اعتقدت إثيوبيا، وهى تبنى سدّها المنيع وتمارس سياساتها الأحادية فى مراحل الملء، أنها قادرة على الإضرار بمصر والسودان بمنع المياه أو التحكم فى جريانها. لكن من سنَّ سنّة الماء وأجرى النهر الخالد من منابعه إلى مصبّه فى البحر المتوسط، لم يترك لبشر أو مخلوق على وجه الأرض سلطة فى منحه أو منعه.
فبينما تغطرس رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، متوهّمًا أنه يستطيع تعطيل جريان النيل، كانت حكمة الله تعمل فى الخفاء.
لقد تجلت قدرة الله فى أن الماء الذى جعله سببًا للحياة لا يمكن لبشر أن يوقفه أو يتحكم فيه. فحينما حاولت إثيوبيا حجب النيل عن مصر والسودان، جاء الفيضان كرسالة سماوية بأن الأنهار لا تخضع لغرور الحكام ولا لمشروعات القوة الزائفة.
غير أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فى الطبيعة، بل فى العناد الإثيوبى والحقد السياسى الذى دمّر السودان الشقيق، نتيجة الإصرار على الملء الأحادى وعدم احترام الاتفاقيات الدولية والقوانين التى تنظّم الأنهار العابرة للحدود.
اليوم، ومع فيضان المياه مجددًا، ينبغى أن تتحول الأزمة إلى فرصة للتخطيط العلمى الرشيد. علينا أن نستغل كل قطرة مياه تصل إلينا فى الزراعة والإنتاج والتنمية. وهذا يتطلب خطة وطنية متكاملة تعتمد على التنبؤ بكميات الأمطار والفيضانات، وتوظيفها لصالح الأمن الغذائى والمائى المصرى.
ولا يجوز أن نبرر تقليص زراعة القمح بحجّة وجود صادرات أخرى بالدولار، بل يجب أن نوسّع رقعة زراعته، خصوصًا فى المناطق الواعدة مثل محافظة الوادى الجديد، حتى نؤمّن غذاءنا ونحافظ على استقلال قرارنا، وفى الوقت ذاته نزرع الخضر والفواكه والزراعات المُعدة للتصدير فى مناطق الدلتا الجديدة، والمنيا وغيرها.
لقد فاضت المياه… وفاض معها الدرس الإلهى بأن فيضان الخير لا يُوقَف إذا أراده الله، وأن كل محاولة لقطع رزق الشعوب تصطدم بقدرة الخالق وعدله. فالماء يظل رمزًا للحياة، وعدالة السماء تظل فوق كل إرادة بشرية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محافظة الوادي الجديد في الصميم حمادة بكر إثيوبيا الأمن الغذائي
إقرأ أيضاً:
ترامب ينهي وضع «الحماية المؤقتة» لدولة إثيوبيا
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنهاء تصنيف إثيوبيا ضمن وضع الحماية المؤقتة اعتبارًا من اليوم الجمعة، وفقًا لأمر صادر عن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، وسيتم نشره رسميًا يوم الإثنين المقبل.
وأوضحت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية أن وزير الأمن الداخلي ألغى تصنيف إثيوبيا ضمن فئة الحماية المؤقتة، وكان من المقرر أن ينتهي التصنيف في 12 ديسمبر 2025، مشيرة إلى أن مراجعة أوضاع إثيوبيا والتشاور مع الجهات الحكومية الأمريكية المختصة أظهرت أن البلاد لم تعد تستوفي شروط الحصول على تصنيف الحماية المؤقتة.
وجاء القرار في إطار سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ بداية ولايته الثانية، والتي شهدت إلغاء وضع الحماية المؤقتة لعدد من الدول، من بينها أفغانستان، وهايتي، وميانمار، ونيكاراغوا، وهندوراس، وسوريا، استنادًا إلى تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية في هذه الدول.
وفي نوفمبر 2025، أعلنت الإدارة الأمريكية نيتها إنهاء وضع الحماية المؤقتة لأكثر من 4000 مواطن من ميانمار اعتبارًا من 24 يناير 2026، بعد إشعار رسمي صادر عن وزارة الأمن الداخلي، مؤكدة أن وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم قررت أن بورما لم تعد تستوفي شروط الحماية المؤقتة.
كما أنهت الوزارة في مايو 2025 وضع الحماية المؤقتة لما يقرب من 12 ألف مواطن أفغاني، قبل أن تلغي لاحقًا وضع الحماية المؤقتة لأكثر من 260 ألف هايتي، ونحو 4000 نيكاراغوي، و72000 مواطن من هندوراس، وأكثر من 6000 سوري في سبتمبر 2025، ما يعكس نهج الإدارة الأمريكي في مراجعة الأوضاع الأمنية والسياسية لدول عدة قبل اتخاذ القرارات المتعلقة بوضع الحماية المؤقتة.
ووضع الحماية المؤقتة في الولايات المتحدة الأمريكية (Temporary Protected Status) يُمنح للأجانب القادمين من دول تعاني من كوارث طبيعية أو نزاعات مسلحة، ويتيح لهم الإقامة والعمل المؤقتين في أمريكا.
وتسعى الإدارة الأمريكية من خلال مراجعة هذا الوضع بشكل دوري إلى التوازن بين حماية اللاجئين ومراعاة التحسن الأمني والسياسي في بلدانهم الأصلية، كما يعكس التوسع في إنهاء وضع الحماية المؤقتة توجّه الإدارة الحالي لإعادة تقييم سياسات الهجرة وفق المستجدات الدولية.