كيف تتطلع إيران لمحاكاة السعودية في جهود إعادة توجيه سياستها الخارجية؟
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
قد تتطلع إيران إلى محاكاة السعودية في جهودها لإعادة توجيه سياستها الخارجية، وإرساء موقف أكثر توازناً في العلاقات مع القوى العظمى في الشرق والغرب.
هكذا يتناول مقال علي ألفونه في معهد "دول الخليج العربية في واشنطن"، وترجمه "الخليج الجديد"، وجهات النظر الإيرانية حول المناورات الدبلوماسية السعودية، لافتا إلى أن تغطية المناورات الدبلوماسية الأخيرة التي قامت بها السعودية في وسائل الإعلام الإيرانية الخاضعة لرقابة الدولة تحمل علامات الحسد والإعجاب، حيث يشجع المحللون النظام الإيراني على اتباع استراتيجية مماثلة.
وقد جاءت موافقة السعودية على تطبيع العلاقات مع إيران مع السعي أيضًا إلى التوصل إلى اتفاق بوساطة أمريكية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتأليب الولايات المتحدة والصين وروسيا ضد بعضها البعض لمصلحتها الخاصة.
ويرى المقال أن ذلك يجب أن يكون بمثابة نموذج لإيران، التي تعاديها الولايات المتحدة وقد حرمتها من القدرة على المناورة بطريقة مماثلة.
ويعتقد الكاتب أن حقيقة سماح الرقابة الإيرانية بمثل هذه المناقشات، قد تشير إلى أن النخب والمؤسسات الحاكمة في إيران توافق إلى حد ما، على أن توجه طهران غير المتوازن تجاه بكين وموسكو جعلها تعتمد بشكل كبير على الشرق، مما يتطلب الانفتاح على واشنطن لاستعادة التوازن.
اقرأ أيضاً
رئيسي: نعمل على إعادة فتح سفارة إيران في ليبيا
وقد نظرت طهران، إلى حالة العلاقات الإيرانية السعودية باعتبارها أحد مكونات العلاقات الإيرانية الأمريكية، ولذلك، استهدفت إيران في بعض الأحيان السعودية كوسيلة للانتقام من الإجراءات الأمريكية ضد إيران.
ويشير الكاتب أن وجهة نظر القيادة الإيرانية لم تتغير تجاه السعودية حتى بعد صعود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
ولكن مع تعزيز النظام الجديد لموقعه في الرياض، أصبح المحللون وصناع السياسات في طهران ينظرون تدريجياً إلى السعودية باعتبارها جهة فاعلة مستقلة تسعى إلى تحقيق أهدافها ومصالحها مستقلة عن الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى.
ولكن وفقا للكاتب، لم يخف الإيرانيون تحذيراتهم أيضًا من تداعيات اتفاق محتمل بين السعودية وإسرائيل لتطبيع العلاقات.
وفي شرحه لإعلان 10 مارس/آذار، الذي وقعته إيران والسعودية والصين والذي وافقت فيه إيران والسعودية، من بين أمور أخرى، على استعادة العلاقات الدبلوماسية، قال مسؤولون إيرانيون: "تخشى السعودية من نشوب حرب بين إيران وإسرائيل وتشعر أنها قد تكون مستهدفة" بالصواريخ الإيرانية في أي حرب.
اقرأ أيضاً
إيران تعلن الإفراج عن جزء من أموالها المجمدة في 3 دول
ولذلك، من أجل أمنها، توصلت إلى اتفاق مع إيران مبني على النفعية، لكن علاقاتها مع إسرائيل مبنية على المصالح المشتركة".
ويلفت المقال الانتباه إلى جملة من المحللين والأكاديميين الذين أبدوا إعجابهم الشديد بالدبلوماسية السعودية.
وفي مقابلة أجريت معه في 10 أغسطس/آب، مع صحيفة "شرق ديلي" الإصلاحية، قال الرئيس السابق لإدارة الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الإيرانية قاسم محبلي: "لقد حاولت جميع دول الخليج التقرب من إيران من أجل تقليل التكلفة المحتملة لعلاقاتها مع إسرائيل"، في إشارة إلى التهديد بشن هجمات إيرانية ضد تلك الدول.
كما اشتكى محبلي من "افتقار إيران إلى القدرة على المناورة الدبلوماسية" لمواجهة مناورات الدول العربية.
وفي ذات السياق، أشاد محلل الشؤون الإقليمية حمزة صالحي، بالسياسة الخارجية المرنة للمملكة، وقدم انتقاداً قويا لسياسة إيران الخارجية في مقال نشر في 25 أغسطس/آب في صحيفة "انتخاب".
ويشير الكاتب إلى أنه من خلال تبني سياسة مرنة ومتوازنة، ومن خلال التوافق التكتيكي مع الصين، لم تتمكن السعودية من جذب انتباه الولايات المتحدة فحسب، بل جعلت الصينيين يقتربون منها من أجل الحد من نفوذ أمريكا في المنطقة.
