لجريدة عمان:
2025-12-12@16:24:47 GMT

الطمأنينة.. المعنى الحقيقي للحياة

تاريخ النشر: 12th, December 2025 GMT

الطمأنينة.. المعنى الحقيقي للحياة

في خصم السنوات المتعاقبة التي يقضيها الإنسان في الركض خلف تفاصيل الحياة، يظن نفسه أنه يبحث عن أشياء محددة: النجاح، مكانة، أو انتصارات تمنحه شعورًا مؤقتًا بالإنجاز.

لكن مع مرور الوقت، يكتشف المرء أن كل تلك المساعي لم تكن يومًا كفيلة بملء الفجوات الداخلية العميقة، وأن ما يبحث عنه حقا ليس أمرا ماديا، بل حالة من السلام الداخلي، "هدوء يتكئ عليه" حين تضيق به الحياة، وروح قادرة على التمسك بأشيائها مهما أثقلتها الظروف.

هذا الإدراك لا يأتي فجأة، بل ينضج من خلال تجارب يمر بها الإنسان، فيعتاد الركض وراء كل ما يظن أنه سيحدث فرقا في حياته، ثم يفهم لاحقا أن كل هذا الركض لم يكن سوى محاولة لتسكين قلق داخلي عميق. ومع هذه التقلبات، يصبح الهدوء والبساطة والطمأنينة غاية لمشروع حياة كاملة.

ومن بين أكثر ما يكتشفه الإنسان حاجته إلى علاقة تمنحه الأمان، وعلاقة إنسانية مستقرة لا تركز على المثالية ولا على الوعود الكبيرة، بل على دعم حقيقي ووجود شخص يرى ما وراء الضعف، فيتحمل العثرات، وشخص تكون لديه الأسباب الكافية للمحبة حتى في الأوقات التي يفشل فيها المرء في إيجاد سبب ليحب نفسه. فالأمان ليس مجرد كلمة، بل وجود قادر على تهدئة الفوضى الداخلية، بنظرة صادقة وكلمة مطمئنة.

وحين يبدأ الإنسان بالاقتراب من هذا النوع من الراحة الداخلية، يتحول المنزل الذي يعود إليه إلى أكثر من مجرد جدران، فيصبح مكانًا يحتضن قلقه اليومي وتعبه، ومساحة تتسع لانفعالاته دون أن يضطر لإخفائها أو تبريرها.

ولم يعد بحاجة إلى الهروب إلى الخارج أو التشتت ليخفف عن نفسه، بل يكفيه أن يعود إلى زاوية دافئة تحتضنه، قادرة على المداواة مما أثقل قلبه.

ومع هذا الصفاء الإنساني، تتلاشى فكرة التشتت الداخلي بين "أنا" بالأمس و"أنا" اليوم، فيبدأ الإنسان بفهم ذاته والأحاديث التي يجريها مع نفسه والخطط التي يرسمها، وحتى لحظات الصمت التي يقف فيها متأملا تصبح مسارا واحدا يحاول حمايته والحفاظ عليه.

ومع مرور الوقت، يكتشف أن السكينة التي يبحث عنها ليست في العالم الخارجي، بل في انسجامه مع ذاته.

وفي نهاية كل يوم، حين يعود التعب، تتحول لحظات الصمت إلى مساحة آمنة يخفف فيها الإنسان عن نفسه، ولا يبحث عن حلول خارقة، ولا ينتظر أن يتغير العالم من حوله، بل يكفيه أن يجد داخل نفسه ما يستند إليه ليواصل الطريق. تلك القدرة على مواساة الذات تصبح الخط الفاصل بينه وبين قسوة الحياة.

وفي الصباح، عندما تستيقظ على أيام هادئة، قد تبدو للبعض أنها أيام عادية جدًا، لكنها مكسب كبير؛ فالقيمة الحقيقية ليست في الأيام الصاخبة ولا الأحداث الكبيرة، بل في تلك اللحظات التي يشعر فيها أن قلقه أخف وأن روحه أكثر طمأنينة.

ومع مرور الوقت، يتعلم الإنسان أن أعظم ما يحظى به خلال مسيرته هو العلاقة الصادقة مع ذاته، وهذه علاقة لا تبنى على المثالية، بل على فهم عميق لاحتياجاته وحدوده. فالعالم مليء بالضجيج، لكن امتلاك مساحة آمنة في الداخل هو المكسب الأكبر للمرء، وهو الإنجاز الذي يستحق الاحتفاء كل يوم.

ومع النضج، يدرك أن السلام ليس مكانًا يسافر إليه، ولا حياة فاخرة، ولا إنجازًا يُعلق على الجدار. السلام الحقيقي هو أن يجد في داخله ما يطمئنه حين تضطرب روحه، وأن يبقى قريبًا من ذاته حتى في اللحظات التي يظن فيها أنه لا يستحق الهدوء، فهو يختار نفسه من جديد كل يوم، رغم الصعوبات وتحديات الحياة.

وفي نهاية المطاف، يظل اليقين بأن الطمأنينة لا تُشترى ولا تأتي صدفة؛ إنها تُبنى بهدوء، بخطوات ثابتة، وبقلب يعرف أن الحياة، مهما أثقلت كاهله، تصبح أخف، عندما يقدر الإنسان القدرة على احتواء نفسه وفهمها، ومنحها ما تحتاجه لتواصل المسير بثبات.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یبحث عن

إقرأ أيضاً:

صورة لغوريلا مرحة تفوز بمسابقة التصوير الكوميدي للحياة البرية

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أمضى المصور البريطاني مارك ميث-كوهن أربعة أيام في رحلة شاقة عبر جبال فيرونغا برواندا بحثًا عن الغوريلا، إلى أن أثمرت جهوده في نهاية المطاف.

هناك، التقى البريطاني بذكر غوريلا يافع كان متحمسًا لاستعراض مهاراته في الرقص، وهو أمر وثّقه ميث-كوهن بعدسته، وأكسبه ذلك الجائزة الكبرى في مسابقة التصوير الكوميدي للحياة البرية لعام 2025.

وثّق المصور مارك ميث-كوهن الروح المرحة لهذه الغوريلا في رواندا.Credit: Mark Meth-Cohn/Nikon Comedy Wildlife Awards

وفي بيان صحفي، أفاد ميث-كوهن عن صورته التي فازت أيضًا ضمن فئة الثدييات: "كان أحد الذكور الصغار حريصًا بشكلٍ خاص على استعراض مهاراته البهلوانية عبر الدوران، والشقلبة، ورفع ساقيه عاليًا. كانت مشاهدة أدائه ممتعة جدًا، وأنا سعيد جدًا لأنني تمكنت من التقاط روحه المرحة في هذه الصورة".

فازت هذه الصورة بفئة الطيور في المسابقة.Credit: Warren Price/Nikon Comedy Wildlife Awards

وقال المنظمون إنّها كانت سنة قياسية للمسابقة السنوية، إذ أنّها تلقت أكثر من 10 آلاف مشاركة من 109 دول.

وتم إعلان أسماء الفائزين في حفلٍ أقيم في مدينة لندن البريطانية مساء الثلاثاء.

فازت صورة لسمكة في الفلبين بفئة الأسماك والكائنات المائية الأخرى.Credit: Jenny Stock/Nikon Comedy Wildlife Awards

قام الحكام بتقليص عدد المشاركات إلى 40 صورة، ومن ثمّ عُرضت تلك الصور على لجنة تحكيم اختارت الفائز بالجائزة الكبرى، بالإضافة إلى الفائزين في الفئات المختلفة.

تم تقييم المتأهلين للتصفيات النهائية في سبع فئات، شملت فئة الزواحف والحشرات والأسماك، بالإضافة إلى قسم للمصورين الشباب.

تضمنت المسابقة أيضًا جائزة "اختيار الجمهور"، مع فتح باب التصويت على موقع المسابقة الإلكتروني عبر الإنترنت حتى الأول من مارس/آذار. 

كما تمت الإشادة بـ10 مشاركين آخرين.

صورة طريفة لضفدعين وثقها غرايسون بيل.Credit: Grayson Bell/Nikon Comedy Wildlife Awards

و الفائزون في فئات المسابقة الأمريكي غرايسون بيل، البالغ من العمر 13 عامًا، الذي فاز بجائزة "نيكون" للمصورين الصغار (لمن تبلغ أعمارهم 16 عامًا وما دون).

وفاز بيل أيضًا في فئة الزواحف والبرمائيات والحشرات بفضل صورةٍ وثّقها لضفدعين يتصارعان في الماء.

صورة لثلاث ثعالب وثقتها باولا روستماير.Credit: Paula Rustemeier/Nikon Comedy Wildlife Awards

وفازت باولا روستماير من ألمانيا بجائزة "نيكون" للفئة الشابة (للمصورين الذين يبلغون من العمر ما دون 25 عامًا) بفضل صورةٍ لثعالب مرحة.

وأفاد المدير العام الأول للتسويق في "نيكون أوروبا"، ستيفان ماير، في بيان صحفي: "يستخدم جميع الفائزين في فئات المسابقة الفرح والمهارة والخيال لتوثيق العالَم الطبيعي، وتُجسِّد صورة مارك الفائزة روح المرح التي تتميز بها الحياة البرية".

مقالات مشابهة

  • صورة لغوريلا مرحة تفوز بمسابقة التصوير الكوميدي للحياة البرية
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • النائب نصار القيسي يدعو الحكومة للانتباه للوجدان الأردني
  • إسرائيل تمنع طفلا من رام الله من تلقي علاج منقذ للحياة
  • عندما يقصى الضحايا.. لا معنى لأي حوار في ليبيا
  • بالفيديو.. ياسر مدخلي لـ"ياهلا بالعرفج": مسرح الخشبة هو الحياة الموازية التي نتمناها ونبحث عنها ونصلح فيها ما نعجز عن إصلاحه في الحياة!
  • ختام فعاليات الملتقى الحادي عشر لمناهضة العنف ضد المرأة بمطروح
  • شاهد بالفيديو.. أول من دخل عليه بعد وفاته.. صاحبة الشقة التي يسكن فيها المذيع الراحل محمد محمود حسكا تكشف تفاصيل جديدة: “وجدته كأنه نائم”
  • الإنسان والحرية.. من العصر الحجري إلى المدنية