في الثاني من أبريل/نيسان الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أمام البيت الأبيض ما سماه "رسوم يوم التحرير"، وذلك في خطوة أربكت الأسواق العالمية وهددت سلاسل التوريد.

لكنْ بعد أسبوع، خفّض ترامب النسب إلى 10% لمعظم الدول، وللصين لاحقًا في مايو/أيار، مما أعاد بعض الاستقرار مؤقتًا.

ورغم محاولة الأسواق تجاوز الصدمة، تؤكد إيكونومست أن ترامب لم يتوقف عند ذلك الحد.

ففي الأيام الأخيرة أصدر أوامر تنفيذية جديدة ألغى بموجبها الإعفاء المعروف بـ"دي مينيميز" للطرود دون 800 دولار بعدما كان قد ألغاه فقط للصين، كما رفع "رسم الفنتانيل" على كندا من 25% إلى 35%، معتبرا أنه عقوبة لفشلها في وقف تهريب المخدرات، وردا على دعمها لإقامة دولة فلسطينية، بحسب ما نقلت إيكونومست.

وفي سلوك عقابي مشابه، فرض ترامب رسوما بنسبة 50% على أكثر من نصف واردات أميركا من البرازيل، مبررا ذلك بما وصفه بـ"الاضطهاد السياسي" للرئيس السابق جايير بولسونارو، وهو ما شبّهه بالمعاملة التي تعرّض لها شخصيا بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.

رسوم شاملة.. و18% متوسط جديد

وتشير إيكونومست إلى أن الرسوم الجديدة التي تطال دولا من الهند إلى آيسلندا، تستهدف شركاء أميركا التجاريين ممن يسجّلون فوائض. وتدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ في 7 أغسطس/آب، مما يرفع متوسط الرسوم -وفقًا لتقديرات "بدجت لاب" في جامعة ييل- إلى نحو 18%.

الرسوم الأميركية على السلع الصينية تتجاوز 40% (غيتي )

وفي محاولة لتفادي الأسوأ، وقّع الاتحاد الأوروبي في 27 يوليو/تموز اتفاقًا مع ترامب خفّض الرسوم إلى 15% بدلًا من 20% التي أُعلنت في أبريل/نيسان أو 50% التي لوّح بها لاحقًا.

وتفيد إيكونومست أن دولا كاليابان وكوريا الجنوبية سلكت المسار ذاته، بينما تواجه الهند احتمال فرض رسوم بنسبة 25% وفق أمر تنفيذي صدر في 31 يوليو/تموز، وسط انتقادات ترامب لـ"قيودها الوقحة".

إعلان

ويأمل المسؤولون الهنود في خفض هذه النسبة بالتفاوض، خاصة بعد أن منحت إدارة ترامب باكستان، خصمها الإقليمي، رسوما أخف بنسبة 19%.

دول صغيرة تُهمّش.. وأخرى تُعاقب

ترصد إيكونومست أن دولًا صغيرة مثل ليسوتو وبوتسوانا حظيت بـ"إهمال حميد" حيث فُرضت عليها رسوم موحدة عند 15%، دون 50% التي أُعلنت في أبريل/نيسان. وفي المقابل، رُفعت الرسوم على تركيا من 10% إلى 15%.

وتُضاف هذه الإجراءات إلى رسوم سابقة على السيارات والمعادن، وغيرها من الرسوم التي أعاد ترامب تفعيلها منذ عودته للرئاسة.

ومع أن بعض السلع مثل الإلكترونيات مستثناة، تؤكد إيكونومست أن متوسط الرسوم يتراوح الآن بين أقل من 3% على إيرلندا وأكثر من 40% على الصين.

تباطؤ الوظائف يفضح الأثر الاقتصادي

بعد تطبيق الرسوم، أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي أن الاقتصاد أضاف فقط 73 ألف وظيفة في يوليو/تموز، وهو رقم دون التوقعات بكثير. وترى إيكونومست أن هذا التراجع يعكس أثر عدم اليقين التجاري، مما دفع الشركات إلى تأجيل استثماراتها.

كما تحُد الرسوم من قدرة الفدرالي على تحفيز الاقتصاد، فبحسب المجلة، تجاهل جيروم باول -رئيس الاحتياطي الفدرالي– ضغوط ترامب وأبقى أسعار الفائدة ثابتة، مشيرا إلى أن أثر الرسوم في التضخم "لن يكون صفريا".

المستهلك الأميركي يتحمّل العبء الأكبر للرسوم الجديدة من خلال ارتفاع أسعار السلع والخدمات اليومية (الفرنسية)عبء الرسوم يظهر في سلاسل الإمداد

تُبرز إيكونومست أن التأثير لا يتوقف عند حدود التجارة، بل يتسرب إلى المستهلك الأميركي حتى عند شراء منتجات محلية. إذ تتحمّل فئات مثل الحواسيب والأجهزة اللوحية رسوما تُقدّر بـ17% من إجمالي إنفاق المستهلكين، كما شملت التأثيرات الأجهزة المنزلية وماكينات الحلاقة الكهربائية.