في المقابل، أضرت إيران بقدرتها على المناورة، وقللت من قيمتها الجيوسياسية من خلال اتباع مسار واحد وسياسة غير مرنة.
اقرأ أيضاً
قائد عسكري إيراني: التأثير بالنظام العالمي الجديد يتطلب السيطرة على البحر والمحيطات
ويقترح بعض هؤلاء الكتاب على إيران إحياء الاتفاق النووي أو التوصل إلى اتفاق مماثل مع الولايات المتحدة.
ومن وجهة نظرهم خلال القيام بذلك، ستضطر الصين إلى الانخراط في جهد أكبر لإبقاء إيران إلى جانبها، ولن تتمكن طهران من رفع العقوبات وانتزاع التنازلات من الغرب فحسب، بل ستحسن أيضًا بشكل كبير موقفها التفاوضي مع الصين وروسيا.
ووفقا للكاتب، هناك دلائل تشير إلى أن النظام والمؤسسات القوية، مثل الحرس الثوري الإسلامي، يتفقون إلى حد ما مع هؤلاء المحللين ويشاركون بالفعل في انفتاح حذر تجاه واشنطن.
كما يتضح من اتفاق تبادل السجناء الأخير بين الولايات المتحدة وإيران، والذي من المتوقع أن يضمن التوصل إلى اتفاق بالإفراج عن نحو 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية.
ولم تدافع أبواق الحرس الثوري الإيراني علانية عن الاتفاق فحسب، بل وصفته أيضًا بأنه مقدمة لمزيد من الاتفاقيات مع الولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
ويضيف المقال أن نتيجة الانتخابات الأمريكية ليست سوى عامل من بين عدة عوامل، داخلية وخارجية، من شأنها أن تؤثر على قدرة إيران على إعادة توجيه سياستها الخارجية وتأسيس موقف أكثر توازناً في العلاقات مع القوى العظمى في الشرق والغرب.
اقرأ أيضاً
طهران والخرطوم على طريق التقارب.. ما علاقة الاتفاق السعودي الإيراني؟
داخليًا، يجب على المؤسسات التي استفادت حتى الآن من موقف طهران المناهض لواشنطن، ولا سيما الحرس الثوري الإيراني وعملياته الخارجية "فيلق القدس"، أن ترى فوائد أكبر من المشاركة الإيجابية مع الولايات المتحدة بدلاً من الدخول في مواجهة معها.
ويتابع: "كان هذا هو الحال بالفعل عندما قبلت إيران الاتفاق النووي، وإزالة العقوبات الدولية، وآفاق الاستثمار الأجنبي المباشر في إيران، والتي توقع الحرس الثوري الإيراني الاستفادة منها".
ويرى الكاتب أنه يتعين على المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أيضاً، أن يُظهر المرونة الأيديولوجية والسياسية اللازمة للتأييد العلني لمثل هذه إعادة توجيه السياسة.
وهنا قد يجد خامنئي أنه من الأسهل إعطاء الضوء الأخضر لإعادة التوجه الضمني وغير الواضح نحو الولايات المتحدة، حتى يتمكن من الجمع بين البراجماتية السياسية والحفاظ على إيران كدولة ثورية.
أما على الصعيد الخارجي، فقد تتبخر التجربة برمتها إذا فشل الرئيس الأمريكي جو بايدن في إعادة انتخابه.
ويقول: "إذا فشل بايدن في الفوز بولاية ثانية، فمن المرجح أن يكون هناك اهتمام ضئيل في واشنطن بقبول مبادرات طهران".
ويتابع: "قد لا يكون انفتاح طهران العملي المحتمل تجاه واشنطن موضع ترحيب أيضًا من قبل حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، الذين يحرسون بغيرة موقعهم كحلفاء استراتيجيين للولايات المتحدة. ومع ذلك، يبدو أن النهج السعودي الأخير هو نموذج يفكر القادة الإيرانيون في محاكاته".
اقرأ أيضاً
قطر تأمل في حوار أوسع بين أمريكا وإيران بشأن البرنامج النووي
المصدر | علي ألفونه / معهد دول الخليج العربية - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إيران السعودية خامنئي الاتفاق النووي الولایات المتحدة الحرس الثوری العلاقات مع إلى اتفاق اقرأ أیضا إلى أن
إقرأ أيضاً:
تحليل أمريكي: المقاومة الوطنية أثبتت كفاءة عالية في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية
في ظل التصاعد المستمر لتهديدات مليشيا الحوثي للملاحة الدولية في البحر الأحمر، دعت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، الولايات المتحدة وحلفاءها إلى زيادة دعم وتدريب قوات خفر السواحل اليمنية، باعتبارها أداة فعّالة ومنخفضة التكلفة لمواجهة النفوذ الإيراني والحد من تهريب الأسلحة إلى الحوثيين. مشيدة بدور المقاومة الوطنية اليمنية العاملة على ساحل البحر الأحمر، والتي أثبتت كفاءة عالية في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية.
التحليل أعدّه الباحثان بريدجيت تومي وإريك نافارو، أشار إلى دعوة رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي لتشكيل تحالف دولي لمواجهة الحوثيين، تتقاطع مع الجهود الجارية لتعزيز التعاون البحري في المنطقة، مشيرًا إلى أن مكافحة تهريب الأسلحة للحوثيين تمثل نقطة انطلاق مثالية لأي تحالف متعدد الأطراف يسعى لتأمين الممرات البحرية الحيوية.
وأضافت المجلة أن إطلاق المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية مبادرة "شراكة الأمن البحري اليمنية" (YMSP) منتصف سبتمبر يمثل خطوة جوهرية نحو تحقيق هذا الهدف، إذ تهدف المبادرة إلى تطوير ودعم خفر السواحل اليمني في مجالات حماية التجارة البحرية ومكافحة التهريب والقرصنة على طول الساحل اليمني، بمشاركة ممثلين عن 30 دولة وخمس منظمات دولية، بينها الولايات المتحدة.
وتلقت المبادرة تعهدات أولية بملايين الدولارات، منها 4 ملايين دولار من المملكة المتحدة والسعودية ومليونا يورو من الاتحاد الأوروبي، في إطار خطة شاملة لتعزيز قدرات اليمن الأمنية البحرية.
وأشار التحليل إلى أن خفر السواحل اليمني ما يزال يفتقر إلى الموارد الكافية رغم الدعم الدولي السابق، وفق ما أكده اللواء خالد القملي، رئيس هيئة خفر السواحل اليمنية، وهو ما يجعل المبادرة الجديدة فرصة لتقوية هذا الجهاز الحيوي الذي يقع في قلب المعركة ضد التهريب والقرصنة.
وأكد الباحثان أن على الولايات المتحدة أن تعزز دعمها المالي والمادي والعسكري لخفر السواحل اليمني ضمن المبادرة الجديدة، موضحين أن هذا الدعم لا يتطلب ميزانيات ضخمة مقارنة بالإنفاق العسكري الأمريكي المعتاد، لكنه قادر على تحقيق أثر استراتيجي كبير.
وأوضح التحليل أن تقديم معدات استشعار متطورة، ودعم استخباراتي ولوجستي ميداني، وتوسيع برامج التدريب يمكن أن يضاعف من قدرات خفر السواحل اليمني على تعقب قوارب التهريب واعتراضها، ما سيحد بشكل مباشر من تدفق الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.
وأضاف أن هذا النوع من الدعم يتماشى مع استراتيجية واشنطن القائمة على تعظيم العائد السياسي والعسكري من استثمارات منخفضة التكلفة، حيث تلعب القوات المحلية الدور الأساسي في حماية مصالح الولايات المتحدة دون المخاطرة بأرواح جنودها.
ودعا التحليل إلى توسيع نطاق المبادرة ليشمل قوات المقاومة الوطنية اليمنية العاملة على ساحل البحر الأحمر، والتي أثبتت كفاءة عالية في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية خلال السنوات الماضية، آخرها عملية ضبط 750 طنًا من الأسلحة كانت في طريقها إلى الحوثيين هذا الصيف.
كما أشار إلى أهمية إشراك قوات المجلس الانتقالي الجنوبي التي تسيطر على ميناء عدن، خصوصًا بعد الغارات الإسرائيلية والأمريكية على ميناء الحديدة التي دفعت الحوثيين إلى تحويل خطوط تهريبهم نحو الجنوب. وأوضح التحليل أن دعم هذه القوات سيساعد على توسيع شبكة المنع البحري وتعزيز التنسيق داخل التحالف المناهض للحوثيين.
وأكد الباحثان أن المبادرة يجب أن تكون المنصة الرئيسية للدعم الدولي لقوات خفر السواحل اليمنية، وأن تضمن الدول المانحة إدارة شفافة وتوزيعًا منضبطًا للموارد بما يتوافق مع أولويات الأمن البحري، مع إشراف مباشر على الإنفاق لمنع الفساد والهدر وضمان استدامة الدعم.
واعتبر التحليل أن هذا النوع من الشفافية سيعزز ثقة المجتمع الدولي في الحكومة اليمنية ويشجع على استثمارات إضافية في المستقبل، مما يرفع من مكانتها السياسية ويقوي مؤسساتها الأمنية.
واختتمت المجلة تحليلها بالتأكيد على أن مبادرة "شراكة الأمن البحري اليمنية" تمثل خطوة استراتيجية نحو تمكين اليمنيين من استعادة السيطرة على سواحلهم ومياههم الإقليمية، والتصدي للتهديدات الحوثية التي تُعد امتدادًا لمشروع إيران في المنطقة.
وأضافت أن يمنًا قويًا قادرًا على حماية حدوده البحرية والتعاون مع الولايات المتحدة وحلفائها في إحباط الطموحات الإيرانية، هو هدف مشروع وجدير بالدعم الكامل، ليس فقط لأمن اليمن والمنطقة، بل أيضًا لحماية أحد أهم الممرات المائية في العالم – البحر الأحمر – الذي يمر عبره ما يقرب من 12% من التجارة العالمية.