ضربة موجعة للتراث الإنساني.. تفاصيل سرقة تاريخية في اللوفر هزت الثقة بأمن المتاحف العالمية
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
في حادثة غير مسبوقة أعادت رسم ملامح الجدل حول أمن المتاحف العالمية، شهد الوسط الثقافي الدولي مؤخرًا واحدة من أكثر السرقات جرأة، بعد أن استهدفت عصابة منظمة مجموعة ثمينة من الكنوز التاريخية داخل متحف اللوفر في قلب العاصمة الفرنسية.
ففي عملية دقيقة نفذت باحترافية عالية، تمكن اللصوص من اختراق منظومة الحماية والدخول إلى إحدى القاعات التاريخية التي تحتضن قطعًا ملكية نادرة، ليختفوا بعد دقائق من دون أن تلتقطهم كاميرات المراقبة أو تصدر أي إنذارات أمنية، ما فجر موجة واسعة من التساؤلات حول قدرة أكبر المتاحف الأوروبية على حماية تراثها.
ووفقًا لما أعلنته السلطات الفرنسية، فإن القطع المسروقة تضم مجوهرات ملكية وأحجارًا كريمة تعود إلى عصور فرنسية قديمة، تقدر قيمتها بملايين الدولارات، وتشكل جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الثقافية الأوروبية.
ويشكل هذا الحادث ضربة قوية لصورة المتاحف الأوروبية بوصفها حصنًا لحماية التراث الإنساني، كما يفرض على المؤسسات الثقافية العالمية إعادة النظر في آليات التأمين التقليدية، في ظل تصاعد عمليات النهب المنظم للآثار والمقتنيات الفنية.
عصابة منظمة| عالم آثار يكشف لـ صدى البلد كواليس سرقة اللوفر: استغلت أعمال بناء محيطة.. واستخدمت أدوات دقيقةأعرب الدكتور حسين عبد البصير، عالم الآثار ومدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، في تصريحات صحفية لموقع صدى البلد عن بالغ أسفه وقلقه إزاء حادثة السرقة التي تعرض لها متحف اللوفر في باريس صباح الأحد، واصفًا إياها بأنها «ضربة موجعة للثقافة العالمية» و«جرس إنذار شديد اللهجة» لكل المؤسسات المعنية بحماية التراث الإنساني.
وقال عبد البصير "ما حدث في متحف اللوفر ليس مجرد حادث جنائي عابر، بل هو حادث رمزي يهزّ الثقة في قدرة المتاحف الكبرى على حماية كنوز البشرية. فحين يتمكن لصوص، مهما بلغت حرفيتهم، من اختراق أحد أكثر المتاحف تحصينًا في العالم، فإن ذلك يعكس ثغرات أمنية لا يمكن تجاهلها."
وأضاف موضحًا أن التراث الإنساني أصبح هدفًا متكررًا لعصابات منظمة تعرف جيدًا قيمة المقتنيات الأثرية والتاريخية في السوق السوداء، خاصة تلك التي تعود لشخصيات بحجم نابليون بونابرت أو ملوك فرنسا، مؤكدًا أن «القيمة الرمزية لهذه المقتنيات تفوق قيمتها المادية أضعافًا مضاعفة».
وأشار عبد البصير إلى أن اللصوص "استغلوا بذكاء الظروف المحيطة بالمتحف، سواء أعمال البناء الجارية أو أوقات فتحه المبكرة، إضافة إلى استخدامهم أدوات دقيقة مثل المنشار الكهربائي للوصول إلى واجهات العرض"، وهو ما يدل على تخطيط مسبق ودراسة دقيقة للبنية الداخلية للمتحف.
وتابع:"هذه الواقعة تضع العالم الثقافي كله أمام مسؤولية كبرى، إذ يجب أن نتعامل مع حماية التراث بوصفها مسألة أمن قومي وإنساني في آن واحد، فالمقتنيات التاريخية ليست ملكًا لدولة بعينها، بل هي ذاكرة الإنسانية جمعاء."
وفي مقارنة بين الوضع الأمني في المتاحف الفرنسية والمصرية، أوضح الدكتور عبد البصير أن مصر خلال السنوات الأخيرة قطعت شوطًا كبيرًا في تطوير منظومة حماية المتاحف، وعلى رأسها المتحف المصري الكبير الذي "يُعد نموذجًا عالميًا في دمج التكنولوجيا الحديثة في الحماية، عبر كاميرات عالية الدقة وأجهزة استشعار وإنذار فوري، وربط أمني متكامل مع أجهزة الشرطة والرقابة المركزية".
وختم عبد البصير تصريحه قائلًا:"إن حادثة متحف اللوفر تذكّرنا بأن الثقافة تحتاج دائمًا إلى حراسة وعيٍ، لا حراسة أسوار فقط. فالحفاظ على التراث الإنساني لا يتحقق بالأنظمة الإلكترونية وحدها، بل أيضًا بإيمان البشر بأهمية ما يحرسونه، وبوعي المجتمعات بأن كل قطعة أثرية، أينما كانت، هي جزء من تاريخهم المشترك."
وبحسب ما نقلته صحيفة لو باريزيان الفرنسية، فقد نفّذ اللصوص العملية في حوالي الساعة التاسعة والنصف صباحًا بالتوقيت المحلي، أي بعد وقت قصير من فتح أبواب متحف اللوفر أمام الزوار.
وتمت السرقة باحترافية عالية، إذ دخل الجناة القاعة التاريخية المخصصة لعرض المجوهرات والتحف الملكية عبر شرفة مطلة على نهر السين، مستعينين برافعة مثبتة على شاحنة وسلّم لتسلق واجهة المتحف.