ورغم أن الأسواق المالية بدت غير مكترثة إذ تعافت سريعا بعد "يوم التحرير"، تحذّر إيكونومست من أن تجاهل هذه الرسوم سيصبح مستحيلا حين تبدأ العائلات الأميركية بدفع ثمن أعلى لكل سلعة اعتادت شراءها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

قرار مفاجئ من ترامب يهز سوق النحاس الأميركي

صراحة نيوز – أشعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة ضخمة من شحنات النحاس المتدفقة نحو الموانئ الأميركية منذ فبراير الماضي، بعدما لمح إلى نيّته فرض رسوم جمركية على واردات المعدن. إلا أن إعلانًا مفاجئًا من إدارته قلب المشهد رأسًا على عقب، متسببًا في واحدة من أكبر تقلبات أسعار النحاس منذ عقود.

فقد أعلنت الإدارة الأميركية يوم الأربعاء عن استثناء النحاس المكرر – وهو الشكل الأكثر شيوعًا من واردات المعدن – من رسم جمركي نسبته 50%. هذا الإعلان دفع بأسعار العقود الآجلة للنحاس في بورصة “كومكس” الأميركية للانخفاض بأكثر من 20% في جلسة واحدة، وهو أكبر تراجع منذ بدء تداول هذه العقود بصيغتها الحالية عام 1988، بعد أن كانت الأسعار قد شهدت ارتفاعات قوية في الأشهر الماضية ترقّبًا لتطبيق الرسوم.

ويبدو أن القرار المفاجئ أدى إلى انهيار استراتيجيات تجارية اعتمدت على فروقات الأسعار بين الأسواق العالمية والمحلية، بعدما استقطبت هذه الفروقات كميات ضخمة من النحاس إلى السوق الأميركية. وباتت الولايات المتحدة الآن أمام تخمة من المعروض، ما يفتح الباب أمام تحديات وفرص جديدة للمصنعين والمستوردين والمستهلكين.

تكدّس في المخزونات وتراجع في الأسعار

بارت ميليك، رئيس استراتيجية السلع في “تي دي سيكيوريتيز”، أشار إلى أن الولايات المتحدة تمتلك حاليًا كميات من النحاس تفوق احتياجاتها الفعلية في المستقبل القريب، مؤكدًا أن عملية امتصاص هذه الكميات قد تضغط سلبًا على السوق.

وكانت أسعار النحاس في الولايات المتحدة قد ارتفعت بفعل توقعات بفرض الرسوم الجمركية، مما دفع الشركات إلى الإسراع في شحن المعدن قبل دخول القرار حيز التنفيذ. وبلغ الفارق السعري بين عقود “كومكس” ونظيرتها في بورصة لندن للمعادن نحو 28%، لكنه تقلص إلى 4% فقط بعد القرار.

وقال بن هوف، رئيس استراتيجية السلع في “سوسيتيه جنرال”، إن هذا التطور يعيد التوازن إلى فروقات التسعير الجغرافية، ويخفف من التعقيدات المتعلقة بتسليم المعدن تحت نظام الرسوم الجديد.

ضغوط صناعية وراء القرار… ورسوم مؤجلة للنحاس المكرر

قرار الإدارة الأميركية باستثناء النحاس المكرر من الرسوم جاء استجابة لضغوط من داخل قطاع المعادن، إذ أشار العديد من المصنعين إلى أن السوق المحلية لا تملك القدرة الإنتاجية الكافية لتلبية الطلب دون واردات.

مع ذلك، لم يُستبعد بشكل نهائي فرض رسوم مستقبلية على النحاس المكرر. فقد أوصت وزارة التجارة بتأجيل تطبيق رسوم بنسبة 15% حتى عام 2027، ترتفع إلى 30% في 2028. كما وجه ترامب بإعداد تقرير محدث عن أوضاع السوق بحلول منتصف 2026، لدراسة إمكانية فرض “رسم استيراد شامل تدريجي” على النحاس المكرر.

ارتياح في الأسواق الخارجية وقلق في الداخل

القرار وفّر ارتياحًا واضحًا لمورّدي النحاس المكرر إلى السوق الأميركية، وفي مقدمتهم شركة “كوديلكو” التشيلية الحكومية، بينما تراجعت أسهم شركات تعدين أميركية كبرى مثل “فريبورت-مكموران”. وفي الوقت ذاته، يخشى بعض المحللين من أن تستمر تأثيرات التخمة في الضغط على الأسعار العالمية، خاصة إذا لم يتمكن السوق الأميركي من تصريف المخزون المرتفع.

ووفقًا لناتالي سكوت-غراي، كبيرة محللي المعادن في مجموعة “ستون إكس”، فإن إعادة توجيه تدفقات الشحن ستستغرق وقتًا، لكن الأثر السلبي على أسعار بورصة لندن قد يظهر بوضوح خلال الفترة المقبلة، لا سيما إذا تحولت المراجحة السعرية إلى سلبية بدرجة كبيرة.

مقالات مشابهة

  • قرار مفاجئ من ترامب يهز سوق النحاس الأميركي
  • رسوم ترمب الجمركية تكلّف آبل 2 مليار دولار.. ورفع أسعار آيفون17وارد
  • الأسواق العالمية تتراجع تحت ضغط رسوم ترامب الجمركية
  • تصنيف الدول حسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب (إنفوغراف)
  • بعد رسوم ترامب الجمركية الأخيرة.. عدة قطاعات بانتظار المزيد
  • ترامب يُطلق موجة جديدة من الرسوم الجمركية على عشرات الدول قبل الموعد النهائي
  • ترامب يضع العراق في خانة أعلى الرسوم الجمركية المفروضة امريكياً
  • ما هي الدول التي تغيرت رسومها الجمركية منذ إعلان ترامب في يوم التحرير؟
  • ما هي نسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب؟