في ندوة اتحاد الكتاب: انتصار أكتوبر يحتاج توثيقا حقيقيا.. والإعلام كان له دور كبير
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
لم يكن الإعلام المصري بمنأى عما حدث في انتصار أكتوبر، فقد لعب دوراً هاماً فى مجال الإعداد والتخطيط للحرب ملتحما بالأحداث العربية والعالمية، مما أكسبه ثقة المواطن والشعب المصري كنتاج طبيعي لصداقيته خاصهً أثناء حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973م.
في هذا الإطار، دار لقاء ثري، حضره جمهور نوعي، بين جنبات اتحاد كتاب مصر، حيث نظمت لجنة الإعلام، برئاسة الدكتور حمدي شتا، ندوة تحت عنوان (دور الإعلام في حرب أكتوبر المجيدة)، وذلك مساء أمس الأحد بمقر اتحاد الكتاب بالزمالك.
استضافت الندوة التي عقدت تحت رعاية الدكتور علاء عبدالهادي، رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر والأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، كلا من: الكاتبة الكبيرة أمينة النقاش، الكاتب الصحفي القدير عبدالله السناوي، وأدار اللقاء د.حمدي شتا، وقدم له ا.أيمن الحكيم.
شارك في الندوة أعضاء لجنة الإعلام؛ د.هبة عبدالعزيز، ا.سمية عبدالمنعم، ا.أيمن الحكيم.
بداية تحدث د.حمدي شتا، قائلا: إننا الآن وربما أكثر من أي وقت مضى أشد ما نكون احتياجا إلى ما يمكننا أن نصطلح على تسميته الأمن المعرفي بعدما كثر المتورطون في محاولات خلخلة كينونتنا وزعزعة إيماننا بأنفسنا وبمقدراتنا وانتزاعنا من هويتنا وانتمائنا وتراثنا وتجريدنا من ثرواتنا المادية والمعنوية، تمهيدا للانقضاض علينا.
ويضيف د.حمدي قائلا: والأمن المعرفي يبنى على دعامتين الوعي والانتماء؛ الوعي بمن نحن وما هي مصر الدولة والتاريخ والهوية.
أما الانتماء فهو ولاء الذات الواحدة إلى الذات الجماعية وولاء الذات الجماعية إلى الذات الوطنية وإلى علم وتراث وقيم ومقدسات، لذا فأمننا المعرفي بدعامتيه الوعي والانتماء هو مدخل لأمننا الوجودي والحياة والحضارة والقيم والاستقلال الروحي.
ويستطرد د.حمدي شتا: ومن روافد أمننا المعرفي معرفة تاريخ بلادنا والتواريخ المضيئة الفاصلة التي يفخر بها كل مصري مثل انتصارات أكتوبر المجيدة التي أعادت الكرامة المصرية والعربية والأرض والعرض، والتي توقف أمامها العالم بالبحث وأضافت علوما تدرس بالأكاديميات العسكرية، وكان مكمن الانتصار دائما الجندي المصري والمهندس المصري الذي أعاد بناء القوات المسلحة معتمدا على العلم، وكانت فكرة الضابط المهندس باقي زكي يوسف لخط بارليف والتي عرضت على الرئيس عبد الناصر، وتم التخطيط للانتصار الذي تم بقرار من الرئيس الراحل السادات رحمهما الله.
وعن دور الإعلام في انتصار أكتوبر، يضيف د.حمدي: وكان للإعلام دور أصيل ومهم عبر تلك الأيام المجيدة من تاريخ بلادنا الحبيبة، والذي سيحدثنا عنه ضيوف المنصة الكبار.
وانتقلت دفة الحديث للكاتب الصحفي أيمن الحكيم، مقدما ضيوف المنصة، الكاتبة الصحفية الكبيرة ا.أمينة النقاش، والكاتب الصحفي القدير ا.عبدالله السناوي، مستعرضا أهم محطات مشواريهما الصحفي والفكري.
* وطنية الجيش المصري.. وضرورة توثيق الحرب
واستهلت الحديث ا.أمينة النقاش، مؤكدة أن أهم سلاح في معركة أكتوبر بعد جهد عبدالناصر في بناء الجيش، كان السياسة الإعلامية، ذلك لأنها خاصمت ما قبلها، خاصة ما حدث أثناء نكسة يونيو وما أشيع من أكاذيب.