وبمجرد وصولهم إلى الداخل، استخدم اللصوص مطاحن خاصة لقطع الزجاج المقوى المحيط بواجهات العرض، وانتزعوا تسع قطع نادرة من أصل 23 قطعة كانت ضمن مجموعة مجوهرات نابليون الثالث والإمبراطورة أوجيني.
ثم لاذوا بالفرار على متن دراجات نارية من طراز Yamaha TMAX، دون وقوع أي إصابات بين الزوار أو العاملين في المتحف.
تفاصيل القطع المسروقةشملت المسروقات طقم مجوهرات فاخر، وقلادة ذهبية مرصعة بالألماس، وأقراطًا ملكية، وتاجين أحدهما يعود للإمبراطورة أوجيني، إضافة إلى دبوس ملكي مرصّع بالأحجار الكريمة. وتُعد هذه القطع من أثمن مقتنيات المتحف من الناحية التاريخية والفنية، إذ تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، وتمثل رموزًا لحقبة ازدهار الإمبراطورية الفرنسية الثانية.
العثور على تاج الإمبراطورةوفي تطور لاحق، نقلت وكالة وكالة فرانس برس عن مصدر مطلع، أنه تم العثور على تاج الإمبراطورة أوجيني في محيط المتحف بحالة متضررة، ما يرجح أن اللصوص تخلوا عنه أثناء فرارهم، إما بسبب تضييق أمني من الشرطة أو لصعوبة نقله.
فيما لا تزال بقية القطع المسروقة في عداد المفقودات حتى الآن، وسط عمليات بحث مكثفة تقودها السلطات الفرنسية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: متحف اللوفر سرقة متحف اللوفر المتاحف الأوروبية القطع المسروقة المتاحف العالمية الكنوز التاريخية التراث الإنسانی متحف اللوفر عبد البصیر
إقرأ أيضاً:
سرقة جواهر نابليون من متحف اللوفر بفرنسا في 4 دقائق
في حادثة هزت الوسط الثقافي والفني في فرنسا والعالم، تعرّض متحف اللوفر الشهير في العاصمة باريس لعملية سرقة منظمة وصفت بأنها "ضربة موجعة لتراث فرنسا"، حيث تمكّن أربعة لصوص صباح أمس الأحد من سرقة مجموعة نادرة من مجوهرات نابليون، بينها التاج الشهير للإمبراطورة جوزفين، في عملية استغرقت أقل من خمس دقائق.
الجدير بالذكر أن اللصوص كانوا يرتدون سترات صفراء مشابهة لتلك التي يستخدمها عمّال الورشات، ما مكّنهم من التمويه والدخول إلى موقع الجريمة عبر مصعد شحن بجانب ورشة بناء قريبة من المتحف.
وقد استخدموا منشارًا دائريًا لاقتحام نافذة في جناح "غاليري أبولو" قبل أن يقتحموا المكان ويكسروا خزائن العرض الزجاجية، مستولين على 8 قطع ثمينة من المجموعة الإمبراطورية.
وقد تسببت هذه الجريمة في إغلاق المتحف طوال اليوم، وتم إخلاء الزوار وسط أجواء من الذهول والقلق. علماً بأن اللصوص، وفق التحقيقات الأولية، كانوا يعلمون موقع المجوهرات بدقة، ما يرجّح فرضية التخطيط المسبق والتنفيذ المحترف.
من جانبه، أعلن وزير الثقافة الفرنسي الأسبق ورئيس بلدية باريس الحالي، لوران نونييز، أن اللصوص فرّوا بعد تنفيذ الجريمة خلال أقل من 7 دقائق، وتمكنوا من الهرب رغم إطلاق صفارات الإنذار وتدخل خمسة عناصر أمنية كانت متواجدة في الجناح. وقد تسبّب اللصوص أيضًا في تلف تاج الإمبراطورة أوجيني خلال عملية الفرار.
وأشار بيان صادر عن وزارة الثقافة إلى أن "التحقيقات جارية بإشراف النيابة العامة في باريس، وتم العثور على معدات استخدمها الجناة في تنفيذ العملية، إضافة إلى بعض القطع المسروقة التي تُركت خلفهم". كما صرحت الوزيرة رشيدة داتي بأن "ما حدث يعكس ثغرات خطيرة في أنظمة الأمان"، مضيفة أن اللصوص حاولوا إحراق المصعد، مما ساهم في ترك أدلة مهمة.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون علّق على الحادثة قائلاً: "إن سرقة جواهر نابليون من متحف اللوفر هو اعتداء على ذاكرتنا وتاريخنا. سنبذل كل الجهود للقبض على الفاعلين واستعادة القطع المسروقة." كما أشار إلى أن مشروع "نهضة اللوفر الجديدة" الذي أُعلن عنه سابقاً، سيتضمن تعزيز الإجراءات الأمنية بتكلفة تصل إلى 500 مليون يورو.
يُشار إلى أن موظفي متحف اللوفر سبق وأن نظموا إضرابات في يونيو الماضي احتجاجاً على قلة عدد العاملين وضعف الإجراءات الأمنية، ما يجعل هذه الحادثة نتيجة لتراكم تحذيرات لم تُؤخذ على محمل الجد.
أخيراً، لا تزال التحقيقات جارية وسط ضغط شعبي وإعلامي كبير، بينما تعيش فرنسا حالة من الصدمة جراء هذا الحادث الذي يُعيد إلى الأذهان أشهر سرقة عرفها المتحف في تاريخه، وهي سرقة لوحة "الموناليزا" عام 1911.