الحكومة تدشن الدخول السياسي بملفات استراتيجية كبرى اقتصادية واجتماعية
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
بقلم: الطيب كزرار
تحت عنوان الجدية والالتزام تفعيلا للتعليمات الملكية السامية، تدشن الحكومة الدخول السياسي الحالي وعلى أجندتها ملفات استراتيجية كبرى، اقتصادية واجتماعية، تشكل تحديات ورهانات بالنسبة للمسار التنموي للمملكة، لاسيما الأوراش الرئيسية ذات الصلة بمواصلة تفعيل الإصلاحات الهيكلية، وتنزيل الورش الملكي للحماية الاجتماعية، وتحقيق المزيد من الإنجازات التي تؤكد ريادة المملكة على المستوى الدولي.
ومن أبرز الملفات التي تطرح نفسها بإلحاح على طاولة العمل الحكومي، بالنظر إلى الظرفية السياسية والاجتماعية والاقتصادية الحالية، تعزيز السيادة المائية والغذائية، وجذب الاستثمارات لخلق فرص التشغيل، وتفعيل "عرض المغرب" في مجال الهيدروجين الأخضر، وتبني مقاربة جديدة من أجل الدعم المباشر لفائدة الأسر الراغبة في اقتناء مسكنها الرئيسي.
ويتصدر أجندة العمل الحكومي، كما أعلن عن ذلك رئيس الحكومة عزيز أخنوش في مستهل أشغال أول مجلس حكومي بعد العطلة الصيفية، ورش إطلاق برنامج التعويضات الاجتماعية قبل متم هذه السنة، اعتمادا على السجل الاجتماعي الموحد، باعتباره الآلية الأنجع لاستهداف الأسر الفقيرة والمعوزة.
وفي هذا السياق، تعتبر الكفاءة والجدية والمسؤولية، بحسب الأستاذ الباحث بجامعة القاضي عياض بمراكش، امحمد بلعربي، عناوين بارزة ينتظر تنزيلها على أرض الواقع من أجل مغرب جديد، تبعا لخارطة الطريق التي رسم معالمها الاستراتيجية خطاب العرش الأخير، من خلال التأكيد على أن المسار التنموي المغربي وصل إلى درجة من التقدم والنضج، وأصبح بحاجة إلى المزيد من الجدية للارتقاء به إلى مرحلة أكثر تقدما.
وتابع السيد بلعربي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الجدية أضحت مفهوما محددا للشأن العام وقيمة استراتيجية للعمل وللأداء الفعال للحكومة، معتبرا أن أكبر الملفات والأوراش التي تنتظر الحكومة في المرحلة المقبلة تتمثل في مواجهة إشكالية الماء، وتشجيع الاستثمار، وتنزيل مشروع الاستثمار الأخضر''، و"تسريع قطاع الطاقات المتجددة".
وسجل أن التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش تعتبر بمثابة بوصلة للعمل الحكومي، كما تجلى ذلك في المذكرة التوجيهية لإعداد ميزانية سنة 2024، موضحا أن هذه المذكرة تحدد أربع أولويات لمشروع قانون المالية المقبل، تتمثل في توطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية، ومواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية، ومتابعة تنزيل الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز استدامة المالية العمومية.
فعلى مستوى الأولوية الأولى، يتابع الأكاديمي يتعلق الأمر بشكل أساسي باستراتيجية "الجيل الأخضر"، خصوصا مواصلة تفعيل الخطة الوطنية للمياه 2020-2027، في حين تهم الأولوية الثانية تكريس أسس الدولة الاجتماعية حيث تعالج إشكاليات ذات حساسية كبيرة من قبيل الحماية الاجتماعية والتعليم والتشغيل والسكنى.
أما الأولوية الثالثة التي تخص "الإصلاحات الهيكلية"، فينصب التركيز بشأنها بشكل أساسي على تشجيع الاستثمار من خلال تفعيل ميثاق الاستثمار الجديد وصندوق محمد السادس للاستثمار، بينما تركز الأولوية الرابعة على استدامة المالية العمومية.
ولفت الأستاذ الباحث إلى أن المذكرة التوجيهية جاءت بتدبيرين مهمين يتمثلان في إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية من خلال اعتماد البرمجة متعددة السنوات ودمج المؤسسات العمومية، وكذا في استمرار تنزيل القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي، عبر إصلاح الضريبة على القيمة المضافة ودمج القطاع غير المهيكل.
من جانبه، شدد المحلل السياسي، محمد بودن، على أن الدخول السياسي لهذه السنة سيكون له طابع خاص بعنوان كبير لأولويات المرحلة الجديدة التي تضمنها الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، والتي تجعل من الجدية مفتاحا رئيسيا للنجاحات وعنصرا حاسما في تحقيق المزيد من المكتسبات وامتلاك الشجاعة لتحقيق الإنجازات مهما كانت التحديات في عالم سريع التحولات والقدرة على تحقيق التميز كنتيجة للعمل الجاد.
وأضاف السيد بودن، وهو أيضا رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، في تصريح مماثل، أن الدخول السياسي لهذه السنة يأتي في خضم أجندة مكثفة ت عد من المؤشرات الدالة على مستقبل قريب حافل بالتحولات النوعية، فضلا عن كونه يأتي، أيضا، وسط فرص عديدة كفيلة بتعزيز المسار التنموي للمغرب وتحديات تفرض استجابة ناجعة على مستوى تنزيل الأوراش الاجتماعية.