مضيفة أن الإعلام أثناء الحرب لم يكن مبالغا، بل كان موضوعيا، ينشر اعترافات قادة إسرائيليين بالعزيمة مما ساعد في رفع الحالة المعنوية للشعب، فقد كان ينشر ويذيع حقائق تحدث، بحلوها ومرها، لحظات التراجع ولحظات النصر.
تلك السياسة -والحديث مازال لأمينة النقاش- قد هندسها أحد قادة صناعة الإعلام بمصر حينئذ، وهو د.محمد عبدالقادر حاتم، الذي تحدث بعدها عن خطط التمويه، التي سبقت الحرب بساعات، والتي استخدمت بذكاء خارق لصرف الأنظار عن ساعة العبور أو حتى إمكانيته، والتي كان من ضمنها إقامة مباراة الأهلي والشرقية قبيل العبور بقليل، كذلك إرسال بعض الضباط في رحلات للعمرة، وغيرها..
وتستطرد "النقاش"، مؤكدة أن السادات ورغم اختلافي السياسي معه إلا أنه بطل من أبطال أكتوبر، لا يمكن إنكار ذلك.
وعن دور العرب في انتصار أكتوبر، تؤكد أمينة النقاش، أن للعرب أدوارا مهمة، لا يمكن إنكارها.
وتؤكد أمينة النقاش أن قوة الجيش المصري تكمن في كونه جيشا وطنيا ليس به طائفية أو تحزبات أو شيع، وبالتالي فلن تكون أكتوبر هي آخر الحروب، ولن تستقر إسرائيل في تلك المنطقة دون أن تسترد فلسطين كامل حقها.
وتختتم أمينة النقاش حديثها قائلة إننا نحتاج توثيقا جادا لحرب أكتوبر، فقد شكل الرئيس السيسي منذ عام لجنة لتوثيق أحداث الحرب على ألسنة من حاربوا ومازالوا على قيد الحياة وأدلوا بشهاداتهم.. وهو أمر مهم، يعد نواة جيدة للتوثيق.
مضيفة أن الأمر أيضا يحتاج فيلما سينمائيا عن أكتوبر، فنحن نمتلك بطولات فذة ورغم ذلك لا نقوم بتوثيقها في فيلم ملحمي عن أكتوبر.
هكذا يحتاج الإعلام لأن يتسم بالجدية، لا يتناول الأمور التافهة حتى يكتسب مصداقية الشعب.
*الشعب المصري بطل الحرب الأول
فيما أكد الكاتب الصحفي ا.عبدالله السناوي، أن البطل الأول في نصر أكتوبر هو المواطن المصري العادي، الذي اختار بقاء ناصر بعد قراره التنحي، كما أنه ذلك المواطن نفسه الذي اتخذ قرار الحرب والقتال وعودة الأرض، إنه الشعب المصري..
وعن مدى توفر معلومات عن حرب أكتوبر، يؤكد السناوي أنه لا توجد وثائق مصرية حاسمة لأكتوبر، مضيفا أنه لابد من خروج وإعلان الوثائق لمواجهة أكاذيب العدو الذي يؤكد في سردياته أننا هزمنا، خاصة أنه يغزو الإنترنت والفضاء السيبراني بأقاويله، مما يُعرض الجيل الجديد لخطر تصديقه.
مضيفا أننا نحتاج لأن نعرف عدونا جيدا، مواطن قوته وضعفه..
وهو ما يضطلع به العديد من الأجهزة والمؤسسات، فعلى سبيل المثال كان دور أول مركز للدراسات الصهيونية هو متابعة مراكز أبحاث العدو ورصد وتحليل كل ما يتعلق به.
متسائلا: أين قصص أبطال أكتوبر الثرية، أين البطولات الحقيقية لرفاعي وزكي باقي وغيرهما؟، لماذا لا يسلط الضوء على بطولات كثيرة لم تأخذ حقها إعلاميا ووثائقيا؟
بل أين الدراسات الاجتماعية والأعمال الأدبية التي تناولت تهجير أهالي مدن القناة؟
مؤكدا أنه لم يدرس أحد ذلك التأثير الثقافي والاجتماعي على قرى الريف التي استقبلت ثقافات مختلفة حملها أهل مدن القناة المهجرين.
