لجريدة عمان:
2025-10-07@23:13:23 GMT

تعاقب الأجيال

تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT

قبل منتصف القرن العشرين، كان مفهوم تعاقب الأجيال بسيطًا ومحدودًا في ثلاث مراحل عمرية رئيسية هي: الطفولة، والشباب، والكهولة. لم يكن الناس بحاجة إلى مزيد من التفاصيل لتوصيف الفوارق بينهم، فالحياة كانت أبطأ إيقاعًا، والقيم أكثر استقرارًا، والتغيرات أقل حدة. ومع تطور العلوم الإنسانية، خصوصًا علم الاجتماع، بدأت تتشكل نظرة جديدة للإنسان داخل مجتمعه، وبرزت الحاجة إلى تصنيفات أدقّ تعكس التحولات الثقافية والاجتماعية والقيمية التي باتت تميز كل جيل عن الآخر.

من هنا وُلدت فكرة تقسيم الأجيال وتسميتها، فظهرت مصطلحات باتت مألوفة اليوم مثل الجيل الصامت (من عشرينيات إلى أربعينيات القرن الماضي)، وجيل الطفرة السكانية في الخمسينيات، ثم جيل إكس في السبعينيات، وجيل الألفية في الثمانينيات، وجيل زد الذي نشأ في بدايات الألفية الجديدة، وهو الجيل الرقمي بامتياز الذي وُلد مع الإنترنت وتكنولوجيا الاتصال، وأخيرًا جيل ألفا، أول جيل يولد كليًا في القرن الحادي والعشرين.

بهذا التدرج والمفهوم الجديد لفكرة التعاقب، لم تعد الأجيال مجرد فترات زمنية، بل أصبحت علامات تعكس ملامح الإنسان في كل مرحلة من مراحل تطوره الاجتماعي والثقافي. ومع ذلك، فإن هذه التسميات رغم انتشارها قد لا تعني الكثير في ظاهرها، وإنما هي رموزٌ تقريبية لفهم اختلاف الأزمان.

ما حثني على البحث في فكرة تعاقب الأجيال، ما قرأته وسمعته خلال الأسبوع الفائت من كثرة الحديث عن «صراع الأجيال أو الفجوة بين الأجيال» والعلاقات المعقدة بين جيل وآخر، مع تركيز لافت على جيل التقنية جيل زد الذي أصبح محور الأحاديث والتحليلات في ميادين السياسة والاقتصاد والصحة وعلم النفس حيث بات يُنظر إلى هذا الجيل بوصفه جيلًا استثنائيًا نشأ في قلب الثورة التقنية، حيث الإنترنت بين يديه منذ الطفولة، والشاشات جزء من تفاصيل حياته اليومية، والمعلومة تصل إليه قبل أن يبحث عنها. غير أن هذه الميزة الرقمية التي ميزت ذلك الجيل جاءت بثمنٍ باهظ؛ فجيل زد، رغم وعيه وسرعته في التعلّم والتكيّف، يُتّهم بالانعزال وضعف التواصل الواقعي، وكثرة التقلّب في المواقف والاهتمامات، والانشغال المفرط بصورته على المنصّات الاجتماعية. وفي بيئة العمل، يُقدَّم على أنه جيل طموح يبحث عن التوازن بين الحياة والمهنة، لكنه لا يحتمل الروتين ولا يؤمن بالولاء المؤسسي الطويل. أما في الأسرة، فهو أقرب للتعبير عن مشاعره لكنه أكثر عرضة للقلق والاكتئاب.

قد أتفق مع كثير من هذا التوصيف النظري لسمات ذلك الجيل وما يُقال عن مميزاته وعيوبه، لكنني أرى الصورة من زاوية مختلفة، أقرب إلى الواقع منها إلى الورق. فأنا لا أكتب عن هذا الجيل بصفتي قارئًا أو محللًا فقط، بل بصفتي أبًا يعيش بينهم ويلاحظهم يومًا بيوم. بعض أبنائي من هذه الفئة، وأزعم بثقة أنني أصبحت خبيرًا بهم من واقع التجربة لا من التنظير. وأقولها عن قناعة: هذا جيل قوي، يمتلك من الوعي والجرأة والقدرة على التعبير ما لم نكن نمتلكه في أعمارهم. جيل منفتح على العالم، لكنه في الوقت ذاته متمسك بالكثير من القيم والمعتقدات التي تمثل جذوره وهويته.

في رأيي، هم جيل أفضل من جيلنا في جوانب كثيرة، وقد يكونون كذلك أفضل حتى من الجيل القادم، جيل ألفا، الذي يبدو أكثر هشاشة أمام الإغراءات الرقمية وسرعة التغيّر في أنماط الحياة. حين أنظر إلى أبنائي أراهم امتدادًا لنا في مرحلة ما، حين كنا نُوصف ببساطة بأننا «جيل الشباب»، قبل أن تُنمط الأجيال وتُختزل في رموز وأحرف. كنا نختلف عن آبائنا في طموحاتنا وأسلوب حياتنا، تمامًا كما يختلف أبناؤنا عنا اليوم. إنها الدورة ذاتها التي تتكرر جيلاً بعد جيل؛ فجوةٌ تتسع وتتبدّل ملامحها، لكنها تظل جزءًا طبيعيًا من حركة الحياة، فجوة لا أظن أنها ستُردم يومًا، لأنها ببساطة ما يجعل لكل جيل صوته وملامحه الخاصة. وربما كان الأجدر بنا أن ننظر إلى تعاقب الأجيال لا بوصفه صراعا أو فجوة، بل كحوار متجدد بين زمنين؛ زمن يسلم خبرته وآماله، وزمن يلتقط الشعلة ليواصل المسير بطريقته الخاصة. فكل جيل يحمل في جوفه ما يميّزه، وما يكمل به من سبقه، وما يمهّد به لمن يأتي بعده.

عبدالله الشعيلي رئيس تحرير جريدة «عُمان أوبزيرفر»

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

حزب الجيل يدفع بـ70 مرشحا على المقاعد الفردية في انتخابات مجلس النواب

أكد ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي والمنسق العام للائتلاف الوطني الحر، أن الصورة النهائية لمرشحي حزب الجيل والائتلاف في انتخابات مجلس النواب 2025 أصبحت واضحة ومستقرة، سواء على المقاعد الفردية أو القوائم الانتخابية.

وأوضح الشهابي في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" أن حزب الجيل الديمقراطي سيدفع بـ 70 مرشح على المقاعد الفردية في 6 محافظات وهي القاهرة والدقهلية والشرقية والإسكندرية والبحيرة والجيزة ، وذلك بترشيح نخبة من الكوادر الوطنية المعروفة بخدمتها لأبناء دوائرها وبقدرتها على تمثيل المواطنين والدفاع عن قضاياهم داخل البرلمان.

مصادر: 7 مقاعد للوفد في القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب.. واتجاه لاستبعاد مرشح والدفع ببديلالوفد يدفع بـ 55 مرشحا على المقاعد الفردية في انتخابات مجلس النواب.. و"صدى البلد" ينشر أبرز الأسماء«المونوريل» والبرج الأيقوني.. رموز انتخابية جديدة للمترشحين بانتخابات مجلس النوابشروط ومستندات الترشح لانتخابات مجلس النواب للنظام الفردي

وكانت قد قررت الهيئة الوطنية للانتخابات فتح الباب الترشح لانتخابات النواب يوم 7 أكتوبر إلى 14 أكتوبر و تحديد يومي 10 و11 نوفمبر المقبل موعداً للمرحلة الأولى من التصويت بانتخابات مجلس النواب. 

كما قررت تحديد يومي 24 و 25 للتصويت في انتخابات النواب ضمن المرحلة الثانية.

تبدأ فترة الدعاية الانتخابية للمرحلة الأولى من 23 أكتوبر حتى 6 نوفمبر، يليها مباشرة الصمت الانتخابي.

التصويت خارج مصر سيكون يومي 7 و8 نوفمبر، وفي الداخل يومي 10 و11 نوفمبر.

تعلن نتيجة المرحلة الأولى يوم 18 نوفمبر، ويبدأ في ذات اليوم الدعاية لجولة الإعادة.

بالنسبة للمرحلة الثانية:

تبدأ الدعاية من 6 نوفمبر حتى 20 نوفمبر، يليها الصمت الانتخابي.

التصويت خارج مصر يومي 21 و22 نوفمبر، وداخليًا يومي 24 و25 نوفمبر.

إعلان النتائج يوم 2 ديسمبر، ويبدأ الدعاية لجولة الإعادة في نفس اليوم.

طباعة شارك ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل الديمقراطي انتخابات مجلس النواب المقاعد الفردية القوائم الانتخابية

مقالات مشابهة

  • خبير إعلام رقمي يكشف عن أسماء الأجيال بمعايير التكنولوجيا
  • ترامب يعيد صفقة القرن إلى الحياة من شرم الشيخ .. ومصر تمسك بخيوط السلام في غزة.. خبير يعلق
  • أندريه راجولينا رئيس مدغشقر الذي طالب الجيل زد بإقالته
  • في يومهم العالمي.. جامعة الإمام تكرّم "بناة الأجيال" بالشرقية
  • سيناء الحلم الصهيوني منذ هرتزل
  • ميدو: الجيل الحالي لمنتخب مصر للشباب مظلوم وينقصنا الكثير من الأساسيات
  • قائمة أفضل 25 فيلما مصريا في الربع الأول من القرن الـ21
  • إعلام فرنسي: فلسطينيون يرون أن حكم بلير لغزة سيكون نكتة القرن
  • حزب الجيل يدفع بـ70 مرشحا على المقاعد الفردية في انتخابات مجلس النواب