن، مما يضطر الأمهات إلى إعطاء أطفالهن الرضع المياه والأعشاب، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على حياتهم.

وحذر أبو سلمية من أن آثار سوء التغذية ستمتد لتشمل الأجيال المقبلة، مؤكدا أن سوء التغذية ليس مرضا عارضا يمكن علاجه خلال أيام، بل يحتاج إلى تأهيل طويل.

وأوضح أن الأطفال في مرحلة النمو من عمر يوم إلى 10 سنوات يمرون بمرحلة النمو الجسماني والإدراكي والعقلي، وإن لم تتوفر تغذية جيدة فسيعانون في المستقبل من أمراض الكلى والكبد والبنكرياس، بالإضافة إلى مشاكل إدراكية وعقلية تشمل أنواعا من التوحد والانطوائية وصعوبات التعلم.

وكانت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية حذرت -مؤخرا- مما وصفتها بـ"مجاعة وشيكة"، والآن تؤكد أن المجاعة باتت واقعا حتى إن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس وصف في مؤتمر صحفي المشاهد بغزة قائلا "لا أرى وصفا أنسب لما يحدث سوى أنه تجويع جماعي، وهو من صنع الإنسان، وهذا جلي للغاية".

وفي الوقت نفسه، تقف نحو 6 آلاف شاحنة محملة بالغذاء والماء والإمدادات تابعة للأمم المتحدة عند مشارف غزة، وتؤكد المنظمة الدولية أن إسرائيل تمنع دخول هذه القوافل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات سوء التغذیة أبو سلمیة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

تقرير أممي: أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن" في قطاع غزة

أعلن المرصد الرئيسي للأمن الغذائي في العالم الثلاثاء أن « أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن » في قطاع غزة المحاصر والمدمر بفعل الحرب المستمرة منذ 21 شهرا بين إسرائيل وحركة حماس.

وحذر « التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي » IPC الذي وضعته الأمم المتحدة والصادر الثلاثاء بأن الأزمة الإنسانية « بلغت نقطة تحول مثيرة للقلق الشديد وفتاكة ».

وأكد هذا المرصد الذي تساهم فيه وكالات أممية متخصصة ومنظمات غير حكومية وهيئات محلية، أن عمليات إلقاء المساعدات فوق القطاع « لن تكون كافية لوقف الكارثة الإنسانية »، مشددا على أن عمليات إدخال المساعدات بر ا « أكثر فاعلية وأمانا وسرعة ».

وطالب بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية بصورة « فورية وبدون عقبات » مشددا على أنها الوسيلة الوحيدة لوقف « الجوع والموت » اللذين يتصاعدان بسرعة.

وصدر هذا التحذير بعدما نبهت عدة منظمات إنسانية في الأيام الأخيرة من وفيات على ارتباط بالجوع في القطاع.

وذكر التصيف استنادا إلى بياناته الأخيرة أنه تم بلوغ « عتبة المجاعة » في « معظم أنحاء قطاع غزة »، مشيرا إلى تزايد الوفيات بين الأطفال.

وجاء في التقرير أنه « تم نقل ما يزيد عن 20 ألف طفل لتلقي العلاج جراء إصابتهم بسوء تغذية حاد بين أبريل ومنتصف يوليوز، وأكثر من ثلاثة آلاف منهم يعانون من سوء تغذية وخيم ».

وأفاد عن تزايد الوفيات بسبب الجوع بين الأطفال الصغار.

وذكر التقرير أن « أدلة متزايدة تظهر أن تفشي المجاعة وسوء التغذية والأمراض تتسبب بزيادة في الوفيات المرتبطة بالجوع ».

وحذر التقرير من أن « وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة من دون عوائق » هو السبيل الوحيد لوقف تزايد الوفيات.

وأضاف أن « الفشل في التحرك الآن سيؤدي إلى انتشار واسع للموت في معظم أنحاء القطاع ».

وفي ظل ضغوط دولية مكثفة، أعلنت إسرائيل الأحد عن « تعليقا تكتيكيا » يوميا لم تحدد إلى متى ستستمر، من العاشرة صباحا حتى الثامنة مساء، في مناطق محددة من غزة لأغراض إنسانية، مشيرة إلى دخول أكثر من 120 شاحنة محملة بالمواد الغذائية، فيما قامت بعض الدول مثل الأردن والإمارات بإلقاء مساعدات غذائية جوا فوق القطاع.

لكن المرصد لفت إلى أن عمليات الإلقاء من الجو لن تكون كافية « لوقف الكارثة الإنسانية » فضلا عن أنها باهظة الكلفة وتنطوي على مخاطر.

وأكد أن تسليم المساعدات برا « أكثر فاعلية وأمانا وسرعة ».

وشدد على أن السكان الأكثر ضعفا الذين يعانون من سوء تغذية حاد وبينهم أطفال « بحاجة للحصول على علاج منقذ للحياة بصورة متواصلة » من أجل التعافي.

ولفت إلى أنه « بدون تحرك فوري، سيستمر الجوع والموت في الانتشار بسرعة وبدون توقف ».

وقال المرصد إن تحذيره لا يعتبر بمثابة تصنيف جديد للمجاعة، بل يهدف إلى لفت الانتباه إلى الأزمة بناء على « آخر الأدلة المتوافرة » حتى 25 يوليوز.

وأكد أنه يعمل على « توصية » أكثر دقة يصدرها في أسرع وقت ممكن ويضمنها تصنيفاته.

وكان التصنيف المرحلي المتكامل أفاد في تقرير في ماي بأن قطاع غزة يواجه مستوى « حرجا » من خطر المجاعة فيما 22% من سكانه مهددون بأن يعانوا من وضع « كارثي ».

 

 

امس-اك/دص/غ ر

 

كلمات دلالية الأمم المتحدة المجاعة تصنيف تقرير غزة

مقالات مشابهة

  • مجاعة طاحنة تضرب قطاع غزة وطوابير مجوعين طويلة
  • “أونروا”: هناك مجاعة حقيقية في غزة
  • "أونروا": هناك مجاعة حقيقية في غزة
  • طريق الموت من أجل الطحين.. مجاعة غزة تحصد الأرواح وسط صمت العالم | تقرير
  • الأمم المتحدة: أسوأ سيناريو للمجاعة يحدث حاليا في قطاع غزة
  • مخاطر "سكر اللوز" المزيف: وزارة الصحة بغزة تدق ناقوس الخطر بشأن السكرلوز
  • تقرير أممي: أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن" في قطاع غزة
  • ترامب: وقف إطلاق النار في غزة مُمكن ولا أتفق مع نتنياهو بعدم وجود مجاعة
  • تناول التطورات في غزة و منطقة القرن الإفريقي.. اتصال هاتفي لوزير الخارجية ونظيره الإيطالي