وأنهى عبدالله السناوي حديثه مؤكدا أن أكتوبر ملحمة كبيرة ليست عسكرية فقط بل كانت مجتمعا بأكمله يتفاعل ويستعد للحرب، فالشعوب لا تحارب من أجل أمور مطلقة بل من أجل وطن ومعنى، لكي تسترد وطنا يستحق الحياة فيه، وليس مجرد أرض..
*أهمية الإعلام في الماضي والحاضر
وفي مداخلة لها، أكدت الكاتبة نجية طلبة أن الإعلام من أخطر الآليات الثقافية لتوجيه وعي الإنسان، فإعلام النكسة كان مضللا، ولم تكن عملية الانتقال من الهزيمة للنصر سهلة، فحرب الاستنزاف كان لها خطوات كثيرة في تغيير الاستراتيجية والأسلحة المستخدمة وتغيير القيادات وإجراء عمليات عسكرية..
مضيفة أن الجبهة الداخلية حينها كانت ملتفة حول الجيش ولها دور كبير، اتضح في دعم المجهود الحربي، وغيرها من أشكال الدعم الشعبي للجيش.
وتتابع نجية في نهاية حديثها: إذا لم تكن وسائل الإعلام في حرب أكتوبر على قدر عال من التقدم فقد أصبحت الآن من أخطر العوامل تأثيرا في المجتمع، لأن لها تأثيرا سيبرانيا سلبيا في أحد جوانبها، لذلك يجب أن ننتبه لثقافتنا، بزيادة الوعي، وإحياء الذاكرة التاريخية.
* أكتوبر وضرورة التوثيق
فيما شدد د.أشرف توفيق، أستاذ السينما والسيناريو بأكاديمية على ضرورة وجود وثائق لأحداث أكتوبر، فما نعرفه عن دور الإعلام في أكتوبر شيء وما بعدها كان دوره شيئا آخر.
وفي نهاية الندوة قام الدكتور حمدي شتا رئيس لجنة الإعلام، بتكريم ضيفي اللقاء، ا.أمينة النقاش، ا. عبدالله السناوي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حرب اكتوبر ندوة اتحاد الكتاب دور الإعلام في حرب أكتوبر أمينة النقاش عبدالله السناوي أعضاء لجنة الإعلام عبدالله السناوی انتصار أکتوبر أمینة النقاش الإعلام فی حرب أکتوبر د حمدی
إقرأ أيضاً:
هل يجهّز أردوغان ابنه بلال ليصبح رئيس تركيا القادم؟
أثار الحضور المتكرر لنجل الرئيس التركي، بلال أردوغان، في الفضاء العام مؤخرا جدلا حول إمكانية خوضه المجال السياسي، بما يمكن أن يطرحه كخليفة لوالده، وهو الذي بقي حتى اليوم خارج الحياة السياسية في البلاد.
سؤال الخلافة؟يقود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حزبه العدالة والتنمية منذ تأسيسه عام 2001 والبلادَ منذ أول انتخابات خاضها في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، وما زال منذ ذلك الحين القائد الأوحد للحزب حتى في الفترات التي تخلى فيها عن رئاسته لصالح كل من أحمد داود أوغلو، ثم بن علي يلدرم في ظل النظام الجمهوري السابق الذي كان يمنع الجمع بين رئاسة الدولة ورئاسة الحزب و/أو الحكومة.
وفي كل هذه السنوات، بقي أردوغان قائدا مجمعا عليه وملتفا حوله في الحزب الحاكم للبلاد، وظلت نسب التصويت له كرئيس أعلى من نسب التصويت لحزبه في الانتخابات البرلمانية، ولذلك لم تطرح مسألة من يخلفه مستقبلا في أروقة الحزب بشكل معلن، وأظن أنها لم تطرح بالمطلق حتى خلف الكواليس.
وفي الأغلب فإن هيئات الحزب لم ترَ حاجة لهذا النقاش في ظل حضور أردوغان واستمرار قدرته على العطاء، وإتاحة الدستور المجال له للاستمرار في الحكم.
بيد أن فوز الرجل بالعهدة الرئاسية الأخيرة التي يتيحها له الدستور في انتخابات عام 2023 أثار موضوع خلافته على نطاق ضيق وتحديدا في المجال الإعلامي. وحينها طرحت عدة أسماء من بينها وزير الخارجية الحالي رئيس جهاز الاستخبارات السابق وذراعه اليمنى هاكان فيدان، كما طرح البعض أسماء أخرى أقل حضورا في المجال السياسي، مثل صهر الرئيس سلجوق بيرقدار.