وفي السياق ذاته، لفت المحلل السياسي إلى أن "بارومتر" الدخول السياسي لهذه السنة يقدم مؤشرات دخول حافل ومكثف بالتفاعلات والنقاش السياسي، وخاصة أثناء مناقشة مشروع قانون المالية، وكذا مشاريع القوانين ذات الطبيعة المجتمعية الهيكلية، مسجلا أن المطلوب من الفاعل السياسي أن تنسجم طموحاته مع واقع اليوم عبر تقديم الإسهامات اللازمة لدعم الجهد الجماعي للمملكة، بما يعزز مكانتها وتطوير نموذج اقتصادي ينتج الثروة ويعزز الفرص والتنافسية والتخطيط لأداء أشمل بخصوص تعزيز علامة "صنع بالمغرب" وتقوية عروض المغرب في مختلف الميادين.
واعتبر أن خصوصية الدخول السياسي محاطة، أيضا، برهانات متعلقة بإعداد الأجيال الشابة والصاعدة للمستقبل وجعل الاستثمار في مستويات أعلى وخلق دينامية جديدة في القدرة الشرائية للمواطن، والتركيز على الاحتياجات الحالية للمغرب، وتحسين الأداء في قطاعات الصحة والتعليم والشغل والسكن والماء، بهدف تحقيق الإنصاف والكرامة، فضلا عن تعزيز جاذبية المغرب في محيطه الإقليمي والقاري وعبر العالم.
وخلص إلى أن أهم رهان يقع على عاتق مختلف الفاعلين يتمثل في تحصين القيم والمرجعيات المغربية وتحفيز قصص النجاح في مختلف الميادين الرياضية والصناعية والعلمية وريادة الأعمال والابتكار، فضلا عن تعزيز النموذج الاجتماعي وتكييفه مع التطورات عبر تفعيل الورش الاجتماعي وإيصال النفع الاجتماعي للفئات التي تستحق بغية تحقيق استفادة المواطنين من ثمار التنمية والتطلع للمستقبل بكل ثقة.
ومن المؤكد إذن أن الدخول السياسي الحالي، بما يحمله من رهانات بالنسبة للفاعل السياسي، وآمال عريضة بالنسبة للمواطن، يستلزم انخراطا تاما وحلولا مبتكرة تسخر كافة الإمكانيات والطاقات، بغية المضي قدما في تفعيل التوجيهات الملكية السامية وتنزيل الالتزامات المتضمنة في البرنامج الحكومي، في سياق التحولات المتسارعة إن على الصعيد الوطني أو الدولي.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
نقابة موظفي التعليم العالي تهدد بمقاطعة الدخول الجامعي وتصعيد الاحتجاج
هددت النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بالدخول في تصعيد نضالي مفتوح وغير مسبوق يشمل مقاطعة الدخول الجامعي، وتنظيم إضرابات ووقفات، احتجاجاً على ما وصفته بـ »تجاهل الوزارة الوصية لمطالب الشغيلة، ورفضها الجلوس إلى طاولة الحوار الجاد والمسؤول ».
جاء هذا التهديد عقب اجتماع المجلس الوطني للنقابة في دورة استثنائية يوم الأربعاء 30 يوليوز 2025، خصص لتقييم المرحلة السابقة من البرنامج النضالي، وتسطير خطوات التصعيد المقبلة، وسط حالة من الاحتقان غير المسبوق داخل القطاع.
وأكد الكاتب الوطني للنقابة، خلال الاجتماع، أن « القطاع يعيش أوضاعاً مزرية في ظل تفشي مظاهر الفساد، ومواصلة سياسة التهميش والتسويف، إلى جانب النقص الحاد في الموارد البشرية، وخاصة من الأطر الإدارية والتقنية »، مشدداً على أن « الوزارة تواصل تجاهل مطالب الشغيلة التعليمية، وعلى رأسها إخراج نظام أساسي عادل ومنصف، يُنهي سنوات من التمييز والإقصاء ».
ودعا أعضاء المجلس الوطني إلى تصعيد المعارك النضالية خلال الدخول الجامعي المقبل، باعتباره محطة أساسية للدفاع عن كرامة الموظفين وتحقيق مطالبهم، وفي مقدمتها إصدار نظام أساسي عادل وشامل بمشاركة الأطراف المعنية، وفي مقدمتها النقابة الوطنية.
كما أدان المجلس ما سماه « محاربة العمل النقابي »، مشيراً إلى تعرض عدد من المسؤولين النقابيين للاستهداف من طرف مسؤولي عدد من المؤسسات الجامعية، من ضمنها: رئاسة جامعة محمد الخامس بالرباط، ENCG الدار البيضاء والقنيطرة، ENSAM الرباط، كلية الآداب بالجديدة، FST سطات، EST بني ملال، إضافة إلى مديرية الموارد البشرية بوزارة التعليم العالي.
وانتقد المجلس الوطني ما وصفه بـ »تحول بعض النقابات إلى أدوات للدفاع عن الإدارة بدل الدفاع عن مكتسبات الموظفين »، كما استنكر « استغلال الطلبة الدكاترة والأساتذة العرضيين وعمال شركات المناولة في محاولة لكسر الإضرابات والوقفات الاحتجاجية ».
وفي جانب تضامني، أدان المجلس الوطني للنقابة « جرائم الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني »، معبراً عن تضامنه المطلق مع المقاومة الفلسطينية، ورافضاً كل أشكال التطبيع، لا سيما التطبيع الأكاديمي مع الكيان الصهيوني.
وفي ختام بيانه، دعا المكتب الوطني كافة الموظفات والموظفين إلى الالتفاف حول نقابتهم، والاستعداد لتنفيذ المرحلة المقبلة من البرنامج النضالي، من أجل الدفاع عن حقوقهم المشروعة، وعلى رأسها إخراج نظام أساسي عادل ومنصف لكافة فئات الشغيلة بالتعليم العالي والأحياء الجامعية.
كلمات دلالية موظفو التعليم العالي