بيد أن هذا النقاش ظل خافتا ولم يحضر في النقاش السياسي العلني للحزب، لا سيما مع حدوث تطورات مهمة في الداخل والخارج رفعت أسهم أردوغان بشكل كبير مؤخرا، وفي مقدمتها سقوط النظام السوري والسير في مشروع "تركيا بلا إرهاب" لحل المسألة الكردية والذي شمل وقف حزب العمال الكردستاني لعملياته وحل نفسه.
إعلانحينها، قال الزعيم القومي وحليف أردوغان دولت بهتشلي: إنه ينبغي إعادة ترشيح أردوغان للرئاسة مجددا إذ ليس ثمة أفضل منه رؤية وخبرة وإنجازات. كما أكد الناطق باسم حزب العدالة والتنمية عمر تشيليك أن مرشح حزبه للانتخابات الرئاسية المقبلة هو أردوغان مجددا.
فتح ذلك باب النقاش حول السبل القانونية لإعادة ترشح أردوغان للرئاسة، والتي يأتي في مقدمتها دعوة البرلمان لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة (التي تعد في هذه الحالة خصما من مدة حكمه)، وصياغة دستور جديد، أو إجراء تعديل دستوري يعيد تحديد المدد المسموح بها للترشح مستقبلا.
وقد بدا مسار حل المسألة الكردية كعامل مساعد في هذه المسارات، من باب كسب تصويت نواب حزب ديمقراطية ومساواة الشعوب "الكردي" في البرلمان مضافا لعدد نواب تحالف الجمهور المكون من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية.
ولذلك، في المحصلة، بقيت مسألة خلافة الرئيس أردوغان بعيدة عن النقاش العلني في حزب العدالة والتنمية، في ظل حالة التوجه لإعادة ترشيحه للانتخابات الرئاسية.
بلال أردوغان؟حين سئلت قبل أعوام عن احتمال خلافة سلجوق بيرقدار، صهر الرئيس ورائد الصناعات الدفاعية في تركيا، لأردوغان في رئاسة البلاد مستقبلا، قلت إن ذلك غير مطروح في المرحلة الحالية، إذ لا يمكن الحديث عن مستقبل سياسي له ما دام أنه خارج الحياة السياسية ولا يحظى بأي منصب حكومي أو حزبي، ولا بحضور في المجال السياسي.
الشيء ذاته كان ينطبق على نجل الرئيس بلال أردوغان الذي ينشط في المجال التعليمي والثقافي في البلاد من خلال رئاسته مجلس أمناء وقف "نشر العلم" وعضويته في عدد من منظمات المجتمع المدني العاملة في المجال التعليمي والثقافي بشكل أساسي.
بيد أن الأسبوعين الماضيين شهدا تغيرا في هذه المسألة، حيث ظهر الرجل بشكل مكثف في عدة أنشطة حظيت بتغطية إعلامية واسعة، بعضها فعاليات سياسية في الأصل، وقد قدم خطابا و/أو موقفا في عدة مسائل سياسية، ما أثار جدلا على وسائل التواصل الاجتماعي حول مستقبله السياسي المحتمل.
ففي الـ 26 من نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، شارك بلال أردوغان في "منتدى فيرونا الاقتصادي الأوراسي الـ18" المنظم في إسطنبول، وتحدث عن علاقات بلاده مع كل من روسيا وأوكرانيا وعن حرب الإبادة في غزة.
وفي الـ 29 منه، شارك الرئيس أردوغان في حفل "جائزة تركيا الأكاديمية" التي ينظمها وقف "نشر العلم" الذي يتولى نجله بلال رئاسة مجلس أمنائه، وتخلل ذلك تقديم الثاني للأول درعا تذكارية ثم تقبيل يده -كوالد هذه المرة وليس فقط كرئيس- ما أثار النقاش حول دلالات الحدث.
في اليوم ذاته، شارك بلال أردوغان في فعالية "العدالة لفلسطين: مقاومة الظلم" في إطار القمة الدولية الخامسة لمحاكاة نموذج منظمة التعاون الإسلامي في الثانويات"، وتحدث فيها بإسهاب عن حرب الإبادة في غزة، مؤكدا على أنها ليست مجرد عدوان عسكري، بل "عملية لمحو الذاكرة، وتزييف الحقائق، وإفناء شعب"، مؤكدا على "تآكل أعمدة النظام الدولي".
في اليوم التالي، شارك نجل الرئيس رفقة الناطق باسم حزب العدالة والتنمية عمر تشيليك في فعالية "انطباع الشباب عن تركيا بلا إرهاب" التي نظمها منبر مؤسسات المجتمع المدني الشبابي التركي، لمناقشة المشروع الأكثر حضورا في النقاش السياسي في البلاد. وفي الثاني من ديسمبر/كانون الأول الجاري، زار الرجل جمهورية شمال قبرص التركية ضمن وفد وقف البحوث التاريخية العلمية الإسلامية (iBTAV)، والتقى رئيسها المنتخب حديثا طوفان أرهورمان بشكل منفرد.
إعلانكما شارك متحدثا رئيسا في حفل توزيع جوائز ريادة الأعمال التي نظمها وقف رجال الأعمال الرائدين، في السابع من الشهر الجاري، ووجه نقدا لاذعا لجمعية المصنعين ورجال الأعمال الأتراك المعروفة بمعارضتها الرئيس أردوغان. وشارك في اليوم نفسه في "ورشة عمل قبرص" من تنظيم إحدى المدارس الثانوية متحدثا عن القضية القبرصية وكذلك عن "إسرائيل، الخطر الإستراتيجي الأكبر في المنطقة".
وفي الخلاصة، فقد شارك الرجل بشكل مكثف في عدة فعاليات في مدة زمنية قصيرة، وقدم خطابا سياسيا غير معهود عنه، وهو المشتغل أساسا بالمجال التعليمي والثقافي، ما أثار النقاش حول مستقبله السياسي وما إذا كان والده يعده لخلافته.
في المقام الأول، من المستبعد أن يكون هذا الحضور المكثف والخطاب السياسي المتكرر من قبيل الصدفة غير المقصودة، بل يبدو أنه أريد للرجل أن يكون له إطار ومنبر في الحياة العامة التركية، لكن هذه المرة كحضور سياسي لا تعليمي أو ثقافي أو مجتمعي فقط. وبعدِّه ابن رئيس البلاد، فإن نقاش مسألة مستقبله السياسي يبدو أمرا لا مناص منه في بلاد يحكمها الاستقطاب السياسي والحزبي مثل تركيا.
بيد أن فكرة خلافته لوالده في رئاسة الدولة ما زالت أمرا مستبعدا في المرحلة الحالية، لاعتبارات عديدة في مقدمتها أن الرئيس أردوغان ما زال قادرا وراغبا في الاستمرار رئيسا، وأن المسارات الدستورية التي تتيح له ذلك موجودة ولم تختبر أو تفشل بعد، كما أن بلال لا يحظى حتى اللحظة بأي منصب رسمي حكومي أو حزبي، فضلا عن الحرج المتوقع في مسألة خلافة الابن لوالده حتى لو جاء الأمر عبر انتخابات معترف بنزاهتها.
ولذلك، فإن المرجح أحد مسارين؛ أن يكون أردوغان يهيئ لابنه بلال حضورا سياسيا متدرجا بهدوء للمستقبل البعيد، بحيث تكون هذه خطواته الأولى في الحياة السياسية التركية دون إسناد مهام أو مناصب له قريبا بالضرورة. أو أن يبقيه حاضرا لأي مفاجآت غير محسوبة، كأن تخفق المسارات الدستورية لإعادة ترشحه للرئاسة على سبيل المثال.
والمسار الثاني أن يكون يعده لخلافته في رئاسة الحزب وليس الدولة، إذ كانت فكرة الفصل بين رئاسة الدولة والحزب مطروحة على أجندة العدالة والتنمية في حقبة سابقة، من باب تفريغ وقت الرئيس أكثر لقيادة الدولة. فقد تكون الفكرة قد عادت للتداول وحضر اسم نجل الرئيس ضمن الأسماء المطروحة، لا سيما أن البعض يتحدث عن حضور نفوذه داخل الحزب، وإن لم يحمل منصبا رسميا فيه.
وفي كل الأحوال، فإن تأكيد أو نفي الدلالات السياسية لحضور بلال أردوغان المركز مؤخرا في المجال السياسي، يكمن في مدى استمرار مشاركاته العامة المكثفة من جهة، وفي مدى إسناد منصب حزبي (أو حكومي كاحتمال أقل) له في الأسابيع والأشهر المقبلة